وسیله النجاه (مع حواشي الگلپايگاني) المجلد 3

اشارة

سرشناسه : اصفهانی، ابوالحسن، 1246 - 1325.

عنوان و نام پديدآور : وسیله النجاه/ تالیف ابو الحسن الاصفهانی.

مشخصات نشر : چاپخانه مهر [بی جا: بی نا]، [ 13] -

مشخصات ظاهری : 3ج.

يادداشت : عربی .

موضوع : فقه جعفری -- رساله عملیه

رده بندی کنگره : BP183/9/الف 6و5 1300ی

رده بندی دیویی : 297/3422

شماره کتابشناسی ملی : 1571924

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

[كتاب الأيمان و النّذور]

اشارة

كتاب الأيمان و النّذور

[القول في اليمين]

اشارة

القول في اليمين:

و يطلق عليه الحلف و القسم، و هو على ثلاثة أقسام:

الأول: ما يقع تأكيدا و تحقيقا للاخبار عما وقع في الماضي أو عن الواقع في الحال (1)، كما يقال «و اللّٰه جاء زيد بالأمس» أو «هذا المال لي».

الثاني: يمين المناشدة، و هو ما يقرن به الطلب و السؤال يقصد به حث المسئول على إنجاح المقصود، كقول السائل «أسألك باللّه أن تعطيني كذا». و يقال للقائل «الحالف» و «المقسم» و للمسؤول «المحلوف عليه» و «المقسم عليه».

و الأدعية المأثورة و غيرها مشحونة بهذا القسم من القسم.

الثالث: يمين العقد، و هو ما يقع تأكيدا أو تحقيقا لما بنى عليه و التزم به من إيقاع أمر أو تركه في المستقبل، كقوله «و اللّٰه لأصومن أو لأتركن شرب الدخان» مثلا.

لا إشكال في انه لا ينعقد القسم الأول و لا يترتب عليه شي ء سوى الإثم فيما لو


1- أو عما يقع في الاستقبال من غير التزام بإيقاعه.

ص: 4

كان كاذبا في اخباره عن عمد، و هي المسماة بيمين الغموس (1) التي في بعض الاخبار عدت من الكبائر، و في بعضها انها تدع الديار بلاقع، و قد قيل انها سميت بالغموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم أو في النار. و كذا لا ينعقد القسم الثاني و لا يترتب عليه شي ء من إثم أو كفارة لا على الحالف في إحلافه و لا على المحلوف عليه في حنثه و عدم إنجاح مسئوله.

و اما القسم الثالث فهو الذي ينعقد عند اجتماع الشرائط الآتية، و يجب بره و الوفاء به، و يحرم حنثه و يترتب على حنثه الكفارة.

[مسألة: 1 لا ينعقد اليمين الا باللفظ أو ما يقوم مقامه كاشارة الأخرس]

مسألة: 1 لا ينعقد اليمين الا باللفظ أو ما يقوم مقامه كاشارة الأخرس، و في انعقاده بالكتابة إشكال (2)، و الظاهر انه لا يعتبر فيه العربية، خصوصا في متعلقاته.

[مسألة: 2 لا ينعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو «اللّٰه» جل شأنه]

مسألة: 2 لا ينعقد اليمين إلا إذا كان المقسم به هو «اللّٰه» جل شأنه، أعني ذاته المقدسة: اما بذكر اسمه العلمي المختص به كلفظ الجلالة و يلحق به ما لا يطلق على غيره كالرحمن، أو بذكر الأوصاف و الأفعال المختصة به التي لا يشاركه فيها غيره كقوله و مقلب القلوب و الابصار و الذي نفسي بيده و الذي فلق الحبة و بري ء النسمة و أشباه ذلك، أو بذكر الأوصاف و الأفعال المشتركة التي تطلق في حقه تعالى و في حق غيره، لكن الغالب إطلاقها في حقه بحيث ينصرف إطلاقها إليه كقوله و الرب و الخالق و البارئ و الرازق و الرحيم. و لا ينعقد بما لا ينصرف إطلاقه إليه كالموجود و الحي و السميع و البصير و القادر و ان نوى بها الحلف بذاته المقدسة على اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 3 المعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره]

مسألة: 3 المعتبر في انعقاد اليمين أن يكون الحلف باللّه تعالى لا بغيره، فكل ما صدق عرفا انه قد حلف به تعالى انعقد اليمين به. و الظاهر صدق ذلك بأن


1- كما في اللغة، و في الرواية «الغموس التي توجب النار الرجل يحلف على حق امرئ مسلم ما حبس ماله»، و في أخرى «يحلف الرجل على مال امرئ مسلم أو على حبس ماله»، و لا منافاة حيث ان الغموس هو الأمر الشديد و كلا الحلفين كذلك.
2- للقادر على التكلم، و أما العاجز فلا يترك الاحتياط بالبر و الكفارة مع الحنث.

ص: 5

يقول و حق اللّٰه و بجلال اللّٰه و عظمة اللّٰه و كبرياء اللّٰه، بل و بقوله و قدرة اللّٰه (1) و علم اللّٰه و لعمر اللّٰه.

[مسألة: 4 لا يعتبر في انعقاده ان يكون إنشاء القسم بحروفه]

مسألة: 4 لا يعتبر في انعقاده ان يكون إنشاء القسم بحروفه، بأن يقول و اللّٰه أو باللّه أو تاللّه لأفعلن، بل لو أنشأه بصيغتي القسم و الحلف كقوله أقسمت باللّه أو حلفت باللّه انعقد أيضا. نعم لا يكفي لفظي أقسمت و حلفت بدون لفظ الجلالة أو ما هو بمنزلته.

[مسألة: 5 لا ينعقد اليمين بالحلف بالنبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام]

مسألة: 5 لا ينعقد اليمين بالحلف بالنبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام و سائر النفوس المقدسة المعظمة و لا بالقرآن الشريف و لا بالكعبة المشرفة و سائر الأمكنة الشريفة المحترمة.

[مسألة: 6 لا ينعقد اليمين بالطلاق و العتاق، بأن يقول زوجتي طالق و عبدي حر ان فعلت كذا]

مسألة: 6 لا ينعقد اليمين بالطلاق و العتاق، بأن يقول زوجتي طالق و عبدي حر ان فعلت كذا أو ان لم افعل كذا، فلا يؤثر مثل هذا اليمين لا في حصول الطلاق و العتاق بالحنث و لا في ترتب إثم أو كفارة عليه، و كذا اليمين بالبراءة من اللّٰه أو من رسوله صلى اللّٰه عليه و آله أو من دينه أو من الأئمة، بأن يقول مثلا برئت من اللّٰه أو من دين الإسلام ان فعلت كذا أو ان لم أفعل كذا، فلا يؤثر في ترتب الإثم أو الكفارة على حنثه. نعم هذا اليمين بنفسه حرام و يأثم حالفه، من غير فرق بين الصدق و الكذب و الحنث و عدمه، ففي خبر يونس بن ظبيان عن الصادق عليه السلام انه قال: يا يونس لا تحلف بالبراءة منا، فان من حلف بالبراءة منا صادقا أو كاذبا بري ء منا. و في خبر آخر عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه سمع رجلا يقول انا بري ء من دين محمد، فقال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: ويلك إذا برئت من دين محمد فعلى دين من تكون.

قال: فما كلمه رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله حتى مات. بل الأحوط تكفير الحالف بإطعام عشرة مساكين (2) لكل مسكين مد و يستغفر اللّٰه تعالى شأنه. و مثل اليمين بالبراءة (3)


1- على الأحوط في العلم و القدرة.
2- بالحنث و ينبغي مراعاة هذا الاحتياط لكن لا يجب.
3- في عدم الانعقاد، و أما في الإثم و الكفارة فعلى الأحوط.

ص: 6

ان يقول ان لم يفعل كذا أو لم يترك كذا فهو يهودي أو نصراني مثلا.

[مسألة: 7 لو علق اليمين على مشية اللّٰه- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء اللّٰه]

مسألة: 7 لو علق اليمين على مشية اللّٰه- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء اللّٰه- و كان المقصود التعليق على مشيته تعالى لا مجرد التبرك بهذه الكلمة لم تنعقد إلا إذا كان المحلوف عليه فعل واجب (1) أو ترك حرام، بخلاف ما إذا علق على مشية غيره- بأن قال و اللّٰه لأفعلن كذا ان شاء زيد مثلا- فإنه تنعقد على تقدير مشيته، فان قال زيد أنا شئت ان تفعل كذا انعقدت و تحقق الحنث بتركه، و ان قال لم أشأ لم تنعقد، و كذا لو لم يعلم انه شاء أو لم يشأ، و كذلك الحال لو علق على شي ء آخر غير المشية، فإنه تنعقد على تقدير حصول المعلق عليه، فيحنث لو لم يأت بالمحلوف عليه على ذلك التقدير.

[مسألة: 8 يعتبر في الحالف البلوغ و العقل و الاختيار و القصد]

مسألة: 8 يعتبر في الحالف البلوغ و العقل و الاختيار و القصد، فلا تنعقد يمين الصغير و المجنون مطبقا أو أدوارا و لا المكره و لا السكران، بل و لا الغضبان في شدة الغضب السالب للقصد.

[مسألة: 9 لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، و لا يمين الزوجة مع منع الزوج]

مسألة: 9 لا تنعقد يمين الولد مع منع الوالد، و لا يمين الزوجة مع منع الزوج، و لا يمين المملوك مع منع المالك الا ان يكون المحلوف عليه فعل واجب أو ترك حرام. و لو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك كان للأب أو الزوج أو المالك حل اليمين و ارتفع أثرها، فلو حنث لا كفارة عليه. و هل يشترط إذنهم و رضاهم في انعقاد يمينهم حتى انه لو لم يطلعوا على حلفهم أو لم يحلوا مع علمهم لم تنعقد من أصلها أو لا بل كان منعهم مانعا عن انعقادها و حلهم رافعا لاستمرارها فصحت و انعقدت في الصورتين المزبورتين؟ قولان أحوطهما ثانيهما، بل لا يخلو من قوة (2).

[مسألة: 10 لا إشكال في انعقاد اليمين إذا تعلقت بفعل واجب أو مستحب أو بترك حرام أو مكروه]

مسألة: 10 لا إشكال في انعقاد اليمين إذا تعلقت بفعل واجب أو مستحب أو بترك حرام أو مكروه، و في عدم انعقادها إذا تعلقت بترك واجب أو مستحب أو بفعل


1- على الأحوط الأولى فيهما.
2- بل الأقوى هو الأول و ان كان الثاني هو الأحوط.

ص: 7

حرام أو مكروه. و اما المباح المتساوي الطرفين في الدين و في نظر الشرع، فان ترجح فعله على تركه بحسب المنافع و الأغراض العقلائية الدنيوية أو العكس فلا إشكال في انعقادها إذا تعلقت بطرفه الراجح و عدم انعقادها إذا تعلقت بطرفه المرجوح، و اما إذا ساوى طرفاه بحسب الدنيا أيضا فهل تنعقد إذا تعلقت به فعلا أو تركا؟ قولان أشهرهما و أحوطهما أولهما، و لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 فكما لا تنعقد اليمين على ما كان مرجوحا تنحل إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحا]

مسألة: 11 فكما لا تنعقد اليمين على ما كان مرجوحا تنحل إذا تعلقت براجح ثم صار مرجوحا، و لو عاد الى الرجحان لم تعد اليمين بعد انحلالها على الأقوى (1).

[مسألة: 12 إنما تنعقد اليمين على المقدور دون غيره]

مسألة: 12 إنما تنعقد اليمين على المقدور دون غيره، و لو كان مقدورا ثم طرأ العجز عنه (2) بعد اليمين انحلت اليمين، و يلحق بالعجز العسر و الحرج الرافعان للتكليف.

[مسألة: 13 إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها و حرمت عليه مخالفتها و وجبت الكفارة بحنثها]

مسألة: 13 إذا انعقدت اليمين وجب عليه الوفاء بها و حرمت عليه مخالفتها و وجبت الكفارة بحنثها، و الحنث الموجب للكفارة هي المخالفة عمدا، فلو كانت جهلا (3) أو نسيانا أو اضطرارا أو إكراها فلا حنث و لا كفارة.

[مسألة: 14 إذا كان متعلق اليمين الفعل كالصلاة و الصوم]

مسألة: 14 إذا كان متعلق اليمين الفعل كالصلاة و الصوم، فان عين له وقتا تعين و كان الوفاء بها بالإتيان به في وقته و حنثها بعدم الإتيان به في وقته، و ان أتى به في وقت آخر و ان أطلق كان الوفاء بها بإيجاده في أي وقت كان و لو مرة و حنثها بتركه بالمرة. و لا يجب التكرار و لا الفور و البدار، و يجوز له التأخير و لو بالاختيار الى أن يظن الفوت لظن طرو العجز أو عروض الموت. و ان كان متعلقها الترك- كما إذا حلف ان لا يأكل الثوم أو لا يشرب الدخان- فان قيده بزمان كان حنثها بإيجاده و لو مرة في ذلك الزمان، و ان أطلق كان مقتضاه التأبيد مدة العمر، فلو أتى به مدته و لو مرة في أي زمان كان تحقق الحنث.


1- و مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بعد العود الى الرجحان.
2- بالمرة غير مستند اليه و لو بالمسامحة في إتيانه عند ظن طرو العجز.
3- بالموضوع.

ص: 8

[مسألة: 15 إذا كان المحلوف عليه الإتيان بعمل كصوم يوم- سواء كان مقيدا بزمان]

مسألة: 15 إذا كان المحلوف عليه الإتيان بعمل كصوم يوم- سواء كان مقيدا بزمان كصوم يوم من شعبان أو مطلقا من حيث الزمان- لم يكن له الاحنث واحد، فلا تتكرر فيه الكفارة، إذ مع الإتيان به في الوقت المعين أو مدة العمر و لو مرة لا مخالفة و لا حنث، و مع تركه بالمرة تحقق الحنث الموجب للكفارة. و كذلك إذا كان ترك عمل على الإطلاق، سواء كان مقيدا بزمان كما إذا حلف على ترك شرب الدخان في يوم الجمعة أو غير مقيد به كما إذا حلف على تركه مطلقا، لان الوفاء بهذا اليمين انما هو بترك ذلك العمل بالمرة و حنثها بإيقاعه و لو مرة، فلو أتى به حنث و انحلت اليمين، فلو أتى به مرارا لم يحنث إلا بالمرة الاولى فلا تتكرر الكفارة.

و هذا مما لا اشكال فيه، انما الإشكال في مثل ما إذا حلف على أن يصوم كل خميس أو حلف على أن لا يأكل الثوم في كل جمعة مثلا، فهل يتكرر الحنث و الكفارة إذا ترك الصوم في أكثر من يوم أو أكل الثوم في أكثر من جمعة واحدة أم لا بل تنحل اليمين بالمخالفة الاولى فلا حنث بعدها؟ قولان أحوطهما الأول (1) و أشهرهما الثاني.

[مسألة: 16 كفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم]

مسألة: 16 كفارة اليمين عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فان لم يقدر فصيام ثلاثة أيام، و سيجي ء تفصيلها و ما يتعلق بها من الاحكام في كتاب الكفارات إن شاء اللّٰه تعالى.

[مسألة: 17 الأيمان الصادقة كلها مكروهة، سواء كانت على الماضي أو المستقبل]

مسألة: 17 الأيمان الصادقة كلها مكروهة، سواء كانت على الماضي أو المستقبل، و تتأكد الكراهة في الأول. ففي خبر الخزاز عن مولانا الصادق عليه السلام:

لا تحلفوا باللّه صادقين و لا كاذبين، فإنه يقول عز و جل وَ لٰا تَجْعَلُوا اللّٰهَ عُرْضَةً لِأَيْمٰانِكُمْ.

و في خبر ابن سنان عنه عليه السلام: اجتمع الحواريون الى عيسى على نبينا و آله و عليه السلام فقالوا: يا معلم الخير أرشدنا. فقال لهم: ان موسى نبي الهّٰع أمركم ان لا تحلفوا باللّه كاذبين، و انا آمركم ان لا تحلفوا باللّه كاذبين و لا صادقين.


1- بل الأقوى حيث ان ظاهر كل خميس الاستغراق، و معه ينحل اليمين الى الايمان.

ص: 9

نعم لو قصد بها رفع مظلمة عن نفسه أو عن غيره من إخوانه جاز بلا كراهة و لو كذبا. ففي خبر زرارة عن الباقر عليه السلام: انا نمر بالمال على العشارين فيطلبون منا ان نحلف لهم و يخلون سبيلنا و لا يرضون منا الا بذلك؟ فقال: احلف لهم فهو أحلى من التمر و الزبد.

بل ربما يجب اليمين الكاذبة لدفع ظالم عن نفسه أو عرضه أو عن نفس مؤمن أو عرضه، لكن إذا كان ملتفتا إلى التورية و يحسنها فالأحوط لو لم يكن الأقوى ان يوري، بأن يقصد باللفظ خلاف ظاهره من دون قرينة مفهمة.

[مسألة: 18 الأقوى انه يجوز الحلف بغير اللّٰه في الماضي و المستقبل]

مسألة: 18 الأقوى انه يجوز الحلف بغير اللّٰه في الماضي و المستقبل و ان لم يترتب على مخالفتها اثم و لا كفارة، كما أنه ليس قسما فاصلا في الدعاوي و المرافعات.

[القول في النذر و العهد]

اشارة

القول في النذر و العهد:

[مسألة: 1 النذر- و هو الالتزام بعمل للّٰه تعالى على نحو مخصوص]

مسألة: 1 النذر- و هو الالتزام بعمل للّٰه تعالى على نحو مخصوص- لا ينعقد بمجرد النية، بل لا بد من الصيغة، و هي ما كانت مفادها إنشاء الالتزام بفعل أو ترك للّٰه تعالى، كأن يقول «للّٰه على أن أصوم أو أن اترك شرب الخمر» مثلا. و هل يعتبر في الصيغة قول «للّٰه» بالخصوص أو يجزي غير هذه اللفظة من أسمائه المختصة كما تقدم في اليمين؟ الظاهر هو الثاني، فكل ما دل على الالتزام بعمل للّٰه جل شأنه يكفي في الانعقاد، بل لا يبعد انعقاده بما يرادف القول المزبور من كل لغة، خصوصا لمن لم يحسن العربية. نعم لو اقتصر على قوله «علي كذا» لم ينعقد النذر و ان نوى في ضميره معنى للّٰه، و لو قال «نذرت للّٰه ان أصوم» مثلا أو «للّٰه علي نذر صوم يوم» مثلا لم ينعقد على اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 2 يشترط في الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و انتفاء الحجر في متعلق النذر]

مسألة: 2 يشترط في الناذر البلوغ و العقل و الاختيار و القصد و انتفاء الحجر في متعلق النذر، فلا ينعقد نذر الصبي و ان كان مميزا و بلغ عشرا، و لا المجنون و لو

ص: 10

أدواريا حال دوره، و لا المكروه و لا السكران، بل و لا الغضبان غضبا رافعا للقصد، و كذا السفيه ان كان المنذور ما لا و لو: في ذمته، و المفلس ان كان المنذور من المال الذي حجر عليه و تعلق به حق الغرماء.

[مسألة: 3 لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج]

مسألة: 3 لا يصح نذر الزوجة مع منع الزوج (1)، و لو نذرت بدون اذنه كان له حله كاليمين، و ان كان متعلقا بمالها و لم يكن العمل به مانعا عن الاستمتاع بها، و لو أذن لها في النذر فنذرت عن اذنه انعقد و ليس له بعد ذلك حله و لا المنع عن الوفاء به. و هل يشترط انعقاد نذر الولد بإذن الوالد فلا ينعقد بدونه أو ينعقد و له حله (2) أو لا يشترط بالاذن و لا له حله؟ فيه خلاف و اشكال، و الأحوط أن يكون باذنه ثم بعد ذلك لزم و ليس له حله و لا منعه عن الوفاء به.

[مسألة: 4 النذر: اما نذر بر، و يقال له «نذر المجازاة»، و هو ما علق على أمر]

مسألة: 4 النذر: اما نذر بر، و يقال له «نذر المجازاة»، و هو ما علق على أمر اما شكرا لنعمة دنيوية أو أخروية، كأن يقول ان رزقت ولدا أو ان وفقت لزيارة بيت اللّٰه فلله علي كذا، و اما استدفاعا لبلية، كأن يقول ان شفى اللّٰه مريضي فلله علي كذا. و اما نذر زجر، و هو ما علق على فعل حرام أو مكروه زجرا للنفس عن ارتكابهما مثل أن يقول ان تعمدت الكذب أو بلت في الماء فلله علي كذا، أو على ترك واجب أو مستحب زجرا لها عن تركهما، مثل أن يقول ان تركت فريضة أو نافلة الليل فلله علي كذا. و اما نذر تبرع، و هو ما كان مطلقا و لم يعلق على شي ء، كأن يقول للّٰه على أن أصوم غدا. لا اشكال و لا خلاف في انعقاد الأولين، و في انعقاد الأخير قولان، أقواهما الانعقاد.

[مسألة: 5 يشترط في متعلق النذر- سواء كان معلقا و مشروطا شكرا أو زجرا أو كان تبرعا]

مسألة: 5 يشترط في متعلق النذر- سواء كان معلقا و مشروطا شكرا أو زجرا أو كان تبرعا- ان يكون مقدورا للناذر، و ان يكون طاعة للّٰه تعالى صلاة أو صوما أو حجا أو صدقة أو عتقا و نحوها مما يعتبر في صحتها القربة أو أمرا ندب اليه


1- بل لا يصح بدون اذنه.
2- هذا هو الأقوى، بأن ينهى عن المنذور لا بما هو منذور، فيصير مرجوحا في غير فعل الواجب و ترك الحرام و ينحل النذر.

ص: 11

الشرع، و يصح التقرب به كزيارة المؤمنين و تشييع الجنائز و عيادة المرضى و غيرها، فينعقد في كل واجب أو مندوب و لو كفائيا كتجهيز الموتى إذا تعلق بفعله و في كل حرام أو مكروه إذا تعلق بتركه. و اما المباح- كما إذا نذر أكل طعام أو تركه- فان قصد به معنى راجحا كما لو قصد بأكله التقوي على العبادة أو بتركه منع النفس عن الشهوة فلا إشكال في انعقاده، كما لا إشكال في عدم الانعقاد فيما إذا صار متعلق النذر فعلا أو تركا بسبب اقترانه ببعض العوارض مرجوحا و لو دنيويا، و أما إذا لم يقصد به معنى راجحا و لم يطرأ عليه ما يوجب رجحانه أو مرجوحيته فالظاهر عدم انعقاد النذر به.

[مسألة: 6 قد عرفت ان النذر اما معلق على أمر أو غير معلق]

مسألة: 6 قد عرفت ان النذر اما معلق على أمر أو غير معلق، و الأول على قسمين نذر شكر و نذر زجر، فليعلم ان المعلق عليه في نذر الشكر اما من فعل الناذر أو من فعل غيره أو من فعل اللّٰه تعالى، و لا بد في الجميع من أن يكون امرا صالحا لان يشكر عليه حتى يقع المنذور مجازاة له، فان كان من فعل الناذر فلا بد أن يكون طاعة للّٰه تعالى من فعل واجب أو مندوب أو ترك حرام أو مكروه، فيلتزم بالمنذور شكرا له تعالى حيث انه وفقه عليها، مثل أن يقول «ان حججت في هذه السنة أو زرت زيارة عرفة أو ان تركت الكبائر أو المكروه الفلاني في شهر رمضان فلله على أن أصوم شهرا»، فلو علق النذر شكرا على ترك واجب أو مندوب أو فعل حرام أو مكروه لم ينعقد و ان كان من فعل غيره، فلا بد أن يكون مما فيه منفعة دينية أو دنيوية للناذر صالحة لأن يشكر عليها شرعا أو عرفا، مثل ان يقول «ان أقبل الناس على الطاعات فلله علي كذا» أو يقول «ان قدم مسافري أو لم يقدم عدوي و الذي يؤذيني فلله علي كذا».

فان كان على عكس ذلك مثل ان يقول «ان تجاهر الناس على المعاصي أو شاع بينهم المنكرات فلله على صوم شهر» مثلا لم ينعقد، و ان كان من فعله تعالى لزم ان يكون امرا يسوغ تمنيه و يحسن طلبه منه تعالى كشفاء مريض أو إهلاك عدو ديني أو أمن في البلاد أو سعة على العباد و نحو ذلك، فلا ينعقد ان كان على عكس ذلك، كما إذا

ص: 12

قال «ان أهلك اللّٰه هذا المؤمن الصالح» أو «ان شفى اللّٰه هذا الكافر الطالح» أو قال «ان وقع القحط في البلاد أو شمل الخوف على العباد فلله على كذا». هذا في نذر الشكر، و أما نذر الزجر فلا بد ان يكون الشرط و المعلق عليه فعلا أو تركا اختياريا للناذر و كان صالحا لان يزجر عنه حتى يقع النذر زاجرا عنه، كفعل حرام أو مكروه، مثل أن يقول «ان تعمدت الكذب أو تعمدت الضحك في المقابر مثلا فلله علي كذا» أو ترك واجب أو مندوب كما إذا قال «ان تركت الصلاة أو نافلة الليل فلله علي كذا».

[مسألة: 7 إذا كان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لان يكون نذر شكر]

مسألة: 7 إذا كان الشرط فعلا اختياريا للناذر فالنذر المعلق عليه قابل لان يكون نذر شكر و ان يكون نذر زجر، و المائز هو القصد، مثلا إذا قال «ان شربت الخمر فلله علي كذا» ان كان في مقام زجر النفس و صرفها عن الشرب و انما أوجب على نفسه شيئا على تقدير شربه ليكون زاجرا عنه فهو نذر زجر فينعقد، و ان كان في مقام تنشيط النفس و ترغيبها و قد جعل المنذور جزاء لصدوره منه و تهيؤ أسبابه له كان نذر شكر فلا ينعقد.

[مسألة: 8 لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين تعين]

مسألة: 8 لو نذر الصلاة أو الصوم أو الصدقة في زمان معين تعين، فلو اتى بها في زمان آخر مقدم أو مؤخر لم يجز، و كذا لو نذرها في مكان فيه رجحان فلا يجزي في غيره و ان كان أفضل. و أما لو نذرها في مكان ليس فيه رجحان ففي انعقاده و تعينه وجهان بل قولان، أقواهما الانعقاد (1). نعم لو نذر إيقاع بعض فرائضه أو بعض نوافله الراتبة كصلاة الليل أو شهر رمضان مثلا في مكان أو بلد لا رجحان فيه بحيث لم يتعلق النذر بأصل الصلاة و الصيام بل تعلق بإيقاعهما في المكان الخاص، فالظاهر عدم انعقاد النذر لعدم الرجحان في متعلقه. هذا إذا لم يطرأ عليه عنوان راجح (2)، مثل كونه افرغ للعبادة أو أبعد عن الرياء و نحو ذلك، و الا فلا إشكال في الانعقاد.


1- ان تعلق النذر بإتيان هذا الفرد من الصلاة.
2- حين العمل مع كونه معلوما حين النذر.

ص: 13

[مسألة: 9 لو نذر صوما و لم يعين العدد كفى صوم يوم]

مسألة: 9 لو نذر صوما و لم يعين العدد كفى صوم يوم، و لو نذر صلاة و لم يعين الكيفية و الكمية يجزي ركعتان و لا يجزى ركعة (1) على الأقوى، و لو نذر صدقة و لم يعين جنسها و مقدارها كفى أقل ما يتناوله الاسم، و لو نذر أن يفعل قربة أتى بعمل قربى و يكفى صيام يوم أو التصدق بشي ء أو صلاة و لو مفردة الوتر و غير ذلك.

[مسألة: 10 لو نذر صوم عشرة أيام مثلا، فان قيد بالتتابع أو التفريق تعين و الا تخير بينهما]

مسألة: 10 لو نذر صوم عشرة أيام مثلا، فان قيد بالتتابع أو التفريق تعين و الا تخير بينهما، و كذا لو نذر صيام سنة فان الظاهر انه مع الإطلاق يكفى صوم اثنى عشر شهرا و لو متفرقا (2). نعم لو نذر صوم شهر لم يبعد ظهوره في التتابع و يكفى ما بين الهلالين من شهر و لو ناقصا، و له ان يشرع فيه في أثناء الشهر، و حينئذ فهل يجب إكمال ثلاثين أو يكفي التلفيق- بأن يكمل من الشهر التالي مقدار ما مضى من الشهر الأول- أظهرهما الثاني و أحوطهما الأول.

[مسألة: 11 إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان]

مسألة: 11 إذا نذر صيام سنة معينة استثنى منها العيدان، فيفطر فيهما و لا قضاء عليه، و كذا يفطر في الأيام التي عرض فيها ما لا يجوز معه الصيام من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر (3)، لكن يجب القضاء على الأقوى.

[مسألة: 12 لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيح للإفطار]

مسألة: 12 لو نذر صوم كل خميس مثلا فصادف بعضها أحد العيدين أو أحد العوارض المبيح للإفطار من مرض أو حيض أو نفاس أو سفر أفطر، و يجب عليه القضاء حتى في الأول على الأقوى.

[مسألة: 13 لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع الكفارة]

مسألة: 13 لو نذر صوم يوم معين فأفطر عمدا يجب قضاؤه مع الكفارة.

[مسألة: 14 إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر و ان كان غير ضروري]

مسألة: 14 إذا نذر صوم يوم معين جاز له السفر و ان كان غير ضروري، و يفطر ثم يقضيه و لا كفارة عليه.


1- ان كان المنذور غير الرواتب و الا فلا يبعد إجزاء مفردة الوتر. نعم في أجزاء ركعة الاحتياط تأمل.
2- الظاهر عدم الفرق بين صيام سنة أو صوم شهر. نعم لو نذر صيام اثنى عشر شهرا فالظاهر انه يكفى الإتيان بها متفرقا.
3- إلا إذا نذر الصوم سفرا و حضرا فله ان يسافر و يصوم في السفر.

ص: 14

[مسألة: 15 لو نذر زيارة أحد من الأئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم]

مسألة: 15 لو نذر زيارة أحد من الأئمة عليهم السلام أو بعض الصالحين لزم، و يكفى الحضور و السلام على المزور، و الظاهر عدم وجوب غسل الزيارة و صلاتها مع الإطلاق و عدم ذكرهما في النذر، و ان عين اماما لم يجز غيره و ان كان زيارته أفضل، كما انه ان عجز عن زيارة من عينه لم يجب زيارة غيره بدلا عنه.

و ان عين للزيارة زمانا تعين، فلو تركها في وقتها عامدا حنث و يجب الكفارة، و هل يجب معها القضاء؟ فيه تردد و إشكال (1).

[مسألة: 16 لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع القدرة]

مسألة: 16 لو نذر أن يحج أو يزور الحسين عليه السلام ماشيا انعقد مع القدرة و عدم الضرر، فلو حج أو زار راكبا مع القدرة على المشي فإن كان النذر مطلقا و لم يعين الوقت أعاده ماشيا، و ان عين وقتا و فات الوقت حنث بلا اشكال و لزم الكفارة، و هل يجب مع ذلك القضاء ماشيا؟ فيه تردد، و الأحوط القضاء (2). و كذلك الحال لو ركب في بعض الطريق و مشى في البعض.

[مسألة: 17 ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا ان يركب البحر أو يسلك طريقا يحتاج الى ركوب السفينة]

مسألة: 17 ليس لمن نذر الحج أو الزيارة ماشيا ان يركب البحر أو يسلك طريقا يحتاج الى ركوب السفينة و نحوها و لو لأجل العبور من الشط و نحوه، و لو انحصر الطريق في البحر فان كان كذلك من أول الأمر لم ينعقد النذر، و ان طرأ ذلك بعد النذر فان كان النذر مطلقا و توقع المكنة من طريق البر و المشي منه فيما بعد انتظر، و ان كان معينا و طرأ ذلك في الوقت أو مطلقا و يئس من المكنة بالمرة سقط عنه و لا شي ء عليه.

[مسألة: 18 لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض]

مسألة: 18 لو طرأ لناذر المشي العجز عنه في بعض الطريق دون البعض، الأحوط لو لم يكن الأقوى أن يمشى مقدار ما يستطيع و يركب في البعض و لا شي ء عليه، و لو اضطر الى ركوب السفينة الأحوط أن يقوم فيها بقدر الإمكان (3).

[مسألة: 19 لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت و لا يجزي مثلها أو قيمتها]

مسألة: 19 لو نذر التصدق بعين شخصية تعينت و لا يجزي مثلها أو قيمتها


1- و الأحوط القضاء.
2- بل الأقوى.
3- ان لم يكن أقوى.

ص: 15

مع وجودها، و مع التلف فان كان لا بإتلاف منه انحل النذر و لا شي ء عليه، و ان كان بإتلاف منه ضمنها بالمثل أو القيمة، فيتصدق بالبدل، بل يكفر أيضا على الأحوط (1).

[مسألة: 20 لو نذر الصدقة على شخص معين لزم و لا يملك المنذور له الإبراء منه]

مسألة: 20 لو نذر الصدقة على شخص معين لزم و لا يملك المنذور له الإبراء منه فلا يسقط عن الناذر بإبرائه، و هل يلزم على المنذور له القبول؟ الظاهر لا، فينحل النذر بعدم قبوله للتعذر (2). و لو امتنع ثم رجع الى القبول فهل يعود النذر و يجب التصدق عليه؟ فيه تأمل (3) و الاحتياط لا يترك. و لو مات الناذر قبل أن يفي بالنذر يخرج من أصل تركته، و كذا كل نذر تعلق بالمال كسائر الواجبات المالية. و لو مات المنذور له قبل أن يتصدق عليه قام وارثه مقامه على احتمال مطابق للاحتياط، و يقوى هذا الاحتمال لو نذر أن يكون مال معين صدقة على فلان (4) فمات قبل قبضه.

[مسألة: 21 لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه]

مسألة: 21 لو نذر شيئا لمشهد من المشاهد المشرفة صرفه في مصالحه، كتعميره و ضيائه و طيبه و فرشه و قوامه و خدامه و نحو ذلك و في معونة زواره (5)، و أما لو نذر شيئا للإمام أو بعض أولاد الأئمة- كما لو نذر شيئا للأمير أو الحسين أو العباس عليهم السلام- فالظاهر أن المراد صرفه في سبل الخير بقصد رجوع ثوابه إليهم، من غير فرق بين الصدقة على المساكين و اعانة الزائرين و غيرهما من وجوه الخير كبناء مسجد أو قنطرة و نحو ذلك، و ان كان الأحوط الاقتصار على معونة زوارهم وصلة من يلوذ بهم من المجاورين المحتاجين و الصلحاء من الخدام المواظبين بشؤون مشاهدهم و اقامة مجالس تعازيهم. هذا إذا لم يكن في قصد الناذر جهة خاصة (6) و الا اقتصر عليها.


1- بل الأقوى.
2- إذا كان الامتناع دائما.
3- إذا رجع الى القبول بعد انقضاء وقت العمل، و اما إذا رجع في الوقت فالأقوى وجوب العمل بالنذر لانكشاف الرجوع عن عدم التعذر.
4- بنحو نذر النتيجة و لا يبعد صحته.
5- مع استغناء المشهد عما ذكر.
6- و لو بالانصراف.

ص: 16

[مسألة: 22 لو عين شاة للصدقة أو لأحد الأئمة أو لمشهد من المشاهد يتبعها نماؤها المتصل كالسمن]

مسألة: 22 لو عين شاة للصدقة أو لأحد الأئمة أو لمشهد من المشاهد يتبعها نماؤها المتصل كالسمن، و أما المنفصل كالنتاج و اللبن فالظاهر انه ملك للناذر (1).

[مسألة: 23 لو نذر التصدق بجميع ما يملكه لزم، فان شق عليه قوم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و تصرف في أمواله]

مسألة: 23 لو نذر التصدق بجميع ما يملكه لزم، فان شق عليه قوم الجميع بقيمة عادلة على ذمته و تصرف في أمواله بما يشاء و كيف يشاء ثم يتصدق عما في ذمته شيئا فشيئا و يحسب منها ما يعطى الى الفقراء و المساكين و أرحامه المحتاجين و يقيد ذلك في دفتر الى أن يوفي التمام، فإن بقي منه شي ء أوصى بأن يؤدي مما تركه بعد موته.

[مسألة: 24 إذا عجز الناذر عن المنذور في وقته ان كان موقتا و مطلقا إذا كان مطلقا انحل نذره]

مسألة: 24 إذا عجز الناذر عن المنذور في وقته ان كان موقتا و مطلقا إذا كان مطلقا انحل نذره و سقط عنه و لا شي ء عليه. نعم لو نذر صوما فعجز عنه تصدق عن كل يوم بمد من طعام على الأحوط (2)، و أحوط منه التصدق بمدين.

[مسألة: 25 النذر كاليمين في انه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها]

مسألة: 25 النذر كاليمين في انه إذا تعلق بإيجاد عمل من صوم أو صلاة أو صدقة أو غيرها، فان عين له وقتا تعين و يتحقق الحنث و يجب الكفارة بتركه فيه، فان كان صوما أو صلاة يجب قضاؤه أيضا على الأقوى، بل و ان كان غيرهما أيضا على الأحوط. و ان كان مطلقا كان وقته العمر و جاز له التأخير الى أن يظن بالوفاة فيتضيق، و يتحقق الحنث بتركه مدة الحياة. هذا إذا كان المنذور فعل شي ء، و ان كان ترك شي ء فان عين له الوقت كان حنثه بإيجاده فيه، و ان كان مطلقا كان حنثه بإيجاده مدة حياته و لو مرة، و لو أتى به تحقق الحنث و انحل النذر (3) كما مر في اليمين.

[مسألة: 26 انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختيارا]

مسألة: 26 انما يتحقق الحنث الموجب للكفارة بمخالفة النذر اختيارا، فلو أتى بشي ء تعلق النذر بتركه نسيانا أو جهلا (4) أو اضطرارا لم يترتب عليه شي ء، بل الظاهر عدم انحلال النذر به، فيجب الترك بعد ارتفاع العذر لو كان النذر مطلقا


1- الا إذا كان بنحو نذر النتيجة.
2- و الأولى.
3- إلا إذا نذر ترك جميع الافراد بنحو الاستغراق فإنه يتكرر الحنث و الكفارة بتكرر الافراد.
4- بالموضوع.

ص: 17

أو موقتا و قد بقي الوقت.

[مسألة: 27 لو نذر ان بري ء مريضة أو قدم مسافرة صام يوما مثلا فبان ان المريض بري ء]

مسألة: 27 لو نذر ان بري ء مريضة أو قدم مسافرة صام يوما مثلا فبان ان المريض بري ء أو المسافر قدم قبل النذر لم يلزم.

[مسألة: 28 كفارة حنث النذر كفارة اليمين]

مسألة: 28 كفارة حنث النذر كفارة اليمين، و قيل كفارة من أفطر شهر رمضان (1)، و سيجي ء في كتاب الكفارات إن شاء اللّٰه تعالى.

[القول في العهد]

اشارة

القول في العهد:

لا ينعقد العهد بمجرد النية، بل يحتاج إلى الصيغة على الأقوى، و صورتها ان يقول «عاهدت اللّٰه» أو «علي عهد اللّٰه»، و يقع مطلقا و معلقا على شرط كالنذر، و الظاهر أنه يعتبر في المعلق عليه إذا كان مشروطا ما اعتبر فيه في النذر المشروط.

و أما ما عاهد عليه فهو بالنسبة إليه كاليمين يعتبر فيه أن لا يكون مرجوحا دينا أو دنيا، و لا يعتبر فيه الرجحان فضلا عن كونه طاعة كما اعتبر ذلك في النذر، فلو عاهد على فعل مباح لزم كاليمين. نعم لو عاهد على فعل كان تركه أرجح أو على ترك أمر كان فعله اولى و لو من جهة الدنيا لم ينعقد، و لو لم يكن كذلك من أول الأمر ثم طرأ عليه ذلك انحل (2).

[مسألة مخالفة العهد بعد انعقاده يوجب الكفارة]

مسألة مخالفة العهد بعد انعقاده يوجب الكفارة، و هل هي كفارة من أفطر شهر رمضان أو كفارة اليمين؟ قولان، أظهرهما الأول كما يجي ء في الكفارات.


1- و هو الأقوى.
2- إذا لم يترقب زوال عنوان المرجوحية و لم يتسامح في العمل بعهده قبل طريان تلك الحالة، خصوصا إذا كان في معرض ذلك و الا وجبت عليه الكفارة.

ص: 18

[كتاب الكفارات]

اشارة

كتاب الكفارات و الكلام في أقسامها و أحكامها:

[القول في أقسام الكفارات]

اشارة

القول في أقسام الكفارات:

و هي على أربعة أقسام: مرتبة، و مخيرة، و ما اجتمع فيه الأمران، و كفارة الجمع.

اما المرتبة فهي ثلاث: كفارة الظهار، و كفارة قتل الخطأ يجب فيهما العتق فان عجز صيام شهرين متتابعين فان عجز فإطعام ستين مسكينا، و كفارة من أفطر يوما من قضاء شهر رمضان بعد الزوال و هي إطعام عشرة مساكين فان عجز فصيام ثلاثة أيام متتابعات (1).

و اما المخيرة فهي أيضا ثلاث: كفارة من أفطر في شهر رمضان بأحد الأسباب الموجبة للكفارة التي مرت في كتاب الصوم، و كفارة حنث العهد (2)، و كفارة جز المرأة شعرها في المصاب و هي العتق أو صيام شهرين متتابعين أو إطعام ستين مسكينا مخيرا بينها على الأظهر.

و أما ما اجتمع فيه الأمران فهي: كفارة حنث اليمين، و كفارة حنث النذر على


1- أو متفرقات و ان كان ما في المتن أحوط.
2- بل و حنث النذر أيضا كما مر، فالمخيرة أربع أو خمس بناء على كون كفارة الاعتكاف مخيرة كما هو الأقوى، و ان كان الأحوط فيها الترتيب كالظهار.

ص: 19

الأظهر (1)، و كفارة نتف المرأة شعرها و خدش وجهها في المصاب و شق الرجل ثوبه في موت ولده أو زوجته. يجب في جميع ذلك عتق رقبة أو إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم مخيرا بينها، فان عجز عن الجميع فصيام ثلاثة أيام. و قيل ان كفارة النذر مثل كفارة إفطار شهر رمضان، و حيث ان هذا هو المشهور فلا ينبغي ترك الاحتياط لمن عجز عن العتق باختيار الإطعام و إكمال ستين، و مع العجز عنه صيام شهرين متتابعين فقط مع العجز عن اكساء عشرة مساكين و الجمع بينهما مع التمكن منه.

و اما كفارة الجمع فهي كفارة قتل المؤمن عمدا و ظلما، و كفارة الإفطار في شهر رمضان بالمحرم على الأحوط (2) لو لم يكن الأقوى، و هي عتق رقبة مع صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا.

[مسألة: 1 لا فرق في جز المرأة شعرها بين جز تمام شعر رأسها و جز بعضه بما يصدق عرفا انه قد جزت شعرها]

مسألة: 1 لا فرق في جز المرأة شعرها بين جز تمام شعر رأسها و جز بعضه بما يصدق عرفا انه قد جزت شعرها، كما أنه لا فرق بين كونه في مصاب زوجها و مصاب غيره و بين القريب و البعيد، و لا يبعد إلحاق الحلق بالجز (3)، بل الأحوط إلحاق الإحراق به أيضا.

[مسألة: 2 لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه]

مسألة: 2 لا يعتبر في خدش الوجه خدش تمامه، بل يكفي مسماه. نعم الظاهر أنه يعتبر فيه الإدماء، و لا عبرة بخدش غير الوجه و لو مع الإدماء، و لا بشق ثوبها و ان كان على ولدها أو زوجها، كما لا عبرة بخدش الرجل وجهه و لا بجز شعره و لا بشق ثوبه على غير ولده و زوجته. نعم لا فرق في الولد بين الذكر و الأنثى، و في شموله لولد الولد خصوصا ولد البنت تأمل و ان كان الأحوط الشمول (4)، و كذلك في شمول الزوجة لغير الدائمة، فإنه قد يشك فيه، لكن لا يبعد الشمول خصوصا لمن كانت مدتها طويلة كتسعين سنة.


1- قد مر ما هو الأقوى فيه.
2- بل على الأقوى.
3- بل بعيد، و كذا الإحراق و ان كان الاحتياط فيهما حسنا.
4- لا يترك.

ص: 20

[القول في أحكام الكفارات]

اشارة

القول في أحكام الكفارات:

[مسألة: 1 لا يجزي عتق الكافر في الكفارة مطلقا]

مسألة: 1 لا يجزي عتق الكافر في الكفارة مطلقا، فيشترط فيه الإسلام، و يستوي في الاجزاء الذكر و الأنثى و الكبير و الصغير الذي كان بحكم المسلم، بأن كان أحد أبويه مسلما. و يشترط أن يكون سالما من العيوب التي توجب الانعتاق قهرا كالعمى و الجذام و الإقعاد و التنكيل، و لا بأس بسائر العيوب، فيجزي عتق الأصم و الأخرس و غيرهما، و يجزي عتق الآبق و ان لم يعلم مكانه إذا لم يعلم موته.

[مسألة: 2 يعتبر في الخصال الثلاث العتق و الصيام و الإطعام النية المشتملة على قصد العمل]

مسألة: 2 يعتبر في الخصال الثلاث العتق و الصيام و الإطعام النية المشتملة على قصد العمل و قصد القربة و قصد كونه عن الكفارة، و تعيين نوعها إذا كانت عليه أنواع متعددة، فلو كان عليه كفارة ظهار و كفارة يمين و كفارة إفطار فأعتق عبدا و نوى القربة و التكفير لم يجز عن واحد منها. نعم في المتعدد من نوع واحد يكفي قصد النوع و لا يحتاج الى تعيين آخر، فلو أفطر أياما من شهر رمضان من سنة أو سنين متعددة فأعتق عبدا بقصد انه عن كفارة الإفطار كفى و ان لم يعين اليوم الذي أفطر فيه، و كذلك بالنسبة إلى الصيام و الإطعام. و لو كان عليه كفارة و لا يدري نوعها كفى الإتيان بإحدى الخصال ناويا عما في ذمته، بل لو علم أن عليه إعتاق عبد مثلا و لا يدري انه منذور أو عن كفارة القتل مثلا كفى إعتاق عبد بقصد ما في الذمة.

[مسألة: 3 يتحقق العجز عن العتق الموجب لوجوب الصيام أو الإطعام في الكفارة المرتبة]

مسألة: 3 يتحقق العجز عن العتق (1) الموجب لوجوب الصيام أو الإطعام في الكفارة المرتبة إما بعدم الرقبة أو عدم ثمنها أو عدم التمكن من شرائها، و ان وجد الثمن أو احتياجه الى خدمتها لمرض أو كبر أو زمانة أو لرفعة شأن أو احتياجه الى ثمنها في نفقته و نفقة عياله الواجبي النفقة أو أداء ديونه، بل كل واجب يجب


1- حيث ان لسان النص «أعتق رقبة فان لم تجد فصيام شهرين»، فوجدان الرقبة في الكفارة كوجدان الماء للوضوء و يستكشف من فروعه فروعها. و الذي يسهل الأمر في زماننا هذا أن موضوعه منتف فلا يحتاج الى بيان ما يتحقق به العجز.

ص: 21

صرف المال فيه، بل إذا لم يكن عنده الا مستثنيات الدين لاتباع في العتق و كان داخلا في عنوان العاجز عنه. نعم لو بيع العبد بأزيد من ثمن المثل و كان عنده الثمن وجب الشراء و لا يعد ذلك عجزا إلا إذا استلزم قبحا و ضررا مجحفا، و كذا لو كان له مال غائب يصل اليه قريبا أو كان عنده ثمن الرقبة دون عينها و يتوقع وجودها بعد مدة غير مديدة لم يعد ذلك من العجز بل ينتظر، إلا إذا شق عليه تأخير التكفير كالمظاهر الشبق الذي يشق عليه ترك مباشرة زوجته. و يتحقق العجز من الصيام الموجب لتعين الإطعام بالمرض المانع منه أو خوف حدوثه أو زيادته و بكونه شاقا عليه مشقة لا يتحمل. و هل يكفي وجود المرض أو خوف حدوثه أو زيادته في الحال و لو مع رجاء البرء و تبدل الأحوال أو يعتبر اليأس؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان. نعم لو رجي البرء بعد زمان قصير كيوم أو يومين يشكل الانتقال إلى الإطعام. و كيف كان لو أخر الصيام و الإطعام الى أن بري ء من المرض و تمكن من الصوم لا شك في تعينه في المرتبة و لم يجز الإطعام.

[مسألة: 4 ليس طرو الحيض و النفاس موجبا للعجز عن الصيام و الانتقال إلى الإطعام]

مسألة: 4 ليس طرو الحيض و النفاس موجبا للعجز عن الصيام و الانتقال إلى الإطعام، و كذا طرو الاضطرار على السفر الموجب للإفطار لعدم انقطاع التتابع بطرو ذلك.

[مسألة: 5 المعتبر في العجز و القدرة على حال الأداء لا حال الوجوب]

مسألة: 5 المعتبر في العجز و القدرة على حال الأداء لا حال الوجوب، فلو كان حال حدوث موجب الكفارة قادرا على العتق عاجزا عن الصيام فلم يعتق حتى صار بالعكس صار فرضه الصيام و سقط عنه وجوب العتق (1).

[مسألة: 6 إذا عجز عن العتق في المرتبة فشرع في الصوم و لو ساعة من النهار]

مسألة: 6 إذا عجز عن العتق في المرتبة فشرع في الصوم و لو ساعة من النهار ثم وجد ما يعتق لم يلزمه العتق فله إتمام الصيام و يجزى عن الكفارة، و في جواز رفع اليد عن الصوم و اختيار العتق وجه، بل ربما قيل انه الأفضل، لكن لا


1- و ان كان آثما في التأخير مع القدرة إذا كان في معرض طرو العجز.

ص: 22

يخلو من اشكال، فالأحوط إتمام الصيام (1). نعم لو عرض ما يوجب استينافه- بأن عرض في أثنائه ما أبطل التتابع- تعين عليه العتق مع بقاء القدرة عليه، و كذا الكلام فيما لو عجز عن الصيام فدخل في الإطعام ثم زال العجز.

[مسألة: 7 يجب التتابع في الصيام في جميع الكفارات بعدم تخلل الإفطار]

مسألة: 7 يجب التتابع في الصيام (2) في جميع الكفارات بعدم تخلل الإفطار و لا صوم آخر غير الكفارة بين أيامها، من غير فرق بين ما وجب فيه شهران مرتبا على غيره أو مخيرا أو جمعا، و كذا بين ما وجب فيه شهران و ما وجب فيه ثلاثة أيام ككفارة اليمين، و متى أخل بالتتابع وجب الاستيناف. و يتفرع على وجوب التتابع انه لا يجوز الشروع في الصوم من زمان يعلم بتخلل صوم آخر يجب في زمان معين بين أيامه، فلو شرع في صيام ثلاثة أيام قبل شهر رمضان أو قبل خميس معين نذر صومه بيوم أو يومين لم يجز، بل وجب استينافه.

[مسألة: 8 إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الإفطار في البين بالاختيار]

مسألة: 8 إنما يضر بالتتابع ما إذا وقع الإفطار في البين بالاختيار، فلو وقع ذلك لعذر من الاعذار- كما إذا كان الإفطار بسبب الإكراه أو الاضطرار أو بسبب عروض المرض أو طرو الحيض أو النفاس- لم يضر به، و من العذر وقوع السفر في الأثناء إذا كان ضروريا دون ما كان بالاختيار، و كذا منه ما إذا نسي النية حتى فات وقتها، بأن تذكرها بعد الزوال. و كذا الحال فيما إذا كان تخلل صوم آخر في البين لا بالاختيار، كما إذا نسي فنوى صوما آخر و لم يتذكر الا بعد الزوال. و منه ما إذا نذر صوم كل خميس مثلا ثم وجب عليه صوم شهرين متتابعين فلا يضر بالتتابع تخلل المنذور في البين، و لا يتعين عليه البدل في المخيرة و لا ينتقل إلى الإطعام في المرتبة.

نعم في صوم ثلاثة أيام يخل تخلله فيلزم الشروع فيها من زمان لم يتخلل المنذور بينها كما أشرنا إليه في المسألة السابقة.


1- و أحوط منه الجمع.
2- في صيام شهرين تعيينا و تخييرا، و في كفارة اليمين على الأقوى، و في سائر الكفارات على الأحوط.

ص: 23

[مسألة: 9 يكفي في تتابع الشهرين في الكفارة مرتبة كانت أو مخيرة صيام شهر و يوم متتابعا]

مسألة: 9 يكفي في تتابع الشهرين في الكفارة مرتبة كانت أو مخيرة صيام شهر و يوم متتابعا، و يجوز له التفريق في البقية و لو اختيارا لا لعذر، فمن كان عليه صيام شهرين متتابعين يجوز له الشروع فيه قبل شعبان بيوم، و لا يجوز له الاقتصار على شعبان لتخلل شهر رمضان قبل إكمال شهر و يوم. و كذا يجوز له الشروع قبل الأضحى بواحد و ثلاثين يوما، و لا يجوز قبله بثلاثين.

[مسألة: 10 من وجب عليه صيام شهرين، فان شرع فيه من أول الشهر يجزي هلاليان و ان كانا ناقصين]

مسألة: 10 من وجب عليه صيام شهرين، فان شرع فيه من أول الشهر يجزي هلاليان و ان كانا ناقصين، و ان شرع في أثناء الشهر و ان كان فيه وجوه بل أقوال، و لكن الأحوط انكسار الشهرين و جعل كل شهر ثلاثين فيصوم ستين يوما مطلقا (1)، سواء كان الشهر الذي شرع فيه مع تاليه تامين أو ناقصين أو مختلفين، و يتعين ذلك بلا اشكال فيما إذا وقع التفريق بين الأيام بتخلل ما لا يضر بالتتابع شرعا.

[مسألة: 11 يتخير في الإطعام الواجب في الكفارات بين إشباع المساكين و التسليم لهم]

مسألة: 11 يتخير في الإطعام الواجب في الكفارات بين إشباع المساكين و التسليم لهم، و يجوز إشباع البعض و التسليم الى البعض، و لا يتقدر الإشباع بمقدار بل المدار على ان يأكلوا بمقدار شبعهم قل أو كثر، و اما التسليم فلا بد من ان يسلم الى كل منهم مدا من الطعام لا أقل، و الأفضل بل الأحوط مدان. و لا بد في كل من النحوين كمال العدد من ستين أو عشرة، فلا يجزى إشباع ثلاثين أو خمسة مرتين أو تسليم كل واحد منهم مدين. و لا يجب الاجتماع لا في التسليم و لا في الإشباع، فلو أطعم ستين مسكينا في أوقات متفرقة من بلاد مختلفة و لو كان هذا في سنة و ذلك في سنة أخرى لأجزأ و كفى.

[مسألة: 12 الواجب في الإشباع إشباع كل واحد من العدد مرة]

مسألة: 12 الواجب في الإشباع إشباع كل واحد من العدد مرة، و ان كان الأفضل إشباعه في يومه و ليله غداة و عشاء.


1- و ان كان الأقوى كفاية تكميل ما أفطر من الأول من الشهر الثاني ثم الشروع في الثاني و تكميل ما احتسبه للأول من الثالث، سواء كانا تامين أو ناقصين أو مختلفين.

ص: 24

[مسألة: 13 يجزى في الإشباع كل ما يتعارف التغذي و التقوت به لغالب الناس من المطبوخ]

مسألة: 13 يجزى في الإشباع (1) كل ما يتعارف التغذي و التقوت به لغالب الناس من المطبوخ و ما يصنع من أنواع الأطعمة و من الخبز من أي جنس كان مما يتعارف تخبيزه من حنطة أو شعير أو ذرة أو دخن و غيرها و ان كان بلا إدام، و الأفضل أن يكون مع الإدام، و هو كل ما جرت العادة على أكله مع الخبز جامدا أو مائعا و ان كان خلا أو ملحا أو بصلا و كل ما كان أفضل كان أفضل. و في التسليم بذل ما يسمى طعاما من ني و مطبوخ من الحنطة و الشعير و دقيقهما و خبزهما و الأرز و غير ذلك، و الأحوط الحنطة أو دقيقة، و يجزى التمر و الزبيب تسليما و إشباعا.

[مسألة: 14 التسليم الى المسكين تمليك له كسائر الصدقات]

مسألة: 14 التسليم الى المسكين تمليك له كسائر الصدقات، فيملك ما قبضه و يفعل به ما شاء و لا يتعين عليه صرفه في الأكل.

[مسألة: 15 يتساوى الصغير و الكبير ان كان التكفير بنحو التسليم]

مسألة: 15 يتساوى الصغير و الكبير ان كان التكفير بنحو التسليم، فيعطى الصغير مدا من طعام كما يعطى الكبير، و ان كان اللازم في الصغير التسليم الى الولي و ان كان بنحو الإشباع، فكذلك إذا اختلط الصغار مع الكبار، فإذا أشبع عائلة كانت ستين نفسا مشتملة على كبار و صغار أجزأ (2)، و ان كان الصغار منفردين فاللازم احتساب اثنين بواحد، فيلزم إشباع مائة و عشرين بدل ستين و عشرين بدل عشرة. و الظاهر انه لا يعتبر في إشباع الصغير اذن الولي.

[مسألة: 16 لا إشكال في جواز إعطاء كل مسكين أزيد من مد من كفارات متعددة و لو مع الاختيار]

مسألة: 16 لا إشكال في جواز إعطاء كل مسكين أزيد من مد من كفارات متعددة و لو مع الاختيار، من غير فرق بين الإشباع و التسليم، فلو أفطر تمام شهر رمضان جاز له إشباع ستين شخصا معينين في ثلاثين يوما، أو تسليم ثلاثين مدا من طعام لكل واحد منهم و ان وجد غيرهم.

[مسألة: 17 لو تعذر العدد في البلد وجب النقل الى غيره، و ان تعذر انتظر]

مسألة: 17 لو تعذر العدد في البلد وجب النقل الى غيره، و ان تعذر انتظر، و لو وجد بعض العدد كرر على الموجود حتى يستوفي المقدار، و يقتصر في التكرار


1- و ان كان الأحوط في كفارة اليمين ان لا يكون أدون مما يطعمون أهليهم.
2- الأحوط في الإشباع احتساب صغيرين بكبير واحد، و أحوط منه الاقتصار في الإشباع على الكبار.

ص: 25

على مقدار التعذر، فلو تمكن من عشرة كرر عليهم ست مرات، و لا يجوز التكرار على خمسة اثنتي عشرة مرة، و الأحوط عند تعذر العدد الاقتصار على الإشباع دون التسليم و ان يكون في أيام متعددة.

[مسألة: 18 المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة]

مسألة: 18 المراد بالمسكين الذي هو مصرف الكفارة هو الفقير الذي يستحق الزكاة، و هو من لم يملك قوت سنته لا فعلا و لا قوة، و يشترط فيه الإسلام بل الايمان على الأحوط (1)، و ان لا يكون من يجب نفقته على الدافع كالوالدين و الأولاد و المملوك و الزوجة الدائمة دون المنقطعة و دون سائر الأقارب و الأرحام حتى الاخوة و الأخوات، و لا يشترط فيه العدالة و لا عدم الفسق. نعم لا يعطى المتجاهر بالفسق الذي ألقى جلباب الحياء، و في جواز إعطاء غير الهاشمي الى الهاشمي قولان، لا يخلو الجواز من رجحان، و ان كان الأحوط (2) الاقتصار على مورد الاضطرار و الاحتياج التام الذي يحل معه أخذ الزكاة.

[مسألة: 19 يعتبر في الكسوة التي تخير بينها و بين العتق و الإطعام في كفارة اليمين و ما بحكمها]

مسألة: 19 يعتبر في الكسوة التي تخير بينها و بين العتق و الإطعام في كفارة اليمين و ما بحكمها أن يكون ما يعد لباسا عرفا، من غير فرق بين الجديد و غيره ما لم يكن منخرقا (3) أو منسحقا و باليا بحيث ينخرق بالاستعمال، فلا يكتفى بالعمامة و القلنسوة و الحذاء و الخف و الجورب، و الأحوط عدم الاكتفاء بثوب واحد (4) خصوصا بمثل السراويل أو القميص القصير، بل لا يكون أقل من قميص مع سراويل. و يعتبر فيها العدد كالإطعام، فلو كرر على واحد- بأن كساه عشر مرات- لم تحسب له الا واحدة. و لا فرق في المكسو بين الصغير و الكبير و الحر و العبد و الذكر و الأنثى (5)


1- و مع عدم وجودهم يعطى الضعفاء من غير أهل الولاية إلا الناصب.
2- لا يترك هذا الاحتياط.
3- أو مرقعا.
4- نعم عند عدم القدرة على الثوبين لا يبعد كفاية ثوب واحد يكسو ظهره و يوارى عورته.
5- و الأحوط في الأنثى ان يوارى ما يحرم منها كشفه.

ص: 26

نعم في الاكتفاء بكسوة البالغ نهاية الصغر كابن شهر أو شهرين (1) اشكال، فلا يترك الاحتياط. و الظاهر اعتبار كونه مخيطا (2)، فلو سلم اليه الثوب غير مخيط لم يكن مجزيا. نعم الظاهر انه لا بأس بأن يدفع أجرة الخياطة معه ليخيطه و يلبسه، و لا يجزي إعطاء لباس الرجال للنساء و بالعكس و لا إعطاء لباس الصغير للكبير، و لا فرق في جنسه بين كونه من صوف أو قطن أو كتان أو قنب أو حرير، و في الاجتزاء بالحرير المحض للرجال اشكال. و لو تعذر تمام العدد كسى الموجود و انتظر للباقي، و الأحوط التكرار (3) على الموجود فإذا وجد باقي العدد كساه.

[مسألة: 20 لا تجزى القيمة في الكفارة لا في الإطعام و لا في الكسوة]

مسألة: 20 لا تجزى القيمة في الكفارة لا في الإطعام و لا في الكسوة، بل لا بد في الإطعام من بذل الطعام إشباعا أو تمليكا و كذلك في الكسوة. نعم لا بأس بأن يدفع القيمة إلى المستحق (4) و يوكله في ان يشتري بها طعاما فيأكله أو كسوة فيلبسها، فيكون هو المعطى عن المالك و معطي له لنفسه باعتبارين.

[مسألة: 21 إذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز أن يكفر بجنسين]

مسألة: 21 إذا وجبت عليه كفارة مخيرة لم يجز أن يكفر بجنسين، بأن يصوم شهر أو يطعم ثلاثين في كفارة شهر رمضان أو يطعم خمسة و يكسو خمسة مثلا في كفارة اليمين. نعم لا بأس باختلاف افراد الصنف الواحد منها، كما لو أطعم بعض العدد طعاما خاصا و بعضه غيره، أو كسى بعضهم ثوبا من جنس و بعضهم من جنس آخر، بل يجوز في الإطعام أن يشبع بعضا و يسلم الى بعض كما مر.

[مسألة: 22 لا بدل شرعا للعتق في الكفارة مخيرة كانت أو مرتبة أو كفارة الجمع فيسقط بالتعذر]

مسألة: 22 لا بدل شرعا للعتق في الكفارة مخيرة كانت أو مرتبة أو كفارة الجمع فيسقط بالتعذر. و أما صيام شهرين متتابعين و الإطعام لو تعذر بالتمام صام


1- بل الأحوط عدم الاكتفاء باكساء غير البالغ.
2- أو مثل المخيط.
3- و ان كان لا دليل عليه الا الاحتمال.
4- لكن لا يسقط الكفارة إلا بالأكل و اللبس أو التملك، فلو شك يجب الفحص حتى يحصل له اليقين أو الطريق المعتبر.

ص: 27

ثمانية عشر (1) يوما متتابعات (2)، فان عجز عنه صام ما استطاع (3) أو تصدق بما وجد، و مع العجز عنهما بالمرة استغفر اللّٰه تعالى و لو مرة.

[مسألة: 23 الظاهر أن وجوب الكفارات موسع، فلا تجب المبادرة إليها]

مسألة: 23 الظاهر أن وجوب الكفارات موسع (4)، فلا تجب المبادرة إليها، و يجوز التأخير ما لم يؤد الى حد التهاون.

[مسألة: 24 يجوز التوكيل في إخراج الكفارات المالية و أدائها]

مسألة: 24 يجوز التوكيل في إخراج الكفارات المالية و أدائها، و يتولى (5) الوكيل النية إذا كان وكيلا في الإخراج و الموكل (6) حين دفعه الى الوكيل إذا كان وكيلا في الأداء. و اما الكفارات البدنية فلا يجري فيها التوكيل، و لا تجوز فيها النيابة على الأقوى إلا عن الميت.

[مسألة: 25 الكفارات المالية بحكم الديون]

مسألة: 25 الكفارات المالية بحكم الديون، فإذا مات من وجبت عليه تخرج من أصل المال، و أما البدنية فلا يجب على الورثة أداؤها و لا إخراجها من التركة ما لم يوص بها الميت، فيخرج من ثلثه. نعم في وجوبها على الولي و هو الولد الأكبر احتمال قوى، و انما يجري هذا الاحتمال فيما إذا تعين على الميت الصيام، و أما إذا تعين عليه غيره- بأن كانت مرتبة و تعين عليه الإطعام أو كانت مخيرة و كان متمكنا من الصيام و الإطعام- لم يجب على الولي قطعا، بل يخرج من تركة الميت مقدار الإطعام.


1- في الظهار و في غيره على الأحوط الا في كفارة إفطار شهر رمضان فإن الأحوط فيه مع العجز عن الخصال الثلاث التصدق بما يطيق، و مع العجز عنه فالأحوط الجمع بين الممكن من الصوم و الاستغفار، و مع العجز يكفى الاستغفار.
2- على الأحوط.
3- على الأحوط فيهما.
4- لكن لا ينبغي ترك الاحتياط بالتعجيل.
5- و الأحوط للمالك ان يتولى النية حين دفعه للوكيل.
6- و الأحوط له استمرارها الى حين دفع الوكيل.

ص: 28

[كتاب الصيد و الذباحة]

اشارة

كتاب الصيد و الذباحة

[القول في الصيد]

اشارة

القول في الصيد:

و ليعلم انه كما يذكى الحيوان و يحل أكل لحم ما حل اكله بالذبح الواقع على النحو المعتبر شرعا، يذكى أيضا بالصيد على النحو المعتبر. و هو اما بالحيوان أو بغير الحيوان، و بعبارة أخرى الإله التي يصاد بها اما حيوانية أو جمادية، و يتم الكلام في القسمين في ضمن مسائل:

[مسألة: 1 لا يحل من صيد الحيوان و مقتوله الا ما كان بالكلب المعلم]

مسألة: 1 لا يحل من صيد الحيوان و مقتوله الا ما كان بالكلب المعلم، سواء كان سلوقيا أو غيره، و سواء كان أسود أو غيره، فلا يحل صيد غير الكلب من جوارح السباع كالفهد و النمر و غيرهما و جوارح الطير كالبازي و العقاب و الباشق و غيرها.

و ان كانت معلمة، فما يأخذه الكلب المعلم و يقتله بعقره و جرحه مذكى حلال أكله من غير ذبح، فيكون عض الكلب و جرحه على أي موضع من الحيوان كان بمنزلة ذبحه.

[مسألة: 2 يعتبر في حلية صيد الكلب ان يكون معلما للاصطياد]

مسألة: 2 يعتبر في حلية صيد الكلب ان يكون معلما للاصطياد، و علامة كونه بتلك الصفة أن يكون من عادته مع عدم المانع ان يسترسل و يهيج الى الصيد لو أرسله صاحبه و أغراه به، و ان ينزجر (1) و يقف عن الذهاب و الهياج إذا زجره.


1- و عن غير واحد من أعاظم العلماء قدست أسرارهم كفاية الانزجار قبل الإرسال في كونه معلما، و عدم تقييد الانزجار بكونه بعد الإرسال و الإغراء، فلا يقدح عدم انزجاره بعده لانه قل ما يتحقق التعليم بهذا الوجه. و هذا ليس ببعيد، بل يستفاد من بعض الروايات ان أمر التعليم أسهل من ذلك، ففي رواية: فإن كان غير معلم فعلمه في ساعة ثم يرسله فيأكل منه.

ص: 29

و اعتبر المشهور مع ذلك أن يكون من عادته التي لا تتخلف الا نادرا أن يمسك الصيد و لا يأكل منه شيئا حتى يصل صاحبه، و في اعتبار ذلك نظر و ان كان أحوط.

[مسألة: 3 يشترط في حلية صيد الكلب أمور]

مسألة: 3 يشترط في حلية صيد الكلب أمور:

«الأول»- ان يكون ذلك بإرساله للاصطياد، فلو استرسل بنفسه من دون إرسال لم يحل مقتوله و ان أغراه صاحبه بعد الاسترسال، حتى فيما إذا أثر اغراؤه فيه، بأن زاد في عدوه بسببه على الأحوط، و كذلك الحال لو أرسله لا للاصطياد بل لأمر آخر من دفع عدو أو طرد سبع أو غير ذلك فصادف غزالا مثلا فصاده. و المعتبر قصد الجنس لا الشخص، فلو أرسله مسلما الى صيد غزال فصادف غزالا آخر فأخذه و قتله كفى في حله، و كذا لو أرسله إلى صيد فصاده و غيره حلا معا.

«الثاني»- ان يكون المرسل مسلما أو بحكمه كالصبي الملحق به (1)، فلو أرسله كافر بجميع أنواعه أو من كان بحكمه كالنواصب لم يحل أكل ما يقتله.

«الثالث»- ان يسمي، بأن يذكر اسم اللّٰه عند إرساله، فلو ترك التسمية عمدا لم يحل مقتوله، و لا يضر لو كان الترك نسيانا. و في الاكتفاء بالتسمية قبل الإصابة وجه قوي (2) الا ان الأحوط احتياطا لا يترك أن تكون عند الإرسال.

«الرابع»- أن يكون موت الحيوان مستندا الى جرحه و عقره، فلو كان بسبب صدمه أو خنقه أو إتعابه في العدو أو ذهاب مرارته من جهة شدة خوفه لم يحل.

«الخامس»- عدم إدراك صاحب الكلب الصيد حيا مع تمكنه من تذكيته، بأن أدركه ميتا أو أدركه حيا لكن لم يسع الزمان لذبحه. و ملخص هذا الشرط انه إذا أرسل كلبه الى الصيد فان لحق به بعد ما أخذه و عقره و صار غير ممتنع فوجده ميتا كان ذكيا و حل


1- ان كان مميزا فلا يحل لو أرسله غير المميز، و كذا يشترط ان يكون عاقلا فلا يحل لو أرسله المجنون.
2- إذا نسي حين الإرسال و تذكر قبل الإصابة و سمى فالأقوى جواز الاكتفاء به، و اما إذا تركه حين الإرسال عمدا و سمى قبل الإصابة فالاكتفاء به مشكل و لا يترك الاحتياط.

ص: 30

أكله، و كذا ان وجده حيا و لم يتسع الزمان لذبحه فتركه حتى مات، و أما ان اتسع الزمان لذبحه لا يحل الا بالذبح، فلو تركه حتى مات كان ميتة. و أدنى ما يدرك ذكاته ان يجده تطرف عينيه أو تركض رجله أو يحرك ذنبه أو يده، فان وجده هكذا و اتسع الزمان لذبحه لم يحل أكله إلا بالذبح. و كذلك الحال لو وجده بعد عقر الكلب عليه ممتنعا فجعل يعدو خلفه فوقف له، فإن بقي من حياته زمان يتسع لذبحه لم يحل الا بالذبح، و ان لم يتسع له حل بدونه. و يلحق بعدم اتساع الزمان ما إذا وسع و لكن كان ترك التذكية لا بتقصير منه، كما إذا اشتغل بأخذ الإله و سل السكين و امتنع الصيد من التمكين بما فيه من بقية قوة و نحو ذلك فمات قبل ان يمكنه الذبح. نعم لا يلحق به فقد الإله على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلو وجده حيا و اتسع الزمان لذبحه الا أنه لم يكن عنده السكين (1) فلم يذبحه لذلك حتى مات لم يحل أكله.

[مسألة: 4 هل يجب على من أرسل الكلب المسارعة و المبادرة إلى الصيد من حين الإرسال]

مسألة: 4 هل يجب على من أرسل الكلب المسارعة و المبادرة إلى الصيد من حين الإرسال أو من حين ما رآه قد أصاب الصيد و ان كان بعد على امتناعه أو من حين ما أوقفه و صار غير ممتنع، أو لا تجب أصلا؟ الظاهر وجوبها من حين الإيقاف، إذا أشعر بإيقافه و عدم امتناعه يجب عليه المسارعة العرفية حتى انه لو أدركه حيا ذبحه، فلو لم يتسارع ثم وجده ميتا لم يحل أكله، و أما قبل ذلك فالظاهر عدم وجوبها، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه. هذا إذا احتمل ترتب أثر على المسارعة و اللحوق بالصيد، بأن احتمل انه يدركه حيا و يقدر على ذبحه من جهة اتساع الزمان و وجود الإله، و أما مع عدم احتماله و لو من جهة عدم ما يذبح به (2) فلا إشكال في عدم وجوبها، فلو خلاه حينئذ على حاله الى أن قتله الكلب و أزهق روحه بعقره حل أكله. نعم لو توقف


1- أو كان و لم يقدر على سله من غمده بسرعة متعارفة لانجماده من برودة الهواء أو مانع آخر، بحيث لو لم يكن ذلك المانع لأدرك ذكاته بالنحو المتعارف.
2- هذا أيضا مشكل، فلا يترك الاحتياط فيه.

ص: 31

إحراز كون موته بسبب جرح الكلب لا بسبب آخر على التسارع اليه و تعرف حاله لزم عليه لأجل ذلك.

[مسألة: 5 لا يعتبر في حلية الصيد وحدة المرسل و لا وحدة الكلب]

مسألة: 5 لا يعتبر في حلية الصيد وحدة المرسل و لا وحدة الكلب، فلو أرسل جماعة كلبا واحدا و أرسل واحدا أو جماعة كلابا متعددة فقتلت صيدا حل أكله. نعم يعتبر في المتعدد صائدا أو آلة ان يكون الجميع واجدا للأمور المعتبرة شرعا، فلو كان المرسل اثنين و أحدهما مسلم و الأخر كافر أو سمى أحدهما دون الأخر أو أرسل كلبان أحدهما معلما و الأخر غير معلم لم يحل.

[مسألة: 6 لا يؤكل من الصيد المقتول بالالة الجمادية إلا ما قتله السيف و السكين و الخنجر]

مسألة: 6 لا يؤكل من الصيد المقتول بالالة الجمادية إلا ما قتله السيف و السكين و الخنجر و نحوها من الأسلحة التي تقطع بحدها، أو الرمح و السهم و النشاب مما يشاك بحده حتى العصا التي في طرفها حديدة محددة، من غير فرق بين ما كان فيه نصل كالسهم الذي يركب عليه الريش أو صنع قاطعا أو شائكا بنفسه، بل لا يبعد عدم اعتبار كونه من الحديد، فيكفي بعد كونه سلاحا قاطعا أو شائكا كونه من أي فلز كان حتى الصفر و الذهب و الفضة، بل يحتمل قويا عدم اعتبار كونه مستعملا سلاحا في العادة، فيشمل المخيط و الشك و السفود و نحوها، الا ان الأحوط خلافه (1).

و الظاهر انه لا يعتبر الخرق و الجرح في الأدلة المذكورة- أعني ذات الحديد المحددة- فلو رمى الصيد بسهم أو طعنة برمح فقتله بالرمي و الطعن من دون أن يكون فيه اثر السهم و الرمح حل أكله. و يلحق بالآلة الحديدية ما لم تشتمل على الحديد لكن تكون محددة كالمعراض (2) الذي هو كما قيل خشبة لا نصل فيها الا انها محددة الطرفين ثقيلة الوسط، و السهم الحاد الرأس الذي لا نصل فيه. لكن انما يحل مقتول هذه الإله لو قتلت الصيد بخرقها إياه و شوكها فيه و لو يسيرا، فلو قتلته بثقلها من دون خرق لم


1- لا يترك.
2- و الأحوط هو الاقتصار على ما صنع لذلك.

ص: 32

يحل. و الحاصل انه يعتبر في الإله الجمادية اما ان تكون حديدة محددة (1) و ان لم تكن خارقة و اما ان تكون محددة غير حديدية بشرط كونها خارقة (2).

[مسألة: 7 كل آلة جمادية لم تكن ذات حديد محددة و لا محددة غير حديدية قتلت بخرقها من المثقلات]

مسألة: 7 كل آلة جمادية لم تكن ذات حديد محددة و لا محددة غير حديدية قتلت بخرقها من المثقلات كالحجارة و المقمعة و العمود و البندقية لا يحل مقتولها كالمقتول بالحبالة و الشبكة و الشرك و نحوها. نعم لا بأس بالاصطياد بها و بالحيوان غير الكلب كالفهد و النمر و البازي و نحوها، بمعنى جعل الحيوان الممتنع بها غير ممتنع و تحت اليد، لكنه لا يحل ما يصطاد بها إلا إذا أدرك ذكاته فذكاه.

[مسألة: 8 لا يبعد حلية ما قتل بالالة المعروفة المسماة بالتفنك]

مسألة: 8 لا يبعد حلية ما قتل بالالة المعروفة المسماة بالتفنك إذا سمى الرامي و اجتمعت سائر الشرائط، و البندقية التي قلنا في المسألة السابقة بحرمة مقتولها غير هذه البندقية النافذة الخارقة، خصوصا في الطرز الجديد منها المستحدث في هذه الأعصار الأخيرة مما صنع الرصاص فيه بشكل يشبه المخروط و لا يكون بشكل البندقة.

[مسألة: 9 لا يعتبر في حلية الصيد بالالة الجمادية و حدة الصائد و لا وحدة الإله]

مسألة: 9 لا يعتبر في حلية الصيد بالالة الجمادية و حدة الصائد و لا وحدة الإله، فلو رمى شخص بالسهم و طعن آخر بالرمح و سميا معا فقتلا صيدا حل إذا اجتمعت الشرائط في كليهما، بل إذا أرسل أحد كلبه الى صيد و رماه آخر بسهم فقتل بهما حل ما قتلاه.

[مسألة: 10 يشترط في الصيد بالالة الجمادية جميع ما اشترط في الصيد بالالة الحيوانية]

مسألة: 10 يشترط في الصيد بالالة الجمادية جميع ما اشترط في الصيد بالالة الحيوانية، فيشترط كون الصائد مسلما و التسمية عند استعمال الإله و ان يكون استعمال الإله للاصطياد، فلو رمى الى هدف أو الى عدو أو الى خنزير فأصاب غزالا فقتله لم يحل و ان كان مسميا عند الرمي لغرض من الأغراض، و كذا لو أفلت من يده فأصاب صيدا فقتله. و ان لا يدركه حيا زمانا اتسع للذبح، فلو أدركه كذلك لم يحل


1- إذا استعمل سلاحا، و أما في غيره فقد مر الاحتياط فيه.
2- و قد مر الاحتياط في الاقتصار على ما صنع لذلك.

ص: 33

الا بالذبح. و الكلام في وجوب المسارعة و عدمه كما مر. و ان يستقل الإله المحللة في قتل الصيد، فلو شاركها فيه غيرها لم يحل، فلو سقط بعد اصابة السهم من الجبل أو وقع في الماء و استند موته إليهما- بل و ان لم يعلم استقلال اصابة السهم في إماتته- لم يحل، و كذا لو رماه شخصان فقتلاه و سمى أحدهما و لم يسم الأخر أو كان أحدهما مسلما دون الأخر.

[مسألة: 11 لا يشترط في حلية الصيد إباحة الإله]

مسألة: 11 لا يشترط في حلية الصيد إباحة الإله، فيحل الصيد بالكلب أو السهم المغصوبين و ان فعل حراما و عليه الأجرة، و يملكه الصائد دون صاحب الإله.

[مسألة: 12 الحيوان الذي يحل مقتوله بالكلب و الإله مع اجتماع الشرائط كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش]

مسألة: 12 الحيوان الذي يحل مقتوله بالكلب و الإله مع اجتماع الشرائط كل حيوان ممتنع مستوحش من طير أو وحش، سواء كان كذلك بالأصل كالحمام و الظبي و بقر الوحش أو كان إنسيا فتوحش أو استعصى كالبقر المستعصي و البعير العاصي، و كذلك الصائل من البهائم كالجاموس الصائل و نحوه. و بالجملة كل ما لا يجي ء تحت اليد و لا يقدر عليه غالبا الا بالعلاج، فلا تقع التذكية الصيدية على كل حيوان أهلي مستأنس، سواء كان استيناسه أصليا كالدجاج و الشاة و البعير و البقر أو عارضا كالظبي و الطير المستأنسين، و كذا ولد الوحش قبل ان يقدر على العدو و فرخ الطير قبل نهوضه للطيران، فلو رمى طائرا و فرخه الذي لم ينهض فقتلهما حل الطائر دون الفرخ.

[مسألة: 13 الظاهر أنه كما تقع التذكية الصيدية على الحيوان المأكول اللحم فيحل بها أكل لحمه]

مسألة: 13 الظاهر أنه كما تقع التذكية الصيدية على الحيوان المأكول اللحم فيحل بها أكل لحمه تقع على غير المأكول اللحم (1) القابل للتذكية أيضا، فيطهر بها جلده و يجوز الانتفاع به. نعم القدر المتيقن ما إذا كانت بالالة الجمادية، و أما الحيوانية ففيها تأمل و اشكال.


1- لا ينبغي ترك الاحتياط فيه خصوصا في المقتول بالكلب.

ص: 34

[مسألة: 14 لو قطعت الإله قطعة من الحيوان، فان كانت الإله غير محللة]

مسألة: 14 لو قطعت الإله قطعة من الحيوان، فان كانت الإله غير محللة كالشبكة و الحبالة يحرم الجزء الذي ليس فيه الرأس و محال التذكية، و كذلك الجزء الأخر إذا زال عنه الحياة المستقرة، و ان بقيت حياته (1) المستقرة يحل بالتذكية. و ان كانت الإله محللة كالسيف في الصيد مع اجتماع الشرائط، فإن زال الحياة المستقرة عن الجزءين بهذا التقطيع حلا معا، و كذا ان بقيت الحياة المستقرة و لم يتسع الزمان للتذكية، و ان اتسع لها لا يحل الجزء الذي فيه الرأس إلا بالذبح، و أما الجزء الأخر فهو جزء مبان من الحي فيكون ميتة.

[مسألة: 15 يملك الحيوان الوحشي وحشا كان أو طيرا بأحد أمور ثلاثة]

مسألة: 15 يملك الحيوان الوحشي وحشا كان أو طيرا بأحد أمور ثلاثة:

أحدها: وضع اليد عليه (2) و أخذه حقيقة، مثل ان يأخذ رجله أو قرنه أو جناحه أو شده بحبل و نحوه.

ثانيها: وقوعه في آلة معتادة للاصطياد بها، كالحبالة و الشرك و الشبكة و نحوها إذا نصبها لذلك.

ثالثها: أن يصيره غير ممتنع و يمسكه بآلة، مثل ان رماه فجرحه جراحة منعته عن العدو أو كسر جناحه فمنعه عن الطيران، سواء كانت الإله من الآلات المحللة للصيد كالسهم و الكلب المعلم أو من غيرها كالحجارة و الخشب و الفهد و الباز و الشاهين و غيرها.

و يعتبر في هذا أيضا أن يكون اعمال الإله بقصد الاصطياد و التملك، فلو رماه عبثا أو هدفا أو لغرض آخر لم يملكه الرامي، فلو أخذه شخص آخر بقصد التملك ملكه.

[مسألة: 16 الظاهر أنه يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان و زوال امتناعه]

مسألة: 16 الظاهر أنه يلحق بآلة الاصطياد كل ما جعل وسيلة لإثبات الحيوان و زوال امتناعه و لو بحفر حفيرة في طريقه ليقع فيها فوقع فيها أو باتخاذ أرض أو إجراء الماء عليها لتصير موحلة فيتوحل فيها أو فتح باب البيت و إلقاء الحبوب فيه ليدخل فيه


1- يعني أدرك ذكاته، و يأتي تفصيل ما يدرك به الذكاة.
2- بقصد الاصطياد و التملك.

ص: 35

العصافير فدخلت فأغلق عليها الباب (1). نعم لو عشش الطير في داره لم يملكه بمجرد ذلك، و كذا لو توحل حيوان في أرضه الموحلة ما لم يجعلها كذلك لأجل ذلك، فلو أخذه إنسان بعد ذلك ملكه و ان عصى في دخول داره أو أرضه بغير إذنه.

[مسألة: 17 لو سعى خلف حيوان حتى أعياه و وقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه]

مسألة: 17 لو سعى خلف حيوان حتى أعياه و وقف عن العدو لم يملكه ما لم يأخذه، فلو أخذه غيره قبل أن يأخذه ملكه.

[مسألة: 18 لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد و لم تمسكه الشبكة لضعفها و قوته]

مسألة: 18 لو وقع حيوان في شبكة منصوبة للاصطياد و لم تمسكه الشبكة لضعفها و قوته فانفلت منها لم يملكه ناصبها، و كذا ان أخذ الشبكة و انفلت بها من دون ان يزول عنه الامتناع، فان صاده غيره ملكه ورد الشبكة إلى صاحبها. نعم لو أمسكته الشبكة و أثبتته ثم انفلت منها بسبب من الأسباب الخارجية لم يخرج بذلك عن ملكه، كما لو أمسكه بيده ثم انفلت منها، و كذا لو مشى بالشبكة على وجه لا يقدر على الامتناع فإنه لناصبها، فلو أخذه غيره لم يملكه بل يجب ان يرده إليه.

[مسألة: 19 لو رماه فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع فدخل دارا فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار]

مسألة: 19 لو رماه فجرحه لكن لم يخرجه عن الامتناع فدخل دارا فأخذه صاحب الدار ملكه بأخذه لا بدخول الدار، كما انه لو رماه و لم يثبته فرماه شخص آخر فهو للثاني (2) لا الأول.

[مسألة: 20 لو أطلق الصائد صيده من يده فان لم يقصد الاعراض عنه لم يخرج عن ملكه و لا يملكه غيره باصطياده]

مسألة: 20 لو أطلق الصائد صيده من يده فان لم يقصد الاعراض عنه لم يخرج عن ملكه و لا يملكه غيره باصطياده، و ان قصد الاعراض و زوال ملكه عنه فالظاهر أنه يصير كالمباح جاز اصطياده لغيره و يملكه، و ليس للأول الرجوع الى الثاني بعد ما ملكه على الأقوى.


1- فيه اشكال، و لعل الأشبه هنا انه لا يملك الا مع القبض باليد أو الإله بقصد التملك.
2- ان أخذه أو أثبته.

ص: 36

[مسألة: 21 إنما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكا للغير]

مسألة: 21 إنما يملك غير الطير بالاصطياد إذا لم يعلم كونه ملكا للغير و لو من جهة وجود آثار اليد التي هي امارة على الملك فيه، كما إذا كان طوق في عنقه أو قرط في اذنه أو شد حبل في أحد قوائمه، و أما إذا علم ذلك لم يملكه الصائد بل يرد الى صاحبه ان عرفه و ان لم يعرفه يكون بحكم اللقطة و مجهول المالك. و اما الطير فان كان مقصوص الجناحين كان بحكم ما علم ان له مالكا فيرد الى صاحبه ان عرف و ان لم يعرف كان لقطة. و اما ان ملك جناحيه يتملك بالاصطياد إلا إذا كان له مالك معلوم (1) فيجب عليه رده اليه، و الأحوط فيما إذا علم ان له مالكا و لم يعرفه أن يعامل معه معاملة اللقطة و مجهول المالك كغير الطير.

[مسألة: 22 لو صنع برجا لتعشيش الحمام فعششت فيه لم يملكها]

مسألة: 22 لو صنع برجا لتعشيش الحمام فعششت فيه لم يملكها، خصوصا لو كان الغرض حيازة رزقها مثلا، فيجوز لغيره صيدها و يملك ما صاده، بل لو أخذ حمامة من البرج ملكها و ان اثم من جهة الدخول فيه بغير اذن مالكه، و كذلك فيما إذا عششت في بئر مملوك فإنه لا يملكها مالك البئر.

[مسألة: 23 الظاهر أنه يكفي في تملك النحل الغير المملوكة أخذ أميرها]

مسألة: 23 الظاهر أنه يكفي في تملك النحل الغير المملوكة أخذ أميرها، فمن أخذه من الجبال مثلا و استولى عليه يملكه و يملك كل ما تتبعه (2) من النحل مما تسير بسيرة و تقف بوقوفه و تدخل الكن و تخرج منه بدخوله و خروجه.

[مسألة: 24 ذكاة السمك اما بإخراجه من الماء حيا أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته]

مسألة: 24 ذكاة السمك اما بإخراجه من الماء حيا أو بأخذه بعد خروجه منه قبل موته، سواء كان ذلك باليد أو بآلة كالشبكة و نحوها، فلو وثب على الجد أو نبذه البحر الى الساحل أو نضب الماء الذي كان فيه حل لو أخذه إنسان قبل أن يموت، و حرم لو مات قبل الأخذ و ان أدركه حيا ناظرا اليه على الأقوى.


1- أو كان فيه امارة على الملك كما ذكر في غير الطير.
2- ان لم يكن ما تتبعه متحيرا أو مستعصيا.

ص: 37

[مسألة: 25 لا يشترط في تذكية السمك عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه منه التسمية]

مسألة: 25 لا يشترط في تذكية السمك عند إخراجه من الماء أو أخذه بعد خروجه منه التسمية، كما أنه لا يعتبر في صائده الإسلام، فلو أخرجه كافر أو أخذه فمات بعد أخذه (1) حل، سواء كان كتابيا أو غيره. نعم لو وجده في يده ميتا لم يحل أكله ما لم يعلم انه قد مات خارج الماء بعد إخراجه أو أخذه بعد خروجه و قبل موته، و لا يحرز ذلك بكونه في يده و لا بقوله لو أخبر به، بخلاف ما إذا كان في يد مسلم (2) فإنه يحكم بتذكيته حتى يعلم خلافها.

[مسألة: 26 لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحل ما لم يؤخذ باليد]

مسألة: 26 لو وثب من الماء سمكة إلى السفينة لم يحل ما لم يؤخذ باليد، و لم يملكه السفان و لا صاحب السفينة بل كل من أخذه ملكه. نعم لو قصد صاحب السفينة الصيد بها- بأن جعل في السفينة ضوء بالليل و دق بشي ء كالجرس ليثب فيها السموك فوثبت فيها- فالوجه انه يملكها و يكون وثوبها فيها بسبب هذا الصنع بمنزلة إخراجها حيا فيكون به تذكيتها.

[مسألة: 27 لو نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فكل ما وقع و احتبس فيهما ملكه]

مسألة: 27 لو نصب شبكة أو صنع حظيرة في الماء لاصطياد السمك فكل ما وقع و احتبس فيهما ملكه، فإن أخرج ما فيها من الماء حيا حل بلا اشكال، و كذا لو نضب الماء و غار و لو بسبب جزره فماتت فيهما بعد نضوبه، و أما لو ماتت في الماء فهل هي حلال أم لا؟ قولان أشهرهما و أحوطهما الثاني، بل لا يخلو من قوة (3). نعم لو أخرج الشبكة من الماء فوجد بعض ما فيه من السمك أو كله ميتا و لم يدر أنه قد مات في الماء أو بعد خروجه، لا يبعد البناء على الثاني و حلية أكله.

[مسألة: 28 لو اخرج السمك من الماء حيا ثم أعاده إلى الماء مربوطا أو غير مربوط فمات فيه حرم]

مسألة: 28 لو اخرج السمك من الماء حيا ثم أعاده إلى الماء مربوطا أو غير مربوط فمات فيه حرم.


1- خارج الماء.
2- إذا عامل معه معاملة الحلال، حيث أن يد المسلم عليه أعم لجواز الانتفاع المحلل من ميتة السمك.
3- القوة ممنوعة. نعم هو أحوط و ان كان الأول غير بعيد.

ص: 38

[مسألة: 29 لو طفي السمك على الماء و زال امتناعه بسبب من الأسباب مثل أن ضرب بمضراب]

مسألة: 29 لو طفي السمك على الماء و زال امتناعه بسبب من الأسباب مثل أن ضرب بمضراب أو بلع ما يسمى بالزهر في لسان بعض الناس أو غير ذلك، فإن أدركه إنسان و أخذه و أخرجه من الماء قبل أن يموت حل و ان مات على الماء حرم، و ان ألقى الزهر أحد فبلعه السمك و صار على وجه الماء لم يملكه الملقي ما لم يأخذه، فلو أخذه غيره ملكه، من غير فرق بين ما إذا لم يقصد سمكا معينا- كما إذا ألقاه في الشط فبلعه بعض السموك- أو قصد سمكا معينا و ألقاه له فبلعه فطفى على الماء، على اشكال في الثاني، لاحتمال (1) كونه كاثبات صيد البر و ازالة امتناعه بالرمي، و قد مر في بابه أنه للرامي فلا يملكه غيره بالأخذ، و كذلك الحال فيما إذا أزيل امتناع السمك باستعمال آلة- كما لو رماه بالرصاص فطفى على الماء و فيه حياة- بل الأمر فيه أشكل لقوة احتمال كونه ملكا لراميه لا لمن أخذه.

[مسألة: 30 لا يعتبر في حلية السمك بعد ما اخرج من الماء حيا أو أخذ حيا بعد خروجه ان يموت خارج الماء بنفسه]

مسألة: 30 لا يعتبر في حلية السمك بعد ما اخرج من الماء حيا أو أخذ حيا بعد خروجه ان يموت خارج الماء بنفسه، فلو قطعه قبل ان يموت و مات بالتقطيع بل لو شواه حيا حل أكله، بل لا يعتبر في حله الموت من أصله، فيحل بلعه حيا، بل لو قطع منه قطعة و أعيد الباقي الى الماء حل ما قطعه، سواء مات الباقي في الماء أم لا.

نعم لو قطع منه قطعة و هو في الماء حي أو ميت لم يحل ما قطعه.

[مسألة: 31 ذكاة الجراد أخذه حيا، سواء كان باليد أو بالالة]

مسألة: 31 ذكاة الجراد أخذه حيا، سواء كان باليد أو بالالة، فلو مات قبل أخذه حرم. و لا يعتبر فيه التسمية و لا إسلام الأخذ كما مر في السمك. نعم لو وجده ميتا في يد الكافر لم يحل ما لم يعلم بأخذه حيا، و لا يجدي يده و لا اخباره في إحراز ذلك كما تقدم في السمك.

[مسألة: 32 لو وقعت نار في أجمة و نحوها فأحرقت ما فيها من الجراد لم يحل و ان قصده المحرق]

مسألة: 32 لو وقعت نار في أجمة و نحوها فأحرقت ما فيها من الجراد لم يحل و ان قصده المحرق. نعم لو أحرقها أو شواها أو طبخها بعد ما أخذت قبل أن


1- هذا الاحتمال قوى في الفروض الثلاثة إذا كان بقصد التملك و الاصطياد.

ص: 39

تموت حل كما مر في السمك، كما أنه لو فرض كون النار آلة صيد الجراد- بأنه لو أججها اجتمعت من الأطراف و ألقت أنفسها فيها- فأججها لذلك فاجتمعت و احترقت بها لا يبعد حلية ما احترقت بها من الجراد، لكونها حينئذ من آلات الصيد كالشبكة و الحظيرة للسمك.

[مسألة: 33 لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران]

مسألة: 33 لا يحل من الجراد ما لم يستقل بالطيران، و هو المسمى بالدبا على وزن العصا، و هو الجراد إذا تحرك و لم تنبت بعد أجنحته.

[القول في الذباحة]

اشارة

القول في الذباحة:

و الكلام في: الذابح، و آلة الذبح، و كيفيته، و بعض الأحكام المتعلقة به في طي مسائل.

[مسألة: 1 يشترط في الذابح أن يكون مسلما أو بحكمه كالمتولد منه]

مسألة: 1 يشترط في الذابح أن يكون مسلما أو بحكمه كالمتولد منه، فلا تحل ذبيحة الكافر مشركا كان أم غيره حتى الكتابي على الأقوى. و لا يشترط فيه الايمان، فتحل ذبيحة جميع فرق الإسلام عدا (1) النواصب المحكوم بكفرهم و هم المعلنون بعداوة أهل البيت عليهم السلام كالخارجي و ان أظهر الإسلام.

[مسألة: 2 لا يشترط فيه الذكورة و لا البلوغ و لا غير ذلك]

مسألة: 2 لا يشترط فيه الذكورة و لا البلوغ و لا غير ذلك، فتحل ذبيحة المرأة فضلا عن الخنثى، و كذا الحائض و الجنب و النفساء و الطفل إذا كان مميزا (2) و الأعمى و الأغلف و ولد الزنا.

[مسألة: 3 لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار]

مسألة: 3 لا يجوز الذبح بغير الحديد مع الاختيار، فان ذبح بغيره مع التمكن منه لم يحل و ان كان من المعادن المنطبعة كالصفر و النحاس و الذهب و الفضة


1- و غيرهم من المنتحلين للإسلام المحكوم بكفرهم، مثل الغلاة و الخوارج و غيرهم.
2- و أحسن الذبح، لكن لو شك في صحة ذبحه لا يجرى فيه أصالة الصحة، و في اعتبار قوله اشكال.

ص: 40

و غيرها. نعم لو لم يوجد الحديد و خيف (1) فوت الذبيحة بتأخير ذبحها جاز بكل ما يفري أعضاء الذبح و لو كان قصبا أو ليطة أو حجارة حادة أو زجاجة أو غيرها. نعم في وقوع الذكاة بالسن و الظفر مع الضرورة إشكال، و ان كان الوقوع لا يخلو من رجحان (2).

[مسألة: 4 الواجب في الذبح قطع تمام الأعضاء الأربعة]

مسألة: 4 الواجب في الذبح قطع تمام (3) الأعضاء الأربعة: الحلقوم، و هو مجرى النفس دخولا و خروجا. و المري، و هو مجرى الطعام و الشراب و محله تحت الحلقوم. و الودجان، و هما العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم أو المري. و ربما يطلق على هذه الأربعة الأوداج الأربعة، و اللازم قطعها رأسا، فلا يكفي شقها من دون قطعها و فصلها.

[مسألة: 5 محل الذبح في الحلق تحت اللحيين على نحو يقطع به الأوداج الأربعة]

مسألة: 5 محل الذبح في الحلق تحت اللحيين على نحو يقطع به الأوداج الأربعة، و اللازم وقوعه تحت العقدة المسماة في لسان أهل هذا الزمان بالجوزة و جعلها في الرأس دون الجثة و البدن، بناء على ما قد يدعى من تعلق الحلقوم أو الأعضاء الأربعة بتلك العقدة على وجه لو لم يبقها الذابح في الرأس بتمامها و لم يقع الذبح من تحتها لم تقطع الأوداج بتمامها. و هذا أمر يعرفه أهل الخبرة الممارسون لذلك، فان كان الأمر كذلك أو لم يحصل القطع بقطع الأوداج بتمامها بدون ذلك فاللازم مراعاته، كما انه يلزم أن يكون شي ء من هذه الأعضاء الأربعة على الرأس حتى يعلم انها قد انقطعت و انفصلت عما يلي الرأس.

[مسألة: 6 يشترط أن يكون الذبح من القدام]

مسألة: 6 يشترط أن يكون الذبح من القدام، فلو ذبح من القفا و أسرع الى أن قطع ما يعتبر قطعه من الأوداج قبل خروج الروح حرمت. نعم لو قطعها من القدام


1- أو احتاج الى الذبح عاجلا.
2- فيه تأمل، و الأحوط عدم وقوعه بهما حتى فيما إذا كانا منفصلين عن البدن.
3- مع الإمكان، و أما مع التعذر فيأتي حكمه إن شاء اللّٰه في المستعصي و المتردي.

ص: 41

لكن لا من الفوق بأن أدخل السكين تحت الأعضاء و قطعها الى فوق لم تحرم الذبيحة، و ان فعل مكروها على قول و محرما على قول آخر، و لعله الأظهر.

[مسألة: 7 يجب التتابع في الذبح، بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح من الذبيحة]

مسألة: 7 يجب التتابع في الذبح، بأن يستوفي قطع الأعضاء قبل زهوق الروح من الذبيحة، فلو قطع بعضها و أرسلها حتى انتهت الى الموت ثم استأنف و قطع الباقي حرمت، بل لا يترك الاحتياط بأن لا يفصل بينها بما يخرج عن المتعارف المعتاد و لا يعد معه عملا واحدا عرفا بل يعد عملين، و ان استوفى التمام قبل خروج الروح منها.

[مسألة: 8 لو قطع رقبة الذبيحة من القفا و بقيت أعضاء الذباحة]

مسألة: 8 لو قطع رقبة الذبيحة من القفا و بقيت أعضاء الذباحة، فإن بقيت لها الحياة المستكشفة بالحركة (1) و لو كانت يسيرة ذبحت و حلت، و الا لم تحل و صارت ميتة.

[مسألة: 9 لو أخطأ الذابح و ذبح من فوق العقدة و لم يقطع الأعضاء الأربعة]

مسألة: 9 لو أخطأ الذابح و ذبح من فوق العقدة و لم يقطع الأعضاء الأربعة، فان لم تبق لها الحياة حرمت، و ان بقيت لها الحياة يمكن أن يتدارك، بأن يتسارع إلى إيقاع الذبح من تحت و قطع الأعضاء و حلت.

[مسألة: 10 لو أكل الذئب مثلا مذبح الحيوان و أدركه حيا]

مسألة: 10 لو أكل الذئب مثلا مذبح الحيوان و أدركه حيا، فإن أكل الأوداج من فوق أو من تحت و بقي مقدار (2) من الجميع معلقة بالرأس أو متصلة بالبدن يمكن ذبحه الشرعي، بأن يقطع ما بقي منها. و كذلك لو أكل بعضها تماما و أبقى بعضها كذلك، كما إذا أكل الحلقوم بالتمام و أبقى الباقي كذلك و كان بعد حيا، فلو قطع الباقي مع الشرائط وقعت عليه الذكاة و كان حلالا. و أما ان أكل التمام بالتمام بحيث لم يبق شي ء منها، فالظاهر انه غير قابل للتذكية.

[مسألة: 11 يشترط في التذكية الذبيحة مضافا الى ما مر أمور]

مسألة: 11 يشترط في التذكية الذبيحة مضافا الى ما مر أمور:

«أحدها»- الاستقبال بالذبيحة حال الذبح، بأن يوجه مذبحها و مقاديم بدنها


1- بعد تمامية الذبح كما يأتي منه قدس سره.
2- في حليته ما لم يبق تمام أعضائه الأربعة سليما اشكال فلا يترك الاحتياط.

ص: 42

إلى القبلة، فإن أخل به فان كان عامدا عالما حرمت و ان كان ناسيا أو جاهلا أو خطأ في القبلة أو في العمل لم تحرم، و لو لم يعلم جهة القبلة أو لم يتمكن من توجيهها إليها سقط هذا الشرط. و لا يشترط استقبال الذابح على الأقوى، و ان كان أحوط و أولى.

«ثانيها»- التسمية من الذابح، بأن يذكر اسم اللّٰه عليه حينما بتشاغل بالذبح أو متصلا به عرفا (1)، فلو أخل بها فان كان عمدا حرمت و ان كان نسيانا لم تحرم.

و في إلحاق الجهل بالحكم بالنسيان أو العمد قولان، أظهرهما الثاني. و المعتبر في التسمية وقوعها بهذا القصد، أعني بعنوان كونها على الذبيحة، و لا تجزى التسمية الاتفاقية الصادرة لغرض آخر.

«ثالثها»- صدور حركة منها بعد تمامية الذبح كي تدل على وقوعه على الحي و لو كانت جزئية، مثل أن تطرف عينها أو تحرك اذنها أو ذنبها أو تركض برجلها و نحوها. و لا يحتاج مع ذلك الى خروج الدم المعتدل، فلو تحرك و لم يخرج الدم أو خرج متثاقلا و متقاطرا لا سائلا معتدلا كفى في التذكية. و في الاكتفاء به أيضا حتى يكون المعتبر أحد الأمرين من الحركة أو خروج الدم المعتدل قول مشهور (2)، لكن عندي فيه تردد و اشكال. هذا إذا لم يعلم حياته، و اما إذا علم حياته بخروج مثل هذا الدم اكتفى به بلا إشكال.

[مسألة: 12 لا يعتبر كيفية خاصة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح]

مسألة: 12 لا يعتبر كيفية خاصة في وضع الذبيحة على الأرض حال الذبح، فلا فرق بين أن يضعها على الجانب الأيمن كهيئة الميت حال الدفن و ان يضعها على الأيسر.

[مسألة: 13 لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة و ان يكون في ضمن البسملة]

مسألة: 13 لا يعتبر في التسمية كيفية خاصة و ان يكون في ضمن البسملة، بل المدار على صدق ذكر اسم اللّٰه عليها، فيكفي أن يقول «باسم اللّٰه» أو «اللّٰه أكبر» أو «الحمد للّٰه» أو «لا إله إلا اللّٰه» و نحو ذلك. و في الاكتفاء بلفظ «اللّٰه» من دون


1- قبل الشروع.
2- و عليه أكثر المتأخرين و هو الأقوى.

ص: 43

ان يقرن بما يصير به كلاما تاما دالا على صفة كمال أو ثناء أو تمجيد اشكال، كالتعدي من لفظ اللّٰه الى سائر أسمائه الحسنى كالرحمن و الرحيم و الخالق و غيرها، و كذا التعدي الى ما يرادف هذه اللفظة المباركة في لغة أخرى كلفظة يزدان في الفارسية و غيرها في غيرها، فان فيه اشكالا، بل عدم الجواز قوي جدا (1).

[مسألة: 14 ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه يشترط في حلية الذبيحة استقرار الحياة لها قبل الذبح]

مسألة: 14 ذهب جماعة من الفقهاء إلى أنه يشترط في حلية الذبيحة استقرار الحياة لها قبل الذبح، فلو كانت غير مستقرة الحياة لم تحل بالذبح و كانت ميتة، و فسروا الاستقرار المزبور بأن لا تكون مشرفة على الموت بحيث لا يمكن أن يعيش مثلها اليوم أو نصف يوم، كالمشقوق بطنه و المخرج حشوته و المذبوح من قفاه الباقية أوداجه و الساقط عن شاهق تكسرت عظامه و ما أكل السبع بعض ما به حياته و أمثال ذلك، و الأقوى عدم اعتبار استقرار الحياة بالمعنى المزبور، بل المعتبر أصل الحياة و لو كانت عند اشراف انقطاعها و خروجها، فان علم ذلك و الا يكون الكاشف عنها الحركة بعد الذبح و لو كانت جزئية يسيرة (2) كما تقدم.

[مسألة: 15 لا يشترط في حلية أكل الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيا أن يكون خروج روحها بذلك الذبح]

مسألة: 15 لا يشترط في حلية أكل الذبيحة بعد وقوع الذبح عليها حيا أن يكون خروج روحها بذلك الذبح، فلو وقع عليها الذبح الشرعي ثم وقعت في نار أو ماء أو سقطت من جبل و نحو ذلك فماتت بذلك حلت على الأقوى.

[مسألة: 16 يختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيته بالنحر]

مسألة: 16 يختص الإبل من بين البهائم بأن تذكيته بالنحر، كما أن غيره يختص بالذبح، فلو ذبح الإبل أو نحر غيره كان ميتة. نعم لو بقيت له الحياة بعد ذلك أمكن التدارك- بأن يذبح ما يجب ذبحه بعد ما نحر أو ينحر ما يجب نحره بعد ما ذبحه- و وقعت عليه التذكية.

[مسألة: 17 كيفية النحر و محله]

مسألة: 17 كيفية النحر و محله أن يدخل سكينا أو رمحا و نحوهما من


1- أو خروج الدم المعتدل كما قويناه.
2- القوة ممنوعة لكنه أحوط.

ص: 44

الآلات الحادة الحديدية في لبته، و هي المحل المنخفض الواقع بين أصل العتق و الصدر. و يشترط فيه كل ما اشترط في التذكية الذبحية، فيشترط في الناحر ما اشترط في الذابح. و في آلة النحر ما اشترط في آلة الذبح، و يجب التسمية عند النحر كما تجب عند الذبح، و يجب الاستقبال بالمنحور كما يجب بالذبيحة، و في اعتبار الحياة أو استقرارها هنا ما مر في الذبيحة.

[مسألة: 18 يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مقبلة إلى القبلة]

مسألة: 18 يجوز نحر الإبل قائمة و باركة مقبلة إلى القبلة، بل يجوز نحرها ساقطة على جنبها مع توجيه منحرها و مقاديم بدنها إلى القبلة، و ان كان الأفضل كونها قائمة.

[مسألة: 19 كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان اما لاستعصائه أو لوقوعه في موضع]

مسألة: 19 كل ما يتعذر ذبحه أو نحره من الحيوان اما لاستعصائه أو لوقوعه في موضع لا يتمكن الإنسان من الوصول الى موضع الذكاة ليذبحه أو ينحره- كما لو تردى في البئر أو وقع في مكان ضيق و خيف موته- جاز أن يعقره بسيف أو سكين أو رمح أو غيرها مما يجرحه و يقتله، و يحل أكله و ان لم يصادف العقر موضع التذكية، و سقطت شرطية الذبح و النحر و كذلك الاستقبال. نعم سائر الشرائط من التسمية و شرائط الذابح و الناحر تجب مراعاتها، و أما الإله فيعتبر فيها ما مر في آلة الصيد الجمادية فراجع، و في الاجتزاء هنا بعقر الكلب وجهان أقواهما ذلك في المستعصي (1) دون غيره كالمتردي (2).

[مسألة: 20 للذباحة و النحر آداب و وظائف بين مستحبة و مكروهة]

مسألة: 20 للذباحة و النحر آداب و وظائف بين مستحبة و مكروهة:

اما المستحبة:

فمنها: ان يربط يدي الغنم مع احدى رجليه و يطلق الأخرى و يمسك صوفه و شعره بيده حتى تبرد، و في البقر أن يعقل قوائمه الأربع و يطلق ذنبه، و في الإبل


1- و الصائل.
2- و الواقع في مكان ضيق.

ص: 45

أن تكون قائمة و يربط يديها ما بين الخفين الى الركبتين أو الإبطين و يطلق رجليها، و في الطير أن يرسله بعد الذبح حتى يرفرف.

و منها: أن يكون الذابح أو الناحر مستقبل القبلة.

و منها: ان يعرض عليه الماء قبل الذبح أو النحر.

و منها: ان يعامل مع الحيوان في الذبح أو النحر و مقدماتهما ما هو الأسهل و الأروح و أبعد من التعذيب و الأذية له، بأن يساق الى الذبح أو النحر برفق و يضجعه للذبح برفق، و ان يحدد الشفرة و توارى و تستر عنه حتى لا يراها، و ان يسرع في العمل و يمر السكين في المذبوح بقوة، فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله «ان اللّٰه تعالى شأنه كتب عليكم الإحسان في كل شي ء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، و إذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، و ليحد أحدكم شفرته و ليرح ذبيحته». و في نبوي آخر انه صلى اللّٰه عليه و آله أمر أن تحد الشفار و ان توارى عن البهائم.

و اما المكروهة:

فمنها: إبانة الرأس قبل خروج الروح منها (1) عند الأكثر، و حرمها جماعة و هو الأحوط، و لا تحرم الذبيحة بفعلها و لو قلنا بالحرمة على الأقوى. هذا مع التعمد، و أما مع الغفلة أو سبق السكين فلا حرمة و لا كراهة لا في الأكل و لا في الإبانة بلا اشكال.

و منها: أن تنخع الذبيحة، بمعنى اصابة السكين الى نخاعها، و هو الخيط الأبيض وسط الفقار الممتد من الرقبة إلى عجز الذنب.

و منها: أن يسلخ جلدها قبل خروج الروح منها، و قيل فيه بالحرمة و ان لم تحرم الذبيحة، و هي الأحوط.

و منها: أن يقرب السكين و يدخلها تحت الحلقوم و يقطع الى فوق.

و منها: ان يذبح حيوان و حيوان آخر ينظر اليه.


1- لا يترك الاحتياط بترك الإبانة، و كذا بترك سلخ الجلد قبل خروج الروح.

ص: 46

و منها: ان يذبح ليلا و بالنهار قبل الزوال يوم الجمعة إلا مع الضرورة.

و منها: ان يذبح بيده ما رباه من النعم.

[مسألة: 21 إذا خرج الجنين أو اخرج من بطن امه، فمع حياة الأم أو موتها بدون التذكية لم يحل أكله]

مسألة: 21 إذا خرج الجنين أو اخرج من بطن امه، فمع حياة الأم أو موتها بدون التذكية لم يحل أكله إلا إذا كان حيا و وقعت عليه التذكية، و كذا ان خرج أو أخرج حيا من بطن امه المذكاة فإنه لم يحل إلا بالتذكية، فلو لم يذك لم يحل و ان كان عدم التذكية من جهة عدم اتساع الزمان لها على الأقوى، و اما لو خرج أو أخرج ميتا من بطن امه المذكاة حل أكله و كانت تذكيته بتذكية أمه لكن بشرط كونه تام الخلقة و قد أشعر أو أوبر، فان لم تتم خلقته و لم يشعر و لا أوبر كان ميتة و حراما.

و لا فرق في حليته مع الشرط المزبور بين ما لم تلجه الروح بعد و بين ما ولجته فمات في بطن امه على الأقوى (1).

[مسألة: 22 لو كان الجنين حيا حال إيقاع الذبح أو النحر على امه و مات بعده]

مسألة: 22 لو كان الجنين حيا حال إيقاع الذبح أو النحر على امه و مات بعده قيل أن يشقوا بطنها و يستخرج منها حل على الأقوى لو بادر الى شق بطنها و لم يدرك حياته، بل و لو لم يبادر و لم يؤخر زائدا على القدر المتعارف في شق بطون الذبائح بعد الذبح، و ان كان الأحوط المبادرة و عدم التأخير حتى بالمقدار المتعارف، و أما لو أخر زائدا عن المقدار المتعارف و مات قبل أن يشق البطن فالظاهر عدم حليته.

[مسألة: 23 لا إشكال في وقوع التذكية على كل حيوان حل أكله ذاتا و ان حرم بالعارض]

مسألة: 23 لا إشكال في وقوع التذكية على كل حيوان حل أكله ذاتا و ان حرم بالعارض كالجلال و الموطوء بحريا كان أو بريا وحشيا كان أو إنسيا طيرا كان أو غيره، و ان اختلف في كيفية التذكية على ما سبق تفصيلها، و أثر التذكية فيها طهارة لحمها و جلدها و حلية أكل لحمها لو لم يحرم بالعارض، و أما غير المأكول من الحيوان


1- بعد التذكية، و أما ان مات قبل التذكية بسبب ضربة وقعت على أمه أو مرض فحرام قطعا.

ص: 47

فما ليس له نفس سائلة لا أثر للتذكية فيه لا من حيث الطهارة و لا من حيث الحلية لأنه طاهر و محرم اكله على كل حال، و أما ما كان له نفس سائلة فما كان نجس العين كالكلب و الخنزير ليس قابلا للتذكية، و كذا المسوخ غير السباع كالفيل و الدب و القرد و نحوها، و الحشرات و هي الدواب الصغار التي تسكن باطن الأرض كالفأرة و ابن عرس و الضب و نحوها على الأحوط لو لم يكن الأقوى فيهما. و اما السباع- و هي ما تفترس الحيوان و تأكل اللحم سواء كانت من الوحوش كالأسد و النمر و الفهد و الثعلب و ابن آوى و غيرها أو من الطيور كالصقر و البازي و الباشق و غيرها- فالأقوى قبولها التذكية و بها يطهر لحومها و جلودها، فيحل الانتفاع بها، بأن تلبس في غير الصلاة و يفترش بها، بل بأن تجعل وعاء للمائعات، كأن تجعل قربة ماء أو عكة سمن أو دبة دهن و نحوها و ان لم تدبغ على الأقوى، و ان كان الأحوط ان لا تستعمل ما لم تكن مدبوغة.

[مسألة: 24 الظاهر أن جميع أنواع الحيوان المحرم الأكل مما كانت له نفس سائلة غير ما ذكر من أنواع الوحوش]

مسألة: 24 الظاهر أن جميع أنواع الحيوان المحرم الأكل مما كانت له نفس سائلة غير ما ذكر من أنواع الوحوش و الطيور المحرمة تقع عليها التذكية، فتطهر بها لحومها و جلودها.

[مسألة: 25 تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرم الأكل انما يكون بالذبح]

مسألة: 25 تذكية جميع ما يقبل التذكية من الحيوان المحرم الأكل انما يكون بالذبح مع الشرائط المعتبرة في ذبح الحيوان المحلل، و كذا بالاصطياد بالالة الجمادية في خصوص الممتنع منها كالمحلل، و في تذكيتها بالاصطياد بالكلب المعلم تردد و إشكال.

[مسألة: 26 ما كان بيد المسلم من اللحوم و الشحوم و الجلود]

مسألة: 26 ما كان بيد المسلم (1) من اللحوم و الشحوم و الجلود إذا لم يعلم كونها من غير الذكي يؤخذ منه و يعامل معه معاملة المذكى، فيجوز بيعه و شراؤه و أكله و استصحابه في الصلاة و سائر الاستعمالات المتوقفة على التذكية، و لا يجب عليه الفحص و السؤال، بل و لا يستحب، بل نهي عنه، و كذلك ما يباع منها في سوق المسلمين، سواء كان بيد المسلم أو مجهول الحال، بل و كذا ما كان مطروحا في


1- في سوق المسلمين و أما المأخوذ منه في سوق الكفار فالأحوط الاجتناب عنه.

ص: 48

أرضهم إذا كان فيه اثر الاستعمال، كما إذا كان اللحم مطبوخا أو الجلد مخيطا أو مدبوغا. و بالجملة كانت فيه أمارة تدل على وقوع اليد عليه، بل و كذا إذا أخذ من الكافر و علم كونه مسبوقا بيد المسلم على الأقوى. و أما ما يؤخذ من يد الكافر و لو في بلاد المسلمين و لم يعلم كونه مسبوقا بيد المسلم و ما كان بيد مجهول الحال في بلاد الكفار أو كان مطروحا في أرضهم يعامل معه معاملة غير المذكى، و هو بحكم الميتة.

و المدار في كون البلد أو الأرض منسوبا الى المسلمين غلبة السكان و القاطنين بحيث ينسب عرفا إليهم و لو كانوا تحت سلطنة الكفار، كما ان هذا هو المدار في بلد الكفار.

و لو تساوت النسبة من جهة عدم الغلبة فحكمه حكم بلد الكفار.

[مسألة: 27 لا فرق في إباحة ما يؤخذ من يد المسلم بين كونه مؤمنا أو مخالفا يعتقد طهارة جلد الميتة بالدبغ]

مسألة: 27 لا فرق في إباحة ما يؤخذ من يد المسلم بين كونه مؤمنا أو مخالفا يعتقد طهارة جلد الميتة بالدبغ و يستحل ذبائح أهل الكتاب و لا يراعي الشروط التي اعتبرناها في التذكية، و كذا لا فرق بين كون الأخذ موافقا من المأخوذ منه في شرائط التذكية اجتهادا أو تقليدا أو مخالفا معه فيها إذا احتمل تذكيته على وفق مذهب الآخذ.

كما إذا كان المأخوذ منه يعتقد كفاية قطع الحلقوم في الذبح و يعتقد الآخذ لزوم قطع الأوداج الأربعة، إذا احتمل ان ما بيده قد روعي فيه ذلك و ان لم يلزم رعايته عنده.

و اللّٰه العالم.

ص: 49

[كتاب الأطعمة و الأشربة]

اشارة

كتاب الأطعمة و الأشربة و المقصود من هذا الكتاب بيان المحلل و المحرم من الحيوان و غير الحيوان.

[القول في الحيوان]

اشارة

القول في الحيوان:

[مسألة: 1 لا يؤكل من حيوان البحر الا السمك فيحرم غيره من أنواع حيوانه]

مسألة: 1 لا يؤكل من حيوان البحر الا السمك (1) فيحرم غيره من أنواع حيوانه، حتى ما يؤكل مثله في البر كبقرة على الأقوى.

[مسألة: 2 لا يؤكل من السمك الا ما كان له فلس و قشور بالأصل و ان لم تبق و زالت بالعارض]

مسألة: 2 لا يؤكل من السمك الا ما كان له فلس و قشور بالأصل و ان لم تبق و زالت بالعارض، كالكنعت فإنه على ما ورد فيه حوت سيئة الخلق تحتك بكل شي ء فيذهب فلسها و لذا لو نظرت إلى أصل أذنها وجدته فيه. و لا فرق بين أقسام السمك ذي القشور، فيحل جميعها صغيرها و كبيرها من البز و البني و الشبوط و القطان و الطبراني و الإبلامي و غيرها، و لا يؤكل منه ما ليس له فلس في الأصل كالجري و الزمار و الزهو و المارماهي.

[مسألة: 3 الإربيان المسمى في لسان أهل هذا الزمان بالروبيان من جنس السمك]

مسألة: 3 الإربيان المسمى في لسان أهل هذا الزمان بالروبيان من جنس السمك الذي له فلس فيجوز أكله.

[مسألة: 4 بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال و ان كان أملس]

مسألة: 4 بيض السمك تتبع السمك، فبيض المحلل حلال و ان كان أملس، و بيض المحرم حرام و ان كان خشنا. و إذا اشتبه انه من المحلل أو من المحرم حل


1- أو الطير مما يحل مثله في البر.

ص: 50

أكله، و الأحوط في حال الاشتباه عدم أكل ما كان أملس.

[مسألة: 5 البهائم البرية من الحيوان صنفان: إنسية، و وحشية]

مسألة: 5 البهائم البرية من الحيوان صنفان: إنسية، و وحشية:

اما الإنسية فيحل منها جميع أصناف الغنم و البقر و الإبل و يكره الخيل و البغال و الحمير، أخفها كراهة الأول، و اختلف في الأخيرين فقيل بأخفية الثاني و قيل بأخفية الأول، و تحرم منها غير ذلك كالكلب و السنور و غيرهما.

و اما الوحشية فتحل منها الظبي و الغزلان و البقر و الكباش الجبلية و اليحمور و الحمير الوحشية، و تحرم منها السباع، و هي ما كان مفترسا و له ظفر و ناب قويا كان كالأسد و النمر و الفهد و الذئب أو ضعيفا كالثعلب و الضبع و ابن آوى، و كذا يحرم الأرنب و ان لم يكن من السباع، و كذا تحرم الحشرات كلها كالحية و الفارة و الضب و اليربوع و القنفذ و الصراصر و الجعل و البراغيث و القمل و غيرها مما لا تحصى.

[مسألة: 6 يحل من الطير الحمام بجميع أصنافه كالقماري و هو الأزرق و الدباسي]

مسألة: 6 يحل من الطير الحمام بجميع أصنافه كالقماري و هو الأزرق و الدباسي و هو الأحمر و الورشان و هو الأبيض، و الدراج و القبج و القطا و الطيهوج و البط و الكروان و الحبارى و الكركي و الدجاج بجميع اقسامه، و العصفور بجميع أنواعه و منه البلبل و الزرزور و القبرة و هي التي على رأسها القنزعة، و قد ورد انها من مسحة سليمان عليه السلام. و يكره منه الهدهد و الخطاف، و هو الذي يأوي البيوت و آنس الطيور بالناس، و الصرد و هو طائر ضخم الرأس و المنقار يصيد العصافير أبقع نصفه و نصفه أبيض، و الصوام و هو طائر أغبر اللون طويل الرقبة أكثر ما يبيت في النخل، و الشقراق و هو طائر أخضر مليح بقدر الحمام خضرته حسنة مشبعة في أجنحته سواد و يكون مخططا بحمرة و خضرة و سواد. و لا يحرم شي ء منها حتى الخطاف على الأقوى. و يحرم منه الخفاش و الطاوس و كل ذي مخلب، سواء كان قويا يقوى به على افتراس الطير كالبازي و الصقر و العقاب و الشاهين و الباشق، أو ضعيفا لا يقوى به على ذلك كالنسر و البغاث.

ص: 51

[مسألة: 7 الأحوط التنزه و الاجتناب عن الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ]

مسألة: 7 الأحوط (1) التنزه و الاجتناب عن الغراب بجميع أنواعه حتى الزاغ و هو غراب الزرع و الغداف الذي هو أصغر منه أغبر اللون كالرماد، و يتأكد الاحتياط في الأبقع الذي فيه سواد و بياض و يقال له العقعق و الأسود الكبير الذي يسكن الجبال و هما يأكلان الجيف، و يحتمل قويا كونهما من سباع الطير، فيقوى فيهما الحرمة.

[مسألة: 8 يميز محلل الطير عن محرمه بأمرين جعل كل منهما في الشرع علامة للحل و الحرمة]

مسألة: 8 يميز محلل الطير عن محرمه بأمرين جعل كل منهما في الشرع علامة للحل و الحرمة فيما لم ينص على حليته و لا على حرمته دون ما نص فيه على حكمه من حيث الحل أو الحرمة كالانواع المتقدمة:

«أحدهما»- الصفيف و الدفيف، فكل ما كان صفيفه و هو بسط جناحيه عند الطيران أكثر من دفيفه و هو تحريكهما عنده فهو حرام، و ما كان بالعكس بأن كان دفيفه أكثر من صفيفه فهو حلال.

«ثانيهما»- الحوصلة و القانصة و الصيصية، فما كان فيه أحد هذه الثلاثة فهو حلال و ما لم يكن فيه شي ء منها فهو حرام. و الحوصلة ما يجتمع فيه الحب و غيره من المأكول عند الحلق. و القانصة في الطير بمنزلة الكرش لغيره (2) أو هي قطعة صلبة تجتمع فيها الحصاة الدقاق التي يأكلها الطير. و الصيصية هي الشوكة التي في رجل الطير موضع العقب. و يتساوى طير الماء مع غيره في العلامتين المزبورتين، فما كان دفيفه أكثر من صفيفه أو كان فيه أحد الثلاثة الحوصلة و القانصة و الصيصية فهو حلال و ان كان يأكل السمك، و ما كان صفيفه أكثر من دفيفه أو من لم يوجد فيه شي ء من الثلاثة فهو حرام.

[مسألة: 9 لو تعارضت العلامتان- كما إذا كان ما صفيفه أكثر من دفيفه ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية]

مسألة: 9 لو تعارضت العلامتان- كما إذا كان ما صفيفه أكثر من دفيفه ذا حوصلة أو قانصة أو صيصية أو كان ما دفيفه أكثر من صفيفه فاقدا للثلاثة- فالظاهر أن


1- بل الأقوى خصوصا مع ما يقال من ان الغربان كلها ذو مخالب.
2- كما في المسالك أو بمنزلة المصارين كما في الجواهر، و في المنجد بمنزلة المعدة من الإنسان.

ص: 52

الاعتبار بالصفيف و الدفيف، فيحرم الأول و يحل الثاني على اشكال في الثاني (1) فلا يترك الاحتياط، لكن ربما قيل بالتلازم بين العلامتين و عدم وقوع التعارض بينهما فلا إشكال.

[مسألة: 10 لو رأى طيرا يطير و له صفيف و دفيف و لم يتبين أيهما أكثر تعين له الرجوع الى العلامة الثانية]

مسألة: 10 لو رأى طيرا يطير و له صفيف و دفيف و لم يتبين أيهما أكثر تعين له الرجوع الى العلامة الثانية، و هي وجود أحد الثلاثة و عدمها فيه، و كذا إذا وجد طيرا مذبوحا لم يعرف حاله.

[مسألة: 11 لو فرض تساوي الصفيف و الدفيف فيه فالمشهور على حليته]

مسألة: 11 لو فرض تساوي الصفيف و الدفيف فيه فالمشهور على حليته لكن لا يخلو من اشكال، فالأحوط أن يرجع فيه الى العلامة الثانية (2).

[مسألة: 12 بيض الطيور تابعة لها في الحل و الحرمة]

مسألة: 12 بيض الطيور تابعة لها في الحل و الحرمة، فبيض المحلل حلال و بيض المحرم حرام، و ما اشتبه انه من المحلل أو المحرم يؤكل ما اختلف طرفاها و تميز رأسها من تحتها مثل بيض الدجاج، دون ما اتفق و تساوى طرفاه.

[مسألة: 13 النعامة من الطيور، و هي حلال لحما و بيضا على الأقوى]

مسألة: 13 النعامة من الطيور، و هي حلال لحما و بيضا على الأقوى.

[مسألة: 14 اللقلق لم ينص على حرمته و لا على حليته]

مسألة: 14 اللقلق لم ينص على حرمته و لا على حليته، فليرجع في حكمه الى علامات الحل و الحرمة. أما من جهة الدفيف و الصفيف فقد اختلف في ذلك أنظار من تفقده، فبعض ادعى أن دفيفه أكثر من صفيفه، و بعض ادعى العكس، و لعل طيرانه غير منتظم. و كيف كان إذا تبين حاله من جهة الدفيف و الصفيف فهو، و الا فليرجع إلى العلامة الثانية، و هي وجود احدى الثلاث و عدمها.

[مسألة: 15 تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل من أمور]

مسألة: 15 تعرض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل من أمور:

فمنها: الجلل، و هو أن يتغذى الحيوان عذرة الإنسان بحيث يصدق عرفا انها


1- لم يعلم وجه الفرق بينهما.
2- و ان لم يعرف حاله لا من العلامة الاولى و لا من الثانية، فإن علم انه يقبل التذكية فأكله حلال، و ان احتمل عدم قبوله للتذكية فبأصالة عدم التذكية يحكم بحرمته سواء كانت الشبهة موضوعية أو حكمية.

ص: 53

غذاؤه، و لا يلحق بعذرة الإنسان عذرة غيره و لا سائر النجاسات. و يتحقق الصدق المزبور بانحصار غذائه بها، فلو كان يتغذى بها مع غيرها لم يتحقق الصدق، فلم يحرم الا ان يكون تغذيه بغيرها نادرا جدا بحيث يكون بأنظار العرف بحكم العدم. و بأن يكون تغذيه بها مدة معتدا بها، و الظاهر عدم كفاية يوم و ليلة، بل يشك صدقه بأقل من يومين بل ثلاثة.

[مسألة: 16 يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير و السمك]

مسألة: 16 يعم حكم الجلل كل حيوان محلل حتى الطير و السمك.

[مسألة: 17 و كما يحرم لحم الحيوان بالجلل يحرم لبنه و بيضه و يحلان بما يحل به لحمه]

مسألة: 17 و كما يحرم لحم الحيوان بالجلل يحرم لبنه و بيضه و يحلان بما يحل به لحمه و بالجملة هذا الحيوان المحرم بالعارض كالحيوان المحرم بالأصل في جميع الاحكام (1) قبل أن يستبرأ و يزول حكمه.

[مسألة: 18 الظاهر أن الجلل ليس مانعا عن وقوع التذكية]

مسألة: 18 الظاهر أن الجلل ليس مانعا عن وقوع التذكية، فيذكى الجلال بما يذكى به غيره، و يترتب عليها طهارة لحمه و جلده كسائر الحيوان المحرم بالأصل القابل للتذكية.

[مسألة: 19 تزول حرمة الجلال بالاستبراء بترك التغذي بالعذرة و التغذي بغيرها مدة]

مسألة: 19 تزول حرمة الجلال بالاستبراء بترك التغذي بالعذرة و التغذي بغيرها مدة: و هي في الإبل أربعون يوما، و في البقر عشرون يوما و الأحوط ثلاثون يوما، و في الشاة عشرة أيام، و في البطة خمسة أيام، و في الدجاجة ثلاثة أيام، و في السمك يوم و ليلة، و في غير ما ذكرنا فالمدار على زوال اسم الجلل بحيث لم يصدق عليه انه يتغذى بالعذرة بل صدق ان غذاءه غيرها.

[مسألة: 20 كيفية الاستبراء أن يمنع الحيوان بربط أو حبس عن التغذي بالعذرة في المدة المقررة]

مسألة: 20 كيفية الاستبراء أن يمنع الحيوان بربط أو حبس عن التغذي بالعذرة في المدة المقررة، و يعلف في تلك المدة علفا طاهرا على الأحوط، و ان كان الاكتفاء بالتغذي بغير ما أوجب الجلل مطلقا و ان كان متنجسا أو نجسا لا يخلو من قوة خصوصا في المتنجس.


1- حتى عدم جواز الصلاة في فضلاته الطاهرة أو أجزائه و ان كان ذكيا على اشكال.

ص: 54

[مسألة: 21 يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثم ذبحها و ان لم يعلم جللها]

مسألة: 21 يستحب ربط الدجاجة التي يراد أكلها أياما ثم ذبحها و ان لم يعلم جللها.

[مسألة: 22 و مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل ان يطأه الإنسان قبلا أو دبرا]

مسألة: 22 و مما يوجب حرمة الحيوان المحلل بالأصل ان يطأه الإنسان قبلا أو دبرا و ان لم ينزل، صغيرا كان الواطي أو كبيرا عالما كان أو جاهلا مختارا كان أو مكرها فحلا كان الموطوء أو أنثى، فيحرم بذلك لحمه و لحم نسله المتجدد بعد الوطي و لبنهما.

[مسألة: 23 الحيوان الموطوء ان كان مما يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة يجب أن يذبح ثم يحرق]

مسألة: 23 الحيوان الموطوء ان كان مما يراد أكله كالشاة و البقرة و الناقة يجب أن يذبح ثم يحرق، و يغرم الواطي قيمته لمالكه إذا كان غير المالك. و ان كان مما يراد ظهره حملا أو ركوبا و ليس يعتاد أكله كالحمار و البغل و الفرس أخرج من المحل الذي فعل به الى بلد آخر فيباع فيه فيعطى ثمنه للواطي و يغرم قيمته ان كان غير المالك، و لعلنا نستوفي بعض ما يتعلق بهذه المسألة في كتاب الحدود لو ساعدنا التوفيق.

[مسألة: 24 و مما يوجب عروض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل أن يرضع حمل أو جدي]

مسألة: 24 و مما يوجب عروض الحرمة على الحيوان المحلل بالأصل أن يرضع حمل أو جدي أو عجل (1) من لبن خنزيرة حتى قوى و نبت لحمه و اشتد عظمه، فيحرم لحمه و لحم نسله (2) و لبنهما. و لا تلحق بالخنزيرة الكلبة و لا الكافرة، و في تعميم الحكم للشرب من دون رضاع و للرضاع بعد ما كبر و فطم اشكال و ان كان أحوط.

هذا إذا اشتد، و أما إذا لم يشتد كره لحمه و تزول الكراهة بالاستبراء سبعة أيام، بأن يمنع عن التغذي بلبن الخنزيرة و يعلف ان استغنى عن اللبن، و ان لم يستغن عنه يلقى على ضرع شاة مثلا في تلك المدة.

[مسألة: 25 لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر و ذبح في تلك الحال يؤكل لحمه لكن بعد غسله]

مسألة: 25 لو شرب الحيوان المحلل الخمر حتى سكر و ذبح في تلك الحال يؤكل لحمه لكن بعد غسله (3) و لا يؤكل ما في جوفه من الأمعاء و الكرش و القلب و الكبد


1- على الأحوط فيه و في سائر الحيوانات المحلل لحمها، و لا يبعد الاختصاص بالغنم.
2- و لو من فحله.
3- على الأحوط.

ص: 55

و غيرها و ان غسل، و لو شرب بولا ثم ذبح عقيب الشرب حل لحمه بلا غسل، و يؤكل ما في جوفه بعد ما يغسل (1).

[مسألة: 26 لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى فطم و كبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه]

مسألة: 26 لو رضع جدي أو عناق أو عجل من لبن امرأة حتى فطم و كبر لم يحرم لحمه لكنه مكروه.

[مسألة: 27 يحرم من الحيوان المحلل و ان ذكي أربعة عشر شيئا: الدم]

مسألة: 27 يحرم من الحيوان المحلل و ان ذكي أربعة عشر شيئا: الدم، و الروث، و الطحال، و القضيب، و الأنثيان، و المثانة، و المرارة، و النخاع و هو خيط أبيض كالمخ في وسط فقار الظهر، و الغدد و هي كل عقدة في الجسد مدورة تشبه البندق في الأغلب، و المشيمة و هي موضع الولد أو قرينة الذي يخرج معه و يجب الاحتياط بالتنزه عنهما، و العلباوان و هما عصبتان عريضتان صفراوان ممتدتان على الظهر من الرقبة إلى الذنب، و خرزة الدماغ و هي حبة في وسط الدماغ بقدر الحمصة تميل إلى الغبرة في الجملة يخالف لونها لون المخ الذي في الجمجمة، و الحدقة (2) و هي الحبة الناظرة من العين لا جسم العين كله.

[مسألة: 28 تختص حرمة الأشياء المذكورة بالذبيحة و المنحورة]

مسألة: 28 تختص حرمة الأشياء المذكورة بالذبيحة و المنحورة، فلا يحرم من السمك و الجراد شي ء منها ما عدا الرجيع و الدم على اشكال فيهما.

[مسألة: 29 لا يوجد في الطيور شي ء مما ذكر عدا الرجيع و الدم و المرارة]

مسألة: 29 لا يوجد في الطيور شي ء مما ذكر عدا الرجيع و الدم و المرارة و الطحال و البيضتين في الديكة، و لا إشكال في حرمة الأولين منها فيها، و أما البواقي ففيها اشكال فلا يترك فيها الاحتياط (3).

[مسألة: 30 يؤكل من الذبيحة غير ما مر، فيؤكل القلب و الكبد و الكرش]

مسألة: 30 يؤكل من الذبيحة غير ما مر، فيؤكل القلب و الكبد و الكرش و الأمعاء و الغضروف و العضلات و غيرها. نعم يكره الكليتان و اذنا القلب و العروق


1- على الأحوط.
2- و الفرج ظاهره و باطنه و به يتم أربعة عشر، و الظاهر أنه سقط عن قلمه الشريف.
3- و كذا في غيرها من المحرمات إذا وجد فيها.

ص: 56

خصوصا الأوداج، و هل يؤكل منها الجلد و العظم مع عدم الضرر أم لا؟ أظهرهما الأول و أحوطهما الثاني. نعم لا إشكال في جلد الرأس و جلد الدجاج و غيره من الطيور، و كذا في عظم صغار الطيور كالعصفور.

[مسألة: 31 يجوز أكل لحم ما حل أكله نيا و مطبوخا، بل و محروقا أيضا إذا لم يكن مضرا]

مسألة: 31 يجوز أكل لحم ما حل أكله نيا و مطبوخا، بل و محروقا أيضا إذا لم يكن مضرا، نعم يكره أكله غريضا، بمعنى كونه طريا لم يتغير بشمس و لا نار و لا بذر الملح عليه و تجفيفه في الظل و جعله قديدا.

[مسألة: 32 اختلفوا في حلية بول ما يؤكل لحمه كالغنم و البقر عند عدم الضرورة]

مسألة: 32 اختلفوا في حلية بول ما يؤكل لحمه كالغنم و البقر عند عدم الضرورة على قولين: فقال بعض بالحلية، و حرمة جماعة، و هو الأحوط. نعم لا إشكال في حلية بول الإبل للاستشفاء.

[مسألة: 33 يحرم رجيع كل حيوان و لو كان مما حل أكله]

مسألة: 33 يحرم رجيع كل حيوان و لو كان مما حل أكله. نعم الظاهر عدم حرمة فضلات الديدان الملتصقة بأجواف الفواكه و البطائخ و نحوها، و كذا ما في جوف السمك و الجراد إذا أكل معهما.

[مسألة: 34 يحرم الدم من الحيوان ذي النفس حتى العلقة و الدم في البيضة]

مسألة: 34 يحرم الدم من الحيوان ذي النفس حتى العلقة و الدم في البيضة عدا ما يتخلف في الذبيحة (1)، على اشكال فيما يجتمع منه في القلب و الكبد، و أما الدم من غير ذي النفس فما كان مما حرم أكله كالوزغ و الضفدع و القرد فلا إشكال في حرمته، و أما ما كان مما حل أكله كالسمك الحلال ففيه خلاف، و الظاهر حليته إذا أكل مع السمك، بأن أكل السمك بدمه، و أما إذا أكل منفردا ففيه إشكال.

[مسألة: 35 قد مر في كتاب الطهارة ما لا تحله الحياة من الميتة حتى اللبن و البيضة]

مسألة: 35 قد مر في كتاب الطهارة ما لا تحله الحياة من الميتة حتى اللبن و البيضة إذا اكتست جلدها الا على الصلب، و الانفحة و هي كما أنها طاهرة حلال أيضا.

[مسألة: 36 لا إشكال في حرمة القيح و الوسخ و البلغم و النخامة من كل حيوان]

مسألة: 36 لا إشكال في حرمة القيح و الوسخ و البلغم و النخامة من كل حيوان، و أما البصاق و العرق من غير نجس العين فالظاهر حليتهما، خصوصا الأول،


1- مع الاستهلاك، و أما بدونه فالأقوى الحرمة.

ص: 57

و خصوصا إذا كان من الإنسان أو مما يؤكل لحمه من الحيوان.

[القول في غير الحيوان]

اشارة

القول في غير الحيوان:

[مسألة: 1 يحرم تناول الأعيان النجسة، و كذا المتنجسة ما دامت باقية على النجاسة]

مسألة: 1 يحرم تناول الأعيان النجسة، و كذا المتنجسة ما دامت باقية على النجاسة، مائعة كانت أو جامدة.

[مسألة: 2 يحرم تناول كل ما يضر بالبدن]

مسألة: 2 يحرم تناول كل ما يضر بالبدن، سواء كان موجبا للهلاك كشرب السموم القاتلة و شرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين، أو سببا لانحراف المزاج أو لتعطيل بعض الحواس ظاهرة أو باطنة أو لفقد بعض القوى كالرجل يشرب ما يقطع به قوة الباه و التناسل أو المرأة تشرب ما به تصير عقيما لا تلد.

[مسألة: 3 لا فرق في حرمة تناول المضر بين المعلوم الضرر و مظنونه]

مسألة: 3 لا فرق في حرمة تناول المضر بين المعلوم الضرر و مظنونه، بل و محتمله أيضا إذا كان احتماله معتدا به عند العقلاء بحيث أوجب الخوف عندهم.

و كذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتب عليه عاجلا أو بعد مدة.

[مسألة: 4 يجوز التداوي و المعالجة بما يحتمل فيه الخطر و يؤدي إليه أحيانا]

مسألة: 4 يجوز التداوي و المعالجة بما يحتمل فيه الخطر و يؤدي إليه أحيانا إذا كان النفع المترتب عليه حسب ما ساعدت عليه التجربة و حكم به الحذاق و أهل الخبرة غالبيا، بل يجوز المعالجة بالمضر العاجل الفعلي المقطوع به إذا يدفع به ما هو أعظم ضررا و أشد خطرا. و من هذا القبيل قطع بعض الأعضاء دفعا للسراية المؤدية إلى الهلاك و بط الجرح و الكي بالنار و بعض العمليات المعمولة في هذه الأعصار، بشرط أن يكون الاقدام على ذلك جاريا مجرى العقلاء، بأن يكون المباشر للعمل حاذقا محتاطا مباليا غير مسامح و لا متهور لا إذا كان على خلاف ذلك كبعض المتطببين.

[مسألة: 5 ما كان يضر كثيره دون قليله يحرم كثيره المضر دون قليله غير المضر]

مسألة: 5 ما كان يضر كثيره دون قليله يحرم كثيره المضر دون قليله غير المضر، و لو فرض العكس كان بالعكس، و كذا ما يضر منفردا لا منضما مع غيره يحرم منفردا

ص: 58

لا منضما، و ما كان بالعكس كان بالعكس.

[مسألة: 6 إذا كان لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا و لكن يضر إدمانه و زيادة تكريره]

مسألة: 6 إذا كان لا يضر تناوله مرة أو مرتين مثلا و لكن يضر إدمانه و زيادة تكريره و التعود به يحرم تكريره المضر خاصة، و من ذلك شرب الأفيون بابتلاعه أو شرب دخانه، فإنه لا يضر مرة أو مرتين لكن تكراره و المداومة عليه و التعود به كما هو المتداول في بعض البلاد خصوصا بعض كيفياته المعروفة عند أهله- مضر غايته و فيه فساد و أي فساد، بل هو بلاء و أي بلاء داء عظيم و بلاء جسيم و خطر خطير و فساد كبير، أعاذ اللّٰه المسلمين منه. فمن رام شربه لغرض من الأغراض فليلتفت الى أن لا يكثره و لا يكرره الى حد يتعود و يبتلى به، و من تعود به يجب عليه الاجتهاد في تركه (1) و كف النفس و العلاج بما يزيل عنه هذا الاعتياد.

[مسألة: 7 يحرم أكل الطين، و هو التراب المختلط بالماء حال بلته]

مسألة: 7 يحرم أكل الطين، و هو التراب المختلط بالماء حال بلته، و كذا المدر و هو الطين اليابس، و يلحق بهما التراب أيضا على الأحوط. نعم لا بأس بما يختلط (2) به الحنطة أو الشعير مثلا من التراب و المدر، و كذا ما يكون على وجه الفواكه و نحوها من التراب و الغبار، و كذا الطين الممتزج بالماء المتوحل الباقي على إطلاقه، و ذلك لاستهلاك الخليط في المخلوط. نعم لو أحست ذائقته الاجزاء الطينية حين الشرب فلا يترك الاحتياط (3) بترك شربه أو تركه الا أن يصفو و ترسب تلك الأجزاء.

[مسألة: 8 الظاهر أنه لا يلحق بالطين الرمل و الأحجار و أنواع المعادن]

مسألة: 8 الظاهر أنه لا يلحق بالطين (4) الرمل و الأحجار و أنواع المعادن، فهي حلال كلها مع عدم الضرر.


1- ان لم يكن في تركه ضرر أعظم.
2- إذا كان مستهلكا في الخبز بحيث لا يعد من أكل الطين عرفا، و كذا ما على وجه الفواكه إذا كان قليلا بحيث لا يعد أكلا للغبار و التراب، و كذا في الممزوج بالماء و غيره.
3- الظاهر أن الحكم دائر مدار الاستهلاك بنظر العرف، و لا اعتبار بالطعم أو اللون و ان كان الاحتياط حسنا.
4- الأحوط إلحاق التراب و الأرض كلها بالطين حتى الرمل و الأحجار.

ص: 59

[مسألة: 9 يستثنى من الطين طين قبر الحسين عليه السلام للاستشفاء]

مسألة: 9 يستثنى من الطين طين قبر الحسين عليه السلام للاستشفاء، فان في تربته المقدسة الشفاء من كل داء، و انها من الأدوية المفردة، و انها لا تمر بداء الا هضمته. و لا يجوز أكلها لغير الاستشفاء، و لا أكل ما زاد عن قدر الحمصة المتوسطة.

و لا يلحق به طين قبر النبي و الأئمة عليهم السلام على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

نعم لا بأس بأن يمزج بماء (1) أو شربه و التبرك و الاستشفاء بذلك الماء و تلك الشربة.

[مسألة: 10 لأخذ التربة المقدسة و تناولها عند الحاجة آداب و أدعية مذكورة في محالها]

مسألة: 10 لأخذ التربة المقدسة و تناولها عند الحاجة آداب و أدعية مذكورة في محالها، خصوصا في كتب المزار، و لا سيما مزار بحار الأنوار، لكن الظاهر أنها كلها شروط كمال لسرعة تأثيرها لا انها شرط لجواز تناولها.

[مسألة: 11 القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف و ما يقرب]

مسألة: 11 القدر المتيقن من محل أخذ التربة هو القبر الشريف و ما يقرب منه على وجه يلحق به عرفا، و لعله كذلك الحائر المقدس بأجمعه، لكن في بعض الاخبار يؤخذ طين قبر الحسين عليه السلام من عند القبر على سبعين ذراعا، و في بعضها طين قبر الحسين فيه شفاء و ان أخذ على رأس ميل، بل و في بعضها أنه يستشفى مما بينه و بين القبر على رأس أربعة أميال، بل و في بعضها على عشرة أميال، و في بعضها فرسخ في فرسخ، بل و روى إلى أربعة فراسخ. و لعل الاختلاف من جهة تفاوت مراتبها في الفضل، فكل ما قرب الى القبر الشريف كان أفضل، و الأحوط (2) الاقتصار على ما حول القبر الى سبعين ذراعا، و فيما زاد على ذلك ان تستعمل ممزوجا بماء أو شربة على نحو لا يصدق عليه الطين و يستشفى به رجاء.

[مسألة: 12 تناول التربة المقدسة للاستشفاء اما بازدرادها و ابتلاعها]

مسألة: 12 تناول التربة المقدسة للاستشفاء اما بازدرادها و ابتلاعها، و اما


1- بحيث يستهلك، و كذا لا بأس بالاستشفاء بغير الأكل، بأن يمسح التراب بموضع الوجع أو حمل معه تبركا مع رعاية احترامه.
2- لا ينبغي تركه في مقام الاستشفاء، و ان كان الأقوى جواز تناول المشكوك منه في الشبهة الموضوعية.

ص: 60

بحلها في الماء و شربه، أو بأن يمزجها بشربة و يشربها بقصد التبرك و الشفاء.

[مسألة: 13 إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأن هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا اشكال]

مسألة: 13 إذا أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأن هذا الطين من تلك التربة المقدسة فلا اشكال، و كذا إذا قامت على ذلك البينة، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد، بل شخص ثقة، و هل يكفي إخبار ذي اليد بكونه منها أو بذله لها على أنه منها؟ لا يبعد ذلك، و ان كان الأحوط (1) في غير صورة العلم و قيام البينة تناولها بالامتزاج بماء أو شربة.

[مسألة: 14 قد استثنى بعض العلماء من الطين طين الأرمني للتداوي به]

مسألة: 14 قد استثنى بعض العلماء من الطين طين الأرمني للتداوي به، و هو غير بعيد، لكن الأحوط عدم تناوله الا عند انحصار العلاج أو ممزوجا بالماء أو شربة أو أجزاء أخر بحيث لا يصدق معه أكل الطين.

[مسألة: 15 يحرم الخمر بالضرورة من الدين]

مسألة: 15 يحرم الخمر بالضرورة من الدين، بحيث يكون مستحله في زمرة الكافرين (2)، بل عن مولانا الباقر عليه السلام انه لا يبعث اللّٰه نبيا و لا يرسل رسولا الا و يجعل في شريعته تحريم الخمر.

و عن الرضا عليه السلام: انه ما بعث اللّٰه نبيا قط الا بتحريم الخمر.

و عن الصادق عليه السلام: ان الخمر أم الخبائث و رأس كل شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبه فلا يعرف ربه، و لا يترك معصية الا ركبها، و لا يترك حرمة إلا انتهكها و لا رحما ماسة إلا قطعها و لا فاحشة إلا أتاها، و ان من شرب منها جرعة


1- هذا هو مقتضى القاعدة في الشبهة الحكمية من الاقتصار على المتيقن مما خرج من عمومات حرمة الطين، و أما في الشبهة الموضوعية المبتلى بها كثيرا في هذا الزمن فمقتضى البراءة و ان كان جواز الأكل ما لم يعلم بالحرمة، لكن حيث ان المقصود الاستشفاء به ينبغي أن يستشفى به بنحو الاستهلاك في الماء ليسلم عن الاستشفاء بما يحتمل أن يكون حراما واقعا و ان كان حلالا بحسب الظاهر.
2- و مكذب للقرآن الكريم. هذا مع الالتفات إلى أنه تكذيب للقرآن و النبي، و أما مع عدم الالتفات فالأحوط للمسلم معاملة الكافر معه.

ص: 61

لعنه اللّٰه و ملائكته و رسله و المؤمنون، و ان شربها حتى سكر منها نزع روح الايمان من جسده و ركبت فيه روح سخيفة خبيثة ملعونة و لم تقبل صلاته أربعين يوما، و يأتي شاربها يوم القيامة مسودا وجهه مدلعا لسانه يسيل لعابه على صدره ينادي العطش العطش.

و قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من شرب الخمر بعد ما حرمها اللّٰه على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب و لا يشفع إذا شفع و لا يصدق إذا حدث و لا يعاد إذا مرض و لا يشهد له جنازة و لا يؤتمن على امانة.

بل لعن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله فيها عشرة: غارسها، و حارسها، و عاصرها، و شاربها، و ساقيها، و حاملها، و المحلول اليه، و بائعها، و مشتريها، و آكل ثمنها.

و قد ورد: ان من تركها و لو لغير اللّٰه بل صيانة لنفسه سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم.

و بالجملة الاخبار في تشديد أمرها و الترغيب في تركها أكثر من أن تحصى، بل نص في بعضها انه أكبر الكبائر، خصوصا مد منه، فقد ورد في أخبار مستفيضة أو متواترة انه كعابد وثن أو كمن عبد الأوثان، و قد فسر المدمن في بعض الاخبار بأنه ليس الذي يشربها كل يوم و لكنه الموطن نفسه انه إذا وجدها شربها. هذا مع كثرة المضار في شربها التي اكتشفها حذاق الأطباء في هذه الأزمنة و أذعن بها المنصفون من غير ملتنا.

[مسألة: 16 يلحق بالخمر موضوعا أو حكما كل مسكر جامدا كان أو مائعا]

مسألة: 16 يلحق بالخمر موضوعا أو حكما كل مسكر جامدا كان أو مائعا، و ما أسكر كثيره دون قليله حرم قليله و كثيره.

[مسألة: 17 إذا انقلبت الخمر خلا حلت، سواء كان بنفسها أو بعلاج]

مسألة: 17 إذا انقلبت الخمر خلا حلت، سواء كان بنفسها أو بعلاج، و سواء كان العلاج بدون ممازجة شي ء فيها كما إذا كان بتدخين أو مجاورة شي ء أو كان بالممازجة، سواء استهلك الخليط فيها قبل ان تنقلب خلا- كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخل فاستهلكا فيها ثم انقلبت خلا- أو لم يستهلك بل بقي فيها الى ما بعد

ص: 62

الانقلاب، و يطهر ذلك الممتزج (1) الباقي بالتعبية كما يطهر بها الإناء.

[مسألة: 18 و من المحرمات المائعة الفقاع إذا صار فيه غليان و نشيش و ان لم يسكر]

مسألة: 18 و من المحرمات المائعة الفقاع إذا صار فيه غليان و نشيش و ان لم يسكر (2)، و هو شراب معروف كان في الصدر الأول يتخذ من الشعير في الأغلب، و ليس منه ماء الشعير المعمول بين الأطباء.

[مسألة: 19 يحرم عصير العنب إذا نش و غلى بنفسه أو غلى بالنار]

مسألة: 19 يحرم عصير العنب (3) إذا نش و غلى بنفسه أو غلى بالنار، و كذا عصير الزبيب (4) على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و أما عصير التمر فالأقوى أنه يحرم إذا غلى بنفسه و يحل إذا غلى بالنار، و الظاهر أن الغليان بالشمس كالغليان بالنار فله حكمه.

[مسألة: 20 الظاهر أن الماء الذي في جوف حبة العنب بحكم عصيرة]

مسألة: 20 الظاهر أن الماء الذي في جوف حبة العنب بحكم عصيرة، فيحرم إذا غلى بنفسه أو بالنار. نعم لا يحكم بحرمته ما لم يعلم بغليانه، و هو نادر جدا لعدم الاطلاع على باطنها غالبا، فلو وقعت حبة من العنب في قدر يغلي و هي تعلو و تسفل في الماء المغلي فمن يطلع على كيفية ما في جوف تلك الحبة، و لا ملازمة بين غليان ماء القدر و غليان ما في جوفها، بل لعل المظنون عدمها لان المظنون انه لو غلى ما في جوفها لتفسخت و انشقت. و بالجملة المدار على حصول العلم بالغليان و عدمه، فمن علم به حرم عليه و من لم يعلم به حل له.

[مسألة: 21 من المعلوم ان الزبيب ليس له عصير في نفسه]

مسألة: 21 من المعلوم ان الزبيب ليس له عصير في نفسه، فالمراد بعصيره


1- مع كونه للعلاج و صدق التبعية، فلو صب قليل من الخمر في حب من الخل للعلاج لا يطهر الخل المتنجس بتبع صيرورة الخمر خلا، بخلاف العكس فلو صب شي ء من الخل في حب من الخمر للعلاج يطهر المجموع بصيرورته خلا حتى مثل حبات العنب الداخلة في الخل المصبوب فيه.
2- و يقال ان فيه سكرا خفيا.
3- إذا غلى، و اما إذا نش فالأحوط الاجتناب عنه.
4- الأقوى فيه عدم الحرمة و عدم النجاسة إلا بالاسكار، و كذا عصير التمر.

ص: 63

ما اكتسب منه الحلاوة: اما بأن يدق و يخلط بالماء و اما بأن ينقع في الماء و يمكث الى أن يكتسب حلاوته بحيث صار في الحلاوة بمثابة عصير العنب، و اما بأن يمرس و يعصر بعد النقع فيستخرج عصارته. و اما إذا كان الزبيب على حاله و حصل في جوفه ماء فالظاهر أن ما فيه ليس من عصير الزبيب فلا يحرم بالغليان، و ان كان الأحوط الاجتناب عنه (1) لكن العلم به غير حاصل عادة، فإذا ألقى زبيب في قدر فيه ماء أو مرق و كان يغلي فرأينا الزبيب فيه منتفخا من أين ندري ان ما في جوفه قد غلى، مع انه بحسب العادة لو غلى ما في جوفه لانشق و تفسخ، و أولى من ذلك بعدم وجوب الاجتناب ما إذا وضع في وسط طبيخ أو كبة أو محشى و نحوها مما ليس فيه ماء، و ان انتفخ فيه لأجل الأبخرة الحاصلة فيه.

[مسألة: 22 الظاهر أن ما غلى بنفسه من أقسام العصير لا تزول حرمته الا بالتخليل]

مسألة: 22 الظاهر أن ما غلى بنفسه من أقسام العصير لا تزول حرمته الا بالتخليل كالخمر حيث انها لا تحل الا بانقلابها خلا و لا أثر فيه لذهاب الثلثين، و أما ما غلى بالنار تزول حرمته بذهاب ثلثيه و بقاء ثلث منه، و الأحوط أن يكون ذلك بالنار (2) لا بالهواء و طول المكث مثلا. نعم لا يلزم أن يكون ذهاب الثلثين في حال غليانه، بل يكفي كون ذلك مستندا الى النار و لو بضميمة ما ينقص منه بعد غليانه قبل أن يبرد، فلو كان العصير في القدر على النار و قد غلى حتى ذهب نصفه ثلاثة أسداسه ثم وضع القدر على الأرض فنقص منه قبل أن يبرد بسبب صعود البخار سدس آخر كفى في الحلية.

[مسألة: 23 إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفي في حليته على الأقوى]

مسألة: 23 إذا صار العصير المغلي دبسا قبل أن يذهب ثلثاه لا يكفي في حليته على الأقوى (3).

[مسألة: 24 إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب ثلثي المجموع و بقاء ثلثه]

مسألة: 24 إذا اختلط العصير بالماء ثم غلى يكفي في حليته ذهاب ثلثي المجموع و بقاء ثلثه، فلو صب عشرين رطلا من ماء في عشرة أرطال من عصير العنب


1- قد مر أن الأقوى الحلية و الطهارة في عصير الزبيب و التمر و لو مع العلم بالغليان.
2- لا يبعد أن يكون الغليان بحرارة القوة الكهربائية و البرق بمنزلة الغليان بالنار.
3- بل على الأحوط.

ص: 64

ثم طبخه حتى ذهب منه عشرون و بقي عشرة فهو حلال. و بهذا يمكن العلاج في طبخ بعض أقسام العصير مما لا يمكن لغلظها و قوامها ان تطبخ على الثلث لانه يحترق و يفسد قبل أن يذهب ثلثاه، فيصب فيه الماء بمقداره أو أقل منه أو أكثر ثم يطبخ الى ان يذهب الثلثان و يبقى الثلث.

[مسألة: 25 لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدار من العصير غير المغلي]

مسألة: 25 لو صب على العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مقدار من العصير غير المغلي وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الأول مع ما صب ثانيا، و لا يحسب ما ذهب من الأول أولا، فإذا كان في القدر تسعة أرطال من العصير فغلى حتى ذهب منه ثلاثة و بقي ستة ثم صب عليه تسعة أرطال أخر فصار خمسة عشر يجب أن يغلي حتى يذهب عشرة و يبقى خمسة، و لا يكفي ذهاب تسعة و بقاء ستة.

[مسألة: 26 لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل اليقطين]

مسألة: 26 لا بأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين مثل اليقطين و السفرجل و التفاح و غيرها و يطبخ فيه حتى يذهب ثلثاه، فإذا حل حل ما طبخ فيه.

[مسألة: 27 يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم و بالبينة و باخبار ذي اليد المسلم]

مسألة: 27 يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم و بالبينة و باخبار ذي اليد المسلم، بل و بالأخذ منه إذا كان ممن يعتقد حرمة ما لم يذهب ثلثاه، بل و إذا لم يعلم اعتقاده أيضا. نعم إذا علم أنه ممن يستحل العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه مثل أن يعتقد انه يكفي في حليته صيرورته دبسا اما اجتهادا أو تقليدا- ففي جواز الاستيمان بقوله إذا أخبر عن حصول التثليث خلاف و اشكال، و أولى بالإشكال جواز الأخذ منه و البناء على انه طبخ على الثلث إذا احتمل ذلك من دون تفحص عن حاله، و لكن الأقوى جواز الاعتماد بقوله (1) و كذا جواز الأخذ منه و البناء على التثليث على كراهية.

[مسألة: 28 يحرم تناول مال الغير و ان كان كافرا محترم المال بدون اذنه و رضاه]

مسألة: 28 يحرم تناول مال الغير و ان كان كافرا محترم المال بدون اذنه و رضاه، حتى ورد أن من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنما أكل قطعة من النار.


1- إذا حصل الاطمئنان بصدقه.

ص: 65

[مسألة: 29 يجوز أن يأكل الإنسان و لو مع عدم الضرورة من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور]

مسألة: 29 يجوز أن يأكل الإنسان و لو مع عدم الضرورة من بيوت من تضمنته الآية الشريفة في سورة النور، و هم الإباء و الأمهات و الاخوان و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات، و كذا يجوز لمن كان وكيلا على بيت أحد مفوضا إليه أموره و حفظه بما فيه أن يأكل من بيت موكله، و هو المراد من «مٰا مَلَكْتُمْ مَفٰاتِحَهُ» المذكور في تلك الآية الشريفة، و كذا يجوز أن يأكل الصديق من بيت صديقه، و كذا الزوجة من بيت زوجها و الأب و الام من بيت الولد. و انما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقف جواز الأكل منها على إحراز الرضا و الاذن من صاحبها، فيجوز مع الشك بل و مع الظن بالعدم أيضا (1) على الأقوى، بخلاف غيرها. و الأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز و التمر و الإدام و الفواكه و البقول و نحوها دون نفائس الأطعمة التي تدخر غالبا لمواقع الحاجة و للأضياف ذوي الشرف و العزة، و الظاهر التعدية الى غير المأكول من المشروبات العادية من الماء و اللبن المخيض و اللبن الحليب و غيرها. نعم لا يتعدى الى بيوت غيرهم و لا الى غير بيوتهم كدكاكينهم و بساتينهم، كما أنه يقتصر على ما في البيت من المأكول، فلا يتعدى الى ما يشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت.

[مسألة: 30 تباح جميع المحرمات المزبورة حال الضرورة]

مسألة: 30 تباح جميع (2) المحرمات المزبورة حال الضرورة، اما لتوقف حفظ نفسه و سد رمقه على تناوله أو لعروض المرض الشديد الذي لا يتحمل عادة بتركه أو لأداء تركه الى لحوق الضعف المفرط المؤدي إلى المرض (3) أو التلف أو المؤدي للتخلف عن الرفقة مع ظهور امارة العطب، و منها ما إذا خيف بتركه على


1- و الأحوط الاجتناب مع الظن بالكراهة.
2- إلا أكل مال الغير بدون رضاه و انه لا يحل بالاضطرار. نعم يحل لحفظ النفس و العرض لا للاضطرار بل لكونه أهم.
3- الشديد الذي لا يتحمل عادة.

ص: 66

نفس أخرى محترمة كالحامل تخاف على جنينها و المرضعة على طفلها، بل و من الضرورة خوف طول المرض (1) أو عسر علاجه بترك التناول. و المدار في الكل على الخوف الحاصل من العلم أو الظن بالترتب، لا مجرد الوهم و الاحتمال.

[مسألة: 31 و من الضرورات المبيحة للمحرمات الإكراه و التقية عمن يخاف منه على نفسه]

مسألة: 31 و من الضرورات المبيحة للمحرمات الإكراه و التقية عمن يخاف منه على نفسه أو نفس محترمة أو على عرضه أو عرض محترم أو مال محترم يجب عليه حفظه (2).

[مسألة: 32 في كل مورد يتوقف حفظ النفس على ارتكاب محرم يجب الارتكاب]

مسألة: 32 في كل مورد يتوقف حفظ النفس على ارتكاب محرم يجب الارتكاب، فلا يجوز له التنزه و الحال هذه. و لا فرق بين الخمر و الطين و بين سائر المحرمات في هذا الحكم، و القول بوجوب التنزه عن الخمر و الطين حتى مع الضرورة و انه لا يباحان بها ضعيف خصوصا في ثانيهما، فإذا أصابه عطش حتى خاف على نفسه فأصاب خمرا جاز بل وجب شربها، و كذا ان اضطر إلى أكل الطين.

[مسألة: 33 إذا اضطر الى محرم فليقتصر على مقدار الضرورة و لا يجوز له الزيادة]

مسألة: 33 إذا اضطر الى محرم فليقتصر على مقدار الضرورة و لا يجوز له الزيادة، فإذا اقتضت الضرورة ان يأكل الميتة لسد رمقه فليقتصر على ذلك و لا يجوز له أن يأكل حد الشبع إلا إذا فرض ان ضرورته لا تندفع الا بالشبع.

[مسألة: 34 يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرم إذا انحصر به العلاج]

مسألة: 34 يجوز التداوي لمعالجة الأمراض بكل محرم إذا انحصر به العلاج و لو بحكم الحذاق الثقات من الأطباء، و المدار على انحصار العلاج به بين ما بأيدي الناس مما يعالج به هذا الداء لا الانحصار واقعا، فإنه مما لا يحيط به إدراك البشر.

[مسألة: 35 المشهور عدم جواز التداوي بالخمر بل بكل مسكر حتى مع الانحصار]

مسألة: 35 المشهور عدم جواز التداوي بالخمر بل بكل مسكر حتى مع الانحصار، لكن الجواز لا يخلو من قوة، بشرط العلم بكون المرض قابلا للعلاج و العلم بأن ترك معالجته يؤدي الى الهلاك أو الى ما يدانيه و العلم بانحصار العلاج به


1- الشديد الذي لا يتحمل عادة.
2- في إطلاقه اشكال.

ص: 67

بالمعنى الذي ذكرناه. نعم لا يخفى شدة أمر الخمر، فلا يبادر الى تناولها و المعالجة بها إلا إذا رأى من نفسه الهلاك لو ترك التداوي بها، و لو بسبب توافق جماعة من الحذاق و اولي الديانة و الدراية من الأطباء، و الا فليصطبر على المشقة فلعل الباري تعالى شأنه يعافيه لما رأى منه التحفظ على دينه.

فعن الثقة الجليل عبد اللّٰه بن أبي يعفور انه قال: كان إذا أصابته هذه الأوجاع فإذا اشتدت شرب الحسو من النبيذ فسكن عنه، فدخل على أبي عبد اللّٰه عليه السلام فأخبره بوجعه و أنه إذا شرب الحسو من النبيذ سكن عنه، فقال له: لا تشربه، فلما أن رجع الى الكوفة هاج به وجعه فأقبل أهله فلم يزالوا به حتى شرب، فساعة شرب منه سكن عنه، فعاد الى أبي عبد اللّٰه عليه السلام فأخبره بوجعه و شربه، فقال له:

يا ابن أبي يعفور لا تشرب فإنه حرام انما هو الشيطان موكل بك و لو قد يئس منك ذهب.

فلما ان رجع الى الكوفة هاج به وجعه أشد مما كان، فأقبل أهله عليه، فقال لهم: لا و اللّٰه ما أذوق منه قطرة ابدا، فأيسوا منه أهله، فكان يتهم على شي ء و لا يحلف و كان إذا حلف على شي ء لا يخلف، فلما سمعوا أيسوا منه و اشتد به الوجع أياما، ثم أذهب اللّٰه به عنه فما عاد اليه حتى مات رحمة اللّٰه عليه.

[مسألة: 36 لو اضطر إلى أكل طعام الغير لسد رمقه و كان المالك حاضرا]

مسألة: 36 لو اضطر إلى أكل طعام الغير لسد رمقه و كان المالك حاضرا:

فان كان هو أيضا مضطرا لم يجب عليه بل لا يجوز له بذله و لا يجوز للمضطر قهره، و ان لم يكن مضطرا يجب عليه بذله للمضطر، و ان امتنع عن البذل جاز له قهره بل مقاتلته و الأخذ منه قهرا. و لا يتعين على المالك بذله مجانا، فله ان لا يبذله الا بالعوض و ليس للمضطر قهره بدونه، فان اختار البذل بالعوض فان لم يقدره بمقدار كان له عليه ثمن مثل ما أكله أو مثله ان كان مثليا، و ان قدره لم يتعين عليه تقديره بثمن المثل أو أقل بل له ان يقدره بأزيد منه، و حينئذ إذا كان المضطر قادرا على دفعه يجب عليه الدفع إذا طالبه به، و ان كان عاجزا يكون في ذمته يتبع تمكنه.

ص: 68

هذا إذا كان المالك حاضرا، و أما إذا كان غائبا فله الأكل منه بمقدار سد رمقه و تقدير الثمن و جعله في ذمته و لا يكون أقل من ثمن المثل، و الأحوط المراجعة إلى الحاكم لو وجد، و مع عدمه فإلى عدول المؤمنين.

[مسألة: 37 يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي ء من الخمر]

مسألة: 37 يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شي ء من الخمر، بل و غيرها من المسكرات، و كذا الفقاع، بل ذهب بعض العلماء إلى حرمة كل طعام يعصى اللّٰه تعالى به أو عليه.

[خاتمة في بعض الآداب المتعلقة بالأكل و الشرب]

اشارة

(خاتمة) في بعض الآداب المتعلقة بالأكل و الشرب فأما آداب الأكل فهي بين مستحب و مكروه، أما المستحب فأمور:

منها: غسل اليدين معا قبل الطعام و بعده، مائعا كان الطعام أو جامدا، و إذا كانت جماعة على المائدة يبدأ في الغسل الأول بصاحب الطعام ثم بمن على يمينه و يدور الى أن يتم الدور على من في يسار صاحب الطعام، و في الغسل الثاني يبدأ بمن في يسار صاحب الطعام ثم يدور الى ان يختم بصاحب الطعام.

و منها: المسح بالمنديل بعد الغسل الثاني و ترك المسح به بعد الغسل الأول.

و منها: ان يسمي عند الشروع في الأكل، بل على كل لون على انفراده عند الشروع في الأكل منه.

و منها: ان يحمد اللّٰه تعالى بعد الفراغ.

و منها: الأكل باليمين.

و منها: ان يبدأ صاحب الطعام و ان يكون آخر من يمتنع.

و منها: أن يأكل بثلاث أصابع أو أكثر و لا يأكل بإصبعين، و قد ورد انه من فعل الجبارين.

ص: 69

و منها: أن يأكل مما يليه إذا كان مع جماعة على مائدة و لا يتناول من قدام الأخر.

و منها: تصغير اللقمة.

و منها: تجويد المضغ.

و منها: طول الجلوس على الموائد و طول الأكل.

و منها: لعق الأصابع و مصها و كذا لطع القصعة و لحسها بعد الفراغ.

و منها: الخلال بعد الطعام و ان لا يكون بعود الريحان و قضيب الرمان و الخوص و القصب.

و منها: التقاط ما يسقط من الخوان خارج السفرة و الطبق و أكله، فإنه شفاء من كل داء إذا قصد به الاستشفاء، و انه ينفي الفقر و يكثر الولد، و هذا في غير الصحراء و نحوها، و أما فيها فيستحب أن يترك للطير و السبع، بل ورد أن ما كان في الصحراء فدعه و لو فخذ شاة.

و منها: الأكل غداء و عشيا و عدم الأكل بينهما.

و منها: ان يستلقي بعد الأكل على قفاه و يجعل رجله اليمنى على اليسرى.

و منها: الافتتاح بالملح و الاختتام به، فقد ورد ان فيه المعافاة عن اثنين و سبعين من البلاء. و في خبر آخر: ابدءوا بالملح في أول طعامكم، فلو يعلم الناس ما في الملح لاختاروه على الترياق المجرب.

و منها: غسل الثمار بالماء قبل أكلها، ففي الخبر: ان لكل ثمرة سما فإذا أتيتم بها اغمسوها في الماء يعنى اغسلوها.

و أما المكروه:

فمنها: الأكل على الشبع.

و منها: التملي من الطعام، ففي الخبر: ما من شي ء أبغض الى اللّٰه من بطن مملو. و في خبر آخر: أقرب ما يكون العبد الى اللّٰه إذا خف بطنه، و أبغض ما يكون

ص: 70

العبد الى اللّٰه إذا امتلأ بطنه.

و في خبر آخر: لو أن الناس قصدوا في المطعم لاستقامت أبدانهم.

بل ينبغي الاقتصار على ما دون الشبع، ففي الخبر: ان البطن إذا شبع طغى.

و في خبر آخر عن مولانا الصادق عليه السلام: ان عيسى بن مريم قام خطيبا فقال: يا بني إسرائيل لا تأكلوا حتى تجوعوا، و إذا جعتم فكلوا و لا تشبعوا، فإنكم إذا شبعتم غلظت رقابكم و سمنت جنوبكم و نسيتم ربكم.

و منها: النظر في وجوه الناس عند الأكل على المائدة.

و منها: أكل الحار.

و منها: النفخ على الطعام و الشراب.

و منها: انتظار غير الخبز إذا وضع الخبز.

و منها: قطع الخبز بالسكين.

و منها: ان يوضع الخبز تحت إناء و وضع الإناء عليه.

و منها: المبالغة في أكل اللحم الذي على العظم.

و منها: تقشير الثمرة.

و منها: رمي بقية الثمرة قبل الاستقصاء في أكلها.

و اما آداب الشرب فهي أيضا بين مندوب و مكروه، اما المندوب:

فمنها: ان يشرب الماء مصا لاعبا، فإنه كما في الخبر يوجد منه الكباد، يعني وجع الكبد.

و منها: ان يشرب قائما بالنهار، فإنه أقوى و أصح للبدن و يمرئ الطعام.

و منها: ان يسمي عند الشروع و يحمد اللّٰه بعد ما فرغ.

و منها: ان يشرب بثلاثة أنفاس.

ص: 71

و منها: التلذذ بالماء، ففي الخبر: من تلذذ بالماء في الدنيا لذذه اللّٰه من أشربة الجنة.

و منها: ان يذكر الحسين عليه السلام و أهل بيته و يلعن قاتله بعد شرب الماء، فعن داود الرقي قال: كنت عند أبي عبد اللّٰه عليه السلام إذ استسقى الماء، فلما شربه رأيته قد استعبر و اغرورقت عيناه بدموعه ثم قال لي: يا داود لعن اللّٰه قاتل الحسين، فما أنغص ذكر الحسين عليه السلام للعيش، اني ما شربت ماء باردا الا ذكرت الحسين عليه السلام، و ما من عبد شرب الماء فذكر الحسين عليه السلام و أهل بيته و لعن قاتله الا كتب اللّٰه عز و جل له مائة ألف حسنة و حط عنه مائة ألف سيئة و رفع له مائة ألف درجة و كأنما أعتق مائة ألف نسمة و حشره اللّٰه يوم القيامة ثلج الفؤاد.

و أما المكروه:

فمنها: الإكثار في شرب الماء، فإنه كما في الخبر: مادة لكل داء. و كان مولانا الصادق عليه السلام يوصي رجلا فقال له: أقل شرب الماء فإنه يمد كل داء، و اجتنب الدواء ما احتمل بدنك الداء. و عنه عليه السلام: لو ان الناس أقلوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم.

و منها: شرب الماء بعد أكل الطعام الدسم، فإنه كما في الخبر يهيج الداء، و عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: إذا أكل الدسم أقل شرب الماء. فقيل له: يا رسول اللّٰه انك لتقل شرب الماء؟ قال: هو أمرأ لطعامي.

و منها: الشرب باليسار.

و منها: الشرب من قيام في الليل، فإنه كما في الخبر يورث الماء الأصفر.

و منها: ان يشرب من عند كسر الكوز ان كان فيه كسر و من عند عروته.

ص: 72

[تذييل]

تذييل في الكافي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبى جعفر عليه السلام: من سقى مؤمنا من ظمأ سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم.

و عن أبي عبد اللّٰه قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: من سقى مؤمنا شربة من ماء من حيث يقدر على الماء أعطاه بكل شربة سبعين ألف حسنة، و ان سقاه من حيث لا يقدر على الماء فكأنما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعيل.

و في الأمالي بإسناده عن الصادق عليه السلام عن آبائه عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله قال: من أطعم مؤمنا من جوع أطعمه اللّٰه من ثمار الجنة، و من كساه من عرى كساه اللّٰه من إستبرق و حرير، و من سقاه شربة من عطش سقاه اللّٰه من الرحيق المختوم، و من أعانه أو كشف كربته أظله اللّٰه في ظل عرشه يوم لا ظل الا ظله.

و في المحاسن قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن عمل يعدل عتق رقبة؟

فقال: لأن أدعو ثلاثة نفر من المسلمين فأطعمهم حتى يشبعوا و أسقيهم حتى يرووا أحب الي ان أعتق نسمة و نسمة حتى عد سبعا أو أكثر.

ص: 73

[كتاب الغصب]

اشارة

كتاب الغصب و هو الاستيلاء على ما للغير من مال أو حق عدوانا، و قد تطابق العقل و النقل كتابا و سنة و إجماعا على حرمته، و هو من أفحش الظلم الذي قد استقل العقل بقبحه، و في النبوي صلى اللّٰه عليه و آله: من غصب شبرا من الأرض طوقه اللّٰه من سبع أرضين يوم القيامة. و في نبوي آخر: من خان جاره شبرا من الأرض جعله اللّٰه طوقا في عنقه من تخوم الأرض السابعة حتى يلقى اللّٰه يوم القيامة مطوقا الا أن يتوب و يرجع.

و في آخر: من أخذ أرضا بغير حق كلف ان يحمل ترابها الى المحشر. و من كلام أمير المؤمنين عليه السلام: الحجر الغصب في الدار رهن على خرابها.

[مسألة: 1 المغصوب اما عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين]

مسألة: 1 المغصوب اما عين مع المنفعة من مالك واحد أو مالكين، و اما عين بلا منفعة، و اما منفعة مجردة، و اما حق مالي متعلق بالعين:

فالأول- كغصب الدار من مالكها، و كغصب العين المستأجرة إذا غصبها غير الموجر و المستأجر، فهو غاصب للعين من الموجر و للمنفعة من المستأجر.

و الثاني- كما إذا غصب المستأجر العين المستأجرة من مالكها مدة الإجارة.

و الثالث- كما إذا غصب العين المؤجرة و انتزعها من يد المستأجر و استولى على منفعتها مدة الإجارة.

ص: 74

و الرابع- كما إذا استولى على أرض محجرة أو العين المرهونة بالنسبة إلى المرتهن الذي له فيها حق الرهانة، و من ذلك غصب المساجد و المدارس و الربط و القناطر و الطرق و الشوارع العامة، و غصب المكان الذي سبق إليه أحد في المساجد و المشاهد.

[مسألة: 2 المغصوب منه قد يكون شخصا كما في غصب الأعيان و المنافع المملوكة للأشخاص و الحقوق كذلك]

مسألة: 2 المغصوب منه قد يكون شخصا كما في غصب الأعيان و المنافع المملوكة للأشخاص و الحقوق كذلك، و قد يكون هو النوع كما في غصب مال تعين خمسا أو زكاة قبل أن يدفع الى المستحق و غصب الرباط المعد لنزول القوافل و المدرسة المعدة لسكنى الطلبة، فإذا استولى على حجرة قد سكنها واحد من الطلبة و انتزعها منه فهو غاصب لحق الشخص، و إذا استولى على أصل المدرسة و منع عن أن يسكنها الطلبة فهو غاصب لحق النوع.

[مسألة: 3 للغصب حكمان تكليفيان، و هما: الحرمة، و وجوب رفع اليد و الرد الى المغصوب منه أو وليه]

مسألة: 3 للغصب حكمان تكليفيان، و هما: الحرمة، و وجوب رفع اليد و الرد الى المغصوب منه أو وليه. و حكم وضعي، و هو الضمان، بمعنى كون المغصوب على عهدة الغاصب و كون تلفه و خسارته عليه و انه إذا تلف يجب عليه دفع بدله.

و يقال لهذا الضمان «ضمان اليد».

[مسألة: 4 يجري الحكمان التكليفيان في جميع أقسام الغصب]

مسألة: 4 يجري الحكمان التكليفيان في جميع أقسام الغصب، ففي الجميع الغاصب آثم و يجب عليه رفع اليد ورد المغصوب الى المغصوب منه. و أما الحكم الوضعي- و هو الضمان- فيختص بما إذا كان المغصوب من الأموال عينا كان أو منفعة، فليس في غصب الحقوق هذا الضمان- أعني ضمان اليد- على اشكال في بعضها كحقي التحجير و الاختصاص (1).

[مسألة: 5 لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه و لا بالنسبة إلى منفعته]

مسألة: 5 لو استولى على حر فحبسه لم يتحقق الغصب لا بالنسبة إلى عينه و لا بالنسبة إلى منفعته و ان أثم بذلك و ظلمه، سواء كان كبيرا أو صغيرا فليس عليه ضمان اليد


1- ان كان مما يبذل بإزائهما مال.

ص: 75

الذي هو من أحكام الغصب، فلو أصابه حرق أو غرق أو مات تحت استيلائه من غير تسبيب منه لم يضمن، و كذا لا يضمن منافعه، كما إذا كان صانعا و لم يشتغل بصنعته في تلك المدة فلا يضمن أجرته. نعم لو استوفى منه بعض منافعه- كما إذا استخدمه- لزمه أجرته، و كذا لو تلف بتسبيب منه، مثل ما إذا حبسه في دار فيه حية مؤذية فلدغته أو في محل السباع فافترسته ضمنه من جهة سببيته للتلف لا لأجل الغصب و اليد.

[مسألة: 6 لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من القعود على فراشه]

مسألة: 6 لو منع غيره عن إمساك دابته المرسلة أو من القعود على فراشه أو عن الدخول في داره أو عن بيع متاعه لم يكن غاصبا لعدم وضع اليد على ماله و ان كان عاصيا و ظالما له من جهة منعه، فلو هلكت الدابة أو تلف الفراش أو انهدمت الدار أو نقصت قيمة المتاع بعد المنع لم يكن على المانع ضمان من جهة الغصب و اليد، و هل عليه ضمان من جهة أخرى أم لا؟ أقواهما العدم في الأخير، و هو ما إذا تنقصت القيمة، و اما في غيره فان كان الهلاك و التلف و الانهدام غير مستند الى منعه- بأن كانت بآفة سماوية و سبب قهري لا يتفاوت في ترتبها بين ممنوعية المالك و عدمها- لم يكن عليه ضمان قطعا، و اما إذا كان مستندا اليه كما إذا كانت الدابة ضعيفة أو في موضع السباع و كان المالك يحفظها فلما منعه المانع و لم يقدر على حفظها وقع عليها الهلاك، فللضمان وجه بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 7 و حيث عرفت ان المدار في تحقق الغصب على استيلاء الغاصب على المغصوب و صيرورته تحت يده عرفا]

مسألة: 7 و حيث عرفت ان المدار في تحقق الغصب على استيلاء الغاصب على المغصوب و صيرورته تحت يده عرفا بدون اذن صاحبه (1) فليعلم انه يختلف ذلك باختلاف المغصوبات، ففي المنقول غير الحيوان يتحقق بأخذه باليد أو بنقله اليه أو الى بيته أو دكانه أو انباره و غيرها مما يكون محرزا لأمواله و لو كان ذلك بأمره، فلو


1- ظلما و اما إحسانا فلا كمن استولى على مال يكون في معرض التلف ليرده على صاحبه أو ليحفظه له فلا يكون غاصبا و لا ضامنا و لو تلف بدون تقصير، و من كانت عنده أمانة إذا عزم على الخيانة يكون غاصبا و ضامنا.

ص: 76

نقل حمال بأمره متاعا من الغير بدون إذنه إلى بيته أو طعاما منه الى أنباره كان بذلك غاصبا للمتاع و الطعام. و يلحق بالأخذ باليد قعوده على البساط و الفراش بقصد الاستيلاء (1).

و اما في الحيوان ففي الصامت منه يكفي الركوب عليه أو أخذ مقوده و زمامه، بل و كذا سوقه بعد طرد المالك أو عدم حضوره إذا كان يمشي بسياقه و يكون منقادا لسائقه، فلو كانت قطيع غنم في الصحراء معها راعيها فطرده و استولى عليها بعنوان القهر و الانتزاع من مالكها و جعل يسوقها و صار بمنزلة راعيها يحافظها و يمنعها عن التفرق و التشتت فالظاهر أنه يكفي ذلك في تحقق الغصب لصدق الاستيلاء و وضع اليد عرفا.

و أما في العبيد و الإماء فيكفي مع رفع يد المالك أو عدم حضوره القهر عليه بحبسه عنده أو في بيته و استخدامه في حوائجه.

هذا كله في المنقول، و أما غير المنقول فيكفي في غصب الدار أن يسكنها أو يسكن غيره ممن يأتمر بأمره فيها بعد إزعاج المالك عنها أو عدم حضوره، و كذا لو أخذ مفاتحها من صاحبها قهرا و كان يغلق الباب و يفتحه و يتردد فيها، و كذلك الحال في الدكان و الخان.

و اما البستان، فان كان لها باب و حيطان فيكفي في غصبها أخذ المفتاح و غلق الباب و فتحه مع التردد فيها بعنوان الاستيلاء، و أما لو لم يكن لها باب و لا حيطان فيكفي دخولها و التردد فيها بعد طرد المالك بعنوان الاستيلاء و بعض التصرفات فيها، و كذا الحال في غصب القرية و المزرعة.

هذا كله في غصب الأعيان، و اما غصب المنافع فإنما هو بانتزاع العين ذات المنفعة عن مالك المنفعة و جعلها تحت يده، كما في العين المستأجرة إذا أخذها المؤجر أو شخص ثالث من المستأجر و استولى عليها في مدة الإجارة، سواء استوفى تلك


1- مع كونه مستوليا عرفا.

ص: 77

المنفعة التي ملكها المستأجر أم لا.

[مسألة: 8 لو دخل الدار و سكنها مع مالكها، فان كان المالك ضعيفا غير قادر على مدافعته و إخراجه]

مسألة: 8 لو دخل الدار و سكنها مع مالكها، فان كان المالك ضعيفا غير قادر على مدافعته و إخراجه فإن اختص استيلاؤه و تصرفه بطرف معين منها اختص الغصب و الضمان بذلك الطرف دون الأطراف الأخر، و ان كان استيلاؤه و تصرفاته و تقلباته في أطراف الدار و أجزائها بنسبة واحدة و تساوى يد الساكن مع يد المالك عليها، فالظاهر كونه غاصبا للنصف فيكون ضامنا له خاصة، بمعنى أنه لو انهدمت تمام الدار ضمن الساكن نصفها، و لو انهدم بعضها ضمن نصف ذلك البعض، و كذا يضمن نصف منافعها. و لو فرض ان المالك الساكن أزيد من واحد ضمن الساكن الغاصب بالنسبة، فإن كانا اثنين ضمن الثلث، و ان كانوا ثلاثة ضمن الربع و هكذا. هذا إذا كان المالك ضعيفا، و أما لو كان الساكن ضعيفا- بمعنى أنه لا يقدر على مقاومة المالك و انه كلما أراد أن يخرجه من داره أخرجه- فالظاهر عدم تحقق الغصب بل و لا اليد، فليس عليه ضمان اليد. نعم عليه بدل ما استوفاه من منفعة الدار ما دام كونه فيها لو كان لها بدل.

[مسألة: 9 لو أخذ بمقود الدابة فقادها و كان المالك راكبا عليها]

مسألة: 9 لو أخذ بمقود الدابة فقادها و كان المالك راكبا عليها، فان كان في الضعف و عدم الاستقلال بمثابة المحمول عليها كان القائد غاصبا لها بتمامها و يتبعه الضمان، و لو كان بالعكس- بأن كان المالك الراكب قويا قادرا على مقاومته و مدافعته- فالظاهر عدم تحقق الغصب من القائد أصلا، فلا ضمان عليه لو تلفت الدابة في تلك الحال. نعم لا إشكال في ضمانه لها لو اتفق تلفها بسبب قوده لها، كما يضمن السائق لها لو كان لها جماح فشردت بسوقه فوقعت في بئر أو سقطت عن مرتفع فتلفت.

[مسألة: 10 إذا اشترك اثنان في الغصب، فان لم يستقل واحد منهما بانفراده]

مسألة: 10 إذا اشترك اثنان في الغصب، فان لم يستقل واحد منهما بانفراده- بأن كان كل واحد منهما ضعيفا و انما كان استيلاؤهما على المغصوب و دفع المالك بالتعاضد و التعاون- فالظاهر اشتراكهما في اليد و الضمان، فكل منهما يضمن النصف.

ص: 78

و اما إذا كان كل واحد منهما مستقلا في الاستيلاء- بأن كان كل منهما كافيا في دفع المالك و القهر عليه- أو لم يكن المالك حاضرا فالظاهر أن كل واحد منهما ضامن للتمام (1)، فيتخير المالك في تضمين أيهما شاء، كما يأتي في الأيادي المتعاقبة.

[مسألة: 11 غصب الأوقاف العامة كالمساجد و المقابر و المدارس و القناطر]

مسألة: 11 غصب الأوقاف العامة كالمساجد و المقابر و المدارس و القناطر و الربط المعدة لنزول المسافرين و الطرق و الشوارع العامة و نحوها و الاستيلاء عليها و ان كان حراما و يجب ردها و رفع اليد عنها، لكن الظاهر أنه لا يوجب الضمان لا عينا و لا منفعة ضمان اليد، فلو غصب مسجدا أو مدرسة أو رباطا و وضع اليد عليها فانهدمت تحت يده من دون تسبيب منه لم يضمن عينهما، كما انه لو كانت تحت يده مدة ثم رفع يده عنها لم يكن عليه أجرتها في تلك المدة. نعم الأوقاف العامة على العناوين الكلية كالفقراء و الطلبة بنحو وقف المنفعة يوجب غصبها الضمان عينا و منفعة، فإذا غصب خانا أو دكانا أو بستانا كانت وقفا على الفقراء أو الطلبة على أن يكون منفعتها و نماؤها لهم ترتب عليه الضمان، فإذا تلفت تحت يده كان ضامنا لعينها، و إذا كانت تحت يده مدة ثم ردها كان عليه أجرة مثلها، فيكون غصبها كغصب الأعيان المملوكة للأشخاص.

[مسألة: 12 إذا حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتى فيما إذا كان صانعا]

مسألة: 12 إذا حبس حرا لم يضمن لا نفسه و لا منافعه ضمان اليد حتى فيما إذا كان صانعا، فليس على الحابس أجرة صنعته مدة حبسه. نعم لو كان أجيرا لغيره ضمن منفعته الفائتة للمستأجر، و كذا لو استخدمه و استوفى منفعته كان عليه أجرة عمله.

هذا كله في حبس الحر، و أما لو غصب عبدا أو دابة مثلا ضمن منافعها سواء استوفاها الغاصب أم لا.


1- بل الظاهر اشتراكهما في اليد و الضمان، فكل منهما يضمن النصف كما في الفرع السابق، غاية الأمر ان عدم الاستيلاء لكل منهما على التمام في الفرع السابق كان لعدم المقتضى و في هذا الفرع للمانع، و هو استيلاء شريكه، فعدم ضمان الكل مستند الى عدم الاستيلاء على الكل، من غير فرق بين كونه لعدم المقتضي أو لوجود المانع.

ص: 79

[مسألة: 13 لو منع حرا أو عبدا عن عمل له أجرة من غير تصرف و استيفاء]

مسألة: 13 لو منع حرا أو عبدا عن عمل له أجرة من غير تصرف و استيفاء و لا وضع يده عليه لم يضمن عمله (1) و لم يكن عليه أجرته.

[مسألة: 14 يلحق بالغصب في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد]

مسألة: 14 يلحق بالغصب في الضمان المقبوض بالعقد المعاوضي الفاسد، فالمبيع الذي يأخذه المشتري و الثمن الذي يأخذه البائع في البيع الفاسد يكون في ضمانهما كالمغصوب، سواء علما بالفساد أو جهلا به، و كذلك الأجرة التي يأخذها المؤجر في الإجارة الفاسدة. و أما المقبوض بالعقد الفاسد غير المعاوضي فليس فيه الضمان، فلو قبض المتهب ما وهب له بالهبة الفاسدة ليس عليه ضمان. و كذا يلحق بالغصب المقبوض بالسوم (2)، و المراد به ما يأخذه الشخص لينظر فيه أو يضع عنده ليطلع على خصوصياته لكي يشتريه إذا وافق نظره، فهذا في ضمان آخذه، فلو تلف عنده ضمنه.

[مسألة: 15 يجب رد المغصوب الى مالكه ما دام باقيا و ان كان في رده مئونة]

مسألة: 15 يجب رد المغصوب الى مالكه ما دام باقيا و ان كان في رده مئونة، بل و ان استلزم رده الضرر عليه، حتى أنه لو أدخل الخشبة المغصوبة في بناء لزم عليه إخراجها و ردها لو أرادها المالك و ان ادى الى خراب البناء، و كذا إذا أدخل اللوح المغصوب في سفينة يجب عليه نزعه إلا إذا خيف (3) من قلعه الغرق الموجب لهلاك نفس محترمة أو مال محترم (4)، و هكذا الحال فيما إذا خاط ثوبه بخيوط مغصوبة، فإن للمالك إلزامه بنزعها و يجب عليه ذلك و ان أدى الى فساد الثوب، و ان ورد نقص


1- إلا إذا كانا أجيرين لذلك العمل و فات بمنعه المستأجر عن العمل، فإنه ضامن له لما فوته بمنعه.
2- و كذا المقبوض بالقمار و المأخوذ أجرة للزنا و سائر المحرمات على الأقوى.
3- فيصبر المالك حتى يرتفع ذلك المحذور و على الغاصب أجرته في المدة التي كانت تحت يده.
4- لغير الغاصب العامد.

ص: 80

على الخشب أو اللوح أو الخيط بسبب إخراجها و نزعها يجب على الغاصب تداركه.

هذا إذا يبقى للمخرج من الخشبة و المنزوع من الخيط قيمة، و أما إذا كان بحيث لا يبقى له قيمة بعد الإخراج أصلا- كما إذا كان الخيط ضعيفا يفسد بنزعه- فالظاهر أنه بحكم التالف، فيلزم الغاصب بدفع البدل و ليس للمالك مطالبة العين.

[مسألة: 16 لو مزج المغصوب بما يمكن تميزه و لكن مع المشقة- كما إذا مزج الشعير المغصوب]

مسألة: 16 لو مزج المغصوب بما يمكن تميزه و لكن مع المشقة- كما إذا مزج الشعير المغصوب بالحنطة أو الدخن بالذرة- يجب عليه أن يميزه و يرده.

[مسألة: 17 يجب على الغاصب مع رد العين بدل ما كانت لها من المنفعة]

مسألة: 17 يجب على الغاصب مع رد العين بدل ما كانت لها من المنفعة في تلك المدة ان كانت لها منفعة، سواء استوفاها كالدار سكنها و الدابة ركبها أو لم يستوفها بل كانت العين معطلة.

[مسألة: 18 إذا كانت للعين منافع متعددة و كانت معطلة فالمدار على المنفعة]

مسألة: 18 إذا كانت للعين منافع متعددة و كانت معطلة فالمدار على المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين و لا ينظر الى مجرد قابليتها لبعض المنافع، فمنفعة الدار بحسب المتعارف هي السكنى و ان كانت قابلة في نفسها بأن تجعل محرزا أو مسكنا لبعض الدواب و غير ذلك فلا ينظر الى غير السكنى، و منفعة بعض الدواب كالفرس بحسب المتعارف الركوب، و منفعة بعضها الحمل و ان كانت قابلة في نفسها لان تستعمل في إدارة الرحى و الدولاب أيضا، فالمضمون في غصب كل عين هو المنفعة المتعارفة بالنسبة إلى تلك العين، و لو فرض تعدد المتعارف منها فيها- كبعض الدواب التي تعارف استعمالها في الحمل و الركوب معا (1)- فان لم تتفاوت أجرة تلك المنافع ضمن تلك الأجرة، فلو غصب يوما دابة تستعمل في الركوب و الحمل معا و كانت أجرة كل منهما في كل يوم درهما كان عليه درهم واحد، و ان كانت اجرة بعضها أعلى ضمن الأعلى، فلو فرض ان اجرة الحمل في كل يوم


1- على التبادل.

ص: 81

درهمان و اجرة الركوب درهم كان عليه درهمان. و الظاهر أن الحكم كذلك مع الاستيفاء أيضا، فمع تساوي المنافع في الأجرة كان عليه اجرة ما استوفاه، و مع التفاوت كان عليه أجرة الأعلى، سواء استوفى الأعلى أو الأدنى.

[مسألة: 19 ان كان المغصوب منه شخصا يجب الرد اليه أو الى وكيله ان كان كاملا و الى وليه ان كان قاصرا]

مسألة: 19 ان كان المغصوب منه شخصا يجب الرد اليه أو الى وكيله ان كان كاملا و الى وليه ان كان قاصرا، كما إذا كان صبيا أو مجنونا، فلو رد في الثاني إلى نفس المالك لم يرتفع منه الضمان و ان كان المغصوب منه هو النوع، كما إذا كان المغصوب وقفا على الفقراء. وقف منفعة، فإن كان له متولي خاص يرده اليه و الا فيرده إلى الولي العام و هو الحاكم، و ليس له ان يرده الى بعض افراد النوع، بأن يسلمه في المثال المذكور الى أحد الفقراء. نعم في مثل المساجد و الشوارع و القناطر بل الربط إذا غصبها يكفي في ردها رفع اليد عنها و إبقاؤها على حالها، بل يحتمل أن يكون الأمر كذلك في المدارس، فإذا غصب مدرسة يكفي في ردها رفع اليد عنها و التخلية بينها و بين الطلبة، لكن الأحوط الرد الى الناظر الخاص لو كان و الا فإلى الحاكم (1).

[مسألة: 20 إذا كان المغصوب و المالك كلاهما في بلد الغصب فلا اشكال]

مسألة: 20 إذا كان المغصوب و المالك كلاهما في بلد الغصب فلا اشكال، و كذا ان نقل المال الى بلد آخر و كان المالك في بلد الغصب، فإنه يجب عليه عود المال الى ذلك البلد و تسليمه الى المالك، و أما ان كان المالك في غير بلد الغصب فان كان في بلد المال فله إلزامه بأحد أمرين: اما بتسليمه له في ذلك البلد، و اما بنقله الى بلد الغصب. و اما ان كان في بلد آخر فلا إشكال في أن له إلزامه بنقل المال الى بلد الغصب، و هل له إلزامه بنقل المال الى البلد الذي يكون فيه المالك؟ فيه إشكال (2).

[مسألة: 21 لو حدث في المغصوب نقص و عيب وجب على الغاصب]

مسألة: 21 لو حدث في المغصوب نقص و عيب وجب على الغاصب أرش


1- أو الموقوف عليهم الساكنين فيه قبل الغصب بإذن المتولي الشرعي.
2- و الأحوط النقل مع إلزامه.

ص: 82

النقصان، و هو التفاوت بين قيمته صحيحا و قيمته معيبا ورد المعيوب الى مالكه، و ليس للمالك إلزامه بأخذ المعيوب و دفع تمام القيمة. و لا فرق على الظاهر بين ما كان العيب مستقرا و بين ما كان مما يسري و يتزايد شيئا فشيئا حتى يتلف المال بالمرة، كما إذا عرضت على الحنطة أو الأرز بلة و عفونة ففي الثاني أيضا يجب على الغاصب أرش النقصان و تفاوت القيمة بين كونها مبلولة و غير مبلولة، فإن للحنطة المبلولة أيضا قيمة عند العرف و أهل الخبرة (1).

[مسألة: 22 لو كان المغصوب باقيا لكن نزلت قيمته السوقية رده و لم يضمن نقصان القيمة]

مسألة: 22 لو كان المغصوب باقيا لكن نزلت قيمته السوقية رده و لم يضمن نقصان القيمة ما لم يكن ذلك بسبب نقصان في العين.

[مسألة: 23 لو تلف المغصوب أو ما بحكمه كالمقبوض بالعقد الفاسد و المقبوض بالسوم قبل رده الى المالك ضمنه بمثله]

مسألة: 23 لو تلف المغصوب أو ما بحكمه كالمقبوض بالعقد الفاسد و المقبوض بالسوم قبل رده الى المالك ضمنه بمثله ان كان مثليا و بقيمته ان كان قيميا. و المراد بالمثلي ما تساوت قيمة أجزائه لتقاربها في غالب الصفات و الخواص كالحبوبات من الحنطة و الشعير و الأرز و الذرة و الدخن و الماش و العدس و غيرها، و كذا الادهان و عقاقير الأدوية و نحوها، و المراد من القيمي ما يكون بخلافه كالعبيد و الإماء و أنواع الحيوان كالفرس و البغل و الحمار و الغنم و البقر و غيرها، و كذا الجواهر الكبار و الثياب و الفرش و البسط و أنواع المصنوعات و غيرها.

[مسألة: 24 انما يكون مثل الحنطة مثليا إذا لو حظ أشخاص كل صنف منها على حده]

مسألة: 24 انما يكون مثل الحنطة مثليا إذا لو حظ أشخاص كل صنف منها على حده و لم يلاحظ أشخاص صنف مع أشخاص صنف آخر منها مبائن له في كثير من الصفات و الخصوصيات، فإذا تلف عنده مقدار من صنف خاص من الحنطة يجب عليه دفع ذلك المقدار من ذلك الصنف لا صنف آخر. نعم التفاوت الذي بين أشخاص ذلك الصنف لا ينظر اليه، و كذلك الأرز فإن فيه أصنافا متفاوتة جدا، فأين العنبر من الحويزاوي أو غيره، فإذا تلف عنده مقدار من العنبر يجب عليه دفع ذلك المقدار


1- و ان لم يكن لأحد فيه رغبة و لم يبذل بإزائه مال فهو في حكم التلف يضمن الغاصب تمام القيمة.

ص: 83

منه لا من غيره، و كذلك الحال في التمر و أصنافه و الادهان و غير ذلك مما لا يحصى.

[مسألة: 25 لو تعذر المثل في المثلي ضمن قيمته]

مسألة: 25 لو تعذر المثل في المثلي ضمن قيمته، و ان تفاوتت القيمة و زادت و نقصت بحسب الأزمنة، بأن كان له حين الغصب قيمة و في وقت تلف العين قيمة و يوم التعذر قيمة و اليوم الذي يدفع الى المغصوب منه قيمة، فالمدار على الأخير فيجب عليه دفع تلك القيمة.

فلو غصب منا من الحنطة كان قيمتها درهمين فأتلفها في زمان كانت الحنطة موجودة و كانت قيمتها ثلاثة دراهم ثم تعذرت و كانت قيمتها أربعة دراهم ثم مضى زمان و أراد أن يدفع القيمة من جهة تفريغ ذمته و كانت قيمة الحنطة في ذلك الزمان خمسة دراهم يجب عليه دفع هذه القيمة.

[مسألة: 26 يكفي في التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد و ما حوله]

مسألة: 26 يكفي في التعذر الذي يجب معه دفع القيمة فقدانه في البلد و ما حوله مما ينقل منها إليه عادة.

[مسألة: 27 لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل وجب عليه الشراء و دفعه الى المالك]

مسألة: 27 لو وجد المثل بأكثر من ثمن المثل وجب عليه الشراء و دفعه الى المالك (1).

[مسألة: 28 لو وجد المثل و لكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلا إعطاؤه]

مسألة: 28 لو وجد المثل و لكن تنزل قيمته لم يكن على الغاصب إلا إعطاؤه، و ليس للمالك مطالبته بالقيمة و لا بالتفاوت، فلو غصب منا من الحنطة في زمان كانت قيمتها عشرة دراهم و أتلفها و لم يدفع مثلها قصورا أو تقصيرا الى زمان قد تنزلت قيمتها و صارت خمسة دراهم لم يكن عليه الا إعطاء من من الحنطة و لم يكن للمالك مطالبة القيمة و لا مطالبة خمسة دراهم مع من من الحنطة، بل ليس له الامتناع عن الأخذ فعلا و إبقائها في ذمة الغاصب الى أن تترقى القيمة إذا كان الغاصب يريد الأداء و تفريغ ذمته فعلا.

[مسألة: 29 لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المكان]

مسألة: 29 لو سقط المثل عن المالية بالمرة من جهة الزمان أو المكان فالظاهر أنه ليس للغاصب إلزام المالك بأخذ المثل، و لا يكفي دفعه في ذلك الزمان أو المكان


1- و ان كان حرجيا لان الحرج لا يجوز منع حق الغير و لا التصرف في ماله.

ص: 84

في ارتفاع الضمان لو لم يرض به المالك، فلو غصب جمدا في الصيف و أتلفه و أراد أن يدفع الى المالك مثله في الشتاء أو قربة ماء في مفازة فأراد أن يدفع اليه قربة ماء عند الشط ليس له ذلك و للمالك الامتناع، فله ان يصبر و ينتظر زمانا أو مكانا آخر، فيطالبه بالمثل الذي له القيمة، و له ان يطالب الغاصب بالقيمة فعلا كما في صورة تعذر المثل، و حينئذ فالظاهر انه يراعى قيمة المغصوب في زمان الغصب و مكانه (1).

[مسألة: 30 لو تلف المغصوب و كان قيميا كالدواب و الثياب ضمن قيمته]

مسألة: 30 لو تلف المغصوب و كان قيميا كالدواب و الثياب ضمن قيمته، فان لم يتفاوت قيمته في الزمان الذي غصبه مع قيمته في زمان تلفه فلا اشكال، و ان تفاوتت- بأن كانت قيمته يوم الغصب أزيد من قيمته يوم التلف أو العكس- فهل يراعى الأول أو الثاني؟ فيه قولان مشهوران لا يخلو ثانيهما من رجحان (2)، لكن الأحوط التراضي و التصالح فيما به التفاوت. هذا إذا كان تفاوت القيمة من جهة السوق و تفاوت رغبة الناس، و أما ان كان من جهة زيادة و نقصان في العين كالسمن و الهزال فلا إشكال في أنه يراعي أعلى القيم و أحسن الأحوال، بل لو فرض أنه لم يتفاوت قيمة زماني الغصب و التلف من هذه الجهة لكن حصل فيه ارتفاع بين الزمانين ثم زال ضمن ارتفاع قيمته الحاصل في تلك الحال، مثل انه كان الحيوان هازلا حين الغصب ثم سمن ثم عاد الى الهزال و تلف فإنه يضمن قيمته حال سمنه.

[مسألة: 31 إذا اختلفت القيمة باختلاف المكان]

مسألة: 31 إذا اختلفت القيمة باختلاف المكان- كما إذا كان المغصوب في بلد الغصب بعشرة و في بلد التلف بعشرين- فالظاهر اعتبار محل التلف.

[مسألة: 32 كما أنه عند تلف المغصوب يجب على الغاصب دفع بدله الى المالك مثلا]

مسألة: 32 كما أنه عند تلف المغصوب يجب على الغاصب دفع بدله الى المالك مثلا أو قيمة كذلك فيما إذا تعذر على الغاصب عادة تسليمه، كما إذا سرق أو


1- لا يبعد ضمان قيمة مكان التلف و زمانه إذا كان تالفا، و أما مع بقائه فلا يبعد وجوب قيمته في آخر زمان أو مكان سقط بعده عن القيمة.
2- بل هو الأقوى بحسب القواعد و ان كان لا ينبغي ترك الاحتياط.

ص: 85

دفن في مكان لا يقدر على إخراجه أو أبق العبد أو شردت الدابة و نحو ذلك، فإنه يجب عليه إعطاء مثله أو قيمته ما دام كذلك، و يسمى ذلك البدل «بدل الحيلولة»، و يملك المالك البدل مع بقاء المغصوب في ملكه، و إذا أمكن تسليم المغصوب و رده يسترجع البدل.

[مسألة: 33 لو كان للبدل نماء و منافع في تلك المدة كان للمغصوب منه]

مسألة: 33 لو كان للبدل نماء و منافع في تلك المدة كان للمغصوب منه. نعم نماؤه المتصل كالسمن تتبع العين، فإذا استرجعها الغاصب استرجعها بنمائها، و أما المبدل فلما كان باقيا على ملك مالكه فنماؤه و منافعه له، لكن الغاصب لا يضمن منافعها غير المستوفاة في تلك المدة على الأقوى.

[مسألة: 34 القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميات و في المثليات عند تعذر المثل هو نقد البلد]

مسألة: 34 القيمة التي يضمنها الغاصب في القيميات و في المثليات عند تعذر المثل هو نقد البلد من الذهب و الفضة (1) المضروبين بسكة المعاملة، و هذا هو الذي يستحقه المغصوب منه، كما هو كذلك في جميع الغرامات و الضمانات، فليس للضامن دفع غيره الا بالتراضي بعد مراعاة قيمة ما يدفعه مقيسا الى النقدين.

[مسألة: 35 الظاهر أن الفلزات و المعادن المنطبعة كالحديد و الرصاص و النحاس كلها مثلية]

مسألة: 35 الظاهر أن الفلزات و المعادن المنطبعة كالحديد و الرصاص و النحاس كلها مثلية حتى الذهب و الفضة مضروبين أو غير مضروبين، و حينئذ تضمن جميعها بالمثل، و عند التعذر تضمن بالقيمة كسائر المثليات المتعذر المثل. نعم في خصوص الذهب و الفضة تفصيل، و هو انه إذا قوم بغير الجنس- كما إذا قوم الذهب بالدرهم أو قوم الفضة بالدينار- فلا اشكال، و أما إذا قوم بالجنس- بأن قوم الفضة بالدرهم أو قوم الذهب بالدينار- فان تساوى القيمة و المقوم وزنا كما إذا كانت الفضة المضمونة المقومة عشرة مثاقيل فقومت بثمانية دراهم و كان وزنها أيضا عشرة مثاقيل فلا إشكال أيضا، و ان كان بينهما التفاوت- بأن كانت الفضة المقومة عشرة مثاقيل مثلا و قد قومت بثمانية دراهم وزنها ثمانية مثاقيل- فيشكل دفعها غرامة عن الفضة، لاحتمال كونه داخلا في الربا فيحرم،


1- و غيرهما إذا كان رائجا.

ص: 86

كما أفتى به جماعة، فالأحوط أن يقوم بغير الجنس، بأن يقوم الفضة بالدينار و الذهب بالدرهم حتى يسلم من شبهة الربا.

[مسألة: 36 لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثم تلفت- بأن غصبها شخص عن مالكها]

مسألة: 36 لو تعاقبت الأيادي الغاصبة على عين ثم تلفت- بأن غصبها شخص عن مالكها ثم غصبها من الغاصب شخص آخر ثم غصبها من الثاني شخص ثالث و هكذا- ثم تلفت ضمن الجميع فللمالك أن يرجع ببدل ماله من المثل أو القيمة الى كل واحد منهم و الى أكثر من واحد بالتوزيع متساويا أو متفاوتا، حتى انه لو كانوا عشرة مثلا له أن يرجع الى الجميع و يأخذ من كل منهم عشر ما يستحقه من البدل، و له أن يأخذ من واحد منهم النصف و الباقي من الباقين بالتوزيع متساويا أو بالتفاوت.

هذا حكم المالك معهم، و أما حكم بعضهم مع بعض: فأما الغاصب الأخير الذي تلف المال عنده فعليه قرار الضمان، بمعنى أنه لو رجع عليه المالك و غرمه لم يرجع هو على غيره (1) بما غرمه، بخلاف غيره من الأيادي السابقة، فإن المالك لو رجع الى واحد منهم فله أن يرجع على الأخير الذي تلف المال عنده، كما أن لكل منهم الرجوع على تاليه و هو على تاليه و هكذا الى أن ينتهي إلى الأخير.

[مسألة: 37 لو غصب شيئا مثليا فيه صنعة محللة كالحلي من الذهب و الفضة]

مسألة: 37 لو غصب شيئا مثليا فيه صنعة محللة كالحلي من الذهب و الفضة و كالانية من النحاس و شبهه فتلف عنده أو أتلفه ضمن مادته بالمثل و صنعته بالقيمة، فلو غصب قرطا من ذهب كان وزنه مثقالين و قيمة صنعته و صياغته عشرة دراهم ضمن مثقالين من ذهب بدل مادته و عشرة دراهم قيمة صنعته. و يحتمل قريبا صيرورته بعد الصياغة و بعد ما عرض عليه الصنعة قيميا، فيقوم القرط مثلا بمادته و صنعته و يعطى قيمته السوقية، و الأحوط التصالح. و اما احتمال كون المصنوع مثليا مع صنعته فبعيد جدا. نعم لا يبعد ذلك بل قريب جدا في المصنوعات التي لها أمثال متقاربة جدا، كالمصنوعات بالمكائن و المعامل المعمولة في هذه الأعصار من أنواع الظروف و الأدوات


1- إلا إذا كان مغرورا فيرجع الى الغار.

ص: 87

و الأثواب و غيرها، فتضمن كلها بالمثل مع مراعاة صنفها.

[مسألة: 38 لو غصب المصنوع و تلفت عنده الهيئة و الصنعة فقط دون المادة رد العين]

مسألة: 38 لو غصب المصنوع و تلفت عنده الهيئة و الصنعة فقط دون المادة رد العين و عليه قيمة الصنعة، و ليس للمالك إلزامه بإعادة الصنعة، كما أنه ليس عليه القبول لو بذله الغاصب و قال اني أصنعه كما كان سابقا.

[مسألة: 39 لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرمة غير محترمة- كما في آلات القمار و الملاهي]

مسألة: 39 لو كانت في المغصوب المثلي صنعة محرمة غير محترمة- كما في آلات القمار و الملاهي و آنية الذهب و الفضة و نحوها- لم يضمن الصنعة، سواء أتلفها خاصة أو مع ذيها، فيرد المادة لو بقيت الى المالك و ليس عليه شي ء لأجل الهيئة و الصنعة.

[مسألة: 40 إذا تعيب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان]

مسألة: 40 إذا تعيب المغصوب في يد الغاصب كان عليه أرش النقصان، و لا فرق في ذلك بين الحيوان و غير الحيوان. نعم اختص العبيد و الإماء ببعض الاحكام و تفاصيل لا يسعها المقام.

[مسألة: 41 لو غصب شيئين تنقص قيمة كل واحد منهما منفردا عنها فيما إذا كانا مجتمعين كمصراعي الباب]

مسألة: 41 لو غصب شيئين تنقص قيمة كل واحد منهما منفردا عنها فيما إذا كانا مجتمعين كمصراعي الباب و الخفين فتلف أحدهما أو أتلفه ضمن قيمة التالف مجتمعا ورد الباقي مع ما نقص من قيمته بسبب انفراده، فلو غصب خفين كان قيمتها مجتمعين عشرة و كان قيمة كل منهما منفردا ثلاثة فتلف أحدهما عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هي خمسة ورد الأخر مع ما ورد عليه من النقص بسبب انفراده و هو اثنان، فيعطى للمالك سبعة مع أحد الخفين. و لو غصب أحدهما و تلف عنده ضمن التالف بقيمته مجتمعا و هي خمسة في الفرض المذكور، و هل يضمن النقص الوارد على الثاني و هو اثنان حتى تكون عليه سبعة أم لا؟ فيه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان.

[مسألة: 42 لو زادت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة فهي على أقسام ثلاثة]

مسألة: 42 لو زادت بفعل الغاصب زيادة في العين المغصوبة فهي على أقسام ثلاثة:

أحدها- أن يكون أثرا محضا، كتعليم الصنعة في العبد و خياطة الثوب بخيوط

ص: 88

المالك و غزل القطن و نسج الغزل و طحن الطعام و صياغة الفضة و نحو ذلك.

ثانيها- أن تكون عينية محضة، كغرس الأشجار و البناء في الأرض البسيطة و نحو ذلك.

ثالثها- أن تكون أثرا مشوبا بالعينية، كصبغ الثوب و نحوه.

[مسألة: 43 لو زادت في العين المغصوبة بما يكون أثرا محضا ردها كما هي و لا شي ء له لأجل تلك الزيادة]

مسألة: 43 لو زادت في العين المغصوبة بما يكون أثرا محضا ردها كما هي و لا شي ء له لأجل تلك الزيادة و لا من جهة أجرة العمل، و ليس له إزالة الأثر و اعادة العين الى ما كانت بدون اذن المالك، حيث انه تصرف في مال الغير بدون اذنه. بل لو أزاله بدون اذنه ضمن قيمته للمالك و ان لم يرد نقص على العين، و للمالك إلزامه بإزالة الأثر و اعادة الحالة الأولى للعين إذا كان فيه غرض عقلائي، و لا يضمن الغاصب حينئذ قيمة الصنعة. نعم لو ورد نقص على العين ضمن أرش النقصان.

[مسألة: 44 لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع و الغرس و نماؤهما للغاصب و عليه أجرة الأرض]

مسألة: 44 لو غصب أرضا فزرعها أو غرسها فالزرع و الغرس و نماؤهما للغاصب و عليه أجرة الأرض ما دامت مزروعة أو مغروسة، و يلزم عليه ازالة غرسه و زرعه و ان تضرر بذلك، و عليه أيضا طم الحفر و أرش النقصان ان نقصت الأرض بالزرع و القلع الا أن يرضى المالك بالبقاء مجانا أو بالأجرة. و لو بذل صاحب الأرض بالزرع و القلع الا أن يرضى المالك بالبقاء مجانا أو بالأجرة. و لو بذل صاحب الأرض قيمة الغرس أو الزرع لم يجب على الغاصب إجابته، و كذا لو بذل الغاصب أجرة الأرض أو قيمتها لم يجب على صاحب الأرض قبوله. و لو حفر الغاصب في الأرض بئرا كان عليه طمها مع طلب المالك و ليس له طمها مع عدم الطلب فضلا عما لو منعه، و لو بنى في الأرض المغصوبة بناء فهو كما لو غرس فيها، فيكون البناء للغاصب ان كان اجزاؤه له و للمالك إلزامه بالقلع، فحكمه حكم الغرس في جميع ما ذكر.

[مسألة: 45 لو غرس أو بنى في أرض غصبها و كان الغراس و أجزاء البناء لصاحب الأرض كان الكل له]

مسألة: 45 لو غرس أو بنى في أرض غصبها و كان الغراس و أجزاء البناء لصاحب الأرض كان الكل له و ليس للغاصب قلعها أو مطالبة الأجرة، و للمالك إلزامه

ص: 89

بالقلع و الهدم (1) ان كان له غرض عقلائي في ذلك.

[مسألة: 46 لو غصب ثوبا و صبغه بصبغه، فإن أمكن إزالته مع بقاء مالية له كان له ذلك]

مسألة: 46 لو غصب ثوبا و صبغه بصبغه، فإن أمكن إزالته مع بقاء مالية له كان له ذلك و ليس لمالك الثوب منعه، كما أن للمالك إلزامه به، و لو ورد نقص على الثوب بسبب ازالة صبغه ضمنه الغاصب، و لو طلب مالك الثوب من الغاصب أن يملكه الصبغ بقيمته لم يجب عليه إجابته كالعكس بأن يطلب الغاصب منه ان يملكه الثوب.

هذا إذا أمكن إزالة الصبغ، و أما إذا لم يمكن الإزالة أو تراضيا على بقائه اشتركا في الثوب المغصوب بنسبة القيمة (2)، فلو كان قيمة الثوب قبل الصبغ يساوي قيمة الصبغ كان بينهما نصفين، و ان كانت ضعف قيمته كان بينهما أثلاثا ثلثان لصاحب الثوب و ثلث لصاحب الصبغ، فان بقيت قيمة كل واحد منهما محفوظة من غير زيادة و لا نقصان فالثمن بينهما على نسبة ماليهما و لم يكن على الغاصب ضمان، كما إذا كانت قيمة الثوب عشرة و قيمة الصبغ عشرة و قيمة الثوب المصبوغ عشرين أو كانت قيمة الثوب عشرين و قيمة الصبغ عشرة و قيمة المجموع ثلاثين فيكون الثمن بينهما بالتنصيف في الأول و في الثاني أثلاثا، و كذا لو زادت قيمة المجموع تكون الزيادة بينهما بتلك النسبة، فلو فرض أنه بيع الثوب المصبوغ في الأول بثلاثين كانت العشرة الزائدة بينهما بالسوية، و لو بيع في الفرض الثاني بأربعين كانت العشرة الزائدة بينهما أثلاثا ثلثان لصاحب الثوب و ثلث لصاحب الصبغ، و ان نقصت قيمته مصبوغا عن قيمتهما منفردين- كما إذا كانت قيمة كل منهما عشرة و كانت قيمة الثوب مصبوغا خمسة عشر- فان كان ذلك من جهة انتقاص الثوب بسبب الصبغ ضمنه الغاصب و ان كان بسبب تنزل القيمة السوقية فهو محسوب على صاحبه و لا يضمنه الغاصب.


1- و عليه تدارك النقص و كسر القيمة.
2- بشرط بقاء المالية للصبغ بنسبة القيمة بعد الصبغ دون قبله كما في المتن، فلو زاد بعد الصبغ قيمة أحدهما كانت الزيادة له، و لو نقص قيمة المصبوغ بالصبغ فعلى الغاصب تداركه.

ص: 90

[مسألة: 47 لو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب حصلت الشركة]

مسألة: 47 لو صبغ الثوب المغصوب بصبغ مغصوب حصلت الشركة (1) بين صاحبي الثوب و الصبغ بنسبة قيمتهما، و لا غرامة على الغاصب لو لم يرد نقص عليهما، و ان ورد ضمنه الغاصب لمن ورد عليه. فلو فرض أن قيمة كل من الثوب و الصبغ عشرة و كانت قيمة الثوب المصبوغ خمسة عشر ضمن الغاصب لهما خمسة لكل منهما اثنان و نصف (2).

[مسألة: 48 لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج في يده بغير اختيار مزجا رافعا للتميز بينهما]

مسألة: 48 لو مزج الغاصب المغصوب بغيره أو امتزج في يده بغير اختيار مزجا رافعا للتميز بينهما، فان كان بجنسه و كانا متماثلين ليس أحدهما أجود من الأخر و أردى تشاركا في المجموع بنسبة ماليهما و ليس على الغاصب غرامة بالمثل أو القيمة، بل الذي عليه تسليم المال و الاقدام على الافراز (3) و التقسيم بنسبة المالين أو البيع و أخذ كل واحد منهما حصته من الثمن كسائر الأموال المشتركة. و ان خلط المغصوب بما هو أجود أو أردى منه تشاركا أيضا بنسبة المالين، الا ان التقسيم و توزيع الثمن بينهما بنسبة القيمة، فلو خلط منا من زيت قيمته خمسة بمن منه قيمته عشرة كان لكل منهما نصف المجموع، لكن إذا بنيا على القسمة يجعل ثلاثة أسهم و يعطى لصاحب الأول سهم و لصاحب الثاني سهمان، و إذا باعاه يقسم الثمن بينهما أثلاثا، و الأحوط في مثل ذلك- أعني اختلاط مختلفي القيمة من جنس واحد- البيع و توزيع الثمن بنسبة القيمة لا التقسيم بالتفاضل بنسبتها، من جهة شبهة لزوم الربا في الثاني كما قال به جماعة.

هذا إذا مزج المغصوب بجنسه، و اما إذا اختلط بغير جنسه فان كان فيما يعد معه تالفا- كما إذا اختلط ماء الورد المغصوب بالزيت- ضمن المثل، و ان لم يكن كذلك- كما خلط دقيق الحنطة بدقيق الشعير أو خلط الخل بالعسل- فالظاهر أنه


1- بشرط بقاء المالية للصبغ لكن بنسبة قيمة كل منهما بعد الصبغ كما مر.
2- ان كان النقص الوارد على كل منهما بالسوية، و إلا فيقتسمان بحسب النسبة.
3- إذا رضيا به و طالباه عنه، و لا يجوز الإقدام بأي نحو من التصرفات الا برضاهما.

ص: 91

بحكم الخلط بالأجود أو الأردى من جنس واحد، فيشتركان في العين بنسبة المالين و يقسمان العين و يوزعان الثمن بينهما بنسبة القيمتين كما مر.

[مسألة: 49 لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردى و صار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين]

مسألة: 49 لو خلط المغصوب بالأجود أو الأردى و صار قيمة المجموع المخلوط أنقص من قيمة الخليطين منفردين، فورد بذلك النقص المالي على المغصوب ضمنه الغاصب، كما لو غصب منا من زيت جيد قيمته عشرة و خلطه بمن من ردي ء قيمته خمسة، و بسبب الاختلاط يكون قيمة المنين اثني عشر، فصار حصة المغصوب منه من الثمن بعد التوزيع ثمانية، و الحال ان زيته غير مخلوط كان يسوى عشرة، فورد النقص عليه باثنين، و هذا النقص يغرمه الغاصب (1). و ان شئت قلت: يستوفي المالك قيمة ماله غير مخلوط من الثمن و ما بقي يكون للغاصب.

[مسألة: 50 فوائد المغصوب مملوكة للمغصوب منه و ان تجددت بعد الغصب]

مسألة: 50 فوائد المغصوب مملوكة للمغصوب منه و ان تجددت بعد الغصب، و هي كلها مضمونة على الغاصب أعيانا كانت كاللبن و الولد و الشعر و الثمر أو منافع كسكنى الدار و ركوب الدابة، بل كل صفة زادت بها قيمة المغصوب لو وجدت في زمان الغصب ثم زالت و تنقصت بزوالها قيمته ضمنها الغاصب و ان رد العين كما كانت قبل الغصب، فلو غصب دابة هازلة أو عبدا جاهلا ثم سمنت الدابة أو تعلم العبد الصنعة فزادت قيمتهما بسبب ذلك ثم هزلت الدابة أو نسي المملوك الصنعة ضمن الغاصب تلك الزيادة التي حصلت ثم زالت. نعم لو زادت القيمة لزيادة صفة ثم زالت تلك الصفة ثم عادت الصفة بعينها لم يضمن قيمة الزيادة التالفة لانجبارها بالزيادة العائدة، كما إذا سمنت الدابة في يده فزادت قيمتها ثم هزلت ثم سمنت فإنه لا يضمن الزيادة الحاصلة بالسمن الأول (2) الا إذا نقصت الزيادة الثانية عن الأولى، بأن كانت الزيادة


1- و لو زادت قيمة المجموع بعد الخلط مثل أن تكون ثمانية عشر في المثال فالظاهر أن الزيادة لصاحب الأردى.
2- مشكل، و الظاهر أنه لا فرق بين هذه المسألة و المسألة الآتية.

ص: 92

الحاصلة بالسمن الأول درهمين و الحاصلة بالثاني درهما مثلا، فيضمن التفاوت.

[مسألة: 51 لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته]

مسألة: 51 لو حصلت فيه صفة فزادت قيمته ثم زالت فنقصت ثم حصلت فيه صفة أخرى زادت بها قيمته لم يزل ضمان الزيادة الاولى و لم ينجبر نقصانها بالزيادة الثانية، كما إذا سمنت الجارية المغصوبة ثم هزلت فنقصت قيمتها ثم تعلمت الخياطة فزادت قيمتها بقدر الزيادة الأولى أو أزيد لم يزل ضمان الغاصب للزيادة الاولى.

[مسألة: 52 إذا غصب حبا فزرعه أو بيضا فاستفرخه تحت دجاجته مثلا كان الزرع و الفرخ للمغصوب منه]

مسألة: 52 إذا غصب حبا فزرعه أو بيضا فاستفرخه تحت دجاجته مثلا كان الزرع و الفرخ للمغصوب منه، و كذا لو غصب خمرا فصار خلا أو غصب عصيرا فصار خمرا عنده ثم صار خلا فإنه ملك للمغصوب منه لا الغاصب، و أما لو غصب فحلا فأنزاه على الأنثى و أولدها كان الولد لصاحب الأنثى و ان كان هو الغاصب و عليه أجرة الضراب (1).

[مسألة: 53 جميع ما مر من الضمان و كيفيته و أحكامه و تفاصيله جارية في كل يد جارية على مال الغير بغير حق]

مسألة: 53 جميع ما مر من الضمان و كيفيته و أحكامه و تفاصيله جارية في كل يد جارية على مال الغير بغير حق و ان لم تكن عادية و غاصبة و ظالمة، إلا في موارد الأمانات مالكية كانت أو شرعية، كما عرفت التفصيل في كتاب الوديعة، فتجري في جميع ما يقبض بالمعاملات الفاسدة. و ما وضع اليد عليه بسبب الجهل و الاشتباه كما إذا لبس حذاء غيره أو ثوبه اشتباها أو أخذ شيئا من سارق عارية باعتقاد انه ماله و غير ذلك مما لا يحصى.

[مسألة: 54 كما أن اليد الغاصبة و ما يلحق بها موجبة للضمان- و هو المسمى «بضمان اليد»]

مسألة: 54 كما أن اليد الغاصبة و ما يلحق بها موجبة للضمان- و هو المسمى «بضمان اليد» و قد عرفت تفصيله في المسائل السابقة- كذلك للضمان سببان آخران:

الإتلاف، و التسبيب. و بعبارة أخرى له سبب آخر، و هو الإتلاف، سواء كان بالمباشرة أو التسبيب.

[مسألة: 55 الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه]

مسألة: 55 الإتلاف بالمباشرة واضح لا يخفى مصاديقه، كما إذا ذبح حيوانا (2)


1- و ان لم يكن صاحب الأنثى.
2- بل كما إذا قتل حيوانا بغير الذبح الشرعي، و أما الذبح فليس إتلافا للمذبوح بل إتلاف لوصف كونه حيا و يضمن المتلف تفاوت كونه حيا و مذبوحا.

ص: 93

أو رماه بسهم فقتله أو ضرب على إناء فكسره أو رمى شيئا في النار فأحرقه و غير ذلك مما لا يحصى، و أما الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شي ء يترتب عليه الإتلاف بسبب وقوع شي ء، كما لو حفر بئرا في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان أو طرح المعاثر و المزالق كقشر البطيخ و الرقي في المسالك أو أوتد وتدا في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان أو وضع شيئا على الطريق فتمر به الدابة فتنفر بصاحبها فتعقره أو أخرج ميزابا على الطريق فأضر بالمارة أو ألقى صبيا أو حيوانا يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السبع. و من ذلك ما لو فك القيد عن الدابة فشردت أو فتح قفصا عن طائر فطار مبادرا أو بعد مكث و غير ذلك، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامنا و يكون عليه غرامة التالف و بدله، ان كان مثليا فبالمثل و ان كان قيميا فبالقيمة، و ان صار سببا لتعيب المال كان عليه الأرش كما مر في ضمان اليد.

[مسألة: 56 لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعا أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها]

مسألة: 56 لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعا أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب إلا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من امه و كانت الماشية في محال السباع و مظان الخطر و انحصر حفظها بحراسة راعيها، فعليه الضمان حينئذ على الأقوى.

[مسألة: 57 و من التسبيب الموجب للضمان ما لو فك وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه]

مسألة: 57 و من التسبيب الموجب للضمان ما لو فك وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه، و أما لو فتح رأس الظرف ثم اتفق انه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلا فسال ما فيه ففي الضمان تردد و اشكال (1). نعم يقوى الضمان فيما كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة أو في مجتمع الطيور و مظان وقوعها عليه.

[مسألة: 58 ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح بابا على مال فسرق أو دل سارقا عليه فسرقه]

مسألة: 58 ليس من التسبيب الموجب للضمان ما لو فتح بابا (2) على مال فسرق أو دل سارقا عليه فسرقه، فلا ضمان عليه.


1- و ان كان الأقوى فيه الضمان.
2- في إطلاقه إشكال.

ص: 94

[مسألة: 59 لو وقع الحائط على الطريق مثلا فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه]

مسألة: 59 لو وقع الحائط على الطريق مثلا فتلف بوقوعه مال أو نفس لم يضمن صاحبه، إلا إذا بناه مائلا إلى الطريق أو مال اليه بعد ما كان مستويا و قد تمكن صاحبه من الإزالة (1) و لم يزله، فعليه الضمان في الصورتين على الأقوى (2).

[مسألة: 60 لو وضع شربة أو كوزا مثلا على حائطه فسقط و تلف به مال أو نفس لم يضمن]

مسألة: 60 لو وضع شربة أو كوزا مثلا على حائطه فسقط و تلف به مال أو نفس لم يضمن إلا إذا وضعه مائلا إلى الطريق أو وضعه على وجه يسقط مثله (3).

[مسألة: 61 و من التسبيب الموجب للضمان ان يشعل نارا في ملكه و داره فتعدت]

مسألة: 61 و من التسبيب الموجب للضمان ان يشعل نارا في ملكه و داره فتعدت و أحرقت دار جاره مثلا فيما إذا تجاوز قدر حاجته و يعلم أو يظن تعديها لعصف الهواء مثلا، بل الظاهر كفاية الثاني، فيضمن مع العلم أو الظن بالتعدي و لو كان بمقدار الحاجة، بل لا يبعد الضمان إذا اعتقد عدم كونها متعدية فتبين خلافه، كما إذا كانت ريح حين إشعال النار و هو قد اعتقد أن بمثل هذه الريح لا تسري النار الى الجار فتبين خلافه. نعم لو كان الهواء ساكنا بحيث يؤمن معه من التعدي فاتفق عصف الهواء بغتة فطارت شرارتها يقوى عدم الضمان.

[مسألة: 62 إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى الى ملك غيره فأضر به ضمن مطلقا]

مسألة: 62 إذا أرسل الماء في ملكه فتعدى الى ملك غيره فأضر به ضمن مطلقا (4) و لو مع اعتقاده عدم التعدي فضلا عما لو علم أو ظن به.

[مسألة: 63 لو تعب حمال الخشبة فأسندها الى جدار الغير ليستريح بدون اذن صاحب الجدار فوقع بإسناده اليه ضمنه]

مسألة: 63 لو تعب حمال الخشبة فأسندها الى جدار الغير ليستريح بدون اذن صاحب الجدار فوقع بإسناده اليه ضمنه و ضمن ما تلف بوقوعه عليه، و لو وقعت الخشبة فأتلفت شيئا ضمنه، سواء وقعت في الحال أو بعد ساعة (5).


1- أو تمكن من الاعلام و لم يعلمه.
2- بشرط ان لا يكون بإقدام من التالف أو المتلف منه.
3- أو يكون في معرض للسقوط.
4- بشرط أن لا يكون ذلك مستندا الى المتضرر و الا فلا ضمان، و ان كان مستندا الى غيرهما فالضمان عليه.
5- بشرط أن يكون ذلك مستندا إلى إسناده.

ص: 95

[مسألة: 64 لو فتح قفصا عن طائر فخرج و كسر بخروجه قارورة شخص مثلا ضمنها الفاتح]

مسألة: 64 لو فتح قفصا عن طائر فخرج و كسر بخروجه قارورة شخص مثلا ضمنها الفاتح، و كذا لو كان القفص ضيقا مثلا فاضطرب بخروجه فسقط و انكسر ضمنه.

[مسألة: 65 إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسده]

مسألة: 65 إذا أكلت دابة شخص زرع غيره أو أفسده، فإن كان معها صاحبها راكبا أو سائقا أو قائدا أو مصاحبا ضمن ما أتلفته، و ان لم يكن معها- بأن انفلتت من مراحها مثلا فدخلت زرع غيره- ضمن ما أتلفته ان كان ذلك ليلا و ليس عليه ضمان ان كان نهارا.

[مسألة: 66 لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فاتلفتا زرعا أو غيره]

مسألة: 66 لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابة في يد المستعير أو المستأجر فاتلفتا زرعا أو غيره كان الضمان على الراعي و المستأجر و المستعير لا على المالك و المعير.

[مسألة: 67 لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين، فان لم يكن أحدهما أسبق في التأثير اشتركا في الضمان]

مسألة: 67 لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين، فان لم يكن أحدهما أسبق في التأثير اشتركا في الضمان، و الا كان الضمان على المتقدم في التأثير. فلو حفر شخص بئرا في الطريق و وضع شخص آخر حجرا بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر كان الضمان على واضع الحجر دون حافر البئر، و يحتمل قويا اشتراكهما في الضمان مطلقا.

[مسألة: 68 لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر دون فاعل السبب]

مسألة: 68 لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر دون فاعل السبب، فلو حفر شخص بئرا في الطريق فدفع غيره فيها إنسانا أو حيوانا كان الضمان على الدافع دون الحافر (1). نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمد رجله و كسرها كان الضمان على الواضع دون النائم.


1- ان كان الدافع مختارا في دفعه، و أما إذا خرج عن اختياره فالضمان على الحافر ان كان البئر موجبا للتلف.

ص: 96

[مسألة: 69 لو اكره على إتلاف مال غيره كان الضمان على من أكرهه و ليس عليه ضمان]

مسألة: 69 لو اكره على إتلاف مال غيره كان الضمان على من أكرهه و ليس عليه ضمان، لكون ذي السبب أقوى من المباشر. هذا إذا لم يكن المال مضمونا في يده، بأن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلا، و أما إذا كان المال مضمونا في يده- كما إذا غصب مالا فأكرهه شخص على إتلافه- فالظاهر ضمان كليهما، فللمالك الرجوع على أيهما شاء، فان رجع على المكره (بالكسر) لم يرجع على المكره (بالفتح)، بخلاف العكس. هذا إذا أكره على إتلاف المال، و أما لو اكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المكره (بالكسر) و ان كان عليه عقوبة، فإنه لا إكراه في الدماء.

[مسألة: 70 لو غصب مأكولا مثلا فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله- بأن قال له هذا ملكي و طعامي- أو قدمه إليه ضيافة]

مسألة: 70 لو غصب مأكولا مثلا فأطعمه المالك مع جهله بأنه ماله- بأن قال له هذا ملكي و طعامي- أو قدمه إليه ضيافة. مثلا لو غصب شاة و استدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنها شاته ضمن الغاصب (1) و ان كان المالك هو المباشر للإتلاف. نعم لو دخل المالك دار الغاصب مثلا و رأى طعاما فأكله على اعتقاد أنه طعام الغاصب فكان طعام الأكل فالظاهر عدم ضمان الغاصب و قد بري ء عن ضمان الطعام.

[مسألة: 71 لو غصب طعاما من شخص و أطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الأكل بأنه مال غيره]

مسألة: 71 لو غصب طعاما من شخص و أطعمه غير المالك على أنه ماله مع جهل الأكل بأنه مال غيره- كما إذا قدمه اليه بعنوان الضيافة مثلا- ضمن كلاهما، فللمالك ان يغرم أيهما شاء، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الأكل و ان أغرم الأكل رجع على الغاصب لانه قد غره.

[مسألة: 72 إذا سعى الى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالا بغير حق]

مسألة: 72 إذا سعى الى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحق أو بغير حق فأخذ الظالم منه مالا بغير حق لم يضمن الساعي و المشتكي ما خسره، و ان أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حق، و انما الضمان على من أخذ المال.

[مسألة: 73 إذا تلف المغصوب و تنازع المالك و الغاصب في القيمة]

مسألة: 73 إذا تلف المغصوب و تنازع المالك و الغاصب في القيمة و لم يكن


1- التفاوت بين الحي و المذبوح كما مر.

ص: 97

بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه (1)، و كذا لو تنازعا في صفة تزيد بها الثمن، بأن ادعى المالك وجود تلك الصفة فيه يوم غصبه أو حدوثها بعده، و ان زالت فيما بعد و أنكره الغاصب و لم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه.

[مسألة: 74 إذا كان على العبد المغصوب الذي تحت يد الغاصب ثوب أو خاتم مثلا أو على الدابة المغصوبة]

مسألة: 74 إذا كان على العبد المغصوب الذي تحت يد الغاصب ثوب أو خاتم مثلا أو على الدابة المغصوبة رحل أو علق بها حبل و اختلفا فيما عليهما فقال المغصوب منه هو لي و قال الغاصب هو لي و لم يكن بينة فالقول قول الغاصب مع يمينه لكونه ذا يد فعلية عليه.


1- على المختار من اشتغال ذمة الضامن بالقيمة بتلف العين المضمونة.

ص: 98

[كتاب احياء الموات و المشتركات]

اشارة

كتاب احياء الموات و المشتركات

[القول في إحياء الموات]

اشارة

القول في إحياء الموات:

الموات هي الأرض المعطلة التي لا ينتفع بها، أما لانقطاع الماء عنها أو لاستيلاء المياه أو الرمول أو السبخ أو الأحجار عليها أو لاستيجامها و التفاف القصب و الأشجار بها أو لغير ذلك، و هو على قسمين:

الأول- الموات بالأصل، و هو ما لم يعلم مسبوقيته بالملك (1) و الاحياء، أو علم عدم مسبوقيته بهما كأكثر المفاوز و البراري و البوادي و صفحات الجبال و أذيالها و نحوها.

الثاني- الموات بالعارض، و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران، كالأراضي الدارسة التي بها آثار المرور و الأنهار و القرى الخربة التي بقيت منها رسوم العمارة.

[مسألة: 1 الموات بالأصل و ان كان ملكا للإمام عليه السلام حيث انه من الأنفال]

مسألة: 1 الموات بالأصل و ان كان ملكا للإمام عليه السلام حيث انه من الأنفال كما مر في كتاب الخمس، لكن يجوز في زمان الغيبة لكل أحد إحياؤه مع الشروط الآتية و القيام بعمارته و يملكه المحيي على الأقوى، سواء كان في دار الإسلام أو في دار الكفر، و سواء كان في أرض الخراج كأرض العراق أو في غيرها، و سواء


1- الموات بالأصل هي ما لم يسبق بالاحياء، و ما لم يعلم ذلك يعمل معه معاملة الموات بالأصل، و لعله المتبادر عند العرف من الموات بالأصل.

ص: 99

كان المحيي مسلما أو كافرا.

[مسألة: 2 الموات بالعارض الذي كان مسبوقا بالملك و الاحياء إذا لم يكن له مالك معروف على قسمين]

مسألة: 2 الموات بالعارض الذي كان مسبوقا بالملك و الاحياء إذا لم يكن له مالك معروف على قسمين:

الأول- ما باد أهلها و صارت بسبب مرور الزمان و تقادم الأيام بلا مالك، و ذلك كالأراضي الدارسة و القرى و البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للأمم الماضين الذين لم يبق منهم اسم و لا رسم أو نسبت إلى أقوام أو أشخاص لم يعرف منهم الا الاسم.

الثاني- ما لم يكن كذلك (1) و لم تكن بحيث عدت بلا مالك، بل كانت لمالك موجود و لم يعرف شخصه و يقال لها مجهولة المالك.

فأما القسم الأول فهو بحكم الموات بالأصل في كونه من الأنفال و انه يجوز إحياؤه و يملكه المحيي، فيجوز إحياء الأراضي الدارسة التي بقيت فيها آثار الأنهار و السواقي و المروز و تنقية القنوات و الآبار المطمومة و تعمير الخربة من القرى و البلاد القديمة التي بقيت بلا مالك، و لا يعامل معها معاملة مجهول المالك، و لا يحتاج الى الاذن من حاكم الشرع أو الشراء منه، بل يملكها المحيي و المعمر بنفس الاحياء و التعمير.

و أما القسم الثاني فلا إشكال في جواز إحيائه و القيام بتعميره و التصرف فيه بأنواع التصرفات، و هل يملكه المحيي عينا و منفعة و ليس عليه شي ء إلا الزكاة عند اجتماع شرائطها كالقسم الأول أم لا؟ ظاهر المشهور هو الأول، لكنه لا يخلو من اشكال، فالأحوط أن يتفحص عن صاحبه (2) و بعد اليأس عنه يعامل معه معاملة مجهول


1- و لم يعلم اعراض صاحبه.
2- و أحوط منه أن يستأذن الحاكم في أصل الإحياء أيضا، فيأذن له على ما يؤدى نظره من التملك بالاحياء بعوض أو بلا عوض و الانتفاع كذلك و يتصدق الحاكم العوض على الفقراء كما في المتن، كما أن الأحوط لصاحب الأرض المصالحة و المراضاة مع المحيي إذا أحياها بقصد التملك.

ص: 100

المالك، فأما ان يشتري عينها من حاكم الشرع و يصرف ثمنها على الفقراء، و اما أن يستأجرها منه بأجرة معينة، أو يقدر ما هو أجرة مثلها لو انتفع بها و يتصدق بها على الفقراء. نعم لو علم أن مالكها قد أعرض عنها أو انجلى عنها أهلها و تركوها لقوم آخرين جاز إحياؤها و تملكها بلا اشكال.

[مسألة: 3 إذا كان ما طرأ عليه الخراب لمالك معلوم، فإن أعرض عنه مالكه كان لكل أحد إحياؤه و تملكه]

مسألة: 3 إذا كان ما طرأ عليه الخراب لمالك معلوم، فإن أعرض عنه مالكه كان لكل أحد إحياؤه و تملكه، و ان لم يعرض عنه فإن أبقاه مواتا للانتفاع بها في تلك الحال من جهة تعليف دوابه أو بيع حشيشه أو قصبه و نحو ذلك فربما ينتفع منها مواتا أكثر مما ينتفع منها محياة فلا إشكال في انه لا يجوز لأحد إحياؤها و التصرف فيها بدون اذن مالكها، و كذا فيما إذا كان مهتما بإحيائها عازما عليه و انما أخر الاشتغال به لجمع الآلات و تهيئة الأسباب المتوقعة الحصول أو لانتظار وقت صالح له.

و أما لو ترك تعمير الأرض و إصلاحها و أبقاها إلى الخراب من جهة عدم الاعتناء بشأنها و عدم الاهتمام و الالتفات الى مرمتها و عدم عزمه على إحيائها اما لعدم حاجته إليها أو لاشتغاله بتعمير غيرها فبقيت مهجورة مدة معتدا بها حتى آل الى الخراب، فان كان سبب ملك المالك غير الاحياء- مثل أنه ملكها بالإرث أو الشراء- فليس لأحد وضع اليد عليها و إحياؤها و التصرف فيها إلا بإذن مالكها، و لو أحياها أحد و تصرف فيها و انتفع بها بزرع أو غيره فعليه أجرتها لمالكها. و ان كان سبب ملكه الإحياء- بأن كانت أرضا مواتا بالأصل فأحياها و ملكها ثم بعد ذلك عطلها و ترك تعميرها حتى آلت الى الخراب- فالظاهر أنه يجوز إحياؤها لغيره (1)، فلو أحياها غيره و عمرها كان الثاني أحق بها من الأول و ليس للأول انتزاعها من يده، و ان كان الأحوط أنه لو رجع الأول إليه أعطي حقه اليه و لم يتصرف فيها إلا بإذنه.


1- مشكل فلا يترك الاحتياط بترك الاحياء بدون إذن المحيي الأول، كما أن الأحوط له أيضا المراضاة و المصالحة مع المحيي الثاني لو أحياها بقصد التملك.

ص: 101

[مسألة: 4 كما يجوز احياء القرى الدارسة و البلاد القديمة التي باد أهلها و صارت بلا مالك بجعلها مزرعا أو مسكنا أو غيرهما]

مسألة: 4 كما يجوز احياء القرى الدارسة و البلاد القديمة التي باد أهلها و صارت بلا مالك بجعلها مزرعا أو مسكنا أو غيرهما، كذا يجوز حيازة اجزائها الباقية من أحجارها و أخشابها و آجرها و غيرها، و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.

[مسألة: 5 لو كانت الأرض موقوفة و طرأها الموتان و الخراب، فان كانت من الموقوفات القديمة الدارسة]

مسألة: 5 لو كانت الأرض موقوفة و طرأها الموتان و الخراب، فان كانت من الموقوفات القديمة الدارسة التي لم يعلم كيفية وقفها و انها خاص أو عام أو وقف على الجهات و لم يعلم من الاستفاضة و الشهرة غير كونها وقفا على أقوام ماضين لم يبق منهم اسم و لا رسم أو قبيله لم يعرف منهم الا الاسم، فالظاهر أنها من الأنفال، فيجوز إحياؤها، كما إذا كان الموات المسبوق بالملك على هذا الحال. و ان علم انها وقف على الجهات و لم تتعين- بأن علم انها وقف اما على مسجد أو مشهد أو مقبرة أو مدرسة أو غيرها- و لم يعلم بعينها، أو علم انها وقف على أشخاص لم يعرفهم بأشخاصهم أو أعيانهم، كما إذا علم ان مالكها قد وقفها على ذريته و لم يعلم من الواقف و من الذرية، فالظاهر أن ذلك بحكم الموات المجهول المالك الذي نسب الى المشهور القول بأنه من الأنفال، و قد مر ما فيه من الاشكال، بل القول به هنا أشكل، فالأحوط القيام بإحيائها (1) و تعميرها و التصرف فيها و الانتفاع بها بزرع أو غيره و ان يصرف أجرة مثلها في الأول في وجوه البر و في الثاني على الفقراء، بل الأحوط خصوصا في الأول مراجعة حاكم الشرع. و أما لو طرأ الموتان على الوقف الذي علم مصرفه أو الموقوف عليهم، فلا ينبغي الإشكال (2) في انه لو أحياه أحد و عمره وجب عليه صرف منفعته في مصرفه المعلوم في الأول، و دفعها و إيصالها إلى الموقوف عليهم المعلومين


1- بل الأحوط عدم القيام بإحيائها و التصرف فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي مع عدم العلم بالمتولي المنصوص لها، ثم لا يصرف اجرة المثل في المصارف المذكورة إلا بإذن الحاكم.
2- كما لا ينبغي الإشكال في انه لا يجوز لأحد ان يتصرف فيه اى تصرف إلا بإذن المتولي المنصوص أو الحاكم أو الموقوف عليهم، و كذا لا يجوز صرف اجرة المثل في مصرفها إلا بإذن المتولي أو الحاكم. نعم يعطى الموقوف عليهم حقهم إذا لم يكن للموقوفة متول منصوص.

ص: 102

في الثاني، و ان كان المتولي أو الموقوف عليهم تاركين إصلاحه و تعميره و مرمته الى أن آل الى الخراب.

[مسألة: 6 إذا كانت الموات بالأصل حريما لعامر مملوك لا يجوز لغير مالكه إحياؤه]

مسألة: 6 إذا كانت الموات بالأصل حريما لعامر مملوك لا يجوز لغير مالكه إحياؤه، و ان أحياه لم يملكه. و توضيح ذلك: أن من أحيى مواتا لإحداث شي ء من دار أو بستان أو مزرع أو غيرها تبع ذلك الشي ء الذي أحدثه مقدار من الأرض الموات القريبة من ذلك الشي ء الحادث مما يحتاج إليها لتمام الانتفاع به و يتعلق بمصالحه عادة، و يسمى ذلك المقدار التابع حريما لذلك المتبوع، و يختلف مقدار الحريم زيادة و نقيصة باختلاف ذي الحريم، و ذلك من جهة تفاوت الأشياء في المصالح و المرافق المحتاج إليها، فما يحتاج اليه الدار من المرافق بحسب العادة غير ما يحتاج إليه البئر و النهر مثلا، و هكذا باقي الأشياء. بل يختلف ذلك باختلاف البلاد و العادات أيضا، فإذا أراد شخص احياء حوالي ماله الحريم لا يجوز له احياء مقدار الحريم بدون اذن المالك و رضاه، و ان أحياه لم يملكه و كان غاصبا.

[مسألة: 7 حريم الدار مطرح ترابها و كناستها و رمادها و مصب مائها و مطرح ثلوجها]

مسألة: 7 حريم الدار مطرح ترابها و كناستها و رمادها و مصب مائها و مطرح ثلوجها و مسلك الدخول و الخروج منها في الصوب الذي يفتح اليه الباب، فلو بنى دارا في أرض موات تبعه هذا المقدار من الموات من حواليها، فليس لأحد أن يحيي هذا المقدار بدون رضى صاحب الدار. و ليس المراد من استحقاق الممر في قبالة الباب استحقاقه على الاستقامة و على امتداد الموات، بل المراد أن يبقى مسلك له يدخل و يخرج الى الخارج بنفسه و عياله و أضيافه و ما تعلق به من دوابه و أحماله و أثقاله بدون مشقة بأي نحو كان، فيجوز لغيره احياء ما في قبالة الباب من الموات إذا بقي له الممر و لو بانعطاف و انحراف.

و حريم الحائط لو لم يكن جزء من الدار- بأن كان مثلا جدار حصار أو بستان أو غير ذلك- مقدار ما يحتاج اليه لطرح التراب و الآلات و بل الطين لو انتقض و احتاج

ص: 103

الى البناء و الترميم.

و حريم النهر مقدار مطرح طينه و ترابه إذا احتاج الى التنقية، و المجاز على حافتيه للمواظبة عليه و لإصلاحه على قدر ما يحتاج اليه.

و حريم البئر ما يحتاج إليه لأجل السقي منها و الانتفاع بها من الموضع الذي يقف فيه النازح ان كان الاستقاء منها باليد، و موضع الدولاب و متردد البهيمة ان كان الاستقاء بهما، و مصب الماء و الموضع الذي يجتمع فيه لسقي الماشية أو الزرع من حوض و نحوه، و الموضع الذي يطرح فيه ما يخرج منها من الطين و غيره لو اتفق الاحتياج اليه.

و حريم العين ما يحتاج إليه لأجل الانتفاع بها أو إصلاحها و حفظها على قياس غيرها.

[مسألة: 8 لكل من البئر و العين و القناة- أعني بئرها الأخيرة]

مسألة: 8 لكل من البئر و العين و القناة- أعني بئرها الأخيرة التي هي منبع الماء (1) و يقال لها بئر العين و أم الآبار- حريم آخر بمعنى آخر، و هو المقدار الذي ليس لأحد أن يحدث بئرا أو قناة أخرى فيما دون ذلك المقدار بدون اذن صاحبهما، و هو في البئر أربعون ذراعا إذا كان حفرها لأجل استقاء الماشية من الإبل و نحوها منها، و ستون ذراعا إذا كان لأجل الزرع و غيره، فلو أحدث شخص بئرا في موات من الأرض لم يكن لشخص آخر احداث بئر أخرى في جنبها بدون اذنه، بل ما لم يكن الفصل بينهما أربعين ذراعا أو ستين فما زاد على ما فصل.

و في العين و القناة خمسمائة ذراع في الأرض الصلبة و ألف ذراع في الأرض الرخوة، فإذا استنبط إنسان عينا أو قناة في أرض موات صلبة و أراد غيره حفر أخرى تباعد عنه بخمسمائة ذراع و ان كانت رخوة تباعد بألف ذراع، و لو فرض ان الثانية


1- بل كل بئر ينبع فيه الماء و ان كان متعددا في قناة واحدة، كما يتفق كثيرا.

ص: 104

تضر بالأولى و تنقص ماؤها مع البعد المزبور فالأحوط (1) لو لم يكن الأقوى زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو التراضي مع صاحب الاولى.

[مسألة: 9 اعتبار البعد المزبور في القناة انما هو في أحداث قناة أخرى]

مسألة: 9 اعتبار البعد المزبور في القناة انما هو في أحداث قناة أخرى كما أشرنا إليه آنفا، و اما إحياء الموات الذي في حواليها لزرع أو بناء أو غيرهما فلا مانع منه إذا بقي من جوانبها مقدار تحتاج للنزح أو الاستقاء أو الإصلاح و التنقية و غيرهما مما ذكر في مطلق البئر، بل لا مانع من احياء الموات الذي فوق الآبار و ما بينها إذا أبقى من أطراف حلقها مقدار ما يحتاج اليه لمصالحها، فليس لصاحب القناة المنع عن الاحياء للزرع و غيره فوقها إذا لم يضر بها.

[سألة: 10 الظاهر أن التباعد المزبور في القناة انما يلاحظ بالنسبة إلى البئر التي هي منبع الماء]

مسألة: 10 الظاهر أن التباعد المزبور في القناة انما يلاحظ بالنسبة إلى البئر التي هي منبع الماء المسماة بأم الآبار (2)، فلا يجوز أن يحدث قناة أخرى يكون منبعها بعيدا عن منبع الأخرى بأقل من خمسمائة أو ألف ذراع. و اما الآبار الأخر التي هي مجرى الماء فلا يراعى الفصل المذكور بينها، فلو أحدث الثاني قناة في أرض صلبة و كان منبعها بعيدا عن منبع الاولى بخمسمائة ذراع ثم تقارب في الآبار الأخر التي هي مجرى الماء إلى الآبار الأخر للأخرى الى أن صار بينها و بينها عشرة أذرع مثلا لم يكن لصاحب الاولى منعه. نعم لو فرض أن قرب تلك الآبار أضر بتلك الآبار من جهة جذبها للماء الجاري فيها أو من جهة أخرى تباعد بما يندفع به الضرر.

[مسألة: 11 القرية المبنية في الموات لها حريم ليس لأحد إحياؤه]

مسألة: 11 القرية المبنية في الموات لها حريم ليس لأحد إحياؤه، و لو أحياه لم يملكه، و هو ما يتعلق بمصالحها و مصالح أهليها من طرقها المسلوكة منها و إليها و مسيل مائها و مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مشرعها و مجمع


1- و الأحوط لصاحب الاولى ان لا يمنع الثاني من الحفر في مكان لا يعلم بكون الثانية مضرة بالأولى.
2- بل التباعد يلاحظ بالنسبة إلى الآبار النابعة من غير فرق بين الام و غيرها كما مر.

ص: 105

أهاليها لمصالحهم على حسب مجرى عاداتهم و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و غير ذلك. و المراد بالقرية البيوت و المساكن المجتمعة المسكونة، فلم يثبت هذا الحريم للضيعة و المزرعة ذات المزارع و البساتين المتصلة الخالية من البيوت و المساكن و السكنة، فلو أحدث شخص قناة في فلاة و أحيى أرضا بسيطة بمقدار ما يكفيه ماء القناة و زرع فيها و غرس فيها النخيل و الأشجار لم يكن الموات المجاور لتلك المحياة حريما لها فضلا عن التلال و الجبال القريبة منها، بل لو أحدث بعد ذلك في تلك المحياة دورا و مساكن حتى صارت قرية كبيرة يشكل ثبوت الحريم لها، فالقدر المتيقن من ثبوت الحريم للقرية فيما إذا أحدثت في أرض موات. نعم للمزرعة بنفسها أيضا حريم، و هو ما تحتاج إليه في مصالحها و يكون من مرافقها من مسالك الدخول و الخروج و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و ترابها (1) و غيرها.

[مسألة: 12 حد المرعى الذي هو حريم للقرية و محتطبها مقدار حاجة أهاليها بحسب العادة]

مسألة: 12 حد المرعى الذي هو حريم للقرية و محتطبها مقدار حاجة أهاليها بحسب العادة، بحيث لو منعهم مانع أو زاحمهم مزاحم لوقعوا في الضيق و الحرج، و يختلف ذلك بكثرة الاهالي و قلتهم و كثرة المواشي و الدواب و قلتها، و بذلك يتفاوت المقدار سعة و ضيقا طولا و عرضا.

[مسألة: 13 إذا كان موات يقرب العامر و لم يكن من حريمه و مرافقه جاز لكل أحد إحياؤه]

مسألة: 13 إذا كان موات يقرب العامر و لم يكن من حريمه و مرافقه جاز لكل أحد إحياؤه و لم يختص بمالك ذاك العامر و لا أولوية له، فإذا طلع شاطئ من الشط بقرب أرض محياة أو بستان مثلا كان كسائر الموات، فمن سبق إلى إحيائه و حيازته كان له و ليس لصاحب الأرض أو البستان منعه.

[مسألة: 14 لا إشكال في أن حريم القناة المقدار بخمسمائة ذراع أو ألف ذراع ليس ملكا لصاحب القناة]

مسألة: 14 لا إشكال في أن حريم القناة المقدار بخمسمائة ذراع أو ألف ذراع ليس ملكا لصاحب القناة و لا متعلقا لحقه المانع عن سائر تصرفات غيره بدون اذنه، بل ليس له الا حق المنع عن إحداث قناة أخرى كما مر. و الظاهر أن حريم


1- و مرعى مواشيها بمقدار الحاجة.

ص: 106

القرية أيضا ليس ملكا لسكانها و أهليها، بل انما لهم حق الأولوية، و أما حريم النهر و الدار فالظاهر انه ملك لصاحب ذي الحريم (1)، فيجوز له بيعه منفردا كسائر الاملاك.

[مسألة: 15 ما مر من الحريم لبعض الاملاك انما هو فيما إذا ابتكرت في أرض موات]

مسألة: 15 ما مر من الحريم لبعض الاملاك انما هو فيما إذا ابتكرت في أرض موات، و أما في الاملاك المتجاورة فلا حريم لها، فلو أحدث المالكان المجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين، و لو أحدث أحدهما في آخر حدود ملكه حائطا أو نهرا لم يكن لهما حريم في ملك الأخر، و كذا لو حفر أحدهما قناة في ملكه كان للآخر احداث قناة أخرى في ملكه و ان لم يكن بينهما الحد.

[مسألة: 16 ذكر جماعة انه يجوز لكل من المالكين المتجاورين التصرف في ملكه بما شاء]

مسألة: 16 ذكر جماعة انه يجوز لكل من المالكين المتجاورين التصرف في ملكه بما شاء و حيث شاء و ان استلزم ضررا على الجار، لكنه مشكل على إطلاقه، بل الحق عدم جواز ما يكون سببا لعروض فساد في ملك الجار، كما إذا دق دقا عنيفا انزعج منه حيطان داره بما أوجب خللا فيها، أو حبس الماء في ملكه بحيث تنشر منه النداوة في حائطه، أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار أوجب فساد مائها، بل و كذا لو حفر بئرا بقرب بئره إذا أوجب نقص مائها و كان ذلك من جهة جذب الثانية ماء الاولى. و اما إذا كان من جهة ان الثانية لكونها أعمق و وقوعها في سمت مجرى المياه ينحدر فيها الماء من عروق الأرض قبل أن يصل الى الأول فالظاهر انه لا مانع منه، و المائز بين الصورتين أو لو الحدس الصائب من أهل الخبرة. و كذا لا مانع من إطالة البناء و ان كان مانعا من الشمس و القمر و الهواء، أو جعل داره مدبغة أو مخبزة مثلا و ان تأذى الجار من الريح و الدخان إذا لم يكن بقصد الإيذاء، و كذا احداث ثقبة في جداره الى دار جاره موجبة للإشراف أو لانجذاب الهواء، فان المحرم هو التطلع على دار الجار لا مجرد ثقب الجدار.


1- في مثل الممر و المدخل و مجاري المياه و مطرح الثلج بما يعد محياة عند العرف لا حريما، و اما مثل مطرح التراب و الكناسة فالظاهر عدم الفرق بين الدار و القرية.

ص: 107

[مسألة: 17 لا يخفى ان أمر الجار شديد، و حث الشرع الأقدس على رعايته أكيد]

مسألة: 17 لا يخفى ان أمر الجار شديد، و حث الشرع الأقدس على رعايته أكيد، و الاخبار في وجوب كف الأذى عن الجار و في الحث على حسن الجوار كثيرة لا تحصى: فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال: ما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه.

و في حديث آخر انه صلى اللّٰه عليه و آله أمر عليا عليه السلام و سلمان و أبا ذر- قال الراوي و نسيت آخر و أظنه المقداد- ان ينادوا في المسجد بأعلى صوتهم بأنه لا ايمان لمن لم يأمن جاره بوائقه، فنادوا بها ثلاثا.

و في الكافي عن الصادق عليه السلام عن أبيه قال: قرأت في كتاب علي عليه السلام ان رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله كتب بين المهاجرين و الأنصار و من لحق بهم من أهل يثرب: ان الجار كالنفس غير مضار و لا آثم، و حرمة الجار كحرمة أمه.

و روى الصدوق بإسناده عن الصادق عليه السلام عن علي عن رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله قال: من آذى جاره حرم اللّٰه عليه ريح الجنة و مأواه جهنم و بئس المصير، و من ضيع جاره فليس مني.

و عن الرضا عليه السلام: ليس منا من لم يأمن جاره بوائقه.

و عن الصادق عليه السلام انه قال و البيت غاص بأهله: اعلموا أنه ليس منا من لم يحسن مجاورة من جاوره.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: حسن الجوار يعمر الديار و ينسئ في الأعمار.

فاللازم على كل من يؤمن باللّه و رسوله صلى اللّٰه عليه و آله و اليوم الأخر الاجتناب عن كل ما يؤذي الجار و ان لم يكن مما يوجب فسادا و ضررا في ملكه، الا ان يكون في تركه ضررا فاحشا على نفسه. و لا ريب أن مثل ثقب الجدار الموجب للإشراف على دار الجار إيذاء عليه و أي إيذاء، و كذا احداث ما يتأذى من ريحه أو دخانه أو

ص: 108

صوته أو يمنع عن وصول الهواء اليه أو عن إشراق الشمس عليه و غير ذلك.

[مسألة: 18 يشترط في التملك بالإحياء ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير]

مسألة: 18 يشترط في التملك بالإحياء ان لا يسبق اليه سابق بالتحجير، فان التحجير يفيد أولوية المحجر، فهو أولى بالاحياء و التملك من غيره، فله منعه.

و لو أحياه قهرا على المحجر لم يملكه.

و المراد بالتحجير أن يحدث ما يدل على إرادة الإحياء، كوضع أحجار أو جمع تراب أو حفر أساس أو غرز خشب أو قصب أو نحو ذلك في أطرافه و جوانبه، أو يشرع في احياء ما يريد إحياءه، كما إذا حفر بئرا من آبار القناة الدارسة التي يريد إحياءها، فإنه تحجير بالنسبة إلى سائر آبار القناة، بل و بالنسبة إلى أراضي الموات التي تسقى بمائها بعد جريانه، فليس لأحد إحياء تلك القناة و لا احياء تلك الأراضي، و كما إذا أراد إحياء أجمة فيها الماء و القصب فعمد على قطع مائها فقط فهو تحجير لها، فليس لأحد إحياؤها بقطع قصبها.

[مسألة: 19 لا بد من أن يكون التحجير مضافا الى دلالته على أصل الاحياء دالا على مقدار ما يريد إحياءه]

مسألة: 19 لا بد من أن يكون التحجير مضافا الى دلالته على أصل الاحياء دالا على مقدار ما يريد إحياءه، فلو كان ذلك بوضع الأحجار أو جمع التراب أو غرز الخشب أو القصب مثلا لا بد أن يكون ذلك في جميع الجوانب حتى يدل على ان جميع ما أحاطت به العلامة يريد إحياءه. نعم في مثل احياء القناة البائرة يكفي الشروع في حفر احدى آبارها كما أشرنا إليه آنفا، فإنه دليل بحسب العرف في كونه بصدد احياء جميع القناة، بل الأراضي المتعلقة بها أيضا، بل إذا حفر بئرا في أرض موات بالأصل لأجل احداث قناة يمكن أن يقال انه يكون تحجيرا بالنسبة إلى أصل القناة و الى الأراضي الموات التي تسقى بمائها بعد تمامها و جريان مائها، فليس لأحد إحياء تلك الجوانب حتى يتم القناة و يعين ما تحتاج اليه من الأراضي. نعم الأرض الموات التي ليس من حريم القناة و مما علم انه لا يصل إليه ماؤها بعد جريانه لا بأس بإحيائها.

[مسألة: 20 التحجير كما أشرنا إليه يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية]

مسألة: 20 التحجير كما أشرنا إليه يفيد حق الأولوية و لا يفيد الملكية، فلا

ص: 109

يصح بيعه. نعم يصح الصلح عنه و يورث و يقع ثمنا في البيع لانه حق قابل للنقل و الانتقال.

[مسألة: 21 يشترط في مانعية التحجير أن يكون المحجر متمكنا من القيام بتعميره]

مسألة: 21 يشترط في مانعية التحجير أن يكون المحجر متمكنا من القيام بتعميره (1)، فلو حجر من لم يقدر على احياء ما حجره اما لفقره أو لعجزه عن تهيئة أسبابه فلا أثر لتحجيره و جاز لغيره إحياؤه، و كذا لو حجر زائدا على مقدار تمكنه من الاحياء لا أثر لتحجيره إلا في مقدار ما تمكن من تعميره، و أما في الزائد فليس له منع الغير عن إحيائه. فعلى هذا ليس لمن عجز عن احياء الموات تحجيره ثم نقل ما حجره الى غيره بصلح أو غيره مجانا أو بالعوض، لانه لم يحصل له حق حتى ينقله الى غيره.

[مسألة: 22 لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة]

مسألة: 22 لا يعتبر في التحجير أن يكون بالمباشرة، بل يجوز أن يكون بتوكيل الغير أو استيجاره، فيكون الحق الحاصل بسببه ثابتا للموكل و المستأجر لا للوكيل و الأجير، بل لا يبعد كفاية وقوعه عن شخص نيابة عن غيره ثم اجازة ذلك الغير في ثبوته للمنصوب عنه و ان لم يخل عن اشكال (2)، فلا ينبغي ترك الاحتياط.

[مسألة: 23 لو انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير بطل حقه]

مسألة: 23 لو انمحت آثار التحجير قبل أن يقوم المحجر بالتعمير بطل حقه (3) و عاد الموات الى ما كان قبل التحجير.

[مسألة: 24 ليس للمحجر تعطيل الموات المحجر عليه و الإهمال في التعمير]

مسألة: 24 ليس للمحجر تعطيل الموات المحجر عليه و الإهمال في التعمير، بل اللازم أن يشتغل بالعمارة عقيب التحجير، فإن أهمل و طالت المدة و أراد شخص آخر إحياءه فالأحوط أن يرفع الأمر إلى الحاكم مع وجوده و بسط يده، فيلزم المحجر


1- فعلا و لو بالتسبيب، و أما تحجير العاجز فعلا برجاء حصول القدرة في الأزمنة الآتية فغير مؤثر، بل و ان علم بذلك إذا احتاج الى زمان يعد عاجزا فعلا.
2- غير وجيه.
3- ان كان مستندا الى طول الزمان و المسامحة في الاحياء، و اما ان كان مستندا الى فعل الغير أو بسبب غير عادى فالظاهر بقاء حقه الا إذا علم بذلك و لم يجدد التحجير.

ص: 110

بأحد أمرين إما العمارة أو رفع يده عنه ليعمره غيره، الا أن يبدي عذرا موجها مثل انتظار وقت صالح له أو إصلاح آلاته أو حضور العملة، فيميل بمقدار ما يزول معه العذر. و ليس من العذر عدم التمكن من تهيئة الأسباب لفقره منتظرا للغني (1) و التمكن، فإذا مضت المدة و لم يشتغل بالعمارة بطل حقه و جاز لغيره القيام بالعمارة، و إذا لم يكن حاكم يقوم بهذه الشئون فالظاهر انه يسقط حقه أيضا لو أهمل في التعمير و طال الإهمال مدة طويلة يعد مثله في العرف تعطيلا، فجاز لغيره إحياؤه و ليس له منعه.

و الأحوط مراعاة حقه ما لم تمض مدة تعطيله و إهماله ثلاث سنين.

[مسألة: 25 الظاهر انه يشترط في التملك بالاحياء قصد التملك كالتملك بالحيازة]

مسألة: 25 الظاهر انه يشترط في التملك بالاحياء قصد التملك كالتملك بالحيازة، مثل الاصطياد و الاحتطاب و الاحتشاش و نحوها، فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته ما دام باقيا لم يملكه، بل لم يكن له الا حق الأولوية ما دام مقيما، فإذا ارتحل زالت تلك الأولوية و صارت مباحا للجميع.

[مسألة: 26 الاحياء المفيدة للملك عبارة عن جعل الأرض حية بعد الموتان و إخراجها عن صفة الخراب الى العمران]

مسألة: 26 الاحياء المفيدة للملك عبارة عن جعل الأرض حية بعد الموتان و إخراجها عن صفة الخراب الى العمران، و من المعلوم ان عمارة الأرض: اما بكونها مزرعا أو بستانا، و اما بكونها مسكنا و دارا، و اما حظيرة للأغنام و المواشي أو لحوائج أخر كتجفيف الثمار أو جمع الحطب أو غير ذلك، فلا بد في صدق احياء الموات من العمل فيه و إنهائه إلى حد صدق عليه أحد العناوين العامرة، بأن صدق عليه المزرع أو الدار مثلا أو غيرها عند العرف، و يكفي تحقق أول مراتب وجودها و لا يعتبر انهائها الى حد كمالها، و قبل أن يبلغ الى ذلك الحد و ان صنع فيه ما صنع لم يكن احياء بل يكون تحجيرا، و قد مر أنه لا يفيد الملك بل لا يفيد إلا الأولوية.

فإذا تبين هذه الجملة فليعلم انه يختلف ما اعتبر في الاحياء باختلاف العمارة التي يقصدها المحيي، فما اعتبر في إحياء الموات مزرعا أو بستانا غير ما اعتبر في


1- و كان في معرضة عن قريب.

ص: 111

إحيائه مسكنا أو دارا، و ما اعتبر في إحيائه قناة أو بئرا غير ما اعتبر في إحيائه نهرا و هكذا. و يشترط في الكل ازالة الأمور المانعة عن التعمير كالمياه الغالبة أو الرمول و الأحجار أو القصب و الأشجار لو كانت مستأجمة و غير ذلك. و يختص كل منها ببعض الأمور عند المشهور، و نحن نبينها في ضمن مسائل.

[مسألة: 27 يعتبر في إحياء الموات دارا و مسكنا بعد ازالة الموانع لو كان، أن يدار عليه حائط بما يعتاد]

مسألة: 27 يعتبر في إحياء الموات دارا و مسكنا بعد ازالة الموانع لو كان، أن يدار عليه حائط بما يعتاد في تلك البلاد و لو كان بخشب أو قصب أو حديد أو غيرها، و يسقف و لو بعضها مما يمكن أن يسكن فيه. و لا يعتبر فيه مع ذلك نصب الباب، و لا يكفي ادارة الحائط بدون التسقيف. نعم يكفي ذلك في إحيائه حظيرة للغنم و غيره، أو لأن يجفف فيها الثمار، أو يجمع فيها الحشيش و الحطب. و لو بنى حائطا في الموات بقصد بناء الدار و قبل ان يسقف عليه بدا له و قصد كونه حظيرة ملكها (1)، كما لو قصد ذلك من أول الأمر، و كذلك في العكس، بأن حوطه بقصد كونه حظيرة فبدا له ان يسقفه و يجعله دارا.

[مسألة: 28 يعتبر في إحياء الموات مزرعا بعد ازالة الموانع تسوية الأرض لو كانت فيها حفر]

مسألة: 28 يعتبر في إحياء الموات مزرعا بعد ازالة الموانع تسوية الأرض لو كانت فيها حفر و تلال مانعة عن قابليتها للزرع و ترتيب مائها اما بشق ساقية من نهر أو حفر قناة لها أو بئر، و بذلك يتم إحياؤها و يملكها المحيي، و لا يعتبر في إحيائها حرثها فضلا عن زرعها. و ان كانت الأرض مما لا تحتاج في زراعتها الى ترتيب ماء لانه يكفيه ماء السماء كفى في إحيائها اعمال الأمور الأخر عدا ترتيب الماء، و ان كانت مهيأة للزرع بنفسها- بأن لم يكن فيها مانع عنه مما ذكر و لم يحتج الا الى سوق الماء- كفى في إحيائها إدارة التراب حولها مع سوق الماء إليها. و ان لم يحتج الى سوق الماء أيضا من جهة أنه يكفيه ماء السماء كبعض الأراضي السهلة و التلال التي


1- إذا تركها بلا سقف مع قصد تملكها حظيرة، و اما العكس فبعد تتميم الحظيرة تصير ملكا له و يفعل في ملكه ما يشاء.

ص: 112

لا تحتاج في زرعها الى علاج و قابلة لان تزرع ديميا، فالظاهر أن إحياءها المفيد لتملكها انما هو بإدارة المرز حولها مع حرثها و زرعها، بل لا يبعد الاكتفاء بالحرث في تملكها. و اما الاكتفاء بالمرز من دون حراثة و زراعة ففيه اشكال. نعم لا إشكال في كونه تحجيرا مفيدا للأولوية.

[مسألة: 29 يعتبر في إحياء البستان كل ما اعتبر في إحياء الزرع بزيادة غرس النخيل]

مسألة: 29 يعتبر في إحياء البستان كل ما اعتبر في إحياء الزرع بزيادة غرس النخيل أو الأشجار مع سقيها (1) حتى تستعد للنمو ان لم يسقها ماء السماء، و لا يعتبر التحويط حتى في البلاد التي جرت عاداتهم عليه على الأقوى.

[مسألة: 30 يحصل إحياء البئر في الموات، بأن يحفرها الى أن يصل الى الماء]

مسألة: 30 يحصل إحياء البئر في الموات، بأن يحفرها الى أن يصل الى الماء، فيملكها بذلك، و قبل ذلك يكون تحجيرا لا أحياء. و احياء القناة بأن يحفر الآبار الى أن يجري ماؤها على الأرض، و احياء النهر بحفره و إنهائه إلى الماء المباح كالشط و نحوه بحيث كان الفاصل بينهما يسيرا كالمرز و المسناة الصغيرة و بذلك يتم احياء النهر فيملكه الحافر، و لا يعتبر فيه جريان الماء فيه فعلا و ان اعتبر ذلك في تملك المياه.

[القول في المشتركات]

اشارة

القول في المشتركات:

و هي الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.

[مسألة: 1 الطريق نوعان نافذ و غير نافذ]

مسألة: 1 الطريق نوعان نافذ و غير نافذ.

فالأول- و هو المسمى بالشارع العام- فهو محبوس على كافة الأنام، و الناس فيه شرع سواء، و ليس لأحد إحياؤه و الاختصاص به و لا التصرف في أرضه ببناء دكة أو حائط أو حفر بئر أو نهر أو غرس شجر أو غير ذلك، و ان لم يضر بالمارة (2). نعم


1- لا يبعد كفاية غرس الأشجار في إحياء البستان.
2- ان كانت الطرق الوسيعة بحيث تكفى لجميع حوائج المجتازين، و لا تضر المذكورات بالمارة على حسب حوائجهم العادية، فلا مانع لبناء الحائط أو حفر النهر أو غرس الأشجار أطرافها، سيما إذا كان ذلك صلاحا لها كما هو كذلك في الغالب، و ليست هذه الا كالخراج الرواشن إذا لم تضر بالمارة.

ص: 113

الظاهر انه يجوز أن يحفر فيه بالوعة ليجتمع فيها ماء المطر و غيره لكونها من مصالحه و مرافقه، لكن مع سدها في غير أوقات الحاجة حفظا للمستطرقين و المارة، بل الظاهر جواز حفر سرداب تحته إذا أحكم الأساس و السقف بحيث يؤمن معه من النقض و الخسف، و اما التصرف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو بناء ساباط أو فتح باب أو نصب ميزاب و نحو ذلك فلا إشكال في جوازه إذا لم يضر بالمارة، و ليس لأحد منعه حتى من يقابل داره داره كما مر في كتاب الصلح.

و أما الثاني- أعني الطريق غير النافذ المسمى بالسكة المرفوعة و قد يطلق عليه الدريبة و هو الذي لا يسلك منه الى طريق آخر أو مباح بل احيط بثلاث جوانبه الدور و الحيطان و الجدران- فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه، دون من كان حائط داره اليه من غير أن يكون بابها اليه، فيكون هو كسائر الأملاك المشتركة يجوز لأربابه سده و تقسيمه بينهم (1) و إدخال كل منهم حصته في داره، و لا يجوز لأحد من غيرهم بل و لا منهم أن يتصرف فيه و لا في فضائه إلا بإذن الجميع و رضاهم.

[مسألة: 2 الظاهر أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون في كلها]

مسألة: 2 الظاهر أن أرباب الدور المفتوحة في الدريبة كلهم مشتركون في كلها (2) من رأسها إلى صدرها، حتى انه إذا كانت في صدرها فضلة لم يفتح إليها باب اشترك الجميع فيها، فلا يجوز لأحد منهم إخراج جناح أو روشن أو بناء ساباط أو حفر بالوعة أو سرداب و لا نصب ميزاب و غير ذلك في أي موضع منها الا بإذن الجميع. نعم لكل منهم حق الاستطراق الى داره من أي موضع من جداره، فلكل منهم فتح باب آخر ادخل من بابه الأول أو أسبق مع سد الباب الأول و عدمه.


1- على ما يأتي في الفرع الآتي.
2- هذا إذا علم اشتراك الكل في الكل، و اما مع الشك في كيفية اشتراكهم فلا يحكم باشتراك الكل الا فيما هو تحت يد الكل و هو من أول الدريبة الى الباب الأول من الداخل و بعده، فحيث انه خارج من يد صاحب الباب الأول فيختص به غيره من سائر الشركاء، و هكذا الى ان تنحصر الدريبة بباب واحد فيختص بها صاحبه دون الشركاء.

ص: 114

[مسألة: 3 ليس لمن كان حائط داره الى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها]

مسألة: 3 ليس لمن كان حائط داره الى الدريبة فتح باب إليها إلا بإذن أربابها.

نعم له فتح ثقبة و شباك إليها و ليس لهم منعه لكونه تصرفا في جداره لا في ملكهم، و هل له فتح باب إليها لا للاستطراق بل لمجرد استضاءة و دخول الهواء؟ فيه إشكال (1).

[مسألة: 4 يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها الى داره بنفسه]

مسألة: 4 يجوز لكل من أرباب الدريبة الجلوس فيها و الاستطراق و التردد منها الى داره بنفسه و ما يتعلق به من عياله و دوابه و أضيافه و عائديه و زائريه، و كذا وضع الحطب و نحوه فيها لإدخاله في الدار و وضع الأحمال و الأثقال عند إدخالها و إخراجها من دون اذن الشركاء، بل و ان كان فيهم القصر و المولى عليهم من دون رعاية المساواة مع الباقين.

[مسألة: 5 الشوارع و الطرق العامة و ان كانت معدة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب و الإياب]

مسألة: 5 الشوارع و الطرق العامة و ان كانت معدة لاستطراق عامة الناس و منفعتها الأصلية التردد فيها بالذهاب و الإياب، الا انه يجوز لكل أحد الانتفاع بها بغير ذلك من جلوس أو نوم أو صلاة و غيرها، بشرط أن لا يتضرر بها أحد (2) و لم يزاحم المستطرقين و لم يتضيق على المارة.

[مسألة: 6 لا فرق في الجلوس غير المضر بين ما كان للاستراحة أو النزهة و بين ما كان للحرفة و المعاملة]

مسألة: 6 لا فرق في الجلوس غير المضر بين ما كان للاستراحة أو النزهة و بين ما كان للحرفة و المعاملة إذا جلس في الرحاب و المواضع المتسعة لئلا يتضيق على المارة، فلو جلس فيها بأي غرض من الأغراض لم يكن لأحد إزعاجه.

[مسألة: 7 لو جلس في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه]

مسألة: 7 لو جلس في موضع من الطريق ثم قام عنه فان كان جلوس استراحة و نحوها بطل حقه فجاز لغيره الجلوس فيه، و كذا ان كان لحرفة و معاملة و قام بعد استيفاء غرضه و عدم نية العود، فلو عاد اليه بعد أن جلس في مجلسه غيره لم يكن له دفعه، و أما لو قام قبل استيفاء غرضه ناويا للعود فإن بقي منه فيه متاع أو رحل أو بساط


1- لا اشكال فيه، بل له ان يخرب جداره كله إذا كان مخصوصا به و في ملكه. نعم يحرم عليه التصرف في الدريبة إلا بإذن مالكيها.
2- بل يشترط ان لا يضر بالمارة، و اما إذا تضرر أحد من عدم التمكن عن وضع متاعه في مكان هذا الجالس مثلا فلا مانع من جلوسه.

ص: 115

فالظاهر بقاء حقه، و ان لم يكن منه فيه شي ء ففي بقاء حقه بمجرد نية العود اشكال، فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 8 كما أن موضع الجلوس حق للجالس للمعاملة فلا يجوز مزاحمته كذا ما حوله قدر ما يحتاج اليه]

مسألة: 8 كما أن موضع الجلوس حق للجالس للمعاملة فلا يجوز مزاحمته كذا ما حوله قدر ما يحتاج اليه لوضع متاعه و وقوف المعاملين فيه، بل ليس لغيره أن يقعد (1) حيث يمنع من رؤية متاعه أو وصول المعاملين إليه.

[مسألة: 9 يجوز للجالس للمعاملة أن يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب]

مسألة: 9 يجوز للجالس للمعاملة أن يظلل على موضع جلوسه بما لا يضر بالمارة بثوب أو بارية و نحوهما، و ليس له بناء دكة و نحوها فيها.

[مسألة: 10 إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه في يوم آخر شخص آخر و أخذ مكانه]

مسألة: 10 إذا جلس في موضع من الطريق للمعاملة في يوم فسبقه في يوم آخر شخص آخر و أخذ مكانه كان الثاني أحق به، فليس للأول إزعاجه.

[مسألة: 11 إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور]

مسألة: 11 إنما يصير الموضع شارعا عاما بأمور:

أحدها: بكثرة التردد و الاستطراق و مرور القوافل في الأرض الموات، كالجادات الحاصلة في البراري و القفار التي يسلك فيها من بلاد الى بلاد.

الثاني: أن يجعل إنسان ملكه شارعا و سبله تسبيلا دائميا لسلوك عامة الناس و سلك فيه بعض الناس، فإنه يصير بذلك طريقا عاما و لم يكن للمسبل الرجوع بعد ذلك.

الثالث: أن يحيي جماعة أرضا مواتا قرية أو بلدة و يتركوا مسلكا نافذا بين الدور و المساكن و يفتحوا اليه الأبواب، و المراد بكونه نافذا أن يكون له مدخل و مخرج يدخل فيه الناس من جانب و يخرجون من جانب آخر إلى جادة عامة أو أرض موات.

[مسألة: 12 لا حريم للشارع العام لو وقع بين الاملاك]

مسألة: 12 لا حريم للشارع العام لو وقع بين الاملاك، فلو كانت بين الاملاك


1- على الأحوط لغير المارة، و اما المارة فلهم المرور في أي مكان من الطريق و ان صار ذا مانعا من رؤية متاع الغير مثلا.

ص: 116

قطعة أرض موات عرضها ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا و استطرقها الناس حتى صارت جادة لم يجب على الملاك توسيعها و ان تضيقت على المارة، و كذا لو سبل شخص في وسط ملكه أو من طرف ملكه المجاور لملك غيره ثلاثة أو أربعة أذرع مثلا للشارع.

و أما لو كان الشارع محدودا بالموات بطرفيه أو أحد طرفيه فكان له الحريم، و هو المقدار الذي يوجب إحياؤه نقص الشارع عن سبعة أذرع، فلو حدث بسبب الاستطراق شارع في وسط الموات جاز احياء طرفيه (1) الى حد يبقى سبعة أذرع و لا يتجاوز عن هذا الحد، و كذا لو كان لأحد في وسط المباح ملك عرضه أربعة أذرع مثلا فسبله شارعا لا يجوز احياء طرفيه بما لم يبق للطريق سبعة أذرع، و لو كان في أحد طرفي الشارع أرض مملوك و في الطرف الأخر أرض موات كان الحريم من طرف الموات، بل لو كان طريق بين الموات و سبق شخص و أحيى أحد طرفيه الى حد الطريق اختص الحريم بالطرف الأخر، فلا يجوز لآخر الإحياء إلى حد لا يبقى للطريق سبعة أذرع، فلو بنى بناء مجاوزا لذلك الحد ألزم هو بهدمه و تبعيده دون المحيي الأول.

[مسألة: 13 إذا استأجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه]

مسألة: 13 إذا استأجم الطريق أو انقطعت عنه المارة زال حكمه بل ارتفع موضوعه و عنوانه، فجاز لكل أحد إحياؤه كالموات، من غير فرق في صورة انقطاع المارة بين أن يكون ذلك لعدم وجودهم أو بمنع قاهر إياهم (2) أو لهجرهم إياه و استطراقهم


1- و الأحوط في زماننا ترك احياء طرفي الشوارع العامة التي تعبر منها السيارات الكبيرة و المكائن بالمقدار المحتاج اليه، لاحتمال أن يكون التحديد في الروايات و كلمات السابقين بالخمسة أو السبعة بلحاظ أهل زمانهم، و الا فحريم الطريق بحسب العرف ما يحتاج إليه المارة، و لذا تختلف الشوارع و الطرق سعة و ضيقا بحسب اختلافها احتياجا.
2- بمجرد المنع لا يجوز إحياؤه إلا إذا صار مهجورا متروكا بعد ذلك بحيث يصدق عليه الموات.

ص: 117

غيره أو بسبب آخر.

[مسألة: 14 لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع]

مسألة: 14 لو زاد عرض الطريق المسلوك عن سبعة أذرع: فاما المسبل فلا يجوز لأحد أخذ ما زاد عليها و إحياؤه و تملكه قطعا، و أما غيره ففي جواز إحياء الزائد و عدمه وجهان، أوجههما التفصيل (1) بين الحاجة إليه لكثرة المارة فالثاني و عدمها لقلتهم فالأول.

[مسألة: 15 و من المشتركات المسجد]

مسألة: 15 و من المشتركات المسجد، و هو المكان المعد لتعبد المتعبدين (2) و صلاة المصلين، و هو من مرافق المسلمين يشترك فيه عامتهم و هم شرع سواء في الانتفاع به الا بما لا يناسبه، و نهى الشرع عنه كمكث الجنب فيه و نحوه، فمن سبق الى مكان منه لصلاة أو عبادة أو قراءة قرآن أو دعاء بل و تدريس أو وعظ أو إفتاء و غيرها كان أحق به و ليس لأحد إزعاجه، سواء توافق السابق مع المسبوق في الغرض أو تخالفا فيه، فليس لأحد بأي غرض كان مزاحمة من سبق الى مكان منه بأي غرض كان. نعم لا يبعد تقدم الصلاة جماعة أو فرادى على غيرها من الأغراض، فلو كان جلوس السابق لغرض القراءة أو الدعاء أو التدريس و أراد أحد أن يصلي في ذلك المكان جماعة أو فرادى يجب عليه تخلية المكان له. نعم ينبغي تقييد ذلك (3) بما إذا لم يكن اختيار مريد الصلاة في ذلك المكان لمجرد الاقتراح، بل كان اما لانحصار محل الصلاة فيه أو لغرض راجح ديني كالالتحاق بصفوف الجماعة و نحوه. هذا و لكن أصل المسألة لا تخلو من اشكال فيما إذا كان جلوس السابق لغرض العبادة كالدعاء


1- و الأحوط الترك مطلقا الا في الرحاب الذي احياء مقدار منه لا يعد تصرفا في الطريق عرفا.
2- الموقوف للصلاة و سائر العبادات، فالمكان المعد في البيت للصلاة و سائر العبادات من دون أن يوقف لا يحكم عليه بأحكام المساجد.
3- بل اللازم التقييد بالمزاحمة، يعني إذا تزاحم بين الصلاة و غيرها فالصلاة مقدمة.

ص: 118

و القراءة لا لمجرد النزهة و الاستراحة، فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط للمسبوق بعدم المزاحمة و للسابق بتخلية المكان له. و الظاهر تسوية الصلاة فرادى مع الصلاة جماعة، فلا أولوية للثانية على الاولى، فمن سبق الى مكان للصلاة منفردا فليس لمريد الصلاة جماعة إزعاجه لها و ان كان الاولى له تخلية المكان له إذا وجد مكان آخر له، و لا يكون مناعا للخير عن أخيه.

[مسألة: 16 لو قام الجالس السابق و فارق المكان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه]

مسألة: 16 لو قام الجالس السابق و فارق المكان رافعا يده منه معرضا عنه بطل حقه و ان بقي رحله، فلو عاد اليه و قد أخذه غيره كان هو الاولى و ليس له إزعاجه.

و ان كان ناويا للعود فان كان رحله باقيا بقي حقه بلا اشكال و الا ففيه اشكال، و الأحوط شديدا مراعاة حقه، خصوصا إذا كان خروجه لضرورة (1) كتجديد طهارة أو إزالة نجاسة أو قضاء حاجة و نحوها.

[مسألة: 17 الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس كالجلوس في إفادة الأولوية]

مسألة: 17 الظاهر أن وضع الرحل مقدمة للجلوس كالجلوس في إفادة الأولوية، لكن إذا كان ذلك بمثل فرش سجادة و نحوها مما يشغل مقدار مكان الصلاة (2) أو معظمه، لا بمثل وضع تربة أو سبحة أو مسواك و شبهها.

[مسألة: 18 يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان بحيث استلزم تعطيل المكان]

مسألة: 18 يعتبر أن لا يكون بين وضع الرحل و مجيئه طول زمان (3) بحيث استلزم تعطيل المكان و الا لم يفد حقا فجاز لغيره أخذ المكان قبل مجيئه و رفع رحله و الصلاة مكانه إذا شغل المحل بحيث لا يمكن الصلاة فيه الا برفعه، و الظاهر أنه يضمنه الرافع الى ان يوصله الى صاحبه، و كذا الحال فيما لو فارق المكان معرضا عنه مع بقاء رحله فيه.


1- إذا كان معلوما من حاله، و أما لو لم يكن ذلك معلوما فجلس أحد لا يجوز مزاحمته.
2- الظاهر كفاية ما صدق عليه الرحل.
3- إلا إذا كان الرحل موضوعا للزمان المتأخر، مثل أن يضع الرحل بالليل لصلاة الظهر لكن لا يمنع ذلك عن الصلاة في غير موقع صلاة الظهر فلمن يريد أن يصلى مع الحاجة دفع الرحل و صلى في ذلك المكان لكن يضمن الرحل حينئذ.

ص: 119

[مسألة: 19 المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الاحكام]

مسألة: 19 المشاهد كالمساجد في جميع ما ذكر من الاحكام، فان المسلمين فيها شرع سواء، العاكف فيها و الباد و المجاور لها و المتحمل إليها من بعد البلاد، و من سبق الى مكان منها لزيارة أو صلاة أو دعاء أو قراءة كان أحق و أولى به و ليس لأحد إزعاجه، و هل للزيارة أولوية على غيرها كالصلاة في المسجد بالنسبة إلى غيرها لو قلنا بأولويتها؟ لا يخلو من وجه، لكنه غير وجيه كأولوية من جاء إليها من البلاد البعيدة بالنسبة إلى المجاورين، و ان كان ينبغي لهم مراعاتهم. و حكم مفارقة المكان و وضع الرحل و بقائه كما سبق في المساجد.

[مسألة: 20 و من المشتركات المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم أو الطائفة الخاصة منهم]

مسألة: 20 و من المشتركات المدارس بالنسبة إلى طالبي العلم أو الطائفة الخاصة منهم إذا خصها الواقف بصنف خاص، كما إذا خصها بصنف العرب أو العجم أو طالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه مثلا، فهي بالنسبة إلى مستحقي السكنى بها كالمساجد، فمن سبق الى سكنى حجرة منها فهو أحق بها ما لم يفارقها معرضا عنها و ان طالت مدة السكنى، إلا إذا اشترط الواقف له مدة معينة كثلاث سنين مثلا، فيلزمه الخروج بعد انقضائها بلا مهلة و ان لم يؤمر به، أو شرط اتصافه بصفة فزالت عنه تلك الصفة، كما إذا شرط كونه مشغولا بالتحصيل أو التدريس فطرأ عليه العجز لمرض أو هرم و نحو ذلك.

[مسألة: 21 لا يبطل حق الساكن بالخروج لحاجة معتادة كشراء مأكول أو مشروب]

مسألة: 21 لا يبطل حق الساكن بالخروج لحاجة معتادة كشراء مأكول أو مشروب أو كسوة و نحوها قطعا و ان لم يترك رحله، و لا يلزم تخليف أحد مكانه، بل و لا بالاسفار المتعارفة المعتادة كالرواح للزيارة أو لتحصيل المعاش أو للمعالجة مع نية العود و بقاء متاعه و رحله ما لم تطل المدة إلى حد لم يصدق معه السكنى و الإقامة عرفا و لم يشترط الواقف لذلك مدة معينة (1)، كما إذا شرط ان لا يكون خروجه أزيد


1- أو المتولي و لم يعطل المحل زائدا عن المتعارف مع وجود المحتاج من الموقوف عليهم.

ص: 120

من شهر أو شهرين مثلا فيبطل حقه لو تعدى زمن خروجه عن تلك المدة.

[مسألة: 22 من اقام في حجرة منها ممن يستحق السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره]

مسألة: 22 من اقام في حجرة منها ممن يستحق السكنى بها له أن يمنع من أن يشاركه غيره إذا كان المسكن معدا لواحد اما بحسب قابلية المحل أو بسبب شرط الواقف، و لو أعد لما فوقه لم يكن له منع غيره الا إذا بلغ العدد الذي أعد له فللسكنة منع الزائد.

[مسألة: 23 و يلحق بالمدارس الربط]

مسألة: 23 و يلحق بالمدارس الربط، و هي المواضع المبنية لسكنى الفقراء و الملحوظ فيها غالبا للغرباء، فمن سبق منهم إلى إقامة بيت منها كان أحق به و ليس لأحد إزعاجه. و الكلام في مقدار حقه و ما به يبطل حقه و جواز منع الشريك و عدمه فيها كما سبق في المدارس (1).

[مسألة: 24 و من المشتركات المياه، و المراد بها مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و النيل]

مسألة: 24 و من المشتركات المياه، و المراد بها مياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و النيل، أو الصغار التي لم يجرها أحد بل جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج، و كذلك العيون المنفجرة من الجبال أو في أراضي الموات و المياه المجتمعة في الوهاد من نزول الأمطار، فإن الناس في جميع ذلك شرع سواء، و من حاز منها شيئا بآنية أو مصنع أو حوض و نحوها ملكه (2) و جرى عليه احكام الملك، من غير فرق بين المسلم و الكافر.

و اما مياه العيون و الآبار و القنوات التي حفرها شخص في ملكه أو في الموات بقصد تملك مائها فهي ملك للحافر كسائر الأملاك، لا يجوز لأحد أخذها و التصرف فيها (3) إلا بإذن المالك، و ينتقل الى غيره بالنواقل الشرعية قهرية كانت كالإرث أو اختيارية كالبيع و الصلح و الهبة و غيرها.


1- هذا إذا كانت مبنية للفقراء، و اما إذا كانت مبنية للمسافر فلا يجوز التوقف فيها أكثر مما تعارف- توقف المسافر فيها على حسب عاداتهم الا المواقع التي لم يكن مسافر.
2- إذا قصد به التملك، و اما بدونه فحصول الملك محل منع.
3- الأمر في محله من جواز بعض التصرفات في الأنهار الكبيرة.

ص: 121

[مسألة: 25 إذا شق نهرا من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ما يدخل فيه من الماء]

مسألة: 25 إذا شق نهرا من ماء مباح كالشط و نحوه ملك ما يدخل فيه من الماء (1) و يجري عليه أحكام الملك كالماء المحوز في آنية و نحوها، و تتبع ملكية الماء ملكية النهر، فان كان النهر لواحد ملك الماء بالتمام و ان كان لجماعة ملك كل منهم من الماء بمقدار حصته من ذلك النهر، فان كان لواحد نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه ملكوا الماء بتلك النسبة و هكذا. و لا يتبع مقدار استحقاق الماء مقدار الأراضي التي تسقى منه، فلو كان النهر مشتركا بين ثلاثة أشخاص بالتساوي كان لكل منهم ثلث الماء، و ان كانت الأراضي التي تسقى منه لأحدهم ألف جريب و لآخر جريبا و لآخر نصف جريب يصرفان ما زاد على احتياج أرضهما فيما شاءا، بل لو كان لأحدهما رحى يدور به و لم يكن له أرض أصلا يساوي مع كل من شريكيه في استحقاق الماء.

[مسألة: 26 إنما يملك النهر المتصل بالمباح اما بحفره في أرض مملوكة له و اما بحفره في الموات]

مسألة: 26 إنما يملك النهر المتصل بالمباح اما بحفره في أرض مملوكة له و اما بحفره في الموات بقصد إحيائه نهرا مع نية تملكه الى ان أوصله بالمباح كما مر في إحياء الموات، فان كان الحافر واحدا ملكه بالتمام و ان كان جماعة كان بينهم على قدر ما عملوا و أنفقوا، فمع التساوي (2) بالتساوي و مع التفاوت بالتفاوت.

[مسألة: 27 لما كان الماء الذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركا بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة]

مسألة: 27 لما كان الماء الذي يفيضه النهر المشترك بين جماعة مشتركا بينهم كان حكمه حكم سائر الأموال المشتركة، فلا يجوز لكل واحد منهم التصرف فيه و أخذه و السقاية به الا بإذن باقي الشركاء، فان لم يكن بينهم تعاسر و يبيح كل منهم سائر شركائه ان يقضي منه حاجته في كل وقت و زمان فلا بحث، و ان وقع بينهم تعاسر فان تراضوا بالتناوب و المهايأة بحسب الساعات أو الأيام أو الأسابيع مثلا فهو، و الا فلا محيص من تقسيمه بينهم بالاجزاء، بأن توضع على فم النهر خشبة أو صخرة أو حديدة ذات ثقب متساوية السعة حتى يتساوى الماء الجاري فيها و يجعل لكل


1- إذا قصد التملك.
2- و الميزان تساوى الموجب بنظر أهل الخبرة و ان كان العمل من بعض و النفقة من آخر.

ص: 122

منهم من الثقب بمقدار حصته و يجري كل منهم ما يجري في الثقبة المختصة به في ساقية تختص به، فإذا كان بين ثلاثة و سهامهم متساوية فإن كانت الثقب ثلاث متساوية جعلت لكل منهم ثقبة، و ان كانت ستا جعلت لكل منهم ثقبتان، و ان كانت سهامهم متفاوتة تجعل الثقب على أقلهم سهما، فإذا كان لأحدهم نصفه و لآخر ثلثه و لثالث سدسه جعلت الثقب ستا ثلاث منها لذي النصف و اثنتان لذي الثلث و واحدة لذي السدس و هكذا، و بعد ما أفرزت حصة كل منهم من الماء يصنع بمائه ما شاء ان شاء استعمله في الاستقاء أو في غيره و ان شاء باعه أو إباحة لغيره.

[مسألة: 28 الظاهر ان القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار]

مسألة: 28 الظاهر ان القسمة بحسب الأجزاء قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء يجبر الممتنع منهم عليها، و هي لازمة ليس لأحدهم الرجوع عنها بعد وقوعها.

و اما المهايأة فهي موقوفة على التراضي و ليست بلازمة، فلبعضهم الرجوع عنها حتى فيما إذا استوفى تمام نوبته و لم يستوف الأخر نوبته و ان ضمن حينئذ مقدار ما استوفاه بالقيمة.

[مسألة: 29 إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها]

مسألة: 29 إذا اجتمعت أملاك على ماء مباح من عين أو واد أو نهر و نحوها- بأن أحياها أشخاص عليه ليسقوها منه بواسطة السواقي أو الدوالي أو النواعير أو المكائن المتداولة في هذه الأعصار- كان للجميع حق السقي منه، فليس لأحد ان يشق نهرا فوقها يقبض الماء كله أو ينقصه عن مقدار احتياج تلك الاملاك، و حينئذ فإن و في الماء لسقي الجميع من دون مزاحمة في البين فهو، و ان لم يف و وقع بين أربابها في التقدم و التأخر التشاح و التعاسر يقدم الأسبق فالأسبق في الاحياء ان علم السابق، و الا يقدم الأعلى فالأعلى و الأقرب فالأقرب إلى فوهة الماء و أصله، فيقضي الأعلى حاجته (1) ثم يرسله لمن يليه و هكذا.


1- في الأراضي المنحدرة التي لم يقف فيها الماء، و اما في غيرها فالأحوط ان لا يزيد في النخل عن أول الساق و في الشجر عن المقدم و في الزرع عن الشراك.

ص: 123

[مسألة: 30 الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها]

مسألة: 30 الأنهار المملوكة المنشقة من الشطوط و نحوها إذا وقع التعاسر بين أربابها- بأن كان الشط لا يفي في زمان واحد بإملاء جميع تلك الأنهار- كان حالها كحال اجتماع الاملاك على الماء المباح المتقدم في المسألة السابقة، فالاحق ما كان شقه أسبق ثم الأسبق، و ان لم يعلم الأسبق فالمدار على الأعلى فالأعلى، فيقبض الأعلى ما يسعه ثم ما يليه و هكذا.

[مسألة: 31 لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقيه أو حفر أو إصلاح]

مسألة: 31 لو احتاج النهر المملوك المشترك بين جماعة إلى تنقيه أو حفر أو إصلاح أو سد خرق و نحو ذلك، فإن أقدم الجميع على ذلك كانت المئونة على الجميع بنسبة ملكهم للنهر، سواء كان أقدامهم بالاختيار أو بالإجبار من حاكم قاهر (1) جائر أو بإلزام من الشرع، كما إذا كان مشتركا بين المولى عليهم و رأى الولي المصلحة الملزمة في تعميره مثلا، و ان لم يقدم الا البعض لم يجبر الممتنع و ليس للمقدمين مطالبته بحصته من المئونة ما لم يكن أقدامهم بالتماس منه و تعهده ببذل حصته.

نعم لو كان النهر مشتركا بين القاصر و غيره و كان اقدام غير القاصر متوقفا على مشاركة القاصر اما لعدم اقتداره بدونه أو لغير ذلك وجب على ولي القاصر مراعاة لمصلحته تشريكه في التعمير و بذل المئونة من ماله بمقدار حصته.

[مسألة: 32 و من المشتركات المعادن]

مسألة: 32 و من المشتركات المعادن، و هي: اما ظاهرة، و هي ما لا يحتاج في استخراجها و الوصول إليها إلى عمل و مئونة، كالملح و القير و الكبريت و الموميا و الكحل، و كذا النفط إذا لم يحتج في استخراجه الى الحفر و العمل. و اما باطنة، و هي ما لا تظهر الا بالعمل و العلاج، كالذهب و الفضة و النحاس و الرصاص، و كذا النفط إذا احتاج في استخراجه الى حفر آبار كما هو المعمول غالبا في هذه الأعصار.

فأما الظاهرة فهي تملك بالحيازة لا بالاحياء، فمن أخذ منها شيئا ملك ما أخذه قليلا كان أو كثيرا و ان كان زائدا على ما يعتاد لمثله و على مقدار حاجته، و يبقى الباقي مما


1- هذا إذا ألزم الجائر كلهم، اما إذا أجبر بعضهم فليس لهم الرجوع على غير الملزمين في مقدار سهامهم.

ص: 124

لم يأخذه على الاشتراك، و لا يختص بالسابق في الأخذ، و ليس له ان يجوز (1) مقدارا أوجب الضيق و المضارة على الناس. و أما الباطنة فهي تملك بالإحياء، بأن ينهى العمل و النقب و الحفر الى ان يبلغ نيلها، فيكون حالها حال الآبار المحفورة في الموات لأجل استنباط الماء، و قد مر أنها تملك بحفرها حتى يبلغ الماء و يملك بتبعها الماء، و لو عمل فيها عملا لم يبلغ به نيلها كان تحجيرا أفاد الأحقية و الأولوية دون الملكية.

[مسألة: 33 إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه]

مسألة: 33 إذا شرع في إحياء معدن ثم أهمله و عطله أجبر على إتمام العمل أو رفع يده عنه، و لو أبدى عذرا أنظر بمقدار زوال عذره (2) ثم ألزم على أحد الأمرين، كما سبق ذلك كله في إحياء الموات.

[مسألة: 34 لو أحيا أرضا مزرعا أو مسكنا مثلا فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها]

مسألة: 34 لو أحيا أرضا مزرعا أو مسكنا مثلا فظهر فيها معدن ملكه تبعا لها، سواء كان عالما به حين إحيائها أم لا.

[مسألة: 35 لو قال رب المعدن لآخر اعمل فيه و لك نصف الخارج مثلا]

مسألة: 35 لو قال رب المعدن لآخر اعمل فيه و لك نصف الخارج مثلا، بطل ان كان بعنوان الإجارة، و صح لو كان بعنوان الجعالة.


1- يصح هذا ان كان المقصود من الحيازة مثل التخطيط أو التحجير لكنه لا يؤثر في تملك المباحات غير المحتاجة إلى عمل غير الأخذ، و اما ان كان المقصود أخذها أو جمعها للأخذ فلا مانع من أخذها و تملكها بمقدار يتمكن و يملكها و يبيع على الناس.
2- ان لم يتجاوز المتعارف.

ص: 125

[كتاب اللقطة]

اشارة

كتاب اللقطة التي بمعناها الأعم كل مال ضائع عن مالكه و لم يكن يد عليه، و هي اما حيوان أو غير حيوان:

[القول في لقطة الحيوان]

اشارة

القول في لقطة الحيوان:

و هي المسماة بالضالة.

[مسألة: 1 إذا وجد الحيوان في العمران لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه أي حيوان كان]

مسألة: 1 إذا وجد الحيوان في العمران لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه أي حيوان كان، فمن أخذه ضمنه و يجب عليه حفظه من التلف (1) و الإنفاق عليه بما يلزم، و ليس له الرجوع على صاحبه بما أنفق. نعم لو كان في معرض الخطر لمرض أو غيره جاز له أخذه من دون ضمان، و يجب عليه الإنفاق عليه، و جاز له الرجوع بما أنفقه على مالكه لو كان إنفاقه عليه بقصد الرجوع عليه، و ان كان له منفعة من ركوب أو حمل عليه أو لبن و نحوه جاز له استيفاؤها و احتسابها بإزاء ما أنفق (2).

[مسألة: 2 بعد ما أخذ الحيوان في العمران و صار تحت يده]

مسألة: 2 بعد ما أخذ الحيوان في العمران (3) و صار تحت يده يجب عليه


1- و يجوز دفعه الى الحاكم، و ان كان شاة فلا يبعد جواز بيعها بعد حبسها ثلاثة أيام و التصدق بثمنها مع الضمان لو لم يرض صاحبها بالصدقة.
2- مع التساوي و مع التفاضل فالفاضل لصاحبه.
3- هذا في غير الشاة، و اما الشاة فقد مر حكمها.

ص: 126

الفحص عن صاحبه في صورتي جواز الأخذ و عدمه، فإذا يئس من صاحبه تصدق به أو بثمنه كغيره من مجهول المالك.

[مسألة: 3 ما يدخل في دار الإنسان من الحيوان كالدجاج و الحمام مما لم يعرف صاحبه]

مسألة: 3 ما يدخل في دار الإنسان من الحيوان كالدجاج و الحمام مما لم يعرف صاحبه الظاهر خروجه عن عنوان اللقطة، بل هو داخل في عنوان مجهول المالك، فيتفحص عن صاحبه و عند اليأس منه يتصدق به. و الفحص اللازم هو المتعارف في أمثال ذلك، بأن يسأل من الجيران و القريبة من الدور و العمران. نعم لا يبعد جواز تملك مثل الحمام إذا ملك جناحيه (1) و لم يعرف صاحبه من دون فحص عنه، كما مر في كتاب الصيد.

[مسألة: 4 ما يوجد من الحيوان في غير العمران من الطرق و الشوارع و المفاوز و الصحاري و البراري و الجبال و الإجام]

مسألة: 4 ما يوجد من الحيوان في غير العمران من الطرق و الشوارع و المفاوز و الصحاري و البراري و الجبال و الإجام و نحوها ان كان مما يحفظ نفسه بحسب العادة من صغار السباع مثل الثعالب و ابن آوى و الذئب و الضبع و نحوها اما لكبر جثته كالبعير أو لسرعة عدوه كالفرس و الغزال أو لقوته و بطشه كالجاموس و الثور لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه إذا كان في كلاء و ماء أو كان صحيحا يقدر على تحصيل الماء و الكلاء، و ان كان مما تغلب عليه صغار السباع كالشاة و أطفال البعير و الدواب جاز أخذه، فإذا أخذه عرفه في المكان الذي أصابه (2) و حواليه ان كان فيه أحد، فإن عرف صاحبه رده اليه و الا كان له تملكه و بيعه و أكله مع الضمان لمالكه لو وجد، كما ان له إبقاؤه و حفظه لمالكه و لا ضمان عليه.

[مسألة: 5 لو أخذ البعير و نحوه في صورة لا يجوز له أخذه ضمنه]

مسألة: 5 لو أخذ البعير و نحوه في صورة لا يجوز له أخذه ضمنه و يجب عليه الإنفاق عليه، و ليس له الرجوع بما أنفقه على صاحبه و ان كان من قصده الرجوع عليه كما مر فيما يؤخذ من العمران.


1- و لم يكن فيه امارة على الملك.
2- بل في سائر مظان الإصابة لصاحبه بل و محتملها.

ص: 127

[مسألة: 6 إذا ترك الحيوان صاحبه و سرحه في الطرق أو الصحاري و البراري]

مسألة: 6 إذا ترك الحيوان صاحبه و سرحه في الطرق أو الصحاري و البراري، فإن كان بقصد الاعراض عنه جاز لكل أحد أخذه و تملكه، كما هو الحال في كل مال اعرض عنه صاحبه، و ان لم يكن بقصد الاعراض بل كان من جهة العجز عن إنفاقه أو من جهة جهد الحيوان و كلالة- كما يتفق كثيرا ان الإنسان إذا كلت دابته في الطرق و المفاوز و لم يتمكن من الوقوف عندها يأخذ رحلها أو سرجها و يسرحها و يذهب، فان تركه في كلاء و ماء و أمن ليس لأحد أن يأخذه، فلو أخذه كان غاصبا ضامنا له، و ان أرسله بعد ما أخذه لم يخرج من الضمان، و في وجوب حفظه و الإنفاق عليه و عدم الرجوع على صاحبه ما مر فيما يؤخذ في العمران. و ان تركه في خوف و على غير ماء و كلاء جاز أخذه و الإنفاق عليه، و هو للأخذ إذا تملكه.

[مسألة: 7 إذا أصاب دابة و علم بالقرائن ان صاحبها قد تركها و لم يدر أنه قد تركها بقصد الاعراض أو بسبب آخر]

مسألة: 7 إذا أصاب دابة و علم بالقرائن ان صاحبها قد تركها و لم يدر أنه قد تركها بقصد الاعراض أو بسبب آخر كان بحكم الثاني، فليس له أخذها و تملكها إلا إذا كانت في مكان خوف بلا ماء و لا كلاء.

[مسألة: 8 إذا أصاب حيوانا في غير العمران و لم يدر أن صاحبه قد تركه بأحد النحوين أو لم يتركه]

مسألة: 8 إذا أصاب حيوانا في غير العمران و لم يدر أن صاحبه قد تركه بأحد النحوين أو لم يتركه بل ضاعه أو شرد عنه كان بحكم الثاني من التفصيل المتقدم فان كان مثل البعير لم يجز أخذه و تملكه إلا إذا كان غير صحيح و لم يكن في ماء و كلاء، و ان كان مثل الشاة جاز أخذه مطلقا.

[القول في لقطة غير الحيوان]

اشارة

القول في لقطة غير الحيوان:

التي يطلق عليها اللقطة عند الإطلاق و اللقطة بالمعنى الأخص. و يعتبر فيها عدم معرفة المالك، فهو قسم من مجهول المالك له أحكام خاصة.

[مسألة: 1 يعتبر فيه الضياع عن المالك، فما يؤخذ من يد الغاصب و السارق ليس من اللقطة لعدم الضياع عن مالكه]

مسألة: 1 يعتبر فيه الضياع عن المالك، فما يؤخذ من يد الغاصب و السارق ليس من اللقطة لعدم الضياع عن مالكه، بل لا بد في ترتيب أحكامها من إحراز

ص: 128

الضياع و لو بشاهد الحال، فالحذاء المتبدل بحذائه في المساجد و نحوها يشكل ترتيب أحكام اللقطة عليه، و كذا الثوب المتبدل بثوبه في الحمام و نحوه لاحتمال تقصد المالك في التبديل (1) و معه يكون من مجهول المالك لا من اللقطة.

[مسألة: 2 يعتبر في صدق اللقطة و ثبوت أحكامها الأخذ و الالتقاط]

مسألة: 2 يعتبر في صدق اللقطة و ثبوت أحكامها الأخذ و الالتقاط، فلو رأى شيئا و أخبر به غيره فأخذه كان حكمها على الأخذ دون الرائي و ان تسبب منه، بل لو قال ناولنيه فنوى المأمور الأخذ لنفسه كان هو الملتقط دون الأمر. نعم لو أخذه لا لنفسه و ناوله إياه الظاهر صدق الملتقط على الأمر المتناول (2)، بل بناء على صحة الاستنابة و النيابة في الالتقاط كما في حيازة المباحات و احياء الموات يكفي مجرد أخذ المأمور النائب في صيرورة الأمر ملتقطا، لكون يده بمنزلة يده و أخذه بمنزلة أخذه.

[مسألة: 3 لو رأى شيئا مطروحا على الأرض فأخذه بظن انه ما له فتبين أنه ضائع عن غيره]

مسألة: 3 لو رأى شيئا مطروحا على الأرض فأخذه بظن انه ما له فتبين أنه ضائع عن غيره صار بذلك لقطة و عليه حكمها، و كذا لو رأى مالا ضائعا فنحاه من جانب الى آخر (3). نعم لو دفعه برجله ليتعرفه الظاهر عدم صيرورته بذلك ملتقطا بل و لا ضامنا، لعدم صدق اليد و الأخذ.

[مسألة: 4 المال المجهول المالك غير الضائع لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه]

مسألة: 4 المال المجهول المالك غير الضائع لا يجوز أخذه و وضع اليد عليه، فان أخذه كان غاصبا ضامنا إلا إذا كان في معرض التلف فيجوز بقصد الحفظ، و يكون حينئذ في يده أمانة شرعية لا يضمن إلا بالتعدي أو التفريط. و على كل من تقديري جواز الأخذ و عدمه لو أخذه يجب عليه الفحص عن مالكه الى أن ييأس من


1- و كذا لو تبدل اشتباها لعدم صدق اللقطة عليه أيضا.
2- مشكل فلا يترك الاحتياط بتعريف كل منهما على فرض ترك الأخر، و كذا في النائب.
3- بعد التقاطه و بدونه لا يكون ملتقطا و ان كان ضامنا له بسبب هذا التصرف.

ص: 129

الظفر به (1)، و عند ذلك يجب عليه ان يتصدق به (2).

[مسألة: 5 كل مال غير الحيوان أحرز ضياعه عن مالكه المجهول و لو بشاهد الحال]

مسألة: 5 كل مال غير الحيوان أحرز ضياعه عن مالكه المجهول و لو بشاهد الحال و هو الذي يطلق عليه «اللقطة» كما مر يجوز أخذه و التقاطه (3) على كراهة، و ان كان المال الضائع في الحرم- اي حرم مكة زادها اللّٰه شرفا و تعظيما- اشتدت كراهة التقاطه، بل نسب الى المشهور حرمته (4)، فلا يترك فيه الاحتياط.

[مسألة: 6 اللقطة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها في الحال من دون تعريف و فحص عن مالكها]

مسألة: 6 اللقطة ان كانت قيمتها دون الدرهم جاز تملكها في الحال من دون تعريف و فحص عن مالكها، و لا يملكها قهرا بدون قصد التملك على الأقوى، فإن جاء مالكها بعد ما التقطها دفعها اليه مع بقائها و ان تملكها على الأحوط لو لم يكن الأقوى، و ان كانت تالفة لم يضمنها الملتقط و ليس عليه عوضها ان كان بعد التملك (5). و ان كانت قيمتها درهما أو أزيد وجب عليه تعريفها و الفحص عن صاحبها، فان لم يظفر به فان كانت لقطة الحرم تخير بين أمرين التصدق بها (6) أو إبقائها عنده و حفظها لمالكها (7) و ليس له تملكها، و ان كانت لقطة غير الحرم تخير بين أمور ثلاثة: تملكها، و التصدق بها مع الضمان فيهما، و إبقائها أمانة بيده من غير ضمان (8).


1- و يجوز له الدفع الى الحاكم الشرعي.
2- بإذن الحاكم على الأحوط. هذا فيما يبقى و لا يفسد باقتنائه، و أما فيه فيبيعه و يتصدق بثمنه أو يقومه و يأكله في الأطعمة و الثمار و يتصدق بثمنه بعد اليأس، و الأحوط أن يكون جميع ذلك بإذن الحاكم.
3- بقصد التعريف، و اما بدونه فلا يجوز أخذه و يضمنه لو أخذه.
4- كما ادعى الإجماع على جوازه، و الاحتياط طريق النجاة.
5- و لو كان ذلك بتفريط منه، بخلافه قبل التملك فإنه يضمن مع التفريط.
6- مع الضمان لو لم يرض صاحبها بالصدقة و يجوز له دفعها الى الحاكم، و كذا في لقطة غير الحرم.
7- بلا ضمان الا مع التفريط.
8- الا مع التفريط.

ص: 130

[مسألة: 7 الدرهم هو الفضة المسكوكة الرائجة في المعاملة]

مسألة: 7 الدرهم هو الفضة المسكوكة الرائجة في المعاملة، و هو و ان اختلف عياره بحسب الأزمنة و الأمكنة الا ان المراد هنا ما كان على وزن اثنتي عشرة حمصة و نصف حمصة و عشرها. و بعبارة أخرى نصف مثقال و ربع عشر مثقال بالمثقال الصيرفي الذي يساوي أربعة و عشرين حمصة معتدلة، فالدرهم يقارب نصف ريال عجمي (1) و كذا ربع روبية انگليزية.

[مسألة: 8 المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه في اللقطة و في الدرهم]

مسألة: 8 المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه في اللقطة و في الدرهم، فان وجد شيئا في بلاد العجم مثلا و كان قيمته في بلد الالتقاط و زمانه أقل من نصف ريال أو وجد في بلاد تكون الرائج فيها الروبية و كان قيمته أقل من ربعها جاز تملكه في الحال و لا يجب تعريفه.

[مسألة: 9 يجب التعريف فورا فيما لم يكن أقل من درهم]

مسألة: 9 يجب التعريف فورا فيما لم يكن أقل من درهم، فلو أخره من أول زمن الالتقاط عصى إلا إذا كان لعذر، و لو أخره لعذر أو لا لعذر لم يسقط.

[مسألة: 10 قيل لا يجب التعريف إلا إذا كان ناويا للتملك بعده]

مسألة: 10 قيل لا يجب التعريف إلا إذا كان ناويا للتملك بعده، و الأقوى وجوبه مطلقا و ان كان من نيته التصدق أو الحفظ لمالكها أو غير ناو لشي ء أصلا.

[مسألة: 11 مدة التعريف الواجب سنة كاملة، و لا يشترط فيها التوالي]

مسألة: 11 مدة التعريف الواجب سنة كاملة، و لا يشترط فيها التوالي (2)، فإن عرفها في ثلاثة شهور في سنة على نحو يقال في العرف انه عرفها في تلك المدة ثم ترك التعريف بالمرة ثم عرفها في سنة أخرى ثلاثة شهور و هكذا الى ان كمل مقدار سنة في أربع سنوات مثلا كفى في تحقق التعريف الذي هو شرط لجواز التملك و التصدق و سقط عنه ما وجب عليه و ان كان عاصيا في تأخيره ان كان بدون عذر.

[مسألة: 12 لا يعتبر في التعريف مباشرة الملتقط]

مسألة: 12 لا يعتبر في التعريف مباشرة الملتقط، بل يجوز استنابة الغير


1- تقريبا.
2- بمعنى التعريف في كل يوم من أيام السنة، و اما التوالي بمعنى صدق التعريف إلى سنة واحدة عرفا و لو بالتعريف كل أسبوع أو أقل أو أكثر مرة واحدة فالأحوط مراعاته، و ان لم يسقط وجوب التعريف مع تركه.

ص: 131

مجانا أو بالأجرة مع الاطمئنان بإيقاعه، و الظاهر أن اجرة التعريف على الملتقط إلا إذا كان من قصده ان يبقى بيده و يحفظها لمالكه.

[مسألة: 13 لو علم بأن التعريف لا فائدة فيه أو حصل له اليأس من وجدان مالكها قبل تمام السنة سقط]

مسألة: 13 لو علم بأن التعريف لا فائدة فيه أو حصل له اليأس من وجدان مالكها قبل تمام السنة سقط و تخير بين الأمرين في لقطة الحرم و الأمور الثلاثة في لقطة غيره، و الأحوط في الثاني (1) ان يتصدق بها و لا يتملك.

[مسألة: 14 لو تعذر التعريف في أثناء السنة انتظر رفع العذر]

مسألة: 14 لو تعذر التعريف في أثناء السنة انتظر رفع العذر، و ليس عليه بعد ارتفاع العذر استيناف السنة بل يكفي تتميمها.

[مسألة: 15 لو علم بعد تعريف سنة انه لو زاد عليها عثر على صاحبه فهل يجب الزيادة الى ان يعثر عليه أم لا؟]

مسألة: 15 لو علم بعد تعريف سنة انه لو زاد عليها عثر على صاحبه فهل يجب الزيادة الى ان يعثر عليه أم لا؟ وجهان أحوطهما الأول (2)، و ان كان الثاني لا يخلو من قوة.

[مسألة: 16 لو ضاعت اللقطة من الملتقط و وجدها شخص آخر لم يجب عليه التعريف]

مسألة: 16 لو ضاعت اللقطة من الملتقط و وجدها شخص آخر لم يجب عليه التعريف، بل يجب عليه إيصالها إلى الملتقط الأول. نعم لو لم يعرفه وجب عليه التعريف سنة طالبا به المالك أو الملتقط الأول، فأيا منهما (3) عثر عليه يجب دفعها اليه من غير فرق بين ما كان ضياعها من الملتقط قبل تعريفه سنة أو بعده.

[مسألة: 17 إذا كانت اللقطة مما لا تبقى سنة كالطبيخ و البطيخ و اللحم و الفواكه و الخضراوات]

مسألة: 17 إذا كانت اللقطة مما لا تبقى سنة كالطبيخ و البطيخ و اللحم و الفواكه و الخضراوات جاز أن يقومها على نفسه (4) و يأكلها و يتصرف بها أو يبيعها من غيره و يحفظ ثمنها لمالكها، و الأحوط ان يكون بيعها بإذن الحاكم مع الإمكان، و لا يسقط التعريف فيحفظ خصوصياتها و صفاتها قبل أن يأكلها أو يبيعها ثم يعرفها سنة، فان


1- لا يترك، و كذا في لقطة الحرم فإنه لا وجه لتخييره بين الأمرين مع كونه مأيوسا من أحدهما، و الا فلا فرق بينهما.
2- بل أقواهما إلا إذا كان حرجيا عليه لطول زمانه، و الأحوط حينئذ دفعه الى الحاكم.
3- وحده و ان عثر عليهما فيجب عليه الدفع الى المالك.
4- في زمان يخاف في إبقائه الفساد.

ص: 132

جاء صاحبها و قد باعها دفع ثمنها اليه و ان أكلها غرمه بقيمته، و ان لم يجئ فلا شي ء عليه (1).

[مسألة: 18 يتحقق تعريف سنة بأن يكون في مدة سنة متوالية أو غير متوالية مشغولا بالتعريف]

مسألة: 18 يتحقق تعريف سنة بأن يكون في مدة سنة متوالية أو غير متوالية مشغولا بالتعريف، بحيث لم يعد في العرف متسامحا متساهلا في الفحص عن مالكه بل عدوه فاحصا عنه في هذه المدة، و لا يتقدر ذلك بمقدار معين، بل هو أمر عرفي، و قد نسب الى المشهور تحديده بأن يعرف في الأسبوع الأول في كل يوم مرة ثم في بقية الشهر في كل أسبوع مرة و بعد ذلك في كل شهر مرة، و الظاهر أن المراد بيان أقل ما يصدق عليه تعريف سنة عرفا، و مرجعه إلى كفاية بضع و عشرين مرة بهذه الكيفية، و فيه اشكال من جهة الإشكال في كفاية كل شهر مرة في غير الشهر الأول، و الظاهر كفاية كل أسبوع مرة إلى تمام الحول، و الأحوط أن يكون في الأسبوع الأول كل يوم مرة.

[مسألة: 19 محل التعريف مجامع الناس كالاسواق و المشاهد و محل اقامة الجماعات و مجالس التعازي]

مسألة: 19 محل التعريف مجامع الناس كالاسواق و المشاهد و محل اقامة الجماعات و مجالس التعازي، و كذا المساجد حين اجتماع الناس فيها و ان كره ذلك فيها، فينبغي أن يكون على أبوابها حين دخول الناس فيها أو خروجهم عنها.

[مسألة: 20 يجب أن يعرف اللقطة في موضع الالتقاط ان وجدها في محل متأهل من بلد أو قرية و نحوهما]

مسألة: 20 يجب أن يعرف اللقطة في موضع الالتقاط (2) ان وجدها في محل متأهل من بلد أو قرية و نحوهما، و لو لم يقدر على البقاء لم يسافر بها بل استناب شخصا أمينا ثقة ليعرفها، و ان وجدها في المفاوز و البراري و الشوارع و أمثال ذلك عرفها لمن يجده فيها حتى انه لو اجتازت قافلة تبعهم و عرفها فيهم، فان لم يجد المالك فيها أتم التعريف في غيرها من البلاد أي بلد شاء مما احتمل وجود صاحبها فيه، و ينبغي


1- لكن له أن يتصدق بثمنه أو القيمة بعد الحول مع الضمان في لقطة غير الحرم أو يحفظه لصاحبه بلا ضمان من غير تفريط، و اما في لقطة الحرم فيتعين عليه الصدقة مع الضمان أو الحفظ بلا ضمان، و له الدفع فيهما الى الحاكم بلا ضمان.
2- و في سائر مظان الإصابة لصاحبها بل و محتملها.

ص: 133

أن يكون في أقرب البلدان إليها فالأقرب مع الإمكان.

[مسألة: 21 كيفية التعريف أن يقول المنادي «من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب» و ما شاكل ذلك من الألفاظ بلغة يفهمها الأغلب]

مسألة: 21 كيفية التعريف أن يقول المنادي «من ضاع له ذهب أو فضة أو ثوب» و ما شاكل ذلك من الألفاظ بلغة يفهمها الأغلب، و يجوز أن يقول «من ضاع له شي ء أو مال»، بل ربما قيل ان ذلك أحوط و أولى، فإذا ادعى أحد ضياعه سأله عن خصوصياته و صفاته و علاماته من وعائه و خيطه و صنعته و أمور يبعد اطلاع غير المالك عليه من عدده و زمان ضياعه و مكانه و غير ذلك، فإذا توافقت الصفات و الخصوصيات التي ذكره مع الخصوصيات الموجودة في ذلك المال فقد تم التعريف، و لا يضر جهله ببعض الخصوصيات التي لا يطلع عليها المالك غالبا و لا يلتفت إليها إلا نادرا، أ لا ترى ان الكتاب الذي يملكه الإنسان و يقرؤه و يطالعه مدة طويلة من الزمان لا يطلع غالبا على عدد أوراقه و صفحاته، فلو لم يعرف مثل ذلك لكن وصفه بصفات و علامات أخر لا تخفى على المالك كفى في تعريفه و توصيفه.

[مسألة: 22 إذا لم تكن اللقطة قابلة للتعريف]

مسألة: 22 إذا لم تكن اللقطة قابلة للتعريف- بأن لم تكن لها علامة و خصوصيات ممتازة عن غيرها حتى يصف بها من يدعيها و يسأل عنها الملتقط كدينار واحد من الدنانير المتعارفة غير مصرور و لا مكسور- سقط التعريف، و حينئذ هل يتخير بين الأمور الثلاثة المتقدمة من دون تعريف مثل ما حصل اليأس من وجدان مالكه أو يعامل معه معاملة مجهول المالك فيتعين التصدق به؟ وجهان أحوطهما الثاني.

[مسألة: 23 إذا التقط اثنان لقطة واحدة، فإن كان المجموع دون درهم جاز لهما تملكها في الحال]

مسألة: 23 إذا التقط اثنان لقطة واحدة، فإن كان المجموع دون درهم جاز لهما تملكها في الحال من دون تعريف و كان بينهما بالتساوي، و ان كانت بمقدار درهم فما زاد وجب عليهما تعريفها، و ان كانت حصة كل منهما أقل من درهم، و يجوز ان يتصدى للتعريف كلاهما أو أحدهما (1) أو يوزع الحول عليهما بالتساوي أو التفاضل، فان توافقا على أحد الأنحاء فقد تأدى ما هو الواجب عليهما و سقط عنهما، و ان تعاسرا


1- و يسقط بفعل كل منهما عن الأخر لأن ذلك التكليف توصلي طريقي و لا موضوعية لمباشرته أو تسبيبه، نظير وجوب تطهير الثوب للصلاة.

ص: 134

يوزع الحول عليهما بالتساوي، و هكذا بالنسبة إلى أجرة التعريف لو كانت عليهما.

و بعد ما تم حول التعريف يجوز اتفاقهما على التملك و التصدق أو الإبقاء امانة، و يجوز أن يختار أحدهما غير ما يختاره الأخر، بأن يختار أحدهما التملك و الأخر التصدق مثلا كل في نصفه.

[مسألة: 24 إذا التقط الصبي أو المجنون فما كان دون درهم ملكاه ان قصدا]

مسألة: 24 إذا التقط الصبي أو المجنون فما كان دون درهم ملكاه (1) ان قصدا أو قصد وليهما التملك، و ما كان مقدار درهم فما زاد يعرف و كان التعريف على وليهما، و بعد تمام الحول يختار من التملك لهما و التصدق و الإبقاء أمانة ما هو الأصلح لهما.

[مسألة: 25 اللقطة في مدة التعريف امانة لا يضمنها الملتقط الا مع التعدي أو التفريط]

مسألة: 25 اللقطة في مدة التعريف امانة (2) لا يضمنها الملتقط الا مع التعدي أو التفريط، و كذا بعد تمام الحول ان اختار بقاءها عنده امانة لمالكها، و أما ان اختار التملك أو التصدق فإنه يصير في ضمانه كما تعرفه.

[مسألة: 26 ان وجد المالك و قد تملكه الملتقط بعد التعريف]

مسألة: 26 ان وجد المالك و قد تملكه الملتقط بعد التعريف، فان كانت العين باقية أخذها و ليس له إلزام الملتقط بدفع البدل من المثل أو القيمة، و كذا ليس له إلزام المالك بأخذ البدل، و ان كانت تالفة أو منتقلة إلى الغير ببيع و نحوه أخذ بدله من الملتقط من المثل أو القيمة، و ان وجد بعد ما تصدق به فليس له أن يرجع الى العين و ان كانت موجودة عند المتصدق له، و انما له ان يرجع على الملتقط و يأخذ منه بدل ماله ان لم يرض بالتصدق، و ان رضي به لم يكن له الرجوع عليه و كان أجر الصدقة له. هذا إذا وجد المالك، و أما إذا لم يوجد فلا شي ء عليه في الصورتين.


1- كما مر في حيازة المباحات نظيره.
2- ان قام بوظيفته الشرعية من ادامة التعريف في تمام الحول، و اما إذا ترك في البين شهورا أو سنوات فهي مضمونة عليه و لو كان مخيرا بعد تكميل التعريف كما كان مخيرا في الأول.

ص: 135

[مسألة: 27 لا يسقط التعريف عن الملتقط بدفع اللقطة إلى الحاكم]

مسألة: 27 لا يسقط التعريف عن الملتقط بدفع اللقطة إلى الحاكم (1) و ان جاز له دفعها اليه قبل التعريف و بعده، بل ان اختار التصدق بها بعد التعريف كان الاولى أن يدفعها اليه ليتصدق بها.

[مسألة: 28 لو وجد المالك و قد حصل للقطة نماء متصل يتبع العين]

مسألة: 28 لو وجد المالك و قد حصل للقطة نماء متصل يتبع العين، فيأخذ العين بنمائه سواء حصل قبل تمام التعريف أو بعده، و سواء حصل قبل التملك أو بعده.

و اما النماء المنفصل، فان حصل بعد التملك كان للملتقط، فإذا كانت العين موجودة تدفعها الى المالك دون نمائها، و ان حصل في زمن التعريف أو بعده قبل التملك كان للمالك.

[مسألة: 29 لو حصل لها نماء منفصل بعد الالتقاط فعرف العين حولا و لم يجد المالك]

مسألة: 29 لو حصل لها نماء منفصل بعد الالتقاط فعرف العين حولا و لم يجد المالك، فهل له تملك النماء بتبع العين أم لا؟ وجهان بل قولان، أظهرهما الأول و أحوطهما الثاني (2)، بأن يعمل معه معاملة مجهول المالك، فيتصدق به بعد اليأس عن المالك.

[مسألة: 30 ما يوجد مدفونا في الخربة الدارسة التي باد أهلها و في المفاوز و كل أرض لا رب لها فهو لواجده]

مسألة: 30 ما يوجد مدفونا في الخربة الدارسة التي باد أهلها و في المفاوز و كل أرض لا رب لها فهو لواجده من دون تعريف و عليه الخمس (3) كما مر في كتابه، و كذا ما كان مطروحا و علم أو ظن بشهادة بعض العلائم و الخصوصيات انه ليس لأهل زمن الواجد، و أما ما علم انه لأهل زمانه فهو لقطة، فيجب تعريفها ان كان بمقدار الدرهم فما زاد، و قد مر انه يعرف في أي بلد شاء (4).

[مسألة: 31 لو علم مالك اللقطة قبل التعريف أو بعده لكن لم يمكن الإيصال]

مسألة: 31 لو علم مالك اللقطة قبل التعريف أو بعده لكن لم يمكن الإيصال


1- و يجب على الحاكم حفظها الى كمال التعريف ثم يوكل الأمر إلى الملتقط في اختيار ما كان مخيرا فيه، و لا يجوز للحاكم التصدق به الا بإذن الملتقط.
2- لا يترك.
3- ان كان يصدق عليه الكنز عرفا.
4- ان كان مظان الإصابة أو محتملها.

ص: 136

اليه و لا الى وارثه ففي إجراء حكم اللقطة عليه من التخيير بين الأمور الثلاثة أو إجراء حكم مجهول المالك عليه و تعين الصدقة به، وجهان الأحوط الثاني بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 32 لو مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك ينتقل الى وارثه]

مسألة: 32 لو مات الملتقط فان كان بعد التعريف و التملك ينتقل الى وارثه، و ان كان بعد التعريف و قبل التملك يتخير وارثه بين الأمور الثلاثة، و ان كان قبل التعريف أو في أثنائه يتولاه وارثه في الأول و يتمه في الثاني ثم هو مخير بين الأمور الثلاثة (2)، و لو تعددت الورثة كان حكمهم حكم الملتقط المتعدد مع وحدة اللقطة، و قد مر حكمه في بعض المسائل السابقة.

[مسألة: 33 لو وجد مالا في دار معمورة يسكنها الغير]

مسألة: 33 لو وجد مالا في دار معمورة يسكنها الغير، سواء كانت ملكا له أو مستأجرة أو مستعارة بل أو مغصوبة عرفه الساكن، فان ادعى ملكيته فهو له فليدفع اليه بلا بينة، و كذا لو قال لا أدري (3)، و ان سلبه عن نفسه فقد نسب الى المشهور انه ملك للواجد، و فيه إشكال، فالأحوط إجراء حكم اللقطة عليه، و أحوط منه اجراء حكم مجهول المالك، فيتصدق به بعد اليأس عن المالك.

[مسألة: 34 لو وجد شيئا في جوف حيوان قد انتقل اليه من غيره]

مسألة: 34 لو وجد شيئا في جوف حيوان قد انتقل اليه من غيره، فان كان غير السمك كالغنم و البقر عرفه صاحبه السابق، فان ادعاه دفعه اليه، و كذا ان قال لا أدري على الأحوط (4)، و ان أنكره كان للواجد. و ان وجد شيئا لؤلؤة أو غيرها في جوف سمكة اشتراها من غيره فهو له، و الظاهر أن الحيوان الذي لم يكن له مالك سابق غير السمك بحكم السمك، كما إذا اصطاد غزالا فوجد في جوفه شيئا، و ان كان الأحوط إجراء حكم اللقطة أو المجهول المالك عليه.


1- بل هو الأقوى لكن الأحوط التصدق بإذن الحاكم.
2- بل يعامل معه بعد تعريف السنة معاملة مجهول المالك على الأحوط.
3- و كان الدار لا يدخلها غيره.
4- و الأقوى انه للواجد.

ص: 137

[مسألة: 35 لو وجد في داره التي يسكنها شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره]

مسألة: 35 لو وجد في داره التي يسكنها شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره، فان لم يدخلها غيره أو يدخلها آحاد من الناس من باب الاتفاق كالدخلانية المعدة لأهله و عياله فهو له، و ان كانت مما يتردد فيها الناس كالبرانية المعدة للأضياف و الواردين و العائدين و المضايف و نحوها فهو لقطة يجري عليه حكمها، و ان وجد في صندوقه شيئا و لم يعلم انه ماله أو مال غيره فهو له الا إذا كان غيره يدخل يده فيه أو يضع فيه شيئا فيعرفه ذلك الغير، فإن أنكره كان له لا لذلك الغير و ان ادعاه دفعه اليه، و ان قال لا أدري فالأحوط التصالح.

[مسألة: 36 لو أخذ من شخص مالا ثم علم انه لغيره قد أخذ منه بغير وجه شرعي و عدوانا]

مسألة: 36 لو أخذ من شخص ما لا ثم علم انه لغيره قد أخذ منه بغير وجه شرعي و عدوانا و لم يعرف المالك يجري عليه حكم مجهول المالك لا اللقطة، لما مر أنه يعتبر في صدقها الضياع عن المالك و لا ضياع في هذا الفرض. نعم في خصوص ما إذا أودع عنده سارق مالا ثم تبين انه مال غيره و لم يعرفه يجب عليه ان يمسكه و لا يرده الى السارق مع الإمكان ثم هو بحكم اللقطة فيعرفها حولا فإن أصاب صاحبها ردها عليه و الا تصدق بها (1)، فان جاء صاحبها بعد ذلك خيره بين الأجر و الغرم، فان اختار الأجر فله و ان اختار الغرم غرم له و كان الأجر له، و ليس له ان يتملكه بعد التعريف فليس هو بحكم اللقطة من هذه الجهة.

[مسألة: 37 لو التقط شيئا فبعد ما صار في يده ادعاه شخص حاضر و قال انه مالي يشكل دفعه اليه بمجرد دعواه]

مسألة: 37 لو التقط شيئا فبعد ما صار في يده ادعاه شخص حاضر و قال انه مالي يشكل دفعه اليه بمجرد دعواه بل يحتاج إلى البينة، إلا إذا كان بحيث يصدق عرفا انه في يده أو ادعاه قبل ان يلتقطه فيحكم بكونه ملكا للمدعي، و لا يجوز له أن يلتقطه.

[مسألة: 38 لا يجب دفع اللقطة الى من يدعيها الا مع العلم أو البينة]

مسألة: 38 لا يجب دفع اللقطة الى من يدعيها الا مع العلم أو البينة، و ان وصفها بصفات و علامات لا يطلع عليها غير المالك غالبا إذا لم يفد القطع بكونه


1- الأحوط عدم التصدق قبل اليأس و لو بعد تعريفه حولا.

ص: 138

المالك. نعم نسب إلى الأكثر أنه ان أفاد الظن جاز دفعها إليه، فإن تبرع بالدفع عليه لم يمنع و ان امتنع لم يجبر و فيه إشكال، فالأحوط الاقتصار في الدفع على صورة العلم أو البينة (1).

[مسألة: 39 لو تبدل حذاؤه بحذاء آخر في مسجد أو غيره أو تبدل ثيابه في حمام]

مسألة: 39 لو تبدل حذاؤه بحذاء آخر في مسجد أو غيره أو تبدل ثيابه في حمام أو غيره بثياب آخر، فان علم ان الموجود لمن أخذ ماله جاز أن يتصرف فيه، بل يتملكه بعنوان التقاص عن ماله، خصوصا (2) فيما إذا علم و لو بشاهد الحال أن صاحبه قد بدله متعمدا. نعم لو كان الموجود أجود مما أخذ يلاحظ التفاوت فيقومان معا و يتصدق مقدار التفاوت بعد اليأس عن صاحب المتروك، و ان لم يعلم بأن المتروك لمن أخذ ماله أو لغيره يعامل معه معاملة مجهول المالك، فيتفحص عن صاحبه و مع اليأس عنه يتصدق به، بل الأحوط ذلك أيضا فيما لو علم ان الموجود للأخذ لكن لم يعلم انه قد بدل متعمدا.

[ (خاتمة)]

اشارة

(خاتمة) إذا وجد صبيا ضائعا لا كافل له و لا يستقل بنفسه على السعي فيما يصلحه و الدفع عما يضره و يهلكه و يقال له «اللقيط» يجوز بل يستحب التقاطه و أخذه، بل يجب إذا كان في معرض التلف، سواء كان منبوذا قد طرحه أهله في شارع أو مسجد و نحوهما عجزا عن النفقة أو خوفا من التهمة أو غيره، بل و ان كان مميزا بعد صدق كونه ضائعا تائها لا كافل له، و بعد ما أخذ اللقيط و التقطه يجب عليه حضانته و حفظه و القيام بضرورة تربيته بنفسه أو بغيره، و هو أحق به من غيره الا ان يبلغ، فليس لأحد أن ينتزعه من يده و يتصدى حضانته غير من له حق الحضانة تبرعا بحق النسب كالأبوين


1- بل الأقوى.
2- الظاهر أن التقاص مخصوص بما إذا علم ان صاحبه بدله عمدا أو اشتباها، اما ان كان بدله نفسه عمدا أو اشتباها فليس له التقاص بل يجب عليه معاملة مجهول المالك معه.

ص: 139

و الأجداد و سائر الأقارب أو بحق الوصاية كوصي الأب أو الجد إذا وجد أحد هؤلاء، فيخرج بذلك عن عنوان اللقيط لوجود الكافل له حينئذ. و اللقيط من لا كافل له، و كما لهؤلاء حق الحضانة فلهم انتزاعه من يد آخذه كذلك عليهم ذلك، فلو امتنعوا أجبروا عليه.

[مسألة: 1 إذا كان للقيط مال من فراش أو غطاء زائدين على مقدار حاجته أو غير ذلك]

مسألة: 1 إذا كان للقيط مال من فراش أو غطاء زائدين على مقدار حاجته أو غير ذلك جاز للملتقط صرفه في إنفاقه بإذن الحاكم أو وكيله، و مع تعذرهما جاز له ذلك بنفسه (1) و لا ضمان عليه، و ان لم يكن له مال فان وجد من ينفق عليه من حاكم بيده بيت المال أو من كان عنده حقوق تنطبق عليه من زكاة أو غيرها أو متبرع كان له الاستعانة بهم في إنفاقه أو الإنفاق عليه من ماله، و ليس له حينئذ الرجوع على اللقيط بما أنفقه بعد بلوغه و يساره و ان نوى الرجوع عليه، و ان لم يكن من ينفق عليه من أمثال ما ذكر تعين عليه و كان له الرجوع عليه مع قصد الرجوع لا بدونه.

[مسألة: 2 يشترط في الملتقط البلوغ و العقل و الحرية و كذا الإسلام ان كان اللقيط محكوما بالإسلام]

مسألة: 2 يشترط في الملتقط البلوغ و العقل و الحرية و كذا الإسلام ان كان اللقيط محكوما بالإسلام.

[مسألة: 3 لقيط دار الإسلام محكوم بالإسلام]

مسألة: 3 لقيط دار الإسلام محكوم بالإسلام، و كذا لقيط دار الكفر إذا وجد فيها مسلم احتمل تولد اللقيط منه، و ان كان في دار الكفر و لم يكن فيها مسلم أو كان و لم يحتمل كونه منه يحكم بكفره، و فيما كان محكوما بالإسلام لو أعرب عن نفسه الكفر بعد البلوغ يحكم بكفره، لكن لا يجري عليه حكم المرتد الفطري على الأقوى.

[مسألة: 4 اللقيط محكوم بالحرية ما لم يعلم خلافه أو أقر على نفسه بالرق بعد بلوغه]

مسألة: 4 اللقيط محكوم بالحرية ما لم يعلم خلافه أو أقر على نفسه بالرق بعد بلوغه حتى فيما لو التقط من دار الكفر و لم يكن فيها مسلم احتمل تولده منه، غاية الأمر انه يجوز استرقاقه حينئذ، و هذا غير الحكم برقيته كما لا يخفى.


1- الأحوط في الفرض الاستيذان من عدول المؤمنين، و مع التعذر يتصدى بنفسه.

ص: 140

[كتاب النكاح]

اشارة

كتاب النكاح و هو من المستحبات الأكيدة، و ما ورد في الحث عليه و الذم على تركه مما لا يحصى كثرة:

فعن مولانا الباقر عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: ما بني بناء في الإسلام أحب الى اللّٰه عز و جل من التزويج.

و عن مولانا الصادق عليه السلام: ركعتان يصليهما المتزوج أفضل من سبعين ركعة يصليها عزب.

و عنه عليه السلام قال: قال رسول اللّٰه صلى اللّٰه عليه و آله: رذال موتاكم العزاب.

و في خبر آخر عنه صلى اللّٰه عليه و آله: أكثر أهل النار العزاب.

و لا ينبغي ان يمنعه عنه الفقر و العيلة بعد ما وعد اللّٰه عز و جل بالاغناء و السعة بقوله عز من قائل «إِنْ يَكُونُوا فُقَرٰاءَ يُغْنِهِمُ اللّٰهُ مِنْ فَضْلِهِ».

فعن النبي صلى اللّٰه عليه و آله: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء الظن باللّه عز و جل.

هذا

[و مما يناسب تقديمه على مقاصد هذا الكتاب أمور]

اشارة

و مما يناسب تقديمه على مقاصد هذا الكتاب أمور بعضها متعلق بمن ينبغي اختياره للزواج و من لا ينبغي، و بعضها في آداب العقد، و في بعضها في آداب الخلوة

ص: 141

مع الزوجة، و بعضها من اللواحق التي لها مناسبة بالمقام، و هي تذكر في ضمن مسائل:

[مسألة: 1 مما ينبغي ان يهتم به الإنسان النظر في صفات من يريد تزويجها]

مسألة: 1 مما ينبغي ان يهتم به الإنسان النظر في صفات من يريد تزويجها:

فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: اختاروا لنطفكم، فان الخال أحد الضجيعين.

و في خبر آخر: تخيروا لنطفكم، فإن الأبناء تشبه الأخوال.

و عن مولانا الصادق عليه السلام لبعض أصحابه حين قال قد هممت أن أتزوج:

أنظر أين تضع نفسك و من تشركه في مالك و تطلعه على دينك و سرك، فان كنت لا بد فاعلا فبكرا تنسب الى الخير و حسن الخلق- الخبر.

و عنه عليه السلام: إنما المرأة قلادة فانظر ما تتقلد، و ليس للمرأة خطر لا لصالحتهن و لا لطالحتهن، فأما صالحتهن فليس خطرها الذهب و الفضة هي خير من الذهب و الفضة، و اما طالحتهن فليس خطرها التراب التراب خير منها.

و كما ينبغي للرجل أن ينظر فيمن يختارها للتزويج كذلك ينبغي ذلك للمرأة و أوليائها بالنسبة الى الرجل، فعن مولانا الرضا عليه السلام عن آبائه عن رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله انه قال: النكاح رق، فإذا أنكح أحدكم وليدته فقد أرقها، فلينظر أحدكم لمن يرق كريمته.

[مسألة: 2 ينبغي أن لا يكون النظر في اختيار المرأة مقصورا على الجمال و المال]

مسألة: 2 ينبغي أن لا يكون النظر في اختيار المرأة مقصورا على الجمال و المال، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: من تزوجها المرأة لا يتزوجها الا لجمالها لم ير فيها ما يحب، و من تزوجها لمالها لا يتزوجها الا له و كله اللّٰه اليه، فعليكم بذات الدين.

بل يختار من كانت واجدة لصفات شريفة صالحة قد وردت في مدحها الاخبار فاقدة لصفات ذميمة قد نطقت بذمها الآثار، و أجمع خبر في هذا الباب ما عن النبي صلى اللّٰه عليه و آله انه قال: خير نسائكم الولود الودود العفيفة العزيزة في أهلها الذليلة مع

ص: 142

بعلها المتبرجة مع زوجها الحصان على غيره التي تسمع قوله و تطيع أمره- الى أن قال- ألا أخبركم بشرار نسائكم الذليلة في أهلها العزيزة مع بعلها العقيم الحقود التي لا تورع من قبيح المتبرجة إذا غاب عنها بعلها الحصان معه إذا حضر لا تسمع قوله و لا تطيع امره و إذا خلا بها بعلها تمنعت منه كما تمنع الصعبة عن ركوبها لا تقبل منه عذرا و لا تقيل له ذنبا.

و في خبر آخر عنه صلّى اللّٰه عليه و آله: إياكم و خضراء الدمن. قيل: يا رسول اللّٰه و ما خضراء الدمن؟ قال: المرأة الحسناء في منبت السوء. أشار الى كونها ممن تنال آباءها و أمهاتها و عشيرتها الألسن، و كانوا معروفين بعدم النجابة.

[مسألة: 3 يكره تزويج الزانية و المتولدة من الزنا و ان يتزوج الشخص قابلته أو ابنتها]

مسألة: 3 يكره تزويج الزانية و المتولدة من الزنا و ان يتزوج الشخص قابلته أو ابنتها.

[مسألة: 4 لا ينبغي للمرأة ان تختار زوجا سيّئ الخلق و المخنث و الفاسق و شارب الخمر]

مسألة: 4 لا ينبغي للمرأة ان تختار زوجا سيّئ الخلق و المخنث و الفاسق و شارب الخمر و من كان من الزنج أو الأكراد أو الخوزي أو الخزر.

[مسألة: 5 يستحب: الاشهاد في العقد]

مسألة: 5 يستحب: الاشهاد في العقد، و الإعلان به، و الخطبة امامه، أكملها ما اشتمل على التحميد و الصلاة على النبي و الأئمة المعصومين و الشهادتين و الوصية بالتقوى و الدعاء للزوجين، و يجزي «الحمد للّٰه و الصلاة على محمد و آله»، و إيقاعه ليلا. و يكره إيقاعه و القمر في برج العقرب، و إيقاعه في محاق الشهر و في أحد الأيام المنحوسة في كل شهر المشتهرة في الألسن بكوامل الشهر، و هي سبعة الثالث و الخامس و الثالث عشر و السادس عشر و الحادي و العشرون و الرابع و العشرون و الخامس و العشرون.

[مسألة: 6 يستحب ان يكون الزفاف ليلا، و الوليمة في ليله أو نهاره]

مسألة: 6 يستحب ان يكون الزفاف ليلا، و الوليمة في ليله أو نهاره، فإنها من سنن المرسلين. و عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: لا وليمة إلا في خمس في عرس أو خرس أو عذار أو زكار أو زكار- يعني للتزويج أو ولادة الولد أو الختان أو شراء الدار أو القدوم من مكة.

ص: 143

و انما تستحب يوما أو يومين لا أزيد، للنبوي: الوليمة في الأول حق و يومان مكرمة و ثلاثة أيام رياء و سمعة. و ينبغي ان يدعى لها المؤمنون، و يستحب لهم الإجابة و الأكل و ان كان المدعو صائما نفلا. و ينبغي ان يعم صاحب الدعوة الأغنياء و الفقراء و ان لا يخصها بالأغنياء، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: شر الولائم ان يدعى لها الأغنياء و يترك الفقراء.

[مسألة: 7 يستحب لمن أراد الدخول بالمرأة ليلة الزفاف أو يومه ان يصلي ركعتين]

مسألة: 7 يستحب لمن أراد الدخول بالمرأة ليلة الزفاف أو يومه ان يصلي ركعتين ثم يدعو بعدهما بالمأثور، و ان يكونا على طهر، و ان يضع يده على ناصيتها مستقبل القبلة و يقول «اللهم على كتابك تزوجتها و في أمانتك أخذتها و بكلماتك استحللت فرجها، فان قضيت في رحمها شيئا فاجعله ذكرا مسلما سويا و لا تجعله شرك شيطان».

[مسألة: 8 للخلوة بالمرأة مطلقا و لو في غير ليلة الزفاف آداب]

مسألة: 8 للخلوة بالمرأة مطلقا و لو في غير ليلة الزفاف آداب، و هي بين مستحب و مكروه:

أما المستحب:

فمنها: ان يسمي عند الجماع، فإنه وقاية عن شرك الشيطان، فعن الصادق عليه السلام: إذا أتى أحدكم أهله فليذكر اللّٰه، فان لم يفعل و كان منه ولد كان شرك شيطان. و في معناه أخبار كثيرة.

و منها: ان يسأل اللّٰه تعالى ان يرزقه ولدا تقيا مباركا زكيا ذكرا سويا.

و منها: ان يكون على وضوء، سيما إذا كانت المرأة حاملا.

و اما المكروه: فيكره الجماع في ليلة خسوف القمر، و يوم كسوف الشمس، و يوم هبوب الريح السوداء و الصفراء و الزلزلة، و عند غروب الشمس حتى يذهب الشفق، و بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس، و في المحاق، و في أول ليلة من كل شهر ما عدا شهر رمضان، و في ليلة النصف من كل شهر، و ليلة الأربعاء، و في ليلتي الأضحى

ص: 144

و الفطر. و يستحب ليلة الاثنين و الثلاثاء و الخميس و الجمعة، و يوم الخميس عند الزوال، و يوم الجمعة بعد العصر.

و يكره الجماع في السفر إذا لم يكن معه ماء يغتسل به، و الجماع و هو عريان، و عقيب الاحتلام قبل الغسل. نعم لا بأس بأن يجامع مرات من غير تخلل الغسل بينها و يكون غسله أخيرا لكن يستحب غسل الفرج و الوضوء عند كل مرة، و ان يجامع و عنده من ينظر اليه حتى الصبي و الصبية، و الجماع مستقبل القبلة و مستدبرها و في السفينة، و الكلام عند الجماع بغير ذكر اللّٰه، و الجماع و هو مختضب أو هي مختضبة، و على الامتلاء من الطعام. فعن الصادق عليه السلام: ثلاث يهدمن للبدن و ربما قتلن:

دخول الحمام على البطنة، و الغشيان على الامتلاء، و نكاح العجائز. و يكره الجماع قائما و تحت السماء و تحت الشجرة المثمرة، و يكره أن تكون خرقة الرجل و المرأة واحدة، بل يكون له خرقة و لها خرقة و لا يمسحا بخرقة واحدة فتقع الشهوة على الشهوة، ففي الخبر ان ذلك يعقب بينهما العداوة.

[مسألة: 9 يستحب التعجيل في تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها]

مسألة: 9 يستحب التعجيل في تزويج البنت و تحصينها بالزوج عند بلوغها، فعن الصادق عليه السلام: من سعادة المرء ان لا تطمث ابنته في بيته.

و في الخبر: ان الأبكار بمنزلة الثمر على الشجر إذا أدرك ثمارها فلم تجتن أفسدته الشمس و نثرته الرياح، و كذلك الأبكار إذا أدركن ما تدرك النساء فليس لهن دواء إلا البعولة.

و ان لا يرد الخاطب إذا كان من يرضى خلقه و دينه و أمانته و كان عفيفا صاحب يسار، و لا ينظر إلى شرافة الحسب و علو النسب، فعن علي عليه السلام عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه. قلت: يا رسول اللّٰه و ان كان دنيئا في نسبه؟ قال: إذا جاءكم من ترضون خلقه و دينه فزوجوه، إِلّٰا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَ فَسٰادٌ كَبِيرٌ.

ص: 145

[مسألة: 10 يستحب السعي في التزويج و الشفاعة فيه و إرضاء الطرفين]

مسألة: 10 يستحب السعي في التزويج و الشفاعة فيه و إرضاء الطرفين، فعن الصادق عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: أفضل الشفاعات ان تشفع بين اثنين في نكاح حتى يجمع اللّٰه بينهما.

و عن الكاظم عليه السلام قال: ثلاثة يستظلون بظل عرش اللّٰه يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله: رجل زوج أخاه المسلم، أو أخدمه، أو كتم له سرا.

و عن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله: من عمل في تزويج بين مؤمنين حتى يجمع بينهما زوجه اللّٰه ألف امرأة من الحور العين كل امرأة في قصر من در و ياقوت، و كان له بكل خطوة خطاها أو بكل كلمة تكلم بها في ذلك عمل سنة قام ليلها و صام نهارها، و من عمل في فرقة بين امرأة و زوجها كان عليه غضب اللّٰه و لعنته في الدنيا و الآخرة، و كان حقا على اللّٰه ان يرضخه بألف صخرة من نار، و من مشى في فساد ما بينهما و لم يفرق كان في سخط اللّٰه عز و جل و لعنته في الدنيا و الآخرة و حرم عليه النظر الى وجهه.

[مسألة: 11 المشهور جواز وطي الزوجة و المملوكة دبرا على كراهية شديدة]

مسألة: 11 المشهور جواز وطي الزوجة و المملوكة دبرا على كراهية شديدة، و الأحوط تركه (1) خصوصا مع عدم رضاها.

[مسألة: 12 لا يجوز وطي الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواما كان النكاح أو منقطعا]

مسألة: 12 لا يجوز وطي الزوجة قبل إكمال تسع سنين دواما كان النكاح أو منقطعا، و أما سائر الاستمتاعات كاللمس بشهوة و التقبيل و الضم و التفخيذ فلا بأس بها حتى في الرضيعة، و لو وطأها قبل التسع و لم يفضها لم يترتب عليه (2) شي ء غير الإثم على الأقوى، و ان أفضاها- بأن جعل مسلكي البول و الحيض أو مسلكي الحيض و الغائط واحدا (3)- حرم عليه وطيها أبدا و لكن لم تخرج عن زوجيته على الأقوى، فيجري عليها أحكامها من التوارث و حرمة الخامسة و حرمة أختها معها و غيرها.

و يجب عليه نفقتها ما دامت حية و ان طلقها، بل و ان تزوجت بعد الطلاق على الأحوط.


1- لا ينبغي ترك هذا الاحتياط.
2- لا يترك الاحتياط بترك الوطي ابدا فيما لو دخل بها قبل التسع و ان لم يفضها.
3- أو جعل الجميع واحدا.

ص: 146

و يجب عليه دية الإفضاء، و هي دية النفس، فإذا كانت حرة فلها نصف دية الرجل مضافا الى المهر الذي استحقته بالعقد و الدخول. و لو دخل بزوجته بعد إكمال التسع، فأفضاها لم تحرم عليه و لم تثبت الدية، و لكن الأحوط الإنفاق عليها ما دامت حية (1).

[مسألة: 13 لا يجوز ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر إلا بإذنها حتى المنقطعة على الأحوط]

مسألة: 13 لا يجوز (2) ترك وطي الزوجة أكثر من أربعة أشهر إلا بإذنها حتى المنقطعة على الأحوط (3)، و يختص الحكم بصورة عدم العذر، و اما معه فيجوز الترك مطلقا ما دام وجود العذر، كما إذا خيف الضرر عليه أو عليها، و من العذر عدم الميل المانع عن انتشار العضو. و هل يختص الحكم بالحاضر فلا بأس على المسافر و ان طال سفره أو يعمهما فلا يجوز للمسافر اطالة سفره أزيد من أربعة أشهر بل يجب عليه مع عدم العذر الحضور لإيفاء حق زوجته؟ قولان، أظهرهما الأول، لكن بشرط كون السفر ضروريا و لو عرفا كسفر تجارة أو زيارة أو تحصيل علم و نحو ذلك، دون ما كان لمجرد الميل و الانس و التفرج و نحو ذلك.

[مسألة: 14 لا إشكال في جواز العزل]

مسألة: 14 لا إشكال في جواز العزل، و هو إخراج الإله عند الانزال و إفراغ المني إلى الخارج في غير الزوجة الدائمة الحرة و كذا فيها مع اذنها، و أما فيها بدون اذنها ففيه قولان، أشهرهما الجواز مع الكراهة (4)، و هو الأقوى، كما ان الأقوى عدم وجوب دية النطفة عليه و ان قلنا بالحرمة، و قيل بوجوبها عليه للزوجة، و هي عشرة دنانير، و هو ضعيف في الغاية.


1- و ان طلقها و تزوجت بالغير.
2- في الشابة و أما الشائبة فالأحوط عدم الترك.
3- بل الأقوى.
4- بل يمكن القول بعدمها في العقيمة و العجوزة و السليطة و البذية و التي لا ترضع ولدها هذا في الزوج و أما منع الزوجة من الإنزال في فرجها فالظاهر حرمتها بدون رضاء الزوج، و يمكن القول بوجوب دية النطفة عليها.

ص: 147

[مسألة: 15 يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر الى جسد الأخر ظاهره و باطنه حتى العورة]

مسألة: 15 يجوز لكل من الزوج و الزوجة النظر الى جسد الأخر ظاهره و باطنه حتى العورة، و كذا مس كل منهما بكل عضو منه كل عضو من الأخر مع التلذذ و بدونه.

[مسألة: 16 لا إشكال في جواز نظر الرجل الى ما عدا العورة من مماثله]

مسألة: 16 لا إشكال في جواز نظر الرجل الى ما عدا العورة من مماثله شيخا كان المنظور اليه أو شابا حسن الصورة أو قبيحها ما لم يكن بتلذذ و ريبة، و العورة هي القبل و الدبر و البيضتان كما سبق في أحكام التخلي من كتاب الطهارة، و كذا لا إشكال في جواز نظر المرأة الى ما عدا العورة من مماثلها، و أما عورتها فيحرم ان تنظر إليها كالرجل.

[مسألة: 17 يجوز للرجل أن ينظر الى جسد محارمه ما عدا العورة إذا لم يكن مع تلذذ و ريبة]

مسألة: 17 يجوز للرجل أن ينظر الى جسد محارمه ما عدا العورة إذا لم يكن مع تلذذ و ريبة، و المراد بالمحارم من يحرم عليه نكاحهن من جهة النسب أو الرضاع أو المصاهرة، و كذا يجوز لهن النظر الى ما عدا العورة من جسده بدون تلذذ أو ريبة.

[مسألة: 18 لا إشكال في عدم جواز نظر الرجل الى ما عدا الوجه و الكفين من المرأة الأجنبية من شعرها و سائر جسدها]

مسألة: 18 لا إشكال في عدم جواز نظر الرجل الى ما عدا الوجه و الكفين من المرأة الأجنبية من شعرها و سائر جسدها، سواء كان فيه تلذذ و ريبة أم لا، و كذا الوجه و الكفان إذا كان بتلذذ و ريبة، و أما بدونها ففيه قولان بل أقوال: الجواز مطلقا، و عدمه مطلقا، و التفصيل بين نظرة واحدة فالأول و تكرار النظر فالثاني. و أحوط الأقوال بل أقواها أوسطها.

[مسألة: 19 لا يجوز للمرأة النظر إلى الأجنبي كالعكس]

مسألة: 19 لا يجوز للمرأة النظر إلى الأجنبي كالعكس، و استثناء الوجه و الكفين فيه أشكل منه في العكس (1).

[مسألة: 20 كل من يحرم النظر اليه يحرم مسه]

مسألة: 20 كل من يحرم النظر اليه يحرم مسه، فلا يجوز مس الأجنبي الأجنبية و بالعكس، بل لو قلنا بجواز النظر الى الوجه و الكفين من الأجنبية لم نقل


1- بل أسهل كما سيأتي.

ص: 148

بجواز مسهما منها، فلا يجوز للرجل مصافحتها. نعم لا بأس بها من وراء الثوب (1).

[مسألة: 21 لا يجوز النظر الى العضو المبان من الأجنبي و الأجنبية]

مسألة: 21 لا يجوز النظر الى العضو المبان من الأجنبي و الأجنبية. نعم الظاهر انه لا بأس بالنظر الى السن و الظفر و الشعر المنفصلات.

[مسألة: 22 يستثنى من حرمة النظر و اللمس في الأجنبي و الأجنبية مقام المعالجة إذا لم يمكن بالمماثل]

مسألة: 22 يستثنى من حرمة النظر و اللمس في الأجنبي و الأجنبية مقام المعالجة إذا لم يمكن بالمماثل، كمعرفة النبض (2) و الفصد و الحجامة و جبر الكسر و نحو ذلك، و مقام الضرورة كما إذا توقف استنقاذه من الغرق أو الحرق على النظر و اللمس، و إذا اقتضت الضرورة أو توقف العلاج على النظر دون اللمس أو العكس اقتصر على ما اضطر اليه، فلا يجوز الأخر.

[مسألة: 23 و كما يحرم على الرجل النظر إلى الأجنبية يجب عليها التستر من الأجانب]

مسألة: 23 و كما يحرم على الرجل النظر إلى الأجنبية يجب عليها التستر من الأجانب، و لا يجب على الرجال التستر و ان كان يحرم على النساء النظر إليهم.

نعم إذا علموا بأن النساء يتعمدن النظر إليهم يجب عليهم (3) التستر منهن من باب حرمة الإعانة على الإثم.

[مسألة: 24 لا إشكال في أن غير المميز من الصبي و الصبية خارج عن أحكام النظر و اللمس]

مسألة: 24 لا إشكال في أن غير المميز من الصبي و الصبية خارج عن أحكام النظر و اللمس و التستر، بل هو بمنزلة سائر الحيوانات.

[مسألة: 25 يجوز للرجل أن ينظر إلى الصبية ما لم تبلغ إذا لم يكن فيه تلذذ و شهوة]

مسألة: 25 يجوز للرجل أن ينظر إلى الصبية ما لم تبلغ إذا لم يكن فيه تلذذ و شهوة. نعم الأحوط الاقتصار على مواضع لم تجر العادة على سترها بالالبسة المتعارفة


1- من دون غمز على الأحوط.
2- مع انحصار المعالجة به و عدم إمكانها من وراء الثوب.
3- إلا في غير ما جرت السيرة مستمرة من زمان المعصوم عليه السلام الى زماننا على عدم ستره و لو مع العلم بتعمد النساء في النظر عليه مثل الوجه. نعم مع العلم بنظرهن مع الريبة و الالتذاذ يمكن القول بوجوب الستر لحرمة الإعانة، لكن المتيقن منها حكما و موضوعا هو مع قصد الإعانة و أما بدونه فمحل تأمل. نعم التستر أحوط.

ص: 149

مثل الوجه و الكفين و شعر الرأس و الذراعين و القدمين، لا مثل الفخذ و الأليين و الظهر و الصدر و الثديين، و كذا الأحوط عدم تقبيلها و عدم وضعها في حجره إذا بلغت ست سنين.

[مسألة: 26 يجوز للمرأة النظر إلى الصبي المميز ما لم يبلغ]

مسألة: 26 يجوز للمرأة النظر إلى الصبي المميز ما لم يبلغ، و لا يجب عليها التستر عنه ما لم يبلغ مبلغا يترتب على النظر منه أو إليه ثوران الشهوة.

[مسألة: 27 يجوز النظر الى نساء أهل الذمة]

مسألة: 27 يجوز النظر الى نساء أهل الذمة، بل مطلق الكفار مع عدم التلذذ و الريبة، أعني خوف الوقوع في الحرام، و الأحوط الاقتصار على المواضع التي جرت عادتهن على عدم التستر عنها (1). و قد تلحق بهن نساء أهل البوادي و القرى من الاعراب و غيرهم اللاتي جرت عادتهن على عدم التستر و إذا نهين لا ينتهين، و هو مشكل. نعم الظاهر أنه يجوز التردد في القرى و الأسواق و مواقع تردد تلك النسوة و مجامعهن و محال معاملاتهن مع العلم عادة بوقوع النظر عليهن، و لا يجب غض البصر في تلك المحال إذا لم يكن خوف افتتان.

[مسألة: 28 يجوز لمن يريد تزويج امرأة ان ينظر إليها بشرط أن لا يكون بقصد التلذذ]

مسألة: 28 يجوز لمن يريد (2) تزويج امرأة ان ينظر إليها بشرط أن لا يكون بقصد التلذذ و ان علم انه يحصل بسبب النظر قهرا، و الأحوط الاقتصار على وجهها و كفيها و شعرها و محاسنها، كما أن الأحوط لو لم يكن الأقوى الاقتصار على ما إذا كان قاصدا لتزويج المنظورة بالخصوص (3)، فلا يعم الحكم ما إذا كان قاصدا لمطلق التزويج و كان بصدد تعيين الزوجة بهذا الاختبار، و يجوز تكرار النظر إذا لم يحصل الاطلاع عليها بالنظرة الاولى.


1- و الأحوط الاقتصار على ما كانت عادتهن على عدم ستره في زمان النبي صلى اللّٰه عليه و آله و الأئمة عليهم السلام، و اما ما استحدث في زماننا من عدم ستر المحاسن بل و القبائح نعوذ باللّه فالأحوط ترك النظر، بل الأقوى في بعضها.
2- الأحوط الاقتصار على الوجه و الكفين بشرط ان لا يكون عارفا بحالها.
3- و لا أقل من ان تكون المنظورة بالخصوص محتمل التزويج.

ص: 150

[مسألة: 29 الأقوى جواز سماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ و ريبة]

مسألة: 29 الأقوى جواز سماع صوت الأجنبية ما لم يكن تلذذ و ريبة، و كذا يجوز لها إسماع صوتها للأجانب إذا لم يكن خوف فتنة، و ان كان الأحوط الترك في غير مقام الضرورة، خصوصا في الشابة. و ذهب جماعة إلى حرمة السماع و الاسماع، و هو ضعيف في الغاية. نعم يحرم عليها المكالمة مع الرجال بكيفية مهيجة بترقيق القول و تليين الكلام و تحسين الصوت، فيطمع الذي في قلبه مرض.

[ (فصل) في عقد النكاح و أحكامه]

اشارة

(فصل) في عقد النكاح و أحكامه النكاح على قسمين دائما و منقطع، و كل منهما يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظين دالين على إنشاء المعنى المقصود و الرضا به دلالة معتبرة عند أهل المحاورة، فلا يكفي مجرد الرضا القلبي من الطرفين و لا المعاطاة الجارية في غالب المعاملات و لا الكتابة، و كذا الإشارة المفهمة في غير الأخرس، و الأحوط لزوما كونه فيهما باللفظ العربي، فلا يجزي غيره من سائر اللغات الا مع العجز عنه و لو بتوكيل الغير (1)، و عند ذلك لا بأس بإيقاعه بغيره، لكن بعبارة يكون مفادها مفاد اللفظ العربي بحيث تعد ترجمته.

[مسألة: 1 الأحوط لو لم يكن الأقوى ان يكون الإيجاب من طرف الزوجة و القبول من طرف الزوج]

مسألة: 1 الأحوط (2) لو لم يكن الأقوى ان يكون الإيجاب من طرف الزوجة و القبول من طرف الزوج، و كذا الأحوط تقديم الأول على الثاني، و ان كان الأظهر جواز العكس إذا لم يكن القبول بلفظ قبلت.

[مسألة: 2 الأحوط أن يكون الإيجاب في النكاح الدائم بلفظي «أنكحت» أو «زوجت»]

مسألة: 2 الأحوط أن يكون الإيجاب في النكاح الدائم بلفظي «أنكحت» أو «زوجت»، فلا يوقع بلفظ «متعت» (3) فضلا عن ألفاظ «بعت أو وهبت أو ملكت


1- و الظاهر كفاية غيره لغير المتمكن منه و لو مع التمكن من التوكيل.
2- بل الأقوى.
3- و ان لم يبعد كفايته مع الإتيان بما يدل على ارادة الدوام.

ص: 151

أو آجرت»، و أن يكون القبول بلفظ «قبلت» أو «رضيت»، و يجوز الاقتصار في القبول بذكر «قبلت» فقط (1) بعد الإيجاب من دون ذكر المتعلقات التي ذكر فيه، فلو قال الموجب الوكيل عن الزوجة للزوج «أنكحتك موكلتي فلانة على المهر الفلاني» فقال الزوج «قبلت» من دون ان يقول «قبلت النكاح لنفسي على المهر الفلاني» صح.

[مسألة: 3 يتعدى كل من الإنكاح و التزويج الى مفعولين]

مسألة: 3 يتعدى كل من الإنكاح و التزويج الى مفعولين، و يجعل الزوجة مفعولا (2) أولا و الزوج مفعولا ثانيا، حيث أنها بمنزلة المملك نفسها له و انه بمنزلة المتملك لها لنفسه، و يشتركان في أن كلا منهما يتعديان الى المفعول الثاني بنفسه تارة و بواسطة من اخرى، فيقال «أنكحت أو زوجت هندا زيدا أو من زيد»، و يختص الأول بتعديته اليه باللام، فيقال «أنكحت هندا لزيد»، و الثاني بتعديته إليه بواسطة الباء، فيقال «زوجت هندا بزيد». و بالجملة يتعدى كل منهما الى المفعول الثاني على ثلاثة أوجه. هذا بحسب المشهور و المأنوس من الاستعمال، و ربما يستعملان على غير تلك الوجوه و لكنه ليس بمشهور و لا مأنوس.

[مسألة: 4 عقد النكاح قد يقع بين الزوج و الزوجة و بمباشرتهما]

مسألة: 4 عقد النكاح قد يقع بين الزوج و الزوجة و بمباشرتهما، فبعد التقاول و التواطي و تعيين المهر تقول الزوجة مخاطبة للزوج «أنكحتك نفسي أو أنكحت نفسي منك أو لك على المهر المعلوم»، فيقول الزوج بغير فصل معتد به «قبلت النكاح لنفسي على المهر المعلوم أو هكذا» أو تقول «زوجتك نفسي أو زوجت نفسي منك أو بك على المهر المعلوم»، فيقول «قبلت التزويج لنفسي على المهر المعلوم أو هكذا».


1- أو رضيت.
2- و يجوز العكس كما في قوله تعالى حاكيا عن شعيب «أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هٰاتَيْنِ».

ص: 152

و قد يقع بين وكيليهما، فبعد التقاول و تعيين الموكلين و المهر يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج «أنكحت موكلتي فلانة موكلك فلان (1) أو من موكلك أو لموكلك فلان على المهر المعلوم»، فيقول وكيل الزوج «قبلت النكاح لموكلي على المهر المعلوم أو هكذا»، أو يقول وكيلها «زوجت موكلتي موكلك أو من موكلك أو بموكلك فلان على المهر المعلوم»، فيقول وكيله «قبلت التزويج لموكلي على المهر المعلوم أو هكذا».

و قد يقع بين ولييهما كالأب و الجد، فبعد التقاول و تعيين المولى عليهما و المهر يقول ولي الزوجة «أنكحت ابنتي أو ابنة ابني فلانة مثلا ابنك أو ابن ابنك فلان أو من ابنك أو ابن ابنك أو لابنك أو لابن ابنك على المهر المعلوم»، أو يقول «زوجت بنتي ابنك مثلا أو من ابنك أو بابنك»، فيقول ولي الزوج «قبلت النكاح أو التزويج لابني أو لابن ابني على المهر المعلوم».

و قد يكون بالاختلاف، بأن يقع بين الزوجة و وكيل الزوج و بالعكس أو بينها و بين ولي الزوج و بالعكس أو بين وكيل الزوجة و ولي الزوج و بالعكس، و يعرف كيفية إيقاع العقد في هذه الصور الست مما فصلناه في الصور الثلاث المتقدمة.

[مسألة: 5 لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الإيجاب]

مسألة: 5 لا يشترط في لفظ القبول مطابقته لعبارة الإيجاب، بل يصح الإيجاب بلفظ و القبول بلفظ آخر، فلو قال «زوجتك» فقال «قبلت النكاح» أو قال «أنكحتك» فقال «قبلت التزويج» صح، و ان كان الأحوط المطابقة.

[مسألة: 6 إذا لحن في الصيغة فان كان مغيرا للمعنى بحيث يعد اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود لم يكف]

مسألة: 6 إذا لحن في الصيغة فان كان مغيرا للمعنى بحيث يعد اللفظ عبارة لمعنى آخر غير ما هو المقصود لم يكف، و ان لم يكن مغيرا بل كان بحيث يفهم منه المعنى المقصود و يعد لفظا لهذا المعنى الا انه يقال له لفظ ملحون و عبارة ملحونة من


1- و يجوز العكس، فيقول «أنكحت موكلك موكلتي» بتقديم الزوج كما مر، و كذا في سائر الصيغ.

ص: 153

حيث المادة أو من جهة الاعراب و الحركات فالاكتفاء به لا يخلو من قوة، و ان كان الأحوط خلافه، و أولى بالاكتفاء اللغات المحرفة عن اللغة العربية الأصلية كلغة أهالي سواد العراق في هذا الزمان إذا كان المباشر للعقد من أهالي تلك اللغة، فلو قال عراقي في الإيجاب «جوزت» بدل «زوجت» صح (1).

[مسألة: 7 يعتبر في العقد القصد الى مضمونه]

مسألة: 7 يعتبر في العقد القصد الى مضمونه، و هو متوقف على فهم معنى لفظي أنكحت و زوجت و لو بنحو الإجمال (2) حتى لا يكون مجرد لقلقة لسان. نعم لا يعتبر العلم بالقواعد العربية و لا العلم و الإحاطة بخصوصيات معنى اللفظين على التفصيل، بل يكفي علمه إجمالا، فإذا كان الموجب بقوله أنكحت أو زوجت قاصدا لإيقاع العلقة الخاصة المعروفة المرتكزة في الأذهان التي يطلق عليها النكاح و الزواج في لغة العرب و يغني عنها في لغات أخر بعبارات أخر و كان القابل قابلا لذلك المعنى كفى.

[مسألة: 8 يعتبر في العقد قصد الإنشاء]

مسألة: 8 يعتبر في العقد قصد الإنشاء، بأن يكون الموجب في قوله «أنكحت» أو «زوجت» قاصدا إيقاع النكاح و الزواج و احداث و إيجاد ما لم يكن لا الاخبار و الحكاية عن وقوع شي ء في الخارج، و القابل بقوله «قبلت» منشئا لقبول ما أوقعه الموجب.

[مسألة: 9 يعتبر الموالاة و عدم الفصل المعتد به بين الإيجاب و القبول]

مسألة: 9 يعتبر الموالاة (3) و عدم الفصل المعتد به بين الإيجاب و القبول.

[مسألة: 10 يشترط في صحة العقد التنجيز، فلو علقه على شرط أو مجي ء زمان بطل]

مسألة: 10 يشترط في صحة العقد التنجيز، فلو علقه على شرط أو مجي ء زمان بطل. نعم لو علقه على أمر محقق الحصول كما إذا قال في يوم الجمعة «أنكحت إذا كان اليوم يوم الجمعة» لم يبعد الصحة (4) و كذا لو علقه على أمر كان صحة العقد متوقفة عليه، كما إذا قالت «إذا صح نكاحي معك و لم أكن أختك فقد أنكحتك نفسي».


1- الأقوى عدم الصحة لكونه مغيرا، و صيرورته كالمنقول بعيد.
2- لا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بعقد من لا يكون عازفا بمعنى الجملة تفصيلا.
3- و تكفي العرفية منها.
4- مع علمه بأنه يوم الجمعة، و أما مع جهله فباطل.

ص: 154

[مسألة: 11 يشترط في العاقد المجري للصيغة البلوغ و العقل]

مسألة: 11 يشترط في العاقد المجري للصيغة البلوغ و العقل، فلا اعتبار بعقد الصبي و المجنون و لو أدواريا حال جنونه، سواء عقدا لنفسهما أو لغيرهما، على اشكال في الصبي إذا كان مميزا (1) قاصدا للمعنى و عقد لغيره وكالة أو فضولا و أجاز، بل و فيما إذا عقد لنفسه مع اذن الولي أو إجازته أو أجاز هو بعد البلوغ. و كذا يعتبر فيه القصد، فلا اعتبار بعقد الساهي و الغالط و السكران (2) و أشباههم.

[مسألة: 12 يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الإشارة]

مسألة: 12 يشترط في صحة العقد تعيين الزوجين على وجه يمتازان عن غيرهما بالاسم أو الإشارة أو الوصف الموجب لذلك، فلو قال زوجتك إحدى بناتي أو قال زوجت بنتي فلانة من أحد بنيك أو من أحد هذين بطل. نعم يشكل فيما لو كانا معينين بحسب قصد المتعاقدين و متميزين في ذهنهما لكن لم يعيناهما عند إجراء الصيغة و لم يكن ما يدل عليه من لفظ أو فعل أو قرينة خارجية مفهمة، كما إذا تقاولا و تعاهدا على تزويج بنته الكبرى من ابنه الكبير و لكن في مقام إجراء الصيغة قال زوجت إحدى بناتي (3) من أحد بنيك و قبل الأخر.

[مسألة: 13 لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة يتبع العقد]

مسألة: 13 لو اختلف الاسم مع الوصف أو اختلفا أو أحدهما مع الإشارة يتبع العقد لما هو المقصود و يلغى ما وقع غلطا و خطأ، فإذا كان المقصود تزويج البنت الكبرى و تخيل ان اسمها فاطمة و كانت المسماة بفاطمة هي الصغرى و كانت الكبرى مسماة بخديجة و قال زوجتك الكبرى من بناتي فاطمة وقع العقد على الكبرى


1- لا يترك في المميز في الفروع المذكورة بترك إيقاعه، و مع إيقاعه فالأحوط عدم الاكتفاء به مع إرادة الإمساك، و مع ارادة التفريق فالأحوط الطلاق.
2- نعم في السكران ورد النص بالصحة إذا أجازت بعد الإفاقة، و لا بأس بالعمل به إذا لم يكن السكر بحيث لا التفات لها الى ما يقول، و أما معه فلا يترك الاحتياط بتجديد العقد مع ارادة البقاء و الطلاق مع ارادة التفريق.
3- فلا يترك الاحتياط، و أما إذا قال في الفرض «زوجت بنتي» مع ارادة الكبرى و قرينة مفهمة فلا يبعد الصحة.

ص: 155

التي اسمها خديجة و يلغى تسميتها بفاطمة، و ان كان المقصود تزويج فاطمة و تخيل انها كبرى فتبين انها صغرى وقع العقد على المسماة بفاطمة و ألغي وصفها بأنها الكبرى، و كذا لو كان المقصود تزويج المرأة الحاضرة و تخيل انها كبرى و اسمها فاطمة فقال زوجتك هذه و هي فاطمة و هي الكبرى من بناتي فتبين انها الصغرى و اسمها خديجة وقع العقد على المشار إليها، و يلغى الاسم و الوصف، و لو كان المقصود العقد على الكبرى فلما تخيل ان هذه المرأة الحاضرة هي تلك الكبرى قال زوجتك هذه و هي الكبرى وقع العقد على تلك الكبرى (1) و تلغى الإشارة و هكذا.

[مسألة: 14 لا إشكال في صحة التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من طرفين بتوكيل الزوج]

مسألة: 14 لا إشكال في صحة التوكيل في النكاح من طرف واحد أو من طرفين بتوكيل الزوج أو الزوجة ان كانا كاملين أو بتوكيل وليهما إذا كانا قاصرين، و يجب على الوكيل ان لا يتعدى عما عينه الموكل من حيث الشخص و المهر و سائر الخصوصيات، فان تعدى كان فضوليا موقوفا على الإجازة، و كذا يجب عليه مراعاة مصلحة الموكل، فان تعدى و أتى بما هو خلاف المصلحة كان فضوليا. نعم لو عين خصوصية تعين و نفذ عمل الوكيل و ان كان ذلك على خلاف مصلحة الموكل.

[مسألة: 15 لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها ليس له أن يزوجها من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم]

مسألة: 15 لو وكلت المرأة رجلا في تزويجها ليس له أن يزوجها من نفسه إلا إذا صرحت بالتعميم أو كان كلامها بحسب متفاهم العرف ظاهرا في العموم بحيث شمل نفسه أيضا.

[مسألة: 16 الأقوى جواز تولي شخص واحد في طرفي العقد]

مسألة: 16 الأقوى جواز تولي شخص واحد في طرفي العقد، بأن يكون موجبا و قابلا من الطرفين، أصالة من طرف و وكالة من آخر، أو ولاية من الطرفين أو وكالة عنهما أو بالاختلاف، و ان كان الأحوط مع الإمكان تولي الاثنين و عدم تولي شخص واحد للطرفين، خصوصا في تولي الزوج طرفي العقد أصالة من طرفه و وكالة


1- ان قصد الكبرى و يزعم انها حاضرة و قال هذه، و أما إذا قصد عقد هذه بخيال انها كبرى فالعقد وقع عليها دون الكبرى و صح مع إجازتها ان لم يكن مأذونا منها قبل ذلك.

ص: 156

عن الزوجة في عقد الانقطاع، فإنه لا يخلو من اشكال (1) فلا ينبغي فيه ترك الاحتياط.

[مسألة: 17 إذا وكلا وكيلا في العقد في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد ذلك الزمان]

مسألة: 17 إذا وكلا وكيلا في العقد في زمان معين لا يجوز لهما المقاربة بعد ذلك الزمان ما لم يحصل لهما العلم بإيقاعه و لا يكفي الظن. نعم لو أخبر الوكيل بالإيقاع كفى لان قوله حجة فيما و كل فيه.

[مسألة: 18 لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما أو انقطاعا لا للزوج و لا للزوجة]

مسألة: 18 لا يجوز اشتراط الخيار في عقد النكاح دواما أو انقطاعا لا للزوج و لا للزوجة، فلو شرطاه بطل الشرط، بل المشهور على بطلان العقد أيضا (2)، و قيل ببطلان الشرط دون العقد، و لا يخلو من قوة (3). و يجوز اشتراط الخيار في المهر (4) مع تعيين المدة، فلو فسخ ذو الخيار سقط المهر المسمى، فيكون كالعقد بلا ذكر المهر، فيرجع الى مهر المثل. هذا في العقد الدائم الذي لا يعتبر فيه ذكر المهر، و أما المتعة التي لا تصح بلا مهر فالظاهر أنه لا يصح فيها اشتراط الخيار في المهر.

[مسألة: 19 إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها حكم لهما بذلك]

مسألة: 19 إذا ادعى رجل زوجية امرأة فصدقته أو ادعت امرأة زوجية رجل فصدقها حكم لهما بذلك و ليس لأحد الاعتراض عليهما، من غير فرق بين كونهما بلديين معروفين أو غريبين. و أما إذا ادعى أحدهما الزوجية و أنكر الأخر فالبينة على المدعي و اليمين على من أنكر (5)، فإن كان للمدعي بينة حكم له و الا فيتوجه اليمين على المنكر، فان حلف سقط دعوى المدعي، و ان نكل عن اليمين ثبت دعواه، و ان رد اليمين على المدعي و حلف ثبت دعواه، و ان نكل سقطت. هذا بحسب موازين القضاء


1- لرواية محمولة على الكراهة أو غيرها من المحامل.
2- و هو الأقوى.
3- لو لا الإجماع على خلافه كما ادعاه الشيخ قدس سره في الخلاف.
4- كما هو المشهور لكن لا يخلو من كلام.
5- ان كان منكرا جزما، و ان كان يظهر الشك فالظاهر عدم السماع إلا بالبينة لعدم جواز الحلف مع الشك و لا الرد، من غير فرق بين كون المنكر زوجا أو زوجة.

ص: 157

و قواعد الدعوى، و أما بحسب الواقع فيجب على كل منهما العمل على ما هو تكليفه بينه و بين اللّٰه تعالى.

[مسألة: 20 إذا رجع المنكر عن إنكاره إلى الإقرار يسمع منه و يحكم بالزوجية بينهما]

مسألة: 20 إذا رجع المنكر عن إنكاره إلى الإقرار يسمع منه و يحكم بالزوجية بينهما و ان كان ذلك بعد الحلف على الأقوى (1).

[مسألة: 21 إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنكرت فهل لها ان تتزوج من غيره]

مسألة: 21 إذا ادعى رجل زوجية امرأة و أنكرت فهل لها ان تتزوج من غيره و للغير أن يتزوجها قبل فصل الدعوى و الحكم ببطلان دعوى المدعي أم لا؟

وجهان أقواهما الأول، خصوصا فيما لو تراخى المدعي في الدعوى أو سكت عنها حتى طال الأمر عليها، و حينئذ ان أقام المدعي بعد العقد عليها بينة حكم له بها و بفساد العقد عليها، و ان لم تكن بينة يتوجه اليمين (2) على المعقود عليها، فان حلفت بقيت على زوجيتها و سقطت دعوى المدعي، و كذا لو ردت اليمين الى المدعي و نكل عن اليمين. و انما الإشكال فيما إذا نكلت عن اليمين أو ردت اليمين الى المدعي و حلف، فهل يحكم بسببهما على فساد العقد عليها فيفرق بينها و بين زوجها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني، لكن إذا طلقها الذي عقد عليها أو مات عنها زال المانع، فترد على المدعي بسبب نكولها عن اليمين أو اليمين المردودة.

[مسألة: 22 يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج مع احتمال صدقها من غير فحص]

مسألة: 22 يجوز تزويج امرأة تدعي أنها خلية من الزوج مع احتمال صدقها من غير فحص حتى فيما إذا كانت ذات بعل سابقا فادعت طلاقها أو موته (3). نعم لو كانت متهمة في دعواها فالأحوط الفحص عن حالها، فمن غاب غيبة منقطعة لم يعلم موته و حياته إذا ادعت زوجته حصول العلم لها بموته من الأمارات و القرائن و اخبار المخبرين جاز تزويجها و ان لم يحصل العلم بقولها، و يجوز للوكيل ان يجري العقد عليها إذا لم يعلم كذبها في دعوى العلم، و لكن الأحوط الترك خصوصا إذا كانت متهمة.


1- بناء على عدم كون الحلف فسخا كما احتمله بعض.
2- الظاهر عدم سماع الدعوى فيها و في نظائرها بلا بينة.
3- الأحوط عدم الاعتماد إلا في دعواها انها خلية مع احتمال صدقها.

ص: 158

[مسألة: 23 إذا تزوج بامرأة تدعي أنها خلية عن الزوج فادعى رجل آخر زوجيتها]

مسألة: 23 إذا تزوج بامرأة تدعي أنها خلية عن الزوج فادعى رجل آخر زوجيتها، فهذه الدعوى متوجهة على كل من الزوج و الزوجة، فان اقام المدعي بينة شرعية حكم له عليهما و فرق بينهما و سلمت اليه، و مع عدم البينة توجه اليمين عليهما، فان حلفا معا على عدم زوجيته سقطت دعواه عليهما، و ان نكلا عن اليمين أو رداها عليه و حلف ثبت مدعاه، و ان حلف أحدهما دون الأخر- بأن نكل عن اليمين أو رد اليمين على المدعي فحلف- سقط دعواه بالنسبة إلى الحالف، و أما بالنسبة إلى الأخر و ان ثبت دعوى المدعي بالنسبة إليه لكن ليس لهذا الثبوت أثر بالنسبة الى من حلف، فان كان الحالف هو الزوج و الناكل هي الزوجة ليس لنكولها أثر بالنسبة إلى الزوج، الا أنه لو طلقها أو مات عنها ردت الى المدعي، و ان كان الحالف هي الزوجة و الناكل هو الزوج سقطت دعوى المدعي بالنسبة إليها، و ليس له سبيل إليها على كل حال

[مسألة: 24 إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك انها كانت ذات بعل لم يسمع دعواها]

مسألة: 24 إذا ادعت امرأة أنها خلية فتزوجها رجل ثم ادعت بعد ذلك انها كانت ذات بعل لم يسمع دعواها (1). نعم لو أقامت البينة على ذلك فرق بينهما، و يكفي في ذلك أن تشهد بأنها ذات بعل من غير تعيين زوج معين (2).

[مسألة: 25 يشترط في صحة العقد الاختيار، أعني اختيار الزوجين]

مسألة: 25 يشترط في صحة العقد الاختيار، أعني اختيار الزوجين، فلو أكرها أو أكره أحدهما على الزواج لم يصح. نعم لو لحقه الرضا فيما بعد ذلك صح على الأقوى.


1- نعم لو ادعت ذلك قبل الدخول فالأحوط للزوج التفحص و ان كان الأقوى عدم لزومه.
2- بل اللازم أن تشهد بأنها ذات بعل غير هذا الرجل أو كانت ذات بعل حين وقع عليه عقد ذات الرجل.

ص: 159

[ (فصل) في أولياء العقد]

اشارة

(فصل) في أولياء العقد

[مسألة: 1 للأب و الجد من طرف الأب- بمعنى أب الأب فصاعدا- ولاية على الصغير و الصغيرة]

مسألة: 1 للأب و الجد من طرف الأب- بمعنى أب الأب فصاعدا- ولاية على الصغير و الصغيرة و المجنون المتصل جنونه بالبلوغ، و أما المنفصل عنه ففيه اشكال (1)، و لا ولاية للأم عليهم و للجد من طرف الام و لو من قبل أم الأب، بأن كان أبا لأم الأب مثلا، و لا للأخ و العم و الخال و أولادهم.

[مسألة: 2 ليس للأب و الجد للأب ولاية على البالغ الرشيد]

مسألة: 2 ليس للأب و الجد للأب ولاية على البالغ الرشيد و لا على البالغة الرشيدة إذا كانت ثيبة، و أما إذا كانت بكرا ففيه أقوال: استقلالها و عدم الولاية لهما عليها مستقلا و لا منضما، و استقلالهما و عدم سلطنة و ولاية لها كذلك، و التشريك بمعنى اعتبار اذن الولي و اذنها معا، و التفصيل بين الدوام و الانقطاع اما باستقلالها في الأول دون الثاني أو العكس. و الأقوى هو القول الأول (2)، و ان كان الأحوط شديدا الاستيذان منهما. نعم لا إشكال في سقوط اعتبار إذنهما ان منعاها من التزويج بمن هو كفؤ لها شرعا و عرفا مع ميلها، و كذا إذا كانا غائبين بحيث لا يمكن الاستيذان منهما مع حاجتها الى التزويج.

[مسألة: 3 ولاية الجد ليست منوطة بحياة الأب و لا موته]

مسألة: 3 ولاية الجد ليست منوطة بحياة الأب و لا موته، فعند وجودهما استقل كل منهما بالولاية، و إذا مات أحدهما اختصت بالآخر، و أيهما سبق في تزويج المولى عليه عند وجودهما لم يبق محل للآخر. و لو زوج كل منهما من شخص، فان علم السابق منهما فهو المقدم و لغا الأخر، و ان علم التقارن قدم عقد الجد و لغا عقد


1- الأقوى فيه ولاية الحاكم، و الأحوط الاستيذان من أحدهما أيضا.
2- و لكن لا يترك الاحتياط مع ذلك،

ص: 160

الأب. و كذا ان جهل تاريخ العقدين (1) فلا يعلم السبق و اللحوق و التقارن. و ان علم تاريخ أحدهما دون الأخر، فإن كان المعلوم تاريخ عقد الجد قدم على عقد الأب، و ان كان عقد الأب ففي تقدم أي منهما على الأخر إشكال (2) فلا يترك الاحتياط.

[مسألة: 4 يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة]

مسألة: 4 يشترط في صحة تزويج الأب و الجد و نفوذه عدم المفسدة و الا يكون العقد فضوليا كالأجنبي يتوقف صحته على اجازة الصغير بعد البلوغ، بل الأحوط مراعاة المصلحة.

[مسألة: 5 إذا وقع العقد من الأب أو الجد عن الصغير أو الصغيرة مع مراعاة ما يجب مراعاته]

مسألة: 5 إذا وقع العقد من الأب أو الجد عن الصغير أو الصغيرة مع مراعاة ما يجب مراعاته لا خيار لهما بعد بلوغهما، بل هو لازم عليهما.

[مسألة: 6 لو زوج الولي الصغيرة بدون مهر المثل أو زوج الصغير بأزيد منه]

مسألة: 6 لو زوج الولي الصغيرة بدون مهر المثل أو زوج الصغير بأزيد منه، فان كانت هناك مصلحة تقتضي ذلك صح العقد و المهر و لزم، و ان كانت المصلحة في نفس التزويج دون المهر فالأقوى صحة العقد و لزومه و بطلان المهر، بمعنى عدم نفوذه و توقفه على الإجازة بعد البلوغ، فإن أجاز استقر و الا رجع الى مهر المثل.

[مسألة: 7 السفيه المبذر لا يصح نكاحه إلا بإذن أبيه]

مسألة: 7 السفيه المبذر (3) لا يصح نكاحه إلا بإذن أبيه (4) أو جده أو الحاكم مع فقدهما، و تعيين المهر و المرأة إلى الولي. و لو تزوج بدون الاذن وقف على الإجازة، فان رأى المصلحة و أجاز جاز، و لا يحتاج إلى إعادة الصيغة.


1- بل فيه يجب الاحتياط عليها بترك التمكين لهما و ترك الازدواج مطلقا مع غيرهما قبل طلاقهما و مع أحدهما إلا بعد طلاق الأخر، و كذا يجب على الرجال الاحتياط قبل طلاقهما، و كذا على أحدهما بترك تزويجها الا بعد طلاق الأخر للعلم الإجمالي بكونها زوجة لأحدهما من دون معين لأحدهما و استصحاب عدم الزوجية لكل منهما، و يأتي في نظيره منه قدس سره الحكم بالقرعة مع عدم الطلاق.
2- يقدم عقد الأب في الفرض بلا اشكال موجه.
3- و كذا غير المبذر على الأحوط إذا كان سفيها في أمر التزويج.
4- إذا بلغ سفيها، و اما إذا عرض عليه السفه بعد البلوغ فأمره بيد الحاكم الشرعي و ان كان الأحوط الاستيذان منهما.

ص: 161

[مسألة: 8 إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب لم يصح و لم ينفذ]

مسألة: 8 إذا زوج الولي المولى عليه بمن له عيب لم يصح (1) و لم ينفذ، سواء كان من العيوب الموجبة للخيار أو غيرها، ككونه منهمكا في المعاصي أو كونه شارب الخمر أو بذي ء اللسان سيئ الخلق و أمثال ذلك، إلا إذا كانت مصلحة ملزمة في تزويجه، و حينئذ لم يكن خيار الفسخ لا له و لا للمولى عليه إذا لم يكن العيب من العيوب المجوزة للفسخ، و ان كان منها فالظاهر ثبوت الخيار للمولى عليه بعد بلوغه.

[مسألة: 9 ينبغي بل يستحب للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها]

مسألة: 9 ينبغي بل يستحب للمرأة المالكة أمرها ان تستأذن أباها أو جدها، و ان لم يكونا فأخاها، و ان تعدد الأخ قدمت الأكبر.

[مسألة: 10 لا ولاية للوصي، أي القيم من قبل الأب أو الجد على الصغير و الصغيرة]

مسألة: 10 لا ولاية للوصي، أي القيم من قبل الأب أو الجد على الصغير و الصغيرة، و ان نص له الموصى على النكاح على الأظهر (2).

[مسألة: 11 ليس للحاكم ولاية في النكاح على الصغير ذكرا كان أو أنثى مع فقد الأب و الجد]

مسألة: 11 ليس للحاكم (3) ولاية في النكاح على الصغير ذكرا كان أو أنثى مع فقد الأب و الجد. نعم لو قضت الحاجة و الضرورة و المصلحة اللازمة المراعاة على النكاح بحيث ترتبت على تركه مفسدة يلزم التحرز عنها كانت له الولاية من باب الحسبة، و كذا له الولاية حينئذ على من بلغ فاسد العقل أو تجدد فساد عقله و لم يكن له أب و لا جد (4).

[مسألة: 12 للمولى أن يزوج مملوكه بغيره]

مسألة: 12 للمولى أن يزوج مملوكه بغيره ذكرا كان أو أنثى صغيرا كان


1- و يكون فضوليا، من غير فرق بين علم الولي بالعيب أو جهله بعد ما انكشفت المفسدة في ذلك العقد، و احتمال كفاية مراعاته بحسب نظره في صحة العقد و لو انكشف خلافه بعيد لا يعبأ به.
2- بل الأحوط.
3- الأحوط لغير الأب و الجد من الأولياء عدم تزويج الصغير أو الصغيرة إلا مع الضرورة اللازمة المراعاة.
4- بل و ان كان له أب أو جد فيمن تجدد فساد عقله، لكن الأحوط حينئذ الاستيذان منهما و كذا من وصيهما لو كان.

ص: 162

أو كبيرا عاقلا كان أو مجنونا راغبا كان أو كارها، و لا خيار له معه.

[مسألة: 13 يشترط في ولاية الأولياء البلوغ و العقل و الحرية و الإسلام إذا كان المولى عليه مسلما]

مسألة: 13 يشترط في ولاية الأولياء البلوغ و العقل و الحرية و الإسلام إذا كان المولى عليه مسلما، فلا ولاية للصغير و الصغيرة على مملوكهما من عبد أو امة، بل الولاية حينئذ لوليهما، و كذا لا ولاية للأب و الجد إذا جنا، و ان جن أحدهما تختص الولاية بالآخر، و كذا لا ولاية للمملوك على ولده حرا كان أو عبدا، و كذا لا ولاية للأب الكافر على ولده المسلم، فتكون للجد إذا كان مسلما، و الظاهر ثبوت ولايته على ولده الكافر (1).

[مسألة: 14 العقد الصادر من غير الوكيل و الولي المسمى بالفضولي يصح مع الإجازة]

مسألة: 14 العقد الصادر من غير الوكيل و الولي المسمى بالفضولي يصح مع الإجازة، سواء كان فضوليا من الطرفين أو من أحدهما، و سواء كان المعقود عليه صغيرا أو كبيرا حرا أو عبدا، و سواء كان العاقد قريبا للمعقود عليه كالأخ و العم و الخال أو أجنبيا. و منه العقد الصادر من العبد أو الأمة لنفسهما بدون اذن المولى، و الصادر من الولي أو الوكيل على غير الوجه المأذون فيه، بأن أوقع الولي على خلاف المصلحة أو الوكيل على خلاف ما عينه الموكل.

[مسألة: 15 ان كان المعقود له ممن صح منه العقد لنفسه- بأن كان بالغا عاقلا حرا]

مسألة: 15 ان كان المعقود له ممن صح منه العقد لنفسه- بأن كان بالغا عاقلا حرا- فإنما يصح العقد الصادر من الفضولي بإجازته، و ان كان ممن لا يصح منه العقد و كان مولى عليه بأن كان صغيرا أو مجنونا أو مملوكا فإنما يصح اما بإجازة وليه في زمان قصوره أو إجازته بنفسه بعد كماله، فلو أوقع الأجنبي عقد على الصغير أو الصغير وقفت صحة عقده على إجازتهما له بعد بلوغهما و رشدهما ان لم يجز أبوهما أو جدهما في حال صغرهما، فأي من الإجازتين حصلت كفت. نعم يعتبر في صحة اجازة الولي ما اعتبر في صحة عقده، فلو أجاز العقد الواقع على خلاف مصلحة


1- ان لم يكن له جد مسلم و الا فالولاية له، و ان كانت امه مسلمة فالولاية للحاكم الشرعي ان لم يكن له ولى مسلم.

ص: 163

الصغير لغت اجازته و انحصر الأمر في إجازته بنفسه بعد بلوغه و رشده.

[مسألة: 16 ليست الإجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن طويل صحت]

مسألة: 16 ليست الإجازة على الفور، فلو تأخرت عن العقد بزمن طويل صحت، سواء كان التأخير من جهة الجهل بوقوعه أو لأجل التروي أو للاستشارة أو غير ذلك.

[مسألة: 17 لا أثر للإجازة بعد الرد، و كذا لا أثر للرد بعد الإجازة فيها يلزم العقد و به ينفسخ]

مسألة: 17 لا أثر للإجازة بعد الرد، و كذا لا أثر للرد بعد الإجازة فيها يلزم العقد و به ينفسخ، سواء كان السابق من الرد أو الإجازة واقعا من المعقود له أو وليه، فلو أجاز أو رد ولي الصغير من العقد الواقع عليهما فضولا ليس لهما بعد البلوغ رد في الأول و لا اجازة في الثاني.

[مسألة: 18 إذا كان أحد الزوجين كارها حال العقد لكن لم يصدر منه رد له]

مسألة: 18 إذا كان أحد الزوجين كارها حال العقد لكن لم يصدر منه رد له فالظاهر انه يصح لو أجاز بعد ذلك. نعم لو استؤذن فنهى و لم يأذن و مع ذلك أوقع الفضولي العقد يشكل صحته بالإجازة (1)، و لا يقاس بما إذا كان مكرها على الزواج فعقد لنفسه بالمباشرة أو بتوكيل الغير، و قد مر أن الأقوى صحته إذا لحقه الرضا.

[مسألة: 19 يكفي في الإجازة المصححة لعقد الفضولي كل ما دل على إنشاء الرضا بذلك العقد]

المسألة: 19 يكفي في الإجازة المصححة لعقد الفضولي كل ما دل على إنشاء الرضا بذلك العقد، بل يكفي الفعل الدال عليه.

[مسألة: 20 لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد و خروجه عن الفضولية و عدم الاحتياج إلى الإجازة]

المسألة: 20 لا يكفي الرضا القلبي في صحة العقد و خروجه عن الفضولية و عدم الاحتياج إلى الإجازة، فلو كان حاضرا حال العقد راضيا به الا أنه لم يصدر منه قول أو فعل يدل على رضاه فالظاهر أنه من الفضولي، فله أن لا يجيز و يرده. نعم في خصوص البكر إذا ظهر من حالها الرضا و انما سكتت و لم تنطق بالاذن لحيائها كفى ذلك و كان سكوتها اذنها، كما نطقت بذلك بعض الاخبار و أفتى به علماؤنا الأخيار.

[مسألة: 21 لا يعتبر في وقوع العقد فضوليا قصد الفضولية و لا الالتفات إليها]

مسألة: 21 لا يعتبر في وقوع العقد فضوليا قصد الفضولية و لا الالتفات إليها، بل المدار في الفضولية و عدمها على كون العقد بحسب الواقع صادرا عن غير من هو


1- بل الأقوى صحته إذا أجاز.

ص: 164

مالك للعقد أو عن مالكه و ان تخيل خلافه، فلو تخيل كونه وليا أو وكيلا و أوقع العقد فتبين خلافه كان من الفضولي و يصح بالإجازة، كما انه لو اعتقد أنه ليس بوكيل و لا ولي فأوقع العقد بعنوان الفضولية فتبين خلافه صح العقد (1) و لزم بلا توقف على الإجازة.

[مسألة: 22 إذا زوج صغيران فضولا فإن أجاز وليهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف]

مسألة: 22 إذا زوج صغيران فضولا فإن أجاز وليهما قبل بلوغهما أو أجازا بعد بلوغهما أو بالاختلاف بأن أجاز ولي أحدهما قبل بلوغه فأجاز الأخر بعد بلوغه- ثبتت الزوجية و يترتب جميع أحكامها، و ان رد وليهما قبل بلوغهما أو رد ولي أحدهما قبل بلوغه أو ردا بعد بلوغهما أو رد أحدهما بعد بلوغه أو ماتا أو مات أحدهما قبل الإجازة بطل العقد من أصله، بحيث لم يترتب عليه أثر أصلا من توارث و غيره من سائر الآثار. نعم لو بلغ أحدهما و أجاز ثم مات قبل بلوغ الأخر و اجازته يعزل من تركته مقدار ما يرث الأخر على تقدير الزوجية، فان بلغ و أجاز يدفع اليه لكن بعد ما يحلف على انه لم تكن اجازته للطمع في الإرث (2)، و ان لم يجز أو أجاز و لم يحلف على ذلك لم يدفع اليه بل يرد إلى الورثة. و الظاهر أن الحاجة الى الحلف انما هو فيما إذا كان متهما بأن اجازته لأجل الإرث، و اما مع عدمه- كما إذا أجاز مع الجهل بموت الأخر أو كان الباقي هو الزوج و كان المهر اللازم عليه على تقدير الزوجية أزيد مما يرث- يدفع اليه بدون الحلف.

[مسألة: 23 و كما يترتب الإرث على تقدير الإجازة و الحلف تترتب الآثار الأخر المترتبة على الزوجية أيضا من المهر]

مسألة: 23 و كما يترتب الإرث على تقدير الإجازة و الحلف تترتب الآثار الأخر المترتبة على الزوجية أيضا من المهر و حرمة الأم و البنت (3) و حرمتها على أب


1- إذا كان موافقا لما شرط عليه الموكل و مراعيا لمصلحة المولى عليه.
2- هذا ما عبر به الفقهاء قدست أسرارهم، و في الرواية «يحلف على أنه ما دعاه الى أخذ الميراث الا رضاه بالتزويج»، و الفرق بين التعبيرين واضح، و لعلهم استفادوا من الرواية ما عبروا به.
3- كلمة «البنت» من سهو القلم أو غلط النساخ.

ص: 165

الزوج و ابنه ان كانت الزوجة هي الباقية و غير ذلك، بل يمكن ان يقال بترتب تلك الآثار بمجرد الإجازة من غير حاجة الى الحلف و ان كان متهما، فيفكك بين الإرث و سائر الآثار على اشكال، خصوصا بالنسبة إلى استحقاق المهر إذا كانت الباقية هي الزوجة.

[مسألة: 24 الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات من لزم العقد من طرفه]

مسألة: 24 الظاهر جريان هذا الحكم في كل مورد مات من لزم العقد من طرفه و بقي من يتوقف زوجيته على اجازته، كما إذا زوج أحد الصغيرين الولي و زوج الأخر الفضولي فمات الأول قبل بلوغ الثاني و اجازته. نعم يشكل جريان الحكم فيما لو كانا كبيرين فأجاز أحدهما و مات قبل موت الثاني و اجازته، بل المتجه فيه بطلان العقد (1).

[مسألة: 25 إذا كان العقد فضوليا من أحد الطرفين كان لازما من طرف الأصيل]

مسألة: 25 إذا كان العقد فضوليا من أحد الطرفين كان لازما من طرف الأصيل، فلو كان هي الزوجة ليس لها ان تتزوج بالغير قبل ان يرد الأخر العقد و يفسخه، و هل يثبت في حقه تحريم المصاهرة قبل إجازة الأخر و رده فلو كان زوجا حرم عليه نكاح أم المرأة و بنتها و أختها و الخامسة ان كانت هي الرابعة؟ الأحوط ذلك (2).

[مسألة: 26 إذا رد المعقود أو المعقودة العقد الواقع فضولا صار العقد كأنه لم يقع]

مسألة: 26 إذا رد المعقود أو المعقودة العقد الواقع فضولا صار العقد كأنه لم يقع، سواء كان العقد فضوليا من الطرفين و رداه معا أو رده أحدهما، بل و لو أجاز أحدهما ورد الأخر أو من طرف واحد ورد ذلك الطرف فتحل المعقودة على أب المعقود و ابنه و تحل بنتها و أمها على المعقود، على اشكال في الأم (3).

[مسألة: 27 إذا زوج الفضولي امرأة لرجل من دون اطلاعها و تزوجت هي برجل آخر صح و لزم الثاني]

مسألة: 27 إذا زوج الفضولي امرأة لرجل من دون اطلاعها و تزوجت هي برجل آخر صح و لزم الثاني و لم يبق محل لإجازة الأول، و كذا لو زوج الفضولي


1- بل المتجه صحة العقد و جريان حكمه فيه كما في الصغيرتين.
2- و الأقوى خلافه على مختاره من كون الإجازة ناقلة، كما هو المختار عندنا حقيقة و ان قلنا بكونها كاشفة حكما.
3- لا إشكال في عدم حرمة الأم بعد الرد.

ص: 166

رجلا بامرأة من دون اطلاعه و زوج هو بأمها أو بنتها ثم علم.

[مسألة: 28 لو زوج فضوليان امرأة كل منهما برجل كانت بالخيار في إجازة أيهما شاءت]

مسألة: 28 لو زوج فضوليان امرأة كل منهما برجل كانت بالخيار في إجازة أيهما شاءت و ان شاءت ردتهما، سواء تقارن العقدان أو تقدم أحدهما على الأخر، و كذلك الحال فيما إذا زوج أحد الفضولين رجلا بامرأة و الأخر بأمها أو بنتها أو أختها فإن له إجازة أيهما شاء.

[مسألة: 29 لو وكلت رجلين في تزويجها فزوجها كل منهما برجل]

مسألة: 29 لو وكلت رجلين في تزويجها فزوجها كل منهما برجل، فان سبق أحدهما صح و لغا الأخر، و ان تقارنا بطلا معا، و ان لم يعلم الحال فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معا في حق كل من الزوجة و الزوجين، و ان علم عدم التقارن فيعلم إجمالا بصحة أحد العقدين و تكون المرأة زوجة لأحد الرجلين أجنبية عن أحدهما، فليس للزوجة أن تتزوج بغيرهما و لا للغير أن يتزوج بها لكونها ذات بعل قطعا. و اما حالها بالنسبة إلى الزوجين و حالهما بالنسبة إليها فالأولى أن يطلقاها (1) و يجدد النكاح عليها أحدهما برضاها، و ان تعاسرا و كان في التوقف الى أن يظهر الحال عسر و حرج على الزوجة أو لا يرجى ظهور الحال فالمتجه تعيين الزوج منهما بالقرعة (2)، فيحكم بزوجية من وقعت عليه.

[مسألة: 30 لو ادعى أحد الزوجين سبق عقده، فان صدقه الأخر و كذا الزوجة أو صدقه أحدهما]

مسألة: 30 لو ادعى أحد الزوجين سبق عقده، فان صدقه الأخر و كذا الزوجة أو صدقه أحدهما و قال الأخر لا أدري أو قال كلاهما لا أدري فالزوجة لمدعي السبق (3)،


1- و ان طلقها أحدهما و جدد الأخر نكاحها صح.
2- لكن الأحوط على الزوجة إرضاؤهما بالطلاق مع التمكن و لو بإعطاء شي ء لهما و صرف النظر عن الصداق، كما ان الأحوط عليهما الطلاق.
3- و ذلك لان وكيلها يدعى إيقاع العقد الصحيح و لا معارض له و قوله حجة فيبقى استصحاب عدم حصول علاقة الزوجية في الطرف الأخر من المعلوم بالإجمال بلا معارض.

ص: 167

و ان صدقه الأخر و لكن كذبته الزوجة كانت الدعوى بين الزوجة و كلا الزوجين، فالزوج الأول يدعي زوجيتها و صحة عقده و هي تنكر زوجيته و تدعى فساد عقده، و تنعكس الدعوى بينها و بين الزوج الثاني، حيث انه يدعى فساد عقده و هي تدعي صحته، ففي الدعوى الاولى تكون هي المدعية (1) و الزوج هو المنكر، و في الثانية بالعكس، فإن أقامت البينة على فساد الأول المستلزم لصحة الثاني (2) حكم لها بزوجيتها للثاني دون الأول، و ان أقام الزوج الثاني بينة على فساد عقده يحكم بعدم زوجيتها له و ثبوتها للأول، و ان لم تكن بينة يتوجه الحلف الى الزوج الأول في الدعوى الاولى و الى الزوجة في الدعوة الثانية، فإن حلف الزوج الأول و نكلت الزوجة ثبتت زوجيتها للأول، و ان كان العكس- بأن حلفت هي دونه- حكم بزوجيتها للثاني، و ان حلفا معا فالمرجع هي القرعة.

و ان ادعى كل من الزوجين سبق عقده، فان قالت الزوجة لا أدري تكون الدعوى بين الزوجين، فإن أقام أحدهما بينة دون الأخر حكم له و كانت الزوجة له، و ان أقام كل منهما بينة تعارضت البينتان فيرجع الى القرعة فيحكم بزوجية من وقعت عليه، و ان لم تكن بينة يتوجه الحلف إليهما، فإن حلف أحدهما حكم له، و ان حلفا أو نكلا يرجع الى القرعة، و ان صدقت المرأة أحدهما كان أحد طرفي الدعوى من لم تصدقه الزوجة و الطرف الأخر الزوج الأخر مع الزوجة، فمع إقامة البينة من أحد الطرفين أو من كليهما الحكم كما مر. و أما مع عدمها و انتهاء الأمر إلى الحلف،


1- ان كان مصب الدعوى صحة العقد و عدمها دون السبق و عدمه الا بناء على القول بكفاية لازم الدعوى إذا كان ذا أثر شرعي.
2- على تقدير العلم بعدم المقارنة.

ص: 168

فإن حلف من لم تصدقه الزوجة يحكم له على كل من الزوجة و الزوج الأخر، و أما مع حلف من صدقته فلا يترتب على حلفه رفع دعوى الزوج الأخر على الزوجة بل لا بد من حلفها أيضا.

[المسألة: 31 لو زوج أحد الوكيلين عن الرجل له بامرأة و الأخر بنتها صح السابق و لغا اللاحق]

المسألة: 31 لو زوج أحد الوكيلين عن الرجل له بامرأة و الأخر بنتها صح السابق و لغا اللاحق، و مع التقارن بطلا معا، و ان لم يعلم السابق فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما يحكم ببطلان كليهما، و ان علم بعدم التقارن فقد علم بصحة أحد العقدين و بطلان أحدهما، فلا يجوز للزوج مقاربة واحدة منهما، كما انه لا يجوز لهما التمكين منه. نعم يجوز له النظر بالأم و لا يجب عليها التستر عنه للعلم بأنه إما زوجها أو زوج بنتها، و أما البنت فحيث انه لم يحرز زوجيتها و بنت الزوجة إنما يحل النظر إليها ان دخل بالأم و المفروض عدمه فلم يحرز ما هو سبب لحلية النظر إليها و يجب عليها التستر عنه. نعم لو فرض الدخول بالأم (1) و لو بالشبهة كان حالها حال الام.

[ (فصل) في أسباب التحريم]

اشارة

(فصل) في أسباب التحريم أعني ما بسببه يحرم و لا يصح تزويج الرجل بالمرأة و لا يقع الزواج بينهما، و هي أمور: النسب، و الرضاع، و المصاهرة و ما يلحق بها، و الكفر، و عدم الكفاءة، و استيفاء العدد، و الاعتداد، و الإحرام:

[القول في النسب]

اشارة

القول في النسب:

يحرم بالنسب سبعة أصناف من النساء على سبعة أصناف من الرجال:


1- بعد العقد.

ص: 169

الام بما شملت الجدات عاليات و سافلات لأب كن أو لام، فتحرم المرأة على ابنها و على ابن ابنها و ابن ابن ابنها و على ابن بنتها و ابن بنت بنتها و ابن بنت ابنها و هكذا. و بالجملة تحرم على كل ذكر ينتمي إليها بالولادة، سواء كان بلا واسطة أو بواسطة أو وسائط، و سواء كانت الوسائط ذكورا أو إناثا أو بالاختلاف.

و البنت بما شملت الحفيدة و لو بواسطة أو وسائط، فتحرم هي على أبيها بما شمل الجد لأب كان أو لام، فتحرم على الرجل بنته و بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته. و بالجملة كل أنثى تنتمي إليه بالولادة بواسطة أو وسائط ذكورا كانوا أو إناثا أو بالاختلاف.

و الأخت لأب كانت أو لام أو لهما.

و بنت الأخ، سواء كان لأب أو لام أو لهما، و هي كل مرأة تنتمي بالولادة إلى أخيه بلا واسطة أو معها و ان كثرت، سواء كان الانتماء اليه بالإباء أو الأمهات أو بالاختلاف، فتحرم عليه بنت أخيه و بنت ابنه و بنت ابن ابنه و بنت بنته و بنت بنت بنته و بنت ابن بنته و هكذا.

و بنت الأخت، و هي كل أنثى تنتمي إلى أخته بالولادة على النحو الذي ذكر في بنت الأخ و العمة، و هي أخت أبيه لأب أو لام أو لهما. و المراد بها ما يشمل العاليات، أعني عمة الأب أخت الجد للأب لأب أو لام أو لهما و عمة الأم أخت أبيها لأب أو لام أو لهما و عمة الجد للأب و الجد للأم و الجدة كذلك، فمراتب العمات مراتب الإباء، فهي كل أنثى هي أخت الذكر تنتمي إليك بالولادة من طرف أبيك أو أمك.

و الخالة، و المراد بها أيضا ما يشمل العاليات، فهي كالعمة الا انها أخت إحدى أمهاتك و لو من طرف أبيك و العمة أخت أحد آبائك و لو من طرف أمك، فأخت

ص: 170

جدتك للأب خالتك حيث انها خالة أبيك، و أخت جدك للأم عمتك حيث انها عمة أمك.

[مسألة: 1 لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة و لو بالواسطة]

مسألة: 1 لا تحرم عمة العمة و لا خالة الخالة ما لم تدخلا في عنواني العمة و الخالة و لو بالواسطة، و هما قد تدخلان فيهما فتحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأب و أم أو لأب و لأبي أبيك أخت لأب أو أم أو لهما، فهذه عمة لعمتك بلا واسطة و عمة لك معها، و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لامها أو لامها و أبيها و كانت لأم أمك أخت، فهي خالة لخالتك بلا واسطة و خالة لك معها. و قد لا تدخلان فيهما فلا تحرمان، كما إذا كانت عمتك أختا لأبيك لأمة لا لأبيه و كانت لأبي الأخت أخت، فالأخت الثانية عمة لعمتك و ليس بينك و بينها نسب أصلا، و كما إذا كانت خالتك أختا لأمك لأبيها لا لامها و كانت لأم الأخت أخت، فهي خالة لخالتك و ليست خالتك و لو مع الواسطة، و كذلك أخت الأخ أو الأخت إنما تحرم إذا كانت أختا لا مطلقا، فلو كان لك أخ أو أخت لأبيك و كانت لامها بنت من زوج آخر فهي أخت لأخيك أو أختك و ليست أختا لك لا من طرف أبيك و لا من طرف أمك فلا تحرم عليك.

[مسألة: 2 النسب: إما شرعي]

مسألة: 2 النسب: إما شرعي، و هو ما كان بسبب وطي حلال ذاتا بسبب شرعي من نكاح أو ملك يمين أو تحليل و ان حرم لعارض من حيض أو صيام أو اعتكاف أو إحرام و نحوها، و يلحق به وطي الشبهة. و اما غير شرعي، و هو ما حصل بالسفاح و الزنا. و الأحكام المترتبة على النسب الثابتة في الشرع من التوارث و غيره و ان اختصت بالأول لكن الظاهر بل المقطوع أن موضوع حرمة النكاح أعم فيعم غير الشرعي، فلو زنى بامرأة فولدت منه ذكرا و أنثى حرمت المزاوجة بينهما، و كذا بين كل منهما و بين أولاد الزاني و الزانية الحاصلين بالنكاح الصحيح (1)، و كذا حرمت


1- أو الوطي بالشبهة أو الزنا و لو بامرأة أخرى، فلو زنى رجل بامرأتين فولدت إحداهما الذكر و الأخرى أنثى فهما أخ و أخت من أب واحد و يحرم ازدواجهما.

ص: 171

الزانية و أمها و أم الزاني و أختها على الذكر و حرمت الأنثى على الزاني و أبيه و أجداده و اخوته و أعمامه.

[مسألة: 3 المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بالتحريم]

مسألة: 3 المراد بوطي الشبهة الوطي الذي ليس بمستحق مع عدم العلم بالتحريم (1)، كما إذا وطئ أجنبية باعتقاد أنها زوجته. و يلحق به وطي المجنون و النائم و شبههما، دون السكران إذا كان سكره بشرب المسكر عن عمد (2).

[القول في الرضاع]

اشارة

القول في الرضاع:

انتشار الحرمة بالرضاع يتوقف على شروط:

«الأول»- ان يكون اللبن حاصلا من وطي جائز (3) شرعا بسبب نكاح أو ملك يمين أو تحليل، و يلحق به وطي الشبهة (4) على الأقوى، فلو در اللبن من الامرأة من دون نكاح لم ينشر الحرمة، و كذا لو كان اللبن من زنا.

[مسألة: 1 لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل]

مسألة: 1 لا يعتبر في النشر بقاء المرأة في حبال الرجل، فلو طلقها الزوج أو مات عنها و هي حامل منه أو مرضع فأرضعت ولدا نشر الحرمة، و ان تزوجت و دخل بها الزوج الثاني و لم تحمل منه أو حملت منه و كان اللبن بحاله لم ينقطع و لم تحدث فيه زيادة (5).

«الثاني»- ان يكون شرب اللبن بالامتصاص من الثدي، فلو وجر في حلقه اللبن أو شرب اللبن المحلوب من المرأة لم ينشر الحرمة.


1- بل مع اعتقاد الصحة جهلا بالموضوع أو الحكم.
2- يعنى مع معصية.
3- بالذات و ان كان حراما بالعرض كوطي الحائض أو الصائم أو المحرم.
4- فيه اشكال فلا يترك الاحتياط.
5- علم استنادها الى الحمل و بدونه ينشر الحرمة و ان كان ذلك محتملا.

ص: 172

«الثالث»- ان تكون المرضعة حية، فلو ماتت في أثناء الرضاع و أكمل النصاب حال موتها و لو رضعة لم ينشر الحرمة.

«الرابع»- ان يكون المرتضع في أثناء الحولين و قبل استكمالهما، فلا عبرة برضاعة بعدهما. و لا يعتبر الحولان في ولد المرضعة على الأقوى، فلو وقع الرضاع بعد كمال حولية نشر الحرمة (1) إذا كان قبل حولي المرتضع.

[مسألة: 2 المراد بالحولين أربع و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة]

مسألة: 2 المراد بالحولين أربع و عشرون شهرا هلاليا من حين الولادة، و لو وقعت في أثناء الشهر يكمل من الشهر الخامس و العشرين ما مضى من الشهر الأول على الأظهر، فلو تولد في العاشر من شهر تكمل حولاه في العاشر من الخامس و العشرين.

«الشرط الخامس»- الكمية، و هي بلوغه حدا معينا، فلا يكفي مسمى الرضاع و لا رضعة كاملة. و له في الاخبار و عند فقهائنا الأخيار تحديدات و تقديرات ثلاثة: الأثر، و الزمان، و العدد. و أي واحد منها حصل كفى في نشر الحرمة: فأما الأثر فهو أن يرضع بمقدار نبت اللحم و شد العظم، و اما الزمان فهو أن يرتضع من المرأة يوما و ليلة مع اتصالهما بأن يكون غذاؤه في هذه المدة منحصرا بلبن المرأة، و اما العدد فهو ان يرتضع منها خمس عشرة رضعة كاملة.

[مسألة: 3 المعتبر في انبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان اليه]

مسألة: 3 المعتبر في انبات اللحم و شد العظم استقلال الرضاع في حصولهما على وجه ينسبان اليه، فلو فرض ضم السكر و نحوه اليه على نحو ينسبان إليهما أشكل ثبوت التحريم، كما أن المدار على الإنبات و الشد المعتد به منهما على مبان يصدقان عرفا و لا يكفي حصولهما بالدقة العقلية، و إذا شك في حصولهما بهذه المرتبة أو في استقلال الرضاع في حصولهما يرجع الى التقديرين الآخرين.


1- فيه تأمل فلا يترك الاحتياط.

ص: 173

[مسألة: 4 يعتبر في التقدير بالزمان ان يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن]

مسألة: 4 يعتبر في التقدير بالزمان ان يكون غذاؤه في اليوم و الليلة منحصرا باللبن (1)، و لا يقدح شرب الماء للعطش و لا ما يأكل أو يشرب دواء، و الظاهر كفاية التلفيق في التقدير بالزمان لو ابتدأ بالرضاع في أثناء الليل أو النهار.

[مسألة: 5 يعتبر في التقدير بالعدد أمور]

مسألة: 5 يعتبر في التقدير بالعدد أمور:

منها: كمال الرضعة، بأن يروى الصبي و يصدر من قبل نفسه، و لا تحسب الرضعة الناقصة، و لا تضم الناقصات بعضها ببعض، بأن تحسب رضعتان ناقصتان أو ثلاث رضعات ناقصات مثلا واحدة. نعم لو التقم الصبي الثدي ثم رفضه لا بقصد الاعراض بأن كان للتنفس أو الالتفات الى ملاعب أو الانتقال من ثدي إلى آخر أو غير ذلك كان الكل رضعة واحدة.

و منها: توالي الرضعات، بأن لا يفصل بينها رضاع امرأة أخرى (2). و لا يقدح في التوالي تخلل غير الرضاع من المأكول و المشروب و ان تغذى به.

و منها: ان يكون كمال العدد من امرأة واحدة، فلو ارتضع بعض الرضعات من امرأة و أكملها من امرأة أخرى لم ينشر الحرمة، و ان اتحد الفحل فلا تكون واحدة من المرضعتين اما للمرتضع و لا الفحل أبا له.

و منها: اتحاد الفحل، بأن يكون تمام العدد من لبن فحل واحد، و لا يكفي اتحاد المرضعة، فلو أرضعت امرأة من لبن فحل ثمان رضعات ثم طلقها الفحل و تزوجت بآخر و حملت منه ثم أرضعت ذلك الطفل من لبن الفحل الثاني تكملة العدد من دون تخلل رضاع امرأة أخرى (3) في البين- بأن يتغذى الولد في هذه المدة المتخللة بالمأكول و المشروب- لم ينشر الحرمة.


1- حسب ما يتعارف في الرضيع، فلا يضر تناول شي ء قليل بنحو يتعارف فيه كثيرا.
2- و لو ناقصا على الأحوط.
3- و لو ناقصا على الأحوط.

ص: 174

[مسألة: 6 ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة]

مسألة: 6 ما ذكرنا من الشروط شروط لناشرية الرضاع للحرمة، فلو انتفى بعضها لا أثر له و ليس بناشر لها أصلا حتى بين الفحل و المرتضعة، و كذا بين المرتضع و المرضعة فضلا عن الأصول و الفروع و الحواشي. و في الرضاع شرط آخر زائد على ما مر مختص بنشر الحرمة بين المرتضعين، و هو اتحاد الفحل الذي ارتضع المرتضعان من لبنه، فلو ارتضع صبيي من امرأة من لبن شخص رضاعا كاملا و ارتضعت صبية من تلك المرأة من لبن شخص آخر كذلك- بأن طلقها الأول و زوجها الثاني و صارت ذات لبن منه فأرضعتها رضاعا كاملا- لم تحرم الصبية على ذلك الصبي و لا فروع أحدهما على الأخر، بخلاف ما إذا كان الفحل و صاحب اللبن واحدا و تعددت المرضعة، كما إذا كانت لشخص نسوة متعددة و أرضعت كل واحدة منهن من لبنه طفلا رضاعا كاملا، فإنه يحرم بعضهم على بعض و على فروعه لحصول الاخوة الرضاعية بينهم.

[مسألة: 7 إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا]

مسألة: 7 إذا تحقق الرضاع الجامع للشرائط صار الفحل و المرضعة أبا و اما للمرتضع و أصولهما أجدادا و جدات و فروعهما اخوة و أولاد اخوة له و من في حاشيتهما و في حاشية أصولهما أعماما أو عمات و أخوالا أو خالات له، و صار هو أعني المرتضع ابنا أو بنتا لهما و فروعه احفادا لهما، و إذا تبين ذلك فكل عنوان نسبي محرم من العناوين السبعة المتقدمة إذا تحقق مثله في الرضاع يكون محرما: فالام الرضاعية كالأم النسبية، و البنت الرضاعية كالبنت النسبية و هكذا. فلو أرضعت امرأة من لبن فحل طفلا حرمت المرضعة و أمها و أم الفحل على المرتضع للأمومة و المرتضعة و بناتها و بنات المرتضع على الفحل و على أبيه و أبي المرضعة للبنتية، و حرمت أخت الفحل و أخت المرضعة على المرتضع لكونهما عمة و خالة له، و المرتضعة على أخي الفحل و أخي المرضعة لكونها بنت أخ أو بنت أخت لهما، و حرمت بنات الفحل

ص: 175

على المرتضع و المرتضعة على أبنائه نسبيين كانوا أم رضاعيين و كذا بنات المرضعة على المرتضع و المرتضعة على ابنائها إذا كانوا نسبيين للاخوة. و أما أولاد المرضعة الرضاعيون ممن أرضعتهم بلبن فحل آخر غير الفحل الذي ارتضع المرتضع بلبنه لم يحرموا على المرتضع، لما مر من اشتراط اتحاد الفحل في نشر الحرمة بين المرتضعين.

[مسألة: 8 تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة]

مسألة: 8 تكفي في حصول العلاقة الرضاعية المحرمة دخالة الرضاع فيه في الجملة، فقد تحصل من دون دخالة غيره فيها كعلاقة الأبوة و الأمومة و الابنية و البنتية الحاصلة بين الفحل و المرضعة و بين المرتضع، و كذا الحاصلة بينه و بين أصولهما الرضاعيين، كما إذا كان لهما أب أو أم من الرضاعة حيث انهما جد و جدة للمرتضع من جهة الرضاع محضا، و قد تحصل به مع دخالة النسب في حصولها كعلاقة الاخوة الحاصلة بين المرتضع و أولاد الفحل و المرضعة النسبيين، فإنهم و ان كانوا منسوبين إليهما بالولادة الا أن إخوتهم للمرتضع حصلت بسبب الرضاع، فهم اخوة أو أخوات له من الرضاعة.

توضيح ذلك: ان النسبة بين شخصين قد تحصل بعلاقة واحدة كالنسبة بين الولد و والده و والدته، و قد تحصل بعلاقتين كالنسبة بين الأخوين فإنها تحصل بعلاقة كل منهما مع الأب أو الأم أو كليهما، و كالنسبة بين الشخص وجده الأدنى فإنها تحصل بعلاقة بينه و بين أبيه مثلا و علاقة بين أبيه و بين جده، و قد تحصل بعلاقات ثلاث كالنسبة بين الشخص و بين جده الثاني، و كالنسبة بينه و بين عمه الأدنى فإنه تحصل بعلاقة بينك و بين أبيك و بعلاقة كل من أبيك و أخيه مع أبيهما مثلا، و هكذا تتصاعد و تتنازل النسب و تنشعب بقلة العلاقات و كثرتها، حتى انه قد تتوقف نسبة بين شخصين على عشر علائق أو أقل أو أكثر. و إذا تبين ذلك، فان كانت تلك العلائق كلها حاصلة بالولادة كانت العلاقة نسبية، و ان حصلت كلها أو بعضها و لو واحدة من العشر بالرضاع

ص: 176

كانت العلاقة رضاعية.

[مسألة: 9 لما كانت المصاهرة التي هي أحد أسباب تحريم النكاح كما يأتي علاقة بين أحد الزوجين و بعض الأقرباء الأخر]

مسألة: 9 لما كانت المصاهرة التي هي أحد أسباب تحريم النكاح كما يأتي علاقة بين أحد الزوجين و بعض الأقرباء الأخر، فهي تتوقف على أمرين مزاوجة و قرابة، و الرضاع انما يقوم مقام الثاني دون الأول، فمرضعة ولدك لا تكون بمنزلة زوجتك حتى تحرم أمها عليك، لكن الام و البنت الرضاعيتين لزوجتك تكونان كالأم و البنت النسبيين لها فتحرمان عليك، و كذلك حليلة الابن الرضاعي كحليلة الابن النسبي و حليلة الأب الرضاعي كحليلة الأب النسبي تحرم الاولى على أبيه الرضاعي و الثانية على ابنه الرضاعي.

[مسألة: 10 قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة]

مسألة: 10 قد تبين مما سبق أن العلاقة الرضاعية المحضة قد تحصل برضاع واحد كالحاصلة بين المرتضع و بين المرضعة و صاحب اللبن، و قد تحصل برضاعين كالحاصلة بين المرتضع و بين أبوي الفحل و المرضعة الرضاعيين، و قد تحصل برضاعات متعددة. فإذا كان لصاحب اللبن مثلا أب من جهة الرضاع و كان لذلك الأب الرضاعي أيضا أب من الرضاع و كان للأخير أيضا أب من الرضاع و هكذا الى عشرة آباء كان الجميع أجدادا رضاعيين للمرتضع الأخير و جميع المرضعات جدات له، فان كانت أنثى حرمت على جميع الأجداد و ان كان ذكرا حرمت عليه جميع الجدات، بل لو كانت للجد الرضاعي الا على أخت رضاعية حرمت على المرتضع الأخير لكونها عمته العليا من الرضاع و لو كانت للمرضعة إلا بعد التي هي الجدة العليا للمرتضع أخت حرمت عليه لكونها خالته العليا من الرضاع.

[مسألة: 11 قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل]

مسألة: 11 قد عرفت فيما سبق انه يشترط في حصول الاخوة الرضاعية بين المرتضعين اتحاد الفحل، و يتفرع على ذلك مراعاة هذا الشرط في العمومة و الخؤولة الحاصلتين بالرضاع أيضا، لأن العم و العمة أخ و أخت للأب و الخال و الخالة أخ و أخت للأم، فلو تراضع أبوك أو أمك مع صبية من امرأة فإن اتحد الفحل

ص: 177

كانت الصبية عمتك أو خالتك من الرضاعة بخلاف ما إذا لم يتحد، فحيث لم تحصل الاخوة الرضاعية بين أبيك أو أمك مع الصبية لم تكن هي عمتك أو خالتك فلم تحرم عليك.

[مسألة: 12 لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا]

مسألة: 12 لا يجوز أن ينكح أبو المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة و رضاعا (1)، و كذا في أولاد المرضعة نسبا لا رضاعا، و أما أولاده الذين لم يرتضعوا من هذا اللبن فيجوز نكاحهم في أولاد صاحب اللبن و في أولاد المرضعة (2) التي أرضعت أخاهم، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

[مسألة: 13 إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلك الفحل]

مسألة: 13 إذا أرضعت امرأة ابن شخص بلبن فحلها ثم أرضعت بنت شخص آخر من لبن ذلك الفحل، فتلك البنت و ان حرمت على ذلك الابن لكن تحل أخوات كل منهما لإخوة الأخر.

[مسألة: 14 الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لاحقا]

مسألة: 14 الرضاع المحرم كما يمنع من النكاح لو كان سابقا يبطله لو حصل لاحقا، فلو كانت له زوجة صغيرة فأرضعته بنته أو أمه أو أخته أو بنت أخيه أو بنت أخته أو زوجة أخيه بلبنه رضاعا كاملا بطل نكاحها و حرمت عليه، لصيرورتها بالرضاع بنتا أو أختا أو بنت أخ أو بنت أخت له فحرمت عليه لاحقا كما كانت تحرم عليه سابقا. و كذا لو كانت له زوجتان صغيرة و كبيرة فأرضعت الكبيرة الصغيرة حرمت عليه الكبيرة لأنها صارت أم زوجته، و كذلك الصغيرة ان كان رضاعها من لبنه أو دخل بالكبيرة (3) لكونها بنتا له في الأول و بنت زوجته المدخول بها في الثاني.


1- على الأحوط.
2- بل و نفس المرضعة أيضا و ان كانت أم أخيهم.
3- و ان كانت الكبيرة غير مدخول بها و كان اللبن من غير الزوج ففي بطلان نكاح الكبيرة لكونها أم الزوجة دون الصغيرة لأنها ربيبة من التي لم يدخل بها أو بطلان نكاحهما لحرمة الجمع احتمالان لا يترك الاحتياط بتجديد نكاح الصغيرة ان أراد البقاء و بالطلاق ان أراد التفريق.

ص: 178

[تنبيه]
اشارة

(تنبيه) إذا كان أخوان في بيت واحد مثلا و كانت زوجة كل منهما أجنبية عن الأخر و أرادا أن تصير زوجة كل منهما من محارم الأخر حتى يحل له النظر إليها، يمكن لهما الاحتيال بأن يتزوج كل منهما بصبية و ترضع زوجة كل منهما زوجة الأخر رضاعا كاملا فصارت زوجة كل منهما أما لزوجة الأخر فصارت من محارمه و حل نظره إليها و بطل نكاح كلتا الصبيتين لصيرورة كل منهما بالرضاع بنت أخي زوجها.

[مسألة: 1 إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها]

مسألة: 1 إذا أرضعت امرأة ولد بنتها- و بعبارة أخرى أرضعت الولد جدته من طرف الام- حرمت بنتها أم الولد على زوجها و بطل نكاحها، سواء أرضعته بلبن أبي البنت أو بلبن غيره، و ذلك لان زوج البنت أب للمرتضع و زوجته بنت للمرضعة جدة الولد، و قد مر أنه يحرم على أبي المرتضع نكاح أولاد المرضعة، فإذا منع منه سابقا أبطله لاحقا، و كذا إذا أرضعت زوجة أبي البنت من لبنه ولد البنت بطل نكاح البنت، لما مر من انه يحرم نكاح أبي المرتضع في أولاد صاحب اللبن. و أما الجدة من طرف الأب إذا أرضعت ولد أبيها فلا يترتب عليه شي ء، كما أنه لو كان رضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها بعد وفاة بنتها أو طلاقها أو وفاة زوجها لم يترتب عليه شي ء (1) فلا مانع منه.

[مسألة: 2 لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نكاحهما]

مسألة: 2 لو زوج ابنه الصغير بابنة أخيه الصغيرة ثم أرضعت جدتهما من طرف الأب أو الأم أحدهما انفسخ نكاحهما، لان المرتضع ان كان هو الذكر فإن أرضعته جدته من طرف الأب صار عما لزوجته، و ان أرضعته جدته من طرف الام صار خالا لزوجته، و ان كان هو الأنثى صارت هي عمة لزوجها على الأول و خالة له على الثاني، فبطل النكاح على أي حال.


1- من بطلان النكاح، لكن يترتب عليه حرمة المطلقة و أختها و أخت المتوفّاة.

ص: 179

[مسألة: 3 إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فاما ان يبطل نكاح المرضعة بإرضاعها]

مسألة: 3 إذا حصل الرضاع الطارئ المبطل للنكاح، فاما ان يبطل نكاح المرضعة بإرضاعها كما في إرضاع الزوجة الكبيرة لشخص زوجته الصغيرة بالنسبة إلى نكاحها، و اما ان يبطل نكاح المرتضعة كالمثال بالنسبة إلى نكاح الصغيرة، و اما ان يبطل نكاح غيرهما كما في إرضاع الجدة من طرف الام ولد بنتها. و الظاهر بقاء استحقاق الزوجة للمهر في الجميع إلا في الصورة الأولى (1) فيما إذا كان الإرضاع و انفساخ العقد قبل الدخول، و هل تضمن المرضعة ما يغرمه الزوج من المهر قبل الدخول فيما إذا كان إرضاعها مبطلا لنكاح غيرها؟ قولان أقواهما العدم، و الأحوط التصالح (2).

[مسألة: 4 قد سبق ان العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة]

مسألة: 4 قد سبق ان العناوين المحرمة من جهة الولادة و النسب سبعة:

الأمهات، و البنات، و الأخوات، و العمات، و الخالات، و بنات الأخ، و بنات الأخت.

فإن حصل بسبب الرضاع أحد هذه العناوين كان محرما كالحاصل بالولادة، و قد عرفت فيما سبق كيفية حصولها بالرضاع مفصلا، و أما لو لم يحصل بسببه أحد تلك العناوين السبعة لكن حصل عنوان خاص لو كان حاصلا بالولادة لكان ملازما و متحدا مع أحد تلك العناوين السبعة، كما لو أرضعت امرأة ولد بنته فصارت أم ولد بنته و أم ولد البنت ليست من تلك السبع، لكن لو كانت أمومة ولد البنت بالولادة كانت بنتا له و البنت من المحرمات السبعة، فهل مثل هذا الرضاع أيضا محرم فتكون مرضعة ولد البنت كالبنت أم لا؟ الحق هو الثاني، و قيل بالأول. و هذا هو الذي اشتهر في الألسنة بعموم المنزلة الذي ذهب اليه بعض الأجلة، و لنذكر لذلك أمثلة:

أحدها- زوجتك أرضعت بلبنك أخاها فصار ولدك و زوجتك أخت له، فهل تحرم عليك من جهة ان أخت ولدك اما بنتك أو ربيبتك و هما محرمتان عليك و زوجتك


1- الحكم بسقوط المهر في تلك الصورة مشكل فلا يترك الاحتياط بالمصالحة.
2- لا يترك.

ص: 180

بمنزلتهما أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثانيها- زوجتك أرضعت بلبنك ابن أخيها فصار ولدك و هي عمته و عمة ولدك حرام عليك لأنها أختك، فهل تحرم من الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثالثها- زوجتك أرضعت عمها أو عمتها أو خالها أو خالتها فصارت أمهم و أم عم و عمة زوجتك حرام عليك حيث انها جدتها من الأب و كذا أم خال و خالة زوجتك حرام عليك حيث انها جدتها من الام، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

رابعها- زوجتك أرضعت بلبنك ولد عمها أو ولد خالها فصرت أبا ابن عمها أو أبا ابن خالها و هي تحرم على أبي ابن عمها و أبي ابن خالها لكونهما عمها و خالها، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

خامسها- امرأة أرضعت أخاك أو أختك لأبويك فصارت اما لهما و هي محرمة في النسب لأنها أم لك، فهل تحرم عليك من جهة الرضاع و يبطل نكاح المرضعة ان كانت زوجتك أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

سادسها- امرأة أرضعت ولد بنتك فصارت اما له، فهل تحرم عليك لكونها بمنزلة بنتك و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

سابعها- امرأة أرضعت ولد أختك فصارت أما له فهل تحرم عليك من جهة ان أم ولد الأخت حرام عليك لأنها أختك و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

ثامنها- امرأة أرضعت عمك أو عمتك أو خالك أو خالتك فصارت أمهم و أم

ص: 181

عمك و عمتك نسبا تحرم عليك لأنها جدتك من طرف أبيك و كذا أم خالك و خالتك لأنها جدتك من طرف الام، فهل تحرم عليك بسبب الرضاع و ان كانت المرضعة زوجتك بطل نكاحها أم لا، فمن قال بعموم المنزلة يقول نعم و من قال بالعدم يقول لا.

[مسألة: 5 لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم]

مسألة: 5 لو شك في وقوع الرضاع أو في حصول بعض شروطه من الكمية أو الكيفية بنى على العدم. نعم يشكل فيما لو علم بوقوع الرضاع بشروطه و لم يعلم بوقوعه في الحولين أو بعدهما و علم تاريخ الرضاع و جهل تاريخ ولادة المرتضع، فحينئذ لا يترك الاحتياط.

[مسألة: 6 لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة]

مسألة: 6 لا تقبل الشهادة على الرضاع إلا مفصلة، بأن يشهد الشهود على الارتضاع في الحولين بالامتصاص من الثدي خمس عشرة رضعة متواليات مثلا، الى آخر ما مر من الشروط. و لا يكفي الشهادة المطلقة و المجملة، بأن يشهد على وقوع الرضاع المحرم أو يشهد مثلا على ان فلان ولد فلانة أو فلانة بنت فلان من الرضاع، بل يسأل منه التفصيل.

[مسألة: 7 الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع مستقلات]

مسألة: 7 الأقوى أنه تقبل شهادة النساء العادلات في الرضاع مستقلات، بأن تشهد أربع نسوة عليه، و منضمات بأن تشهد به امرأتان مع رجل واحد.

[مسألة: 8 يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة]

مسألة: 8 يستحب أن يختار لرضاع الأولاد المسلمة العاقلة العفيفة الوضيئة ذات الأوصاف الحسنة، فإن للبن تأثيرا تاما في المرتضع، كما يشهد به الاختبار و نطقت به الاخبار و الآثار:

فعن الباقر عليه السلام: قال رسول اللّٰه صلّى اللّٰه عليه و آله: لا تسترضعوا الحمقاء و العمشاء، فان اللبن يعدي.

و عن أمير المؤمنين عليه السلام: لا تسترضعوا الحمقاء، فان اللبن يغلب الطباع.

و عنه عليه السلام: أنظروا من ترضع أولادكم، فإن الولد يشب عليه.

ص: 182

الى غير ذلك من الاخبار المستفاد منها رجحان اختيار ذوات الصفات الحميدة خلقا و خلقا، و مرجوحية اختيار اضدادهن و كراهته، و لا سيما الكافرة، و ان اضطر الى استرضاعها فليختر اليهودية و النصرانية على المشتركة و المجوسية، و مع ذلك لا يسلم الطفل إليهن و لا يذهبن بالولد الى بيوتهن و يمنعها من شرب الخمر و أكل لحم الخنزير، و مثل الكافرة أو أشد كراهة استرضاع الزانية باللبن الحاصل من الزنا و المرأة المتولدة من زنا.

فعن الباقر عليه السلام: لبن اليهودية و النصرانية و المجوسية أحب الي من ولد الزنا.

و عن الكاظم عليه السلام سئل عن امرأة زنت هل يصلح ان تسترضع؟ قال:

لا يصلح و لا لبن ابنتها التي ولدت من الزنا.

[القول في المصاهرة و ما يلحق بها]

اشارة

القول في المصاهرة و ما يلحق بها:

المصاهرة هي علاقة بين أحد الزوجين (1) مع أقرباء الأخر موجب لحرمة النكاح اما عينا أو جمعا على تفصيل يأتي:

[مسألة: 1 تحرم معقودة الأب على ابنه و بالعكس فصاعدا في الأول و نازلا في الثاني حرمة دائمية]

مسألة: 1 تحرم معقودة الأب على ابنه و بالعكس فصاعدا في الأول و نازلا في الثاني حرمة دائمية، سواء كان العقد دائميا أو انقطاعيا، و سواء دخل العاقد بالمعقودة أو لم يدخل بها، و سواء كان الأب و الابن نسبيين أو رضاعيين.

[مسألة: 2 إذا عقد على امرأة حرمت عليه أمها و ان علت نسبا أو رضاعا]

مسألة: 2 إذا عقد على امرأة حرمت عليه أمها و ان علت نسبا أو رضاعا، سواء دخلت بها أو لا، و سواء كان العقد دواما أو انقطاعا، و سواء كانت المعقودة صغيرة


1- بل و غيرهما مثل المالك و المملوكة و الزاني و الزانية و الواطى بالشبهة و موطوأتها و غيرها على ما يأتي تفصيله في طي المسائل.

ص: 183

أو كبيرة. نعم الأحوط (1) لو لم يكن الأقوى في العقد على الصغيرة انقطاعا أن تكون بالغة الى حد تقبل للاستمتاع و التلذذ بها و لو بغير الوطي، بأن كانت بالغة ست سنوات فما فوق مثلا أو يدخل في المدة بلوغها الى هذا الحد، فما تعارف من إيقاع عقد الانقطاع ساعة أو ساعتين على الصغيرة الرضيعة أو من يقاربها مريدين بذلك محرمية أمها على المعقود له في غاية الإشكال، من جهة الإشكال في صحة مثل هذا العقد حتى يترتب عليه حرمة أم المعقود عليها.

[مسألة: 3 إذا عقد على امرأة حرمت عليه بنتها و ان نزلت إذا دخل بالأم و لو دبرا]

مسألة: 3 إذا عقد على امرأة حرمت عليه بنتها و ان نزلت إذا دخل بالأم و لو دبرا، و أما إذا لم يدخل بها لم تحرم عليه بنتها عينا و انما تحرم عليه جمعا، بمعنى انها تحرم عليه ما دامت الأم في حباله، فإذا خرجت بموت أو طلاق أو غير ذلك جاز له نكاحها.

[مسألة: 4 لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين أن تكون البنت موجودة في زمان زوجية الأم أو تولدت بعد خروجها عن الزوجية]

مسألة: 4 لا فرق في حرمة بنت الزوجة بين أن تكون البنت موجودة في زمان زوجية الأم أو تولدت بعد خروجها عن الزوجية، فلو عقد على امرأة و دخل بها ثم طلقها ثم تزوجت و ولدت من الزوج الثاني بنتا تحرم هذه البنت على الزوج الأول.

[مسألة: 5 لا إشكال في ترتب الحرمات الأربع على النكاح و الوطي الصحيحين]

مسألة: 5 لا إشكال في ترتب الحرمات الأربع على النكاح و الوطي الصحيحين، و هل تترتب على الزنا و وطي الشبهة أم لا؟ قولان أقواهما و أشهرهما أولهما، فلو زنى بامرأة حرمت على أبي الزاني و حرمت على الزاني أم المزني بها و بنتها، و كذلك الموطوءة بالشبهة. نعم الزنا الطارئ على التزويج لا يوجب الحرمة، سواء كان بعد الوطي أو قبله (2)، فلو تزوج بامرأة ثم زنى بأمها أو بنتها لم تحرم عليه امرأته، و كذا لو زنى الأب بامرأة الابن لم تحرم على الابن، و لو زنى الابن بامرأة الأب لم تحرم على أبيه.


1- بل الأقوى عدم اعتبار الشرط المذكور و صحة عقدها و لو لم تبلغ حد الاستمتاع ساعة أو ساعتين. نعم الاحتياط حسن.
2- لا يترك الاحتياط فيما إذا كان قبل الوطي و كذا في الوطي بالشبهة.

ص: 184

[مسألة: 6 لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل و الدبر]

مسألة: 6 لا فرق في الحكم بين الزنا في القبل و الدبر (1).

[مسألة: 7 إذا علم بالزنا و شك في كونه سابقا على العقد أو طارئا بنى على الثاني]

مسألة: 7 إذا علم بالزنا و شك في كونه سابقا على العقد أو طارئا بنى على الثاني.

[مسألة: 8 إذا لمس امرأة أجنبية أو نظر إليها بشهوة حرمت الملموسة و المنظورة على أبي اللامس و الناظر]

مسألة: 8 إذا لمس امرأة أجنبية أو نظر إليها بشهوة حرمت الملموسة و المنظورة على أبي اللامس و الناظر و ابنهما على قول، بل قيل بحرمة أم المنظورة و الملموسة على الناظر و اللامس أيضا، و هذا و ان كان أحوط لكن الأقوى خلافه.

نعم لو كانت للأب جارية منظورة أو ملموسة له بشهوة (2) حرمت على ابنه، و كذا العكس على الأقوى.

[مسألة: 9 لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة و بنت الأخت على الخالة إلا بإذنهما]

مسألة: 9 لا يجوز نكاح بنت الأخ على العمة و بنت الأخت على الخالة إلا بإذنهما، من غير فرق بين كون النكاحين دائمين أو منقطعين أو مختلفين، و لا بين علم العمة و الخالة حال العقد و جهلهما، و لا بين اطلاعهما على ذلك و عدم اطلاعهما ابدا، فلو تزوجهما عليهما بدون إذنهما كان العقد الطارئ كالفضولي على الأقوى يتوقف صحته على إجازة العمة و الخالة، فإن أجازتا جاز و الا بطل. و يجوز نكاح العمة و الخالة على بنتي الأخ و الأخت و ان كانت العمة و الخالة جاهلتين، و ليس لهما الخيار لا في فسخ عقد أنفسهما و لا في فسخ عقد بنتي الأخ و الأخت على الأقوى.

[مسألة: 10 الظاهر أنه لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا]

مسألة: 10 الظاهر أنه لا فرق في العمة و الخالة بين الدنيا منهما و العليا، كما انه لا فرق بين نسبيتين منهما و الرضاعيتين.

[مسألة: 11 إذا اذنتا ثم رجعتا عن الإذن، فإن كان رجوعهما بعد العقد لم يؤثر في البطلان]

مسألة: 11 إذا اذنتا ثم رجعتا عن الإذن، فإن كان رجوعهما بعد العقد لم يؤثر في البطلان، و ان كان قبله بطل الاذن السابق، فلو لم يبلغه الرجوع و تزوج اعتمادا عليه توقفت صحته على الإجازة اللاحقة.


1- و كذا في الوطي بالشبهة.
2- بل و ان لم يكونا بشهوة على الأحوط، الا إذا كان النظر الى ما لا يحرم لغير المالك النظر إليه.

ص: 185

[مسألة: 12 الظاهر أن اعتبار إذنهما ليس حقا لهما كالخيار حتى يسقط بالإسقاط]

مسألة: 12 الظاهر أن اعتبار إذنهما ليس حقا لهما كالخيار حتى يسقط بالإسقاط، فلو اشترط في ضمن عقدهما أن لا يكون لهما ذلك لم يؤثر شيئا، و لو اشترط عليهما أن يكون للزوج العقد على بنت الأخ أو الأخت ففي سقوط اعتبار إذنهما بذلك اشكال، فلا يترك الاحتياط (1).

[مسألة: 13 إذا تزوج بالعمة و ابنة الأخ و شك في السابق منهما حكم بصحة العقدين]

مسألة: 13 إذا تزوج بالعمة و ابنة الأخ و شك في السابق منهما حكم بصحة العقدين، و كذلك فيما إذا تزوج ببنت الأخ أو الأخت و شك في أنه هل كان عن اذن من العمة أو الخالة أم لا حكم بالصحة و حصول الاذن منهما.

[مسألة: 14 إذا طلق العمة أو الخالة]

مسألة: 14 إذا طلق العمة أو الخالة، فإن كان بائنا صح العقد على بنتي الأخ و الأخت بمجرد الطلاق، و ان كان رجعيا لم يجز الا بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 15 لا يجوز الجمع في النكاح بين الأختين نسبيتين أو رضاعيتين دواما أو انقطاعا أو بالاختلاف]

مسألة: 15 لا يجوز الجمع في النكاح بين الأختين نسبيتين أو رضاعيتين دواما أو انقطاعا أو بالاختلاف، فلو تزوج بإحدى الأختين ثم تزوج بأخرى بطل العقد الثاني دون الأول، سواء دخل بالأولى أو لا. و لو اقترن عقدهما- بأن تزوجهما بعقد واحد أو عقد هو على إحداهما و وكيله على الأخرى في زمان واحد مثلا- بطلا معا.

[مسألة: 16 لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق من العقدين]

مسألة: 16 لو تزوج بالأختين و لم يعلم السابق و اللاحق من العقدين، فان علم تاريخ أحدهما حكم بصحته دون الأخر، و ان جهل تاريخهما فان احتمل تقارنهما حكم ببطلانهما معا و ان علم عدم الاقتران فقد علم إجمالا بصحة أحد العقدين و بطلان أحدهما، فلا يجوز له وطئهما و لا وطي إحداهما ما دام الاشتباه، فيحتمل تعيين السابق بالقرعة، لكن الأحوط (2) ان يطلقهما أو يطلق الزوجة الواقعية منهما ثم يتزوج من شاء منهما على اشكال في الثاني، و له أن يطلق إحداهما و يجدد العقد على الأخرى بعد


1- الظاهر ان الشرط المذكور يكون بمنزلة الإذن، فيصح العقد عليهما ان لم تظهرا الكراهة قبل العقد.
2- لا يترك.

ص: 186

انقضاء عدة الأولى إذا كانت مدخولا بها.

[مسألة: 17 لو طلقهما و الحال هذه، فان كان قبل الدخول فعليه للزوجة الواقعية نصف مهرها]

مسألة: 17 لو طلقهما و الحال هذه، فان كان قبل الدخول فعليه للزوجة الواقعية نصف مهرها، و ان كان بعد الدخول فلها عليه تمام مهرها، فان كان المهران مثليين و اتفقا جنسا و قدرا فقد علم من عليه الحق و مقدار الحق، و انما الاشتباه فيمن له الحق، و في غير ذلك يكون الاشتباه في الحق أيضا، فإن اصطلحوا بما تسالموا عليه فهو و الا فلا محيص الا عن القرعة، فمن خرجت عليها من الأختين كان لها نصف مهرها المسمى أو تمامه و لم تستحق الأخرى شيئا. نعم مع الدخول بها تفصيل لا يسعه هذا المختصر.

[مسألة: 18 الظاهر جريان حكم تحريم الجمع فيما إذا كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من زنا]

مسألة: 18 الظاهر جريان حكم تحريم الجمع فيما إذا كانت الأختان كلتاهما أو إحداهما من زنا.

[مسألة: 19 إذا طلق زوجته، فان كان الطلاق رجعيا لا يجوز و لا يصح نكاح أختها ما لم تنقض عدتها]

مسألة: 19 إذا طلق زوجته، فان كان الطلاق رجعيا لا يجوز و لا يصح نكاح أختها ما لم تنقض عدتها، و ان كان بائنا كالطلاق الثالث أو كانت المطلقة ممن لا عدة لها كالصغيرة و غير المدخولة و اليائسة جاز له نكاح أختها في الحال. نعم لو كانت متمتعة و انقضت مدتها أو وهب المدة لا يجوز له على الأحوط لو لم يكن أقوى نكاح أختها قبل انقضاء العدة و ان كانت بائنة.

[مسألة: 20 ذهب بعض الأخباريين إلى حرمة الجمع بين الفاطميتين في النكاح]

مسألة: 20 ذهب بعض الأخباريين إلى حرمة الجمع بين الفاطميتين في النكاح، و الحق جوازه و ان كان الترك أحوط و أولى، و لو قلنا بالحرمة فهي تكليفية لا يترتب عليها غير الإثم و المعصية من دون ان تؤثر في بطلان عقديهما، و القول به كما عن بعضهم و جعله كالجمع بين الأختين إفراط من القول ضعيف في الغاية.

[مسألة: 21 الأحوط ترك تزويج الحر للأمة دواما]

مسألة: 21 الأحوط ترك تزويج الحر للأمة دواما (1) إلا إذا لم يتمكن من مهر الحرة و شق عليه الصبر على الشبق بحيث خيف من الوقوع في الزنا فيجوز بلا اشكال.


1- بل و كذا متعة و مستند التفصيل غير معلوم.

ص: 187

[مسألة: 22 لا يجوز تزويج الأمة على الحرة إلا بإذنها]

مسألة: 22 لا يجوز تزويج الأمة على الحرة إلا بإذنها، فلو نكحها عليها تتوقف صحة عقد الأمة على إجازة الحرة، فإن أجازت جاز و الا بطل. و يجوز العكس، و هو نكاح الحرة على الأمة، فإن كانت الحرة عالمة بالحال لزم العقدان، و ان كانت جاهلة فلها الخيار في فسخ عقدها لا في فسخ عقد الأمة.

[مسألة: 23 لو زنت مرأة ذات بعل لم تحرم على زوجها]

مسألة: 23 لو زنت مرأة ذات بعل لم تحرم على زوجها، و لا يجب على زوجها ان يطلقها و ان كانت مصرة على ذلك.

[مسألة: 24 من زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه ابدا]

مسألة: 24 من زنى بذات بعل دواما أو متعة حرمت عليه ابدا، سواء كانت حرة أو امة مسلمة كانت أو كافرة مدخولا بها من زوجها أو غيرها، فلا يجوز له نكاحها بعد موت زوجها أو زوال عقدها بطلاق أو فسخ أو انقضاء مدة و غيرها. و لا فرق على الظاهر بين أن يكون الزاني عالما بأنها ذات بعل أو لا، و لو كان مكرها على الزنا ففي لحوق الحكم إشكال (1).

[مسألة: 25 إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابدا كذات البعل دون البائنة و عدة الوفاة]

مسألة: 25 إذا زنى بامرأة في العدة الرجعية حرمت عليه ابدا كذات البعل دون البائنة و عدة الوفاة، و لو علم بأنها كانت في العدة و لم يعلم بأنها كانت رجعية أو بائنة فلا حرمة (2). نعم لو علم بكونها في عدة رجعية و شك في انقضائها فالظاهر الحرمة.

[مسألة: 26 من لاط بغلام فأوقبه و لو ببعض الحشفة حرمت عليه أبدا أم الغلام]

مسألة: 26 من لاط بغلام فأوقبه و لو ببعض الحشفة حرمت عليه أبدا أم الغلام و ان علت و بنته و ان نزلت و أخته، من غير فرق بين كونهما صغيرين أو كبيرين أو مختلفين، و لا تحرم على المفعول أم الفاعل و بنته و أخته على الأقوى، و الام و البنت و الأخت الرضاعيات للمفعول كالنسبيات.

[مسألة: 27 إنما يوجب اللواط حرمة المذكورات إذا كان سابقا]

مسألة: 27 إنما يوجب اللواط حرمة المذكورات إذا كان سابقا، و اما إذا


1- فلا يترك الاحتياط.
2- ظاهرا ما دام شاكا.

ص: 188

كان طارئا على التزويج (1) فلا يوجب الحرمة و بطلان النكاح، فلو تزوج امرأة ثم لاط بابنها أو أبيها أو أخيها لم تحرم عليه امرأته، و ان كان الاحتياط لا ينبغي تركه.

[مسألة: 28 لو شك في تحقق الإيقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم]

مسألة: 28 لو شك في تحقق الإيقاب حينما عبث بالغلام أو بعده بنى على العدم.

[القول في النكاح في العدة و تكميل العدد]

اشارة

القول في النكاح في العدة و تكميل العدد:

[مسألة: 1 لا يجوز نكاح المرأة لا دائما و لا منقطعا إذا كانت في عدة الغير رجعية كانت أو بائنة]

مسألة: 1 لا يجوز (2) نكاح المرأة لا دائما و لا منقطعا إذا كانت في عدة الغير رجعية كانت أو بائنة عدة وفاة أو غيرها من نكاح دائم أو منقطع أو من وطي شبهة، و لو تزوجها فان كانا عالمين بالموضوع و الحكم- بأن علما بكونها في العدة و علما بأنه لا يجوز النكاح في العدة أو كان أحدهما عالما بهما- بطل النكاح و حرمت عليه ابدا سواء دخل بها أو لا، و كذا ان جهلا بهما أو بأحدهما و دخل بها و لو دبرا، و أما لو لم يدخل بها بطل العقد و لكن لم تحرم عليه أبدا، فله استيناف العقد عليها بعد انقضاء العدة التي كانت فيها.

[مسألة: 2 لو وكل أحدا في تزويج امرأة له و لم يعين الزوجة فزوجه امرأة ذات عدة لم تحرم عليه]

مسألة: 2 لو وكل أحدا في تزويج امرأة له و لم يعين الزوجة فزوجه امرأة ذات عدة لم تحرم عليه و ان علم الوكيل بكونها في العدة، و انما تحرم عليه مع الدخول (3)، و اما لو عين الزوجة فان كان الموكل عالما بالحكم و الموضوع حرمت


1- و كان بعد الدخول على الأحوط كما مر في زنا الطارئ.
2- و كذا لا يجوز التصريح بالخطبة في عدة الغير مطلقا، و أما التعريض فيجوز في غير الرجعية.
3- بل لا تحرم عليه مع الدخول في الفرض، لان وكالته كانت مختصة بالعقد الصحيح، فعقد ذات العدة غير مستند اليه و دخوله مع الجهل بالعدة حين الدخول وطي بالشبهة و لا يوجب الحرمة، و لو علم بكونها في العدة و مع ذلك دخل بها بدون إمضاء العقد فهو زناء لا يوجب الحرمة إلا في الرجعية، و ان امضى العقد فدخل ففي ترتب احكام العقد في العدة على إمضائه اشكال جدا، و لكن لا يترك الاحتياط فيه.

ص: 189

عليه، و ان كان الوكيل جاهلا بهما بخلاف العكس فالمدار على علم الموكل و جهله لا الوكيل.

[مسألة: 3 لا يلحق بالتزويج في العدة وطي الشبهة أو الزنا بالمعتدة]

مسألة: 3 لا يلحق بالتزويج في العدة وطي الشبهة أو الزنا بالمعتدة، فلو وطئ شبهة أو زنى بالمرأة في حال عدتها لم يؤثر في الحرمة الأبدية أية عدة كانت إلا العدة الرجعية إذا زنى بها فيها فإنه يوجب الحرمة كما مر.

[مسألة: 4 إذا كانت المرأة في عدة الرجل جاز له العقد عليها في الحال]

مسألة: 4 إذا كانت المرأة في عدة الرجل جاز له العقد (1) عليها في الحال و لا ينتظر انقضاء العدة. نعم فيما إذا كانت معتدة له بالعدة الرجعية يبطل منه العقد عليها لكونها بمنزلة زوجته و لا يصح عقد الزوج على زوجته، فلو كانت عنده متعة و أراد ان يجعل عقدها دواما جاز أن يهب مدتها و يعقد عليها العقد الدوام في الحال، بخلاف ما إذا كانت عنده زوجة دائمة و أراد أن يجعلها منقطعة فطلقها لذلك طلاقا غير بائن، فإنه لا يجوز له إيقاع عقد الانقطاع عليها الا بعد خروجها عن العدة.

[مسألة: 5 هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط للحرمة الأبدية في صورة الجهل ان يكون في العدة]

مسألة: 5 هل يعتبر في الدخول الذي هو شرط للحرمة الأبدية في صورة الجهل ان يكون في العدة أو يكفي وقوع العقد في العدة و ان كان الدخول واقعا بعد انقضائها؟ قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول (2).

[مسألة: 6 لو شك في أنها معتدة أم لا حكم بالعدم و جاز له تزويجها و لا يجب عليه التفحص عن حالها]

مسألة: 6 لو شك في أنها معتدة أم لا حكم بالعدم و جاز له تزويجها و لا يجب عليه التفحص عن حالها، و كذا لو شك في انقضاء عدتها و أخبرت هي بالانقضاء فتصدق و جاز تزويجها.

[مسألة: 7 لو علم ان التزويج كان في العدة مع الجهل موضوعا أو حكما]

مسألة: 7 لو علم ان التزويج كان في العدة مع الجهل موضوعا أو حكما و لكن شك في انه قد دخل بها حتى تحرم عليه أبدا أو لا، بنى على عدم الدخول فلم تحرم عليه. و كذا لو علم بعدم الدخول لكن شك في ان أحدهما قد كان عالما أم لا، بنى على عدم العلم فلا يحكم بالحرمة الأبدية.


1- ان لم يكن له مانع من تزويجها.
2- لا قوة فيه و لكن لا يترك الاحتياط بترك التزويج و بالطلاق على فرض التزويج.

ص: 190

[مسألة: 8 يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية التزويج بذات البعل]

مسألة: 8 يلحق بالتزويج في العدة في إيجاب الحرمة الأبدية التزويج بذات البعل، فلو تزوجها مع العلم بأنها ذات بعل حرمت عليه ابدا، سواء دخل بها أم لا، و لو تزوجها مع الجهل لم تحرم عليه الا مع الدخول بها.

[مسألة: 9 إذا تزوج بامرأة عليها عدة و لم تشرع فيها لعدم تحقق مبدأها]

مسألة: 9 إذا تزوج بامرأة عليها عدة و لم تشرع فيها لعدم تحقق مبدأها- كما إذا تزوج بمن مات زوجها و لم يبلغها الخبر فإن مبدأ عدتها من حين بلوغ الخبر- فهل يوجب الحرمة الأبدية أم لا، قولان أحوطهما الأول و أرجحهما الثاني (1).

[مسألة: 10 من كان عنده أربع زوجات دائمية تحرم عليه الخامسة ما دامت الأربع في حباله]

مسألة: 10 من كان عنده أربع زوجات دائمية تحرم عليه الخامسة ما دامت الأربع في حباله، سواء كان حرا أو عبدا، و سواء كن حرائر أو إماء أو مختلفات، و كذا يحرم على الحر أزيد من أمتين و على العبد أزيد من حرتين و ان لم تزد من عنده من الزوجات على الأربع، فلا يجوز للأول الجمع بين ثلاث إماء و حرة و لا للثاني الجمع بين ثلاث حرائر و امة، و يجوز للأول الجمع بين أربع حرائر فضلا عن ثلاث حرائر و امة أو حرتين و أمتين، و اما الثاني فلا يجوز له الا الجمع بين أربع إماء أو حرتين أو حرة و أمتين و لا يجوز له الجمع بين ثلاث إماء و حرة و كذا بين أمتين و حرتين (2) فضلا عن أربع حرائر أو ثلاث.

[مسألة: 11 ما ذكر انما هو في العقد الدائم، و أما في المنقطع فيجوز الجمع بما شاء]

مسألة: 11 ما ذكر انما هو في العقد الدائم، و أما في المنقطع فيجوز الجمع بما شاء و ان كانت عند الحر أربع دائميات حرائر و عند العبد أربع إماء دائميات، فيجوز لكل منهما ان يزيد عليهن انقطاعا بما شاء و لو الى ألف (3).

[مسألة: 12 إذا كانت عنده أربع فماتت إحداهن يجوز له تزويج أخرى في الحال]

مسألة: 12 إذا كانت عنده أربع فماتت إحداهن يجوز له تزويج أخرى في الحال، و كذا لو فارق إحداهن بالفسخ أو الانفساخ أو بالطلاق البائن (4)، و أولى


1- و لكن لا يترك الاحتياط.
2- بل و لا بين امة و حرتين، فان العبد إذا جمع بين حرتين فلا يجوز له الزيادة لا من الحرائر و لا من الإماء.
3- كملك اليمين.
4- الأحوط في جميع الفروض الصبر الى انقضاء العدة.

ص: 191

بذلك ما إذا لم تكن لها عدة كغير المدخول بها و اليائسة، و أما إذا طلقها بالطلاق الرجعي فلا يجوز له تزويج أخرى إلا بعد انقضاء عدة الأولى.

[مسألة: 13 إذا طلق الرجل حرا كان أو عبدا زوجته الحرة ثلاث طلقات لم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه]

مسألة: 13 إذا طلق الرجل حرا كان أو عبدا زوجته الحرة ثلاث طلقات لم يتخلل بينها نكاح رجل آخر حرمت عليه، و لا يجوز له نكاحها حتى تنكح زوجا غيره بالشروط الآتية في كتاب الطلاق، و كذا إذا طلق زوجته غير الحرة طلقتين لم يتخلل بينهما نكاح رجل آخر، و إذا طلقها تسعا للعدة بتخلل محللين في البين- بأن نكحت غير المطلق بعد الثلاثة الاولى و الثانية- حرمت عليه ابدا. و كيفية وقوع تسع طلقات للعدة أن يطلقها بالشرائط ثم يراجعها في العدة و يطأها، ثم يطلقها في طهر آخر ثم يراجع ثم يطأ، ثم يطلقها الثالثة ثم ينكحها بعد عدتها زوج آخر، ثم يفارقها بعد أن يطأها ثم يتزوجها الأول بعد عدتها، ثم يوقع عليها ثلاث طلقات مثل ما أوقع أولا، ثم ينكحها زوج آخر و يطأها ثم يفارقها و يتزوجها الأول و يوقع عليها ثلاث طلقات أخرى، الى ان يكمل لها تسعا تخلل بينها نكاح رجلين، فتحرم عليه في التاسعة أبدا. و سيجي ء تفاصيل هذه المسائل في كتاب الطلاق إن شاء اللّٰه تعالى.

[القول في الكفر]

اشارة

القول في الكفر:

لا يجوز للمسلمة أن تنكح الكافر دواما و انقطاعا، سواء كان أصليا حربيا كان أو كتابيا أو كان مرتدا عن فطرة كان أو عن ملة، و كذا لا يجوز للمسلم تزويج غير الكتابية من أصناف الكفار و لا المرتدة عن فطرة كانت أو ملة. و اما الكتابية من اليهودية و النصرانية ففيه أقوال، أشهرها المنع في النكاح الدائم و الجواز في المنقطع، و قيل بالمنع مطلقا، و قيل بالجواز كذلك، و هو لا يخلو من قوة على كراهية خصوصا في الدائم، بل الاحتياط فيه لا يترك ان استطاع نكاح المسلمة.

ص: 192

[مسألة: 1 الأقوى ان المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية]

مسألة: 1 الأقوى (1) ان المجوسية بحكم اليهودية و النصرانية، و اما الصابئة ففيها اشكال حيث انه لم يتحقق عندنا إلى الان حقيقة دينهم، فان تحقق أنهم طائفة من النصارى كما قيل كانوا بحكمهم.

[مسألة: 2 العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا]

مسألة: 2 العقد الواقع بين الكفار لو وقع صحيحا عندهم و على طبق مذهبهم يرتب عليه آثار الصحيح عندنا، سواء كان الزوجان كتابيين أو وثنيين أو مختلفين، حتى انه لو أسلما معا دفعة أقرا على نكاحهما الأول و لم يحتج الى عقد جديد على طبق مذهبنا، بل و كذا لو أسلم أحدهما أيضا في بعض الصور الآتية. نعم لو كان نكاحهم مشتملا على ما يقتضي الفساد ابتداء و استدامة كنكاح احدى المحرمات عينا أو جمعا جرى عليه بعد الإسلام حكم الإسلام.

[مسألة: 3 إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول]

مسألة: 3 إذا أسلم زوج الكتابية بقيا على نكاحهما الأول، سواء كان كتابيا أو وثنيا، و سواء كان إسلامه قبل الدخول أو بعده. و إذا أسلم زوج الوثنية وثنيا كان أو كتابيا، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال و ان كان بعده ينتظر انقضاء العدة (2)، فإن أسلمت الزوجة قبل انقضائها بقيا على نكاحهما و الا انفسخ النكاح، بمعنى انه يتبين انفساخه من حين إسلام الزوج.

[مسألة: 4 إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية]

مسألة: 4 إذا أسلمت زوجة الوثني أو الكتابي وثنية كانت أو كتابية، فان كان قبل الدخول انفسخ النكاح في الحال، و ان كان بعده وقف على انقضاء العدة، فإن أسلم قبل انقضائها فهي امرأته و الا بان أنها بانت منه حين إسلامها.

[مسألة: 5 لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال]

مسألة: 5 لو ارتد أحد الزوجين أو ارتدا معا دفعة قبل الدخول وقع الانفساخ في الحال، سواء كان الارتداد عن فطرة أو ملة، و كذا بعد الدخول إذا كان الارتداد


1- بل الأحوط فيهم ترك النكاح الا بملك اليمين.
2- لكن يفرق بينهما حتى يعلم الحال، و كذا في نظائره من الفروع الآتية في نكاح المنفسخ.

ص: 193

من الزوج و كان عن فطرة، و اما ان كان ارتداده عن ملة أو كان الارتداد من الزوجة مطلقا وقف الفسخ على انقضاء العدة، فإن رجع أو رجعت قبل انقضائها كانت زوجته و الا انكشف انها بانت منه عند الارتداد.

[مسألة: 6 العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق]

مسألة: 6 العدة في ارتداد الزوج عن فطرة كالوفاة و في غيره كالطلاق.

[مسألة: 7 لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام]

مسألة: 7 لا يجوز للمؤمنة أن تنكح الناصب المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام، و لا الغالي المعتقد بألوهيتهم أو نبوتهم، و كذا لا يجوز للمؤمن أن ينكح الناصبة و الغالية لأنهما بحكم الكفار و ان انتحلا دين الإسلام.

[مسألة: 8 لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة]

مسألة: 8 لا إشكال في جواز نكاح المؤمن المخالفة غير الناصبة، و اما نكاح المؤمنة المخالف غير الناصب ففيه خلاف: الجوار مع الكراهة لا يخلو من قوة، و حيث أنه نسب الى المشهور عدم الجواز فلا ينبغي ترك الاحتياط مهما أمكن.

[مسألة: 9 لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة]

مسألة: 9 لا يشترط في صحة النكاح تمكن الزوج من النفقة. نعم لو زوج الصغيرة وليها بغير القادر عليها لم يلزم العقد عليها فلها الرد بعد كمالها، لما مر من أنه يعتبر في نفوذ عقد الولي على المولى عليه عدم المفسدة، و لا ريب أن هذا مفسدة و أي مفسدة إلا إذا زوحمت بمصلحة غالبة عليها.

[مسألة: 10 بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه]

مسألة: 10 بعد ما لم يكن التمكن من النفقة شرطا لصحة العقد و لا لزومه، فلو كان متمكنا منها حين العقد ثم تجدد العجز عنها بعد ذلك لم يكن لها التسلط على الفسخ لا بنفسها و لا بالحاكم على الأقوى. نعم لو كان ممتنعا عن الإنفاق مع اليسار و رفعت أمرها إلى الحاكم ألزمه بأحد الأمرين اما الإنفاق أو الطلاق، فإذا امتنع عن الأمرين و لم يمكن الإنفاق من ماله و لا إجباره بالطلاق فالظاهر أن للحاكم ان يطلقها إن أرادت الطلاق.

[مسألة: 11 لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد و العربية بالعجمي]

مسألة: 11 لا إشكال في جواز تزويج الحرة بالعبد و العربية بالعجمي

ص: 194

و الهاشمية بغير الهاشمي و بالعكس، و كذا ذوات البيوتات الشريفة بأرباب الصنائع الدنيئة كالكناس و الحجام و نحوهما، لان المسلم كفؤ المسلمة و المؤمن كفؤ المؤمنة و المؤمنون بعضهم أكفاء بعض كما في الخبر. نعم يكره التزويج بالفاسق خصوصا شارب الخمر و الزاني كما مر.

[مسألة: 12 و مما يوجب الحرمة الأبدية التزويج حال الإحرام دواما أو انقطاعا]

مسألة: 12 و مما يوجب الحرمة الأبدية التزويج حال الإحرام دواما أو انقطاعا، سواء كانت المرأة محرمة أو محلة، و سواء كان إيقاع التزويج له بمباشرته أو بتوكيل الغير محرما كان الوكيل أو محلا، كان التوكيل قبل الإحرام أو حاله.

هذا مع العلم بالحرمة، و أما مع جهله بها و ان بطل النكاح في جميع الصور المذكورة لكن لا يوجب الحرمة الأبدية.

[مسألة: 13 لا فرق فيما ذكر من التحريم مع العلم و البطلان مع الجهل بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو مندوب]

مسألة: 13 لا فرق فيما ذكر من التحريم مع العلم و البطلان مع الجهل بين أن يكون الإحرام لحج واجب أو مندوب أو لعمرة واجبة أو مندوبة، و لا بين أن يكون حجه و عمرته لنفسه أو نيابة عن غيره.

[مسألة: 14 لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة و كان الزوج محلا فهل يوجب الحرمة الأبدية بينهما؟]

مسألة: 14 لو كانت الزوجة محرمة عالمة بالحرمة و كان الزوج محلا فهل يوجب الحرمة الأبدية بينهما؟ قولان أحوطهما ذلك، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 15 يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية]

مسألة: 15 يجوز للمحرم الرجوع في الطلاق في العدة الرجعية، و كذا يجوز له أن يوكل محلا في أن يزوج له بعد إحلاله، بل و كذا ان يوكل محرما في ان يزوج له بعد احلالهما.

[مسألة: 16 و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه]

مسألة: 16 و من أسباب التحريم اللعان بشروطه المذكورة في بابه، بأن يرميها بالزنا و يدعي المشاهدة بلا بينة أو ينفي ولدها الجامع لشرائط الإلحاق به، و تنكر ذلك و رفعا أمرهما إلى الحاكم فيأمرهما بالملاعنة بالكيفية الخاصة، فإذا تلاعنا سقط عنه حد القذف و عنها حد الزنا و انتفى الولد عنه و حرمت عليه مؤبدا.

ص: 195

[مسألة: 17 نكاح الشغار باطل]

مسألة: 17 نكاح الشغار باطل، و هو أن تتزوج امرأتان برجلين على أن يكون مهر كل واحدة منهما نكاح الأخرى و لا يكون بينهما مهر غير النكاحين و التزويجين، مثل ان يقول أحد الرجلين للآخر زوجتك بنتي أو أختي على أن تزوجني بنتك أو أختك و يكون صداق كل منهما نكاح الأخرى، و يقول الأخر قبلت و زوجتك بنتي أو أختي هكذا. و اما لو زوج إحداهما الأخر بمهر معلوم و شرط عليه أن يزوجه الأخرى بمهر معلوم فصح العقدان، مثل أن يقول زوجتك بنتي أو أختي على صداق مائة دينار على أن تزوجني أختك أو بنتك هكذا، و يقول الأخر قبلت و زوجتك بنتي أو أختي على مائة دينار. بل و كذا لو شرط ان يزوجه الأخرى و لم يذكر مهرا أصلا، مثل ان يقول زوجتك بنتي على ان تزوجني بنتك، فقال قبلت و زوجتك بنتي، فإنه يصح العقدان، لكن حيث انه لم يذكر المهر تستحق كل منهما مهر المثل، كما يأتي في محله من أن ذكر المهر ليس شرطا في صحة النكاح الدائم و انهما تستحق المرأة مهر المثل لو لم يذكر المهر.

[القول في النكاح المنقطع]

اشارة

القول في النكاح المنقطع:

و يقال له المتعة و النكاح المؤجل.

[مسألة: 1 النكاح المنقطع كالدائم في انه يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين]

مسألة: 1 النكاح المنقطع كالدائم في انه يحتاج الى عقد مشتمل على إيجاب و قبول لفظيين و انه لا يكفي مجرد الرضا القلبي من الطرفين و لا المعاطاة و لا الكتابة و لا الإشارة، و في اعتبار العربية و في كون الإيجاب من طرف الزوجة كما فصل ذلك كله فيما سبق.

[مسألة: 2 ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متعت» و «زوجت» و «أنكحت»،]

مسألة: 2 ألفاظ الإيجاب في هذا العقد ثلاثة «متعت» و «زوجت» و «أنكحت»، أيها حصل وقع الإيجاب به، و لا ينعقد بغيرها كلفظ التمليك و الهبة و الإجارة. و القبول كل لفظ دال على إنشاء الرضا بذلك الإيجاب كقوله «قبلت المتعة»

ص: 196

أو «التزويج» أو «النكاح»، و لو قال «قبلت» أو «رضيت» و اقتصر كفى. و لو بدأ بالقبول فقال تزوجتك فقال زوجتك نفسي صح.

[مسألة: 3 لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه]

مسألة: 3 لا يجوز تمتع المسلمة بالكافر بجميع أصنافه، و كذا لا يجوز تمتع المسلم بغير الكتابية من أصناف الكفار و لا بالمرتدة و لا بالناصبية المعلنة بالعداوة كالخارجية.

[مسألة: 4 لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها]

مسألة: 4 لا يتمتع بأمة و عنده حرة إلا بإذنها، و لو فعل وقف على إجازتها، و كذا لا يدخل على العمة بنت أخيها و لا على الخالة بنت أختها إلا بإذنهما أو إجازتهما، و كذا لا يجمع بين الأختين.

[مسألة: 5 يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر]

مسألة: 5 يشترط في النكاح المنقطع ذكر المهر، فلو أخل به بطل. و يعتبر فيه أن يكون مما يتمول، سواء كان عينا خارجيا أو كليا في الذمة أو منفعة و عملا محللا صالحا للعوضية، بل و حقا من الحقوق المالية كحق التحجير و نحوه، و أن يكون معلوما بالكيل أو الوزن في المكيل و الموزون و العد في المعدود أو المشاهدة أو الوصف الرافعين للجهالة، و يتقدر بالمراضاة قل أو كثر، و لو كان كفا من طعام.

[مسألة: 6 تملك المتمتعة المهر بالعقد، فيلزم عليه دفعه إليها بعده لو طالبته]

مسألة: 6 تملك المتمتعة المهر بالعقد، فيلزم عليه دفعه إليها بعده لو طالبته، و ان كان استقراره بالتمام مراعى بالدخول و وفائها بالتمكين في تمام المدة، فلو وهبها المدة فإن كان قبل الدخول لزمه نصف المهر، و ان كان بعده لزمه الجميع، و ان مضت من المدة ساعة و بقيت منها شهور أو أعوام فلا يسقط المهر على ما مضى منها و ما بقي.

نعم لو لم يهب المدة و لكنها لم تف بها و لم تمكنه من نفسها في تمامها كان له أن يضع من المهر بنسبتها، ان نصفا فنصف و ان ثلثا فثلث و هكذا ما عدا أيام حيضها، فلا ينقص لها شي ء من المهر. و في إلحاق سائر الأعذار كالمرض المدنف و نحوه بها أو عدمه وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان، و الأحوط التصالح (1).


1- لا يترك

ص: 197

[مسألة: 7 لو أوقع العقد و لم يدخل بها حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر]

مسألة: 7 لو أوقع العقد و لم يدخل بها (1) حتى انقضت المدة استقر عليه تمام المهر.

[مسألة: 8 لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها مثلا]

مسألة: 8 لو تبين فساد العقد- بأن ظهر لها زوج أو كانت أخت زوجته أو أمها مثلا و لم يدخل بها- فلا مهر لها، و لو قبضته كان له استعادته، بل لو تلف كان عليها بدله.

و كذا ان دخل بها و كانت عالمة بالفساد، و أما ان كانت جاهلة فلها مهر المثل، فان كان ما أخذت أزيد منه استعاد الزائد و ان كان أقل أكمله.

[مسألة: 9 يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل]

مسألة: 9 يشترط في النكاح المنقطع ذكر الأجل، فلو لم يذكره متعمدا أو نسيانا بطل متعة و انعقد دائما على اشكال (2). و تقدير الأجل إليهما طال أو قصر، و لا بد أن يكون معينا بالزمان محروسا من الزيادة و النقصان، و لو قدره بالمرة أو مرتين من دون أن يقدره بزمان بطل متعة و انعقد دائما، و فيه الاشكال المتقدم، بل هنا أشكل (3).

[مسألة: 10 إذا قالت زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد]

مسألة: 10 إذا قالت زوجتك نفسي إلى شهر أو شهرا مثلا و أطلقت اقتضى الاتصال بالعقد، و هل يجوز أن تجعل المدة منفصلا عن العقد، بأن تعين المدة شهرا مثلا و يجعل مبدأه بعد شهر من حين وقوع العقد أم لا؟ قولان أحوطهما الثاني، بل لا يخلو من قوة.

[مسألة: 11 لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة]

مسألة: 11 لا يصح تجديد العقد عليها دائما و منقطعا قبل انقضاء الأجل أو بذل المدة، فلو كانت المدة شهرا و أراد أن تكون شهرين لا بد أن يهبها المدة ثم يعقد عليها و يجعل المدة شهرين، و لا يجوز أن يعقد عليها عقدا آخر و يجعل المدة شهرا بعد الشهر الأول حتى يصير المجموع شهرين.


1- و كان القصور من قبله.
2- غير وجيه.
3- لا يترك الاحتياط بالجمع بين هبة المدة و الطلاق ثم تجديد العقد على ما تراضيا عليه من المتعة أو الدائم، و في حكم هبة المدة انقضاؤها.

ص: 198

[مسألة: 12 يجوز أن يشترط عليها و عليه الإتيان ليلا أو نهارا]

مسألة: 12 يجوز أن يشترط عليها و عليه الإتيان ليلا أو نهارا، و ان يشترط المرة أو المرات مع تعيين المدة بالزمان.

[مسألة: 13 يجوز العزل للمتمتع من دون اذنها و ان قلنا بعدم جوازه في الدائم]

مسألة: 13 يجوز العزل للمتمتع من دون اذنها و ان قلنا بعدم جوازه في الدائم، و لكن يلحق به الولد لو حملت و ان عزل لاحتمال سبق المني من غير تنبه، و لو نفاه عن نفسه انتفى ظاهرا (1) و لم يفتقر الى اللعان، و لكن لا يجوز له النفي بينه و بين اللّٰه الا مع العلم بالانتفاء.

[مسألة: 14 لا يقع بها طلاق و انما تبين بانقضاء المدة أو هبتها، و لا رجوع له بعد ذلك]

مسألة: 14 لا يقع بها طلاق و انما تبين بانقضاء المدة أو هبتها، و لا رجوع له بعد ذلك.

[مسألة: 15 لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين]

مسألة: 15 لا يثبت بهذا العقد توارث بين الزوجين، و لو شرطا التوارث أو توريث أحدهما فالظاهر التوريث على حسب شرطهما، و ان كان الأحوط التصالح مع باقي الورثة.

[مسألة: 16 إذا انقضى أجلها أو وهب مدتها قبل الدخول فلا عدة عليها]

مسألة: 16 إذا انقضى أجلها أو وهب مدتها قبل الدخول فلا عدة عليها، و ان كان بعده لم تكن غير بالغة و لا يائسة فعليها العدة، و عدتها على الأشهر الأظهر حيضتان ان كانت في سن من تحيض و لا تحيض فعدتها خمسة و أربعون يوما. و الظاهر اعتبار حيضتين تامتين، فلو انقضى الأجل أو وهب المدة في أثناء الحيض لم يحسب تلك الحيضة منها، بل لا بد من حيضتين تامتين بعد ذلك. هذا فيما إذا كانت حائلا، و اما لو كانت حاملا فعدتها الى ان تضع حملها كالمطلقة على اشكال، فالأحوط مراعاة أبعد الأجلين من وضع الحمل و من انقضاء خمسة و أربعين يوما أو حيضتين. و اما عدتها من الوفاة فهي أربعة أشهر و عشرة أيام ان كانت حائلا، و أبعد الأجلين منها و من وضع حملها ان كانت حاملا كالدائمة.

[مسألة: 17 يستحب ان تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة]

مسألة: 17 يستحب ان تكون المتمتع بها مؤمنة عفيفة، و السؤال عن حالها


1- مع احتمال صدقه.

ص: 199

و انها ذات بعل أو ذات عدة أم لا، و ليس السؤال و الفحص عن حالها شرطا في الصحة.

[مسألة: 18 يجوز التمتع بالزانية على كراهية، خصوصا لو كانت من العواهر]

مسألة: 18 يجوز التمتع بالزانية على كراهية، خصوصا لو كانت من العواهر و المشهورات بالزنا (1) و ان فعل فليمنعها من الفجور.

[القول في نكاح العبيد و الإماء]

اشارة

القول في نكاح العبيد و الإماء:

[مسألة: 1 لا يجوز للعبد و لا للأمة أن يتزوجا بدون اذن المولى]

مسألة: 1 لا يجوز للعبد و لا للأمة أن يتزوجا بدون اذن المولى، فلو تزوجا من غير اذنه وقف على إجازته، فإذا أجاز جاز و لو رد ثم أجاز أو العكس لا أثر للتالي، و لو كان العبد و الأمة لمالكين أو أكثر وقف على اذن الجميع أو إجازتهم، فلو أذن أو أجاز بعضهم دون بعض بطل النكاح.

[مسألة: 2 للسيد تزويج عبده بحرة أو امة]

مسألة: 2 للسيد تزويج عبده بحرة أو امة، و كذا تزويج أمته بحر أو عبد قهرا عليهما، و لو كانا مبغضين توقف صحته على رضاهما و اذن السيد معا، و ليس له إجبارهما.

[مسألة: 3 لو اذن المولى عبده في التزويج كان عليه المهر و نفقة زوجته]

مسألة: 3 لو اذن المولى عبده في التزويج كان عليه المهر و نفقة زوجته.

نعم ان عين كون المهر في ذمة العبد تعين و يتبع به بعد العتق (2).

[مسألة: 4 مهر الأمة المزوجة للمولى]

مسألة: 4 مهر الأمة المزوجة للمولى، سواء كان هو المباشر لتزويجها أو هي بإذنه أو إجازته و نفقتها على الزوج و للمولى استخدامها بما لا ينافي حق الزوج.

[مسألة: 5 يجوز للمولى تزويج أمته من عبده قهرا عليهما و له بعد ذلك التفريق بينهما]

مسألة: 5 يجوز للمولى تزويج أمته من عبده قهرا عليهما و له بعد ذلك التفريق بينهما، و لا يحتاج الى الطلاق بل يكفي أن يأمرهما بالمفارقة و الاعتزال.


1- الأحوط في المشهورات الترك الا بعد التوبة.
2- سلطنة المولى على اشغال ذمة العبد مستقلا بحيث يتبع به بعد العتق محل اشكال بل منع و لو مع رضاه، لان رضاه غير مؤثر في شي ء و سلطنة المولى محدودة بحدود ملكه، و لا معنى لعهدة العبد إلا عهدة المولى.

ص: 200

[مسألة: 6 لا يجوز للمولى وطي أمته المزوجة و لو من عبده حتى يفارقها و تخرج من العدة]

مسألة: 6 لا يجوز للمولى وطي أمته المزوجة و لو من عبده حتى يفارقها و تخرج من العدة، بل لا يجوز له النظر منها الى ما لا يجوز لغير الزوج و المالك فضلا عن سائر الاستمتاعات بها كاللمس و القبلة على الأحوط لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 7 المتولد بين الرقين رق]

مسألة: 7 المتولد بين الرقين رق، سواء كان عن نكاح صحيح أو شبهة أو عن زنا من طرف واحد أو طرفين، فان كان العبد و الأمة لمالك واحد فالولد له، و ان كان كل منهما لمالك فالولد بينهما بالسوية إلا إذا كان الولد عن زنا من طرف العبد، فان الولد لمالك الأمة، سواء كان من طرفها زنا أو شبهة.

[مسألة: 8 إذا أوقع المالكان العقد بين العبد و الأمة و شرطا أن يكون الولد لأحدهما دون الأخر]

مسألة: 8 إذا أوقع المالكان العقد بين العبد و الأمة و شرطا أن يكون الولد لأحدهما دون الأخر أو كان نصيب أحدهما منه أزيد من الأخر- بأن يكون له ثلثاه و للآخر ثلث مثلا- صح الشرط و لزم.

[مسألة: 9 إذا كان أحد أبوي الولد حرا فالولد حر]

مسألة: 9 إذا كان أحد أبوي الولد حرا فالولد حر، و إذا شرط مالك العبد أو الأمة في ضمن العقد كونه رقا له فالمشهور صحة الشرط (1) و لزومه، و هو لا يخلو من قوة و ان لم يخل من اشكال.

[مسألة: 10 إذا زنى العبد بحرة فالولد حر و ان كانت هي أيضا زانية]

مسألة: 10 إذا زنى العبد بحرة فالولد حر و ان كانت هي أيضا زانية، بخلاف ما لو زنى حر بأمة الغير فان الولد رق لمولاها و ان كانت هي أيضا زانية، و كذا لو زنى عبد شخص بأمة الغير فان الولد لمولاها.

[مسألة: 11 إذا أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ نكاحها و ان كانت تحت حر على الأقوى]

مسألة: 11 إذا أعتقت الأمة المزوجة كان لها فسخ نكاحها و ان كانت تحت حر على الأقوى، سواء كان نكاحها دائما أو منقطعا، و سواء كان قبل الدخول أو بعده، و هذا الخيار على الفور على الأحوط (2) فورا عرفيا. نعم لو كانت جاهلة بالعتق أو


1- و الأقوى بطلان الشرط و صحة العقد و ان كان الشرط في ضمنه.
2- فلا يترك الاحتياط بترك الفسخ مع التراخي و ترك الازدواج بعد الفسخ مع التراخي إلا بعد الطلاق.

ص: 201

الخيار أو الفورية جاز لها الفسخ بعد العلم و لا يضره التأخير الواقع من جهة الجهل بأحدها.

[مسألة: 12 يجوز للمولى تحليل أمته للغير في وطيها و سائر الاستمتاعات منها]

مسألة: 12 يجوز للمولى تحليل أمته للغير في وطيها و سائر الاستمتاعات منها، و لو اقتصر على بعضها كالنظر أو التقبيل أو اللمس مثلا لا يستبيح غيره. نعم لو أحل له الوطي حل له ما دونه (1) من ضروب الاستمتاع لكن لا يحل بذلك استخدامها.

[مسألة: 13 لا يكفي في التحليل مجرد التراضي و التعاطي]

مسألة: 13 لا يكفي في التحليل مجرد التراضي و التعاطي، بل يحتاج إلى الصيغة، بأن يقول «أحللت لك وطيها» أو «جعلتك في حل من وطيها» مثلا. و الأقوى جواز إيقاعه بلفظ الإباحة، بأن يقول «أبحت لك وطيها» مثلا، بل عدم اعتبار لفظ مخصوص و كفاية كل لفظ أفاد المقصود بحسب متفاهم العرف لا يخلو من قوة، بل الظاهر عدم اعتبار العربية أيضا.

[مسألة: 14 المحللة للوطي كالمزوجة على الأحوط لو لم يكن أقوى]

مسألة: 14 المحللة للوطي كالمزوجة (2) على الأحوط لو لم يكن أقوى، فلا يجوز للمولى وطيها و لا سائر الاستمتاعات بها، و أما المحللة لغير الوطي فالظاهر جواز وطيها للمالك فضلا عن النظر و سائر الاستمتاعات، الا أن الأحوط خلافه، خصوصا في الوطي، بل الاحتياط فيه لا يترك.

[القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ و التدليس]

اشارة

القول في العيوب الموجبة لخيار الفسخ و التدليس:

و هي قسمان مشترك و مختص:

اما المشترك فهو الجنون، و هو اختلال العقل، و ليس منه الإغماء و مرض


1- الكلية ممنوعة، فإذا أحل له الوطي في القبل لا يجوز له الوطي في الدبر و كذا العكس. نعم يحل بتحليل أحدهما ما هو الملازم له عادة مثل النظر و اللمس و القبلة و الملاعبة.
2- يحرم للمولى وطي المحللة بعد الدخول لأنها معتدة، و اما قبله فله وطيها و الرجوع من الاذن.

ص: 202

الصرع الموجب لعروض الحالة المعهودة في بعض الأوقات، و لكل من الزوجين فسخ النكاح بجنون صاحبه في الرجل مطلقا، سواء كان جنونه قبل العقد مع جهل المرأة به أو حدث بعده (1) قبل الوطي أو بعده، و أما في المرأة ففيما إذا كان جنونها قبل العقد و لم يعلم الرجل دون ما إذا طرأ بعده. و لا فرق في الجنون الموجب للخيار بين المطبق و الأدوار و ان وقع العقد حال إفاقته، كما أن الظاهر عدم الفرق في الحكم بين النكاح الدائم و المنقطع.

و اما المختص: فأما المختص بالرجل فثلاثة: الخصاء و هو سل الأنثيين أو رضهما، و تفسخ به المرأة مع سبقه على العقد و عدم علمها به. و الجب و هو قطع الذكر، بشرط أن لا يبقى منه ما يمكن معه الوطي و لو قدر الحشفة و تفسخ به المرأة، سواء سبق العقد أو لحقه بشرط كونه قبل الوطي لا بعده. و العنن و هو مرض تضعف معه الإله عن الانتشار بحيث يعجز عن الإيلاج، و هو سبب لتسلط المرأة على الفسخ بشرط عجزه عن الوطي بها و غيرها، فلو لم يقدر على وطيها و قدر على وطي غيرها لا خيار لها، و يثبت به الخيار سواء سبق العقد أو تجدد بعده، لكن بشرط أن لم يقع منه وطيها و لو مرة، فلو وطأها ثم حدثت به العنة بحيث لم يقدر على الوطي بالمرة فلا خيار لها.

و أما المختص بالمرأة فستة: البرص، و الجذام، و الإفضاء و قد مر تفسيره فيما سبق. و القرن و يقال له العفل، و هو لحم (2) ينبت في فم الرحم يمنع من الوطي (3).

و العرج البين و ان لم يبلغ حد الإقعاد و الزمانة على الأظهر. و العمى و هو ذهاب البصر عن العينين و ان كانتا مفتوحتين. و لا اعتبار بالعور و لا بالعشا، و هي علة في


1- هذا إذا كان لا يعرف أوقات الصلاة و الا فلا يترك الاحتياط بضم الطلاق إذا فسخ.
2- أو عظم كالسن.
3- بل و ان لم يمنع إذا أوجب الانقباض و الانزجار لعدم تكميل التذاذ الوطي بسببه على الظاهر و ان كان الأحوط عدم الفسخ لذلك.

ص: 203

العين لا يبصر في الليل و يبصر بالنهار، و لا بالعمش و هو ضعف الرؤية مع سيلان الدمع في غالب الأوقات.

[مسألة: 1 إنما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبين وجودها قبل العقد]

مسألة: 1 إنما يفسخ العقد بعيوب المرأة إذا تبين وجودها قبل العقد، و أما ما يتجدد بعده فلا اعتبار به، سواء كان قبل الوطي أو بعده.

[مسألة: 2 ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف الرجل و لا من طرف المرأة]

مسألة: 2 ليس العقم من العيوب الموجبة للخيار لا من طرف الرجل و لا من طرف المرأة.

[مسألة: 3 ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة عند المشهور]

مسألة: 3 ليس الجذام و البرص من عيوب الرجل الموجبة لخيار المرأة عند المشهور (1)، و قيل بكونهما منها، فهما من العيوب المشتركة بين الرجل و المرأة.

و هو ليس ببعيد، لكن لا يترك الاحتياط من طرف الزوجة بإرضاء الزوج بالطلاق و من طرف الزوج بتطليقها إذا أرادت الفسخ و فسخت النكاح.

[مسألة: 4 خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور]

مسألة: 4 خيار الفسخ في كل من الرجل و المرأة على الفور، فلو علم الرجل أو المرأة بالعيب فلم يبادرا بالفسخ لزم العقد. نعم الظاهر أن الجهل بالخيار بل و الفورية عذر، فلو كان عدم المبادرة بالفسخ من جهة الجهل بأحدهما لم يسقط بالخيار.

[مسألة: 5 إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين إذا لم يكن لمدعيه بينة]

مسألة: 5 إذا اختلفا في العيب فالقول قول منكره مع اليمين إذا لم يكن لمدعيه بينة، و يثبت بها العيب حتى العنن (2) على الأقوى، كما أنه يثبت كل عيب بإقرار صاحبه أو البينة على إقراره، و كذا يثبت باليمين المردودة على المدعي و نكول المنكر عن اليمين (3) كسائر الدعاوي، و تثبت العيوب الباطنة للنساء بشهادة أربع نسوة عادلات كما في نظائرها.

[مسألة: 6 إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذكورة]

مسألة: 6 إذا ثبت عنن الرجل بأحد الوجوه المذكورة، فإن صبرت فلا كلام و ان لم تصبر و رفعت أمرها إلى حاكم الشرع لاستخلاص نفسها منه أجلها سنة كاملة من حين المرافعة، فإن واقعها أو واقع غيرها في أثناء هذه المدة فلا خيار لها، و الا


1- و هو الأقوى.
2- إذا فرض علم البينة به و ان كان الفرض نادرا.
3- بناء على ثبوت الدعوى به.

ص: 204

كان لها الفسخ فورا عرفيا، و ان لم تبادر بالفسخ فان كان بسبب جهلها بالخيار أو فوريته لم يضر كما مر و الا سقط خيارها، و كذا ان رضيت أن تقيم معه ثم طلبت الفسخ بعد ذلك فإنه ليس لها ذلك.

[مسألة: 7 الفسخ بالعيب ليس بطلاق، سواء وقع من الزوج أو الزوجة]

مسألة: 7 الفسخ بالعيب ليس بطلاق، سواء وقع من الزوج أو الزوجة، فليس له احكامه و لا يترتب عليه لوازمه و لا يعتبر فيه شروطه، فلا يحسب من الثلاثة المحرمة المحتاجة إلى المحلل، و لا يعتبر فيه الخلو من الحيض و النفاس و لا حضور العدلين.

[مسألة: 8 يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون اذن الحاكم]

مسألة: 8 يجوز للرجل الفسخ بعيب المرأة من دون اذن الحاكم، و كذا المرأة بعيب الرجل. نعم مع ثبوت العنن يفتقر الى الحاكم، لكن من جهة ضرب الأجل حيث أنه من وظائفه لا من جهة نفوذ فسخها، فبعد ما ضرب الأجل لها كان لها التفرد بالفسخ عند انقضائه و تعذر الوطي في المدة من دون مراجعته.

[مسألة: 9 إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها]

مسألة: 9 إذا فسخ الرجل بأحد عيوب المرأة، فإن كان قبل الدخول فلا مهر لها، و ان كان بعده استقر عليه المهر المسمى. و كذا الحال فيما إذا فسخت المرأة بعيب الرجل، فتستحق تمام المهر ان كان بعد الدخول، و ان كان قبله لم تستحق شيئا إلا في العنن فإنها تستحق عليه فيه نصف المهر المسمى.

[مسألة: 10 إذا دلست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار و تبين له بعد الدخول]

مسألة: 10 إذا دلست المرأة نفسها على الرجل في أحد عيوبها الموجبة للخيار و تبين له بعد الدخول، فان اختار البقاء فعليه تمام المهر كما مر، و ان اختار الفسخ لم تستحق المهر، و ان دفعه إليها استعاده، و ان كان المدلس غير الزوجة فالمهر المسمى- و ان استقر على الزوج بالدخول و استحقت عليه الزوجة- الا أنه بعد ما دفعه إليها يرجع به على المدلس و يأخذه منه.

[مسألة: 11 يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج للتزويج]

مسألة: 11 يتحقق التدليس بتوصيف المرأة بالصحة عند الزوج للتزويج بحيث صار ذلك سببا لغروره و انخداعه، فلا يتحقق بالاخبار لا للتزويج أو لغير الزوج و الظاهر تحققه أيضا بالسكوت عن العيب مع العلم به و خفائه على الزوج و اعتقاده بالعدم.

ص: 205

[مسألة: 12 من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند اليه التزويج من وليها الشرعي أو العرفي]

مسألة: 12 من يكون تدليسه موجبا للرجوع عليه بالمهر هو الذي يسند اليه التزويج من وليها الشرعي أو العرفي (1) كأبيها وجدها و أمها و أخيها الكبير و عمها و خالها ممن لا تصدر الا عن رأيهم و يتصدون تزويجها و ترجع إليهم فيه في العرف و العادة، و مثلهم على الظاهر بعض الأجانب ممن له شدة علاقة و ارتباط بها بحيث لا تصدر الا عن رأيه و يكون هو المرجع في أمورها المهمة و يركن اليه فيما يتعلق بها، بل لا يبعد أن يلحق بمن ذكر الغير (2) الذي يراود عند الطرفين و يعالج في إيجاد وسائل الايتلاف في البين.

[مسألة: 13 كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص]

مسألة: 13 كما يتحقق التدليس في العيوب الموجبة للخيار كالجنون و العمى و غيرهما، كذلك يتحقق في مطلق النقص كالعور و نحوه باخفائه، و كذا في صفات الكمال كالشرف و الحسب و النسب و الجمال و البكارة و غيرها بتوصيفها بها مع فقدانها، و لا أثر للأول- أي التدليس في العيوب الموجبة للخيار- الا رجوع الزوج على المدلس بالمهر كما مر، و أما الخيار فإنما هو بسبب نفس وجود العيب. و أما الثاني- و هو التدليس في سائر أنواع النقص و في صفة الكمال- فهو موجب للخيار إذا كان عدم النقص أو وجود صفة الكمال مذكورين في العقد بنحو الاشتراط. و يلحق به توصيفها به في العقد و ان لم يكن بعبارة الاشتراط، كما إذا قال «زوجتك هذه البنت الباكرة أو غير الثيبة»، بل الظاهر أنه إذا وصفها بصفتي الكمال أو عدم النقص قبل العقد عند الخطبة و المقاولة ثم أوقع العقد مبنيا على ما ذكر (3) كان بمنزلة الاشتراط فيوجب الخيار. و إذا تبين ذلك بعد العقد و الدخول و اختار الفسخ و دفع المهر رجع به على المدلس.

[مسألة: 14 ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليها عن النقص مع وجوده]

مسألة: 14 ليس من التدليس الموجب للخيار سكوت الزوجة أو وليها عن النقص مع وجوده و اعتقاد الزوج عدمه في غير العيوب الموجبة للخيار، و أولى بذلك


1- بحيث عد كالمذكور في العقد.
2- بحيث عد كالمذكور في العقد.
3- إذا أسند التقرير اليه.

ص: 206

سكوتهما عن فقد صفة الكمال مع اعتقاد الزوج وجودها.

[مسألة: 15 لو تزوج امرأة على أنها حرة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من اشتراط الحرية في العقد]

مسألة: 15 لو تزوج امرأة على أنها حرة بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة من اشتراط الحرية في العقد أو توصيفها بها أو إيقاع العقد بانيا عليها فبانت امة مع اذن السيد أو إجازته كان له الفسخ، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، و لها المهر تماما لو كان الفسخ بعده، و كان المهر لمولى الأمة، و يرجع الزوج به على المدلس. و كذا لو تزوجت المرأة برجل على أنه حر فبان مملوكا كان لها الفسخ قبل الدخول و بعده، و لا مهر لها مع الفسخ قبل الدخول، و لها المهر المسمى لو فسخت بعده.

[مسألة: 16 لو تزوج امرأة على أنها بكر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ]

مسألة: 16 لو تزوج امرأة على أنها بكر بأحد الوجوه الثلاثة المتقدمة فوجدها ثيبا لم يكن له الفسخ إلا إذا ثبت بالإقرار أو البينة سبق ذلك على العقد فحينئذ كان له الفسخ. نعم لو تزوجها باعتقاد البكارة و لم يكن اشتراط و لا توصيف و اخبار، و بناء على ثبوتها فبان خلافها ليس له الفسخ و ان ثبت زوالها قبل العقد.

[مسألة: 17 إذا فسخ حيث يكون له الفسخ، فان كان قبل الدخول فلا مهر]

مسألة: 17 إذا فسخ حيث يكون له الفسخ، فان كان قبل الدخول فلا مهر، و ان كان بعده استقر المهر و رجع به على المدلس، و ان كانت هي المدلس لم تستحق شيئا، و ان لم يكن تدليس استقر عليه المهر و لا رجوع له على أحد. و إذا اختار البقاء أو لم يكن له الفسخ- كما في صورة (1) اعتقاد البكارة من دون اشتراط و توصيف و بناء- كان له أن ينقص من مهرها شيئا، و هو نسبة التفاوت بين مهر مثلها بكرا و ثيبا، فإذا كان المهر المسمى مائة و كان مهر مثلها بكرا ثمانين و ثيبا ستين ينقص من المائة ربعها و هي خمسة و عشرون و تبقى خمسة و سبعون.

[فصل في المهر و يقال له الصداق]

اشارة

فصل في المهر و يقال له الصداق:

[مسألة: 1 كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهر عينا كان أو دينا أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان]

مسألة: 1 كل ما يملكه المسلم يصح جعله مهر عينا كان أو دينا أو منفعة لعين مملوكة من دار أو عقار أو حيوان، و يصح جعله منفعة الحر كتعليم صنعة و نحوه من


1- أو في صورة احتمال تجدد الثيبوبة.

ص: 207

كل عمل محلل، بل الظاهر صحة جعله حقا ماليا قابلا للنقل و الانتقال كحق التحجير و نحوه، و لا يتقدر بقدر بل ما تراضى عليه الزوجان كثيرا كان أو قليلا ما لم يخرج بسبب القلة عن المالية كحبة من حنطة. نعم يستحب في جانب الكثرة أن لا يزيد على مهر السنة و هو خمسمائة درهم.

[مسألة: 2 لو جعل المهر ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر]

مسألة: 2 لو جعل المهر (1) ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر، فلم تملك شيئا بالعقد و انما تستحق مهر المثل بالدخول.

[مسألة: 3 لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام]

مسألة: 3 لا بد من تعيين المهر بما يخرج عن الإبهام، فلو أمهرها أحد هذين أو خياطة أحد ثوبين مثلا بطل المهر دون العقد و كان لها مع الدخول مهر المثل.

نعم لا يعتبر فيه التعيين الذي يعتبر في البيع و نحوه من المعاوضات، فيكفي مشاهدة عين حاضرة و ان جهل كيله أو وزنه أو عده أو ذرعه كصبرة من الطعام و قطعة من الذهب و طاقة مشاهدة من الثوب و صبرة حاضرة من الجوز و أمثال ذلك.

[مسألة: 4 ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم]

مسألة: 4 ذكر المهر ليس شرطا في صحة العقد الدائم، فلو عقد عليها و لم يذكر مهرا أصلا- بأن قالت الزوجة للزوج مثلا زوجتك نفسي أو قال وكيلها زوجت موكلتي فلانة فقال الزوج قبلت- صح العقد، بل لو صرحت بعدم المهر- بأن قالت زوجتك نفسي بلا مهر فقال قبلت- صح، و يقال لهذا أي لإيقاع العقد بلا مهر «تفويض البضع» و للمرأة التي لم يذكر في عقدها مهر «مفوضة البضع».

[مسألة: 5 إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا، إلا إذا طلقها حينئذ]

مسألة: 5 إذا وقع العقد بلا مهر لم تستحق المرأة قبل الدخول شيئا، إلا إذا طلقها حينئذ فتستحق عليه أن يعطيها شيئا بحسب حاله من الغنى و الفقر و اليسار و الإعسار من دينار أو درهم أو ثوب أو دابة أو غيرها، و يقال لذلك الشي ء «المتعة».

و لو انفسخ العقد قبل الدخول بأمر غير الطلاق لم تستحق شيئا لا مهر و لا متعة، و كذا لو مات أحدهما قبله، و أما لو دخل بها استحقت عليه بسبب الدخول مهر أمثالها.


1- يعني لو جعل المسلم المهر ما لا يملكه المسلم.

ص: 208

[مسألة: 6 المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها]

مسألة: 6 المعتبر في مهر المثل هنا و في كل مورد نحكم به ملاحظة حال المرأة و صفاتها من السن و البكارة و النجابة و العفة و العقل و الأدب و الشرف و الجمال و الكمال و أضدادها، بل يلاحظ كل ماله دخل في العرف و العادة في ارتفاع المهر و نقصانه (1)، فتلاحظ أقاربها و عشيرتها و بلدها و غير ذلك أيضا.

[مسألة: 7 لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر]

مسألة: 7 لو أمهر ما لا يملكه أحد كالحر أو ما لا يملكه المسلم كالخمر و الخنزير صح العقد و بطل المهر و استحقت عليه مهر المثل بالدخول، و كذلك الحال فيما إذا جعل المهر شيئا باعتقاد كونه خلا فبان خمرا أو شخصا باعتقاد كونه عبدا فبان حرا، بل و كذا الحال فيما إذا جعل المهر مال الغير أو شيئا باعتقاد كونه ماله فبان خلافه.

[مسألة: 8 لو شرك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها]

مسألة: 8 لو شرك أباها في المهر- بأن سمي لها مهرا و لأبيها شيئا معينا- تعين ما سمى لها مهرا لها و سقط ما سمى لأبيها، فلا يستحق الأب شيئا (2).

[مسألة: 9 ما تعارف في بعض البلاد من انه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا]

مسألة: 9 ما تعارف في بعض البلاد من انه يأخذ بعض أقارب البنت كأبيها أو أمها أو أختها من الزوج شيئا و هو المسمى في لسان بعض بالشير بها و في لسان بعض آخر بشي ء آخر ليس بعنوان المهر و جزء منه بل هو شي ء آخر يؤخذ زائدا على المهر، و حكمه أنه ان كان إعطاؤه و أخذه بعنوان الجعالة لعمل مباح- كما إذا أعطى شيئا للأخ لان يتوسط في البين و يرضي أخته و يسعى في رفع بعض الموانع- فلا إشكال في جوازه و حليته، بل في استحقاق القريب له و عدم سلطنة الزوج على استرجاعه بعد إعطائه، و ان لم يكن بعنوان الجعالة فإن كان إعطاء الزوج للقريب بطيب نفس منه و ان كان لأجل جلب خاطره و تحبيبه و إرضائه حيث ان رضاه في نفسه مقصود أو من جهة ان رضى البنت منوط برضاه فبملاحظة هذه الجهات يطيب خاطر الزوج ببذل المال، فالظاهر جواز أخذه للقريب لكن يجوز للزوج استرجاعه ما دام موجودا، و اما مع عدم الرضى من الزوج و انما أعطاه من جهة استخلاص البنت حيث ان القريب


1- و لو تردد بين الأقل و الأكثر فالمتيقن أقل ما يصدق عليه و ان كان الأحوط التصالح.
2- و ان وقع عليه العقد جزءا للمهر أو استقلالا، لإطلاق النص.

ص: 209

مانع عن تمشية الأمر مع رضائها بالتزويج بما بذل لها من المهر فيحرم أخذه و أكله، و يجوز للزوج الرجوع فيه باقيا كان أو تالفا.

[مسألة: 10 إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء]

مسألة: 10 إذا وقع العقد بلا مهر جاز أن يتراضيا بعد العقد على شي ء، سواء كان بقدر مهر المثل أو أقل منه أو أكثر، و يتعين ذلك مهرا و كان كالمذكور في العقد.

[مسألة: 11 يجوز أن يجعل المهر كله حالا أي بلا أجل و مؤجلا]

مسألة: 11 يجوز أن يجعل المهر كله حالا أي بلا أجل و مؤجلا، و ان يجعل بعضه حالا و بعضه مؤجلا، و للزوجة مطالبة الحال في كل حال بشرط مقدرة الزوج و اليسار، بل لها أن تمتنع من التمكين و تسليم نفسها حتى تقبض مهرها الحال، سواء كان الزوج موسرا أو معسرا. نعم ليس لها الامتناع فيما لو كان المهر مؤجلا كله أو بعضه و قد أخذت بعضه الحال.

[مسألة: 12 يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة و يفوض تقديره و تعيينه الى أحد الزوجين]

مسألة: 12 يجوز أن يذكر المهر في العقد في الجملة و يفوض تقديره و تعيينه الى أحد الزوجين، بأن تقول الزوجة مثلا زوجتك نفسي على ما تحكم أو احكم من المهر فقال قبلت، فان كان الحاكم الذي فوض اليه تقدير المهر في العقد هو الزوج جاز أن يحكم بما شاء و لم يتقدر بقدر لا في طرف الكثرة و لا في طرف القلة ما دام متمولا، و ان كان الحكم إليها كان لها الحكم في طرف القلة بما شاءت، و اما في طرف الكثرة فلا يمضي حكمها فيما زاد على مهر السنة و هو خمسمائة درهم.

[مسألة: 13 إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه]

مسألة: 13 إذا طلق قبل الدخول سقط نصف المهر المسمى و بقي نصفه، فان كان دينا عليه و لم يكن قد دفعه برئت ذمته من نصفه، و ان كان عينا صارت مشتركة بينه و بينها، و لو كان دفعه إليها استعاد نصفه ان كان باقيا، و ان كان تالفا استعاد نصف مثله ان كان مثليا و نصف قيمته ان كان قيميا. و في حكم التلف نقله الى الغير بناقل لازم، و أما لو كان انتقاله منها الى الغير بناقل جائز كالبيع بخيار تخيرت في الرجوع و دفع نصف العين و في دفع بدل النصف.

[مسألة: 14 إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول]

مسألة: 14 إذا مات أحد الزوجين قبل الدخول فالمشهور استحقاق المرأة

ص: 210

تمام المهر (1)، و قيل بأن الموت كالطلاق يكون سببا لتنصيف المهر، و هو الأقوى، خصوصا في موت المرأة، و ان كان الأحوط التصالح خصوصا في موت الرجل.

[مسألة: 15 الصداق تملكه المرأة بنفس العقد و تستقر ملكية تمامه بالدخول]

مسألة: 15 الصداق تملكه المرأة بنفس العقد و تستقر ملكية تمامه بالدخول، فإذا طلقها الزوج قبل الدخول عاد اليه النصف و بقي للمرأة النصف، فلها التصرف فيه بعد العقد بأنواع التصرفات. و لو حصل له نماء كان لها خاصة، و بعد ما طلقها قبل الدخول كان له نصف ما وقع عليه العقد، و لا يستحق من النماء السابق شيئا.

[مسألة: 16 لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها]

مسألة: 16 لو أبرأته من الصداق الذي كان عليه ثم طلقها قبل الدخول رجع بنصفه إليها، و كذا لو كان الصداق عينا فوهبته إياها رجع بنصف مثلها إليها أو قيمة نصفها.

[مسألة: 17 الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي و لو دبرا]

مسألة: 17 الدخول الذي يستقر به تمام المهر هو مطلق الوطي و لو دبرا، و إذا اختلف الزوجان بعد ما طلقها فادعت وقوع المواقعة و أنكرها فالقول قوله بيمينه، و له ان يدفع اليمين عن نفسه بإقامة البينة على العدم ان أمكن، كما إذا ادعت المواقعة قبلا و كانت بكرا و كانت عنده بينة على بقاء بكارتها (2).

[مسألة: 18 إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج]

مسألة: 18 إذا اختلف الزوجان في أصل المهر فادعته الزوجة و أنكر الزوج، فان كان قبل الدخول فالقول قوله بيمينه، و ان كان بعد الدخول كلفت بالتعيين، بل لا يبعد عدم سماع الدعوى منها ما لم تفسر و انه لا يسمع منها مجرد قولها لي عليه المهر ما لم تبين المقدار، فإذا فسرت و قالت اني اطلب منك مهري و هو المبلغ الفلاني و لم يكن أزيد من مهر المثل حكم لها عليه بما تدعيه و لا يسمع منه إنكار أصل المهر.

نعم لو قال في جوابها نعم قد كان علي كذا الا انه قد سقط عني اما بالأداء أو الإبراء يسمع منه ذلك الا انه يحتاج إلى الإثبات، فإن أقام البينة على ذلك ثبت مدعاه و الا فله عليها اليمين، فان حلفت على نفي الأداء أو الإبراء ثبتت دعواها، و ان نكلت


1- و هو الأقوى في موت كل منهما.
2- أو تشهد البينة بعدم ملاقاتها بعد العقد لكونه مسافرا أو مجبوبا أو غيره من الموانع.

ص: 211

سقطت (1) و لها رد اليمين على الزوج، فان حلف على الإبراء أو الأداء سقطت دعواها، و ان نكل عن اليمين ثبتت. هذا لو كان ما تدعيه بمقدار مهر المثل أو أقل، و ان كان أكثر كان عليها الإثبات و الا فلها على الزوج اليمين.

[مسألة: 19 إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه]

مسألة: 19 إذا توافقا على أصل المهر و اختلفا في مقداره كان القول قول الزوج بيمينه إلا إذا أثبتت الزوجة بالموازين الشرعية، و كذا إذا ادعت كون عين من الأعيان كدار أو بستان مهرا لها و أنكر الزوج فان القول قوله بيمينه و عليها البينة.

[مسألة: 20 إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل]

مسألة: 20 إذا اختلفا في التعجيل و التأجيل فقالت المرأة انه حال معجل و قال الزوج أنه مؤجل و لم يكن بينة كان القول قولها بيمينها، و كذا لو اختلفا في زيادة الأجل، كما إذا ادعت أنه سنة و ادعى أنه سنتان.

[مسألة: 21 لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها بيمينها]

مسألة: 21 لو توافقا على المهر و ادعى تسليمه و لا بينة فالقول قولها بيمينها.

[مسألة: 22 لو دفع إليها قدر مهرها ثم اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا]

مسألة: 22 لو دفع إليها قدر مهرها ثم اختلفا بعد ذلك فقالت دفعته هبة و قال بل دفعته صداقا فالقول قوله بيمينه.

[مسألة: 23 إذا زوج ولده الصغير فان كان للولد مال فالمهر على الولد]

مسألة: 23 إذا زوج ولده الصغير فان كان للولد مال فالمهر على الولد (2)، و ان لم يكن له مال فالمهر في عهدة (3) الوالد، فلو مات الوالد أخرج المهر من أصل تركته سواء بلغ الولد و أيسر أم لا.

[مسألة: 24 لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبي فطلق قبل الدخول]

مسألة: 24 لو دفع الوالد المهر الذي كان عليه من جهة إعسار الولد ثم بلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد نصف المهر و كان له دون والده.


1- بناء على سقوط الدعوى بالنكول.
2- لو لم يضمن الوالد.
3- ضمن أو لم يضمن.

ص: 212

[ (خاتمة) في الشروط المذكورة في عقد النكاح]

اشارة

(خاتمة) في الشروط المذكورة في عقد النكاح

[مسألة: 1 يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ]

مسألة: 1 يجوز أن يشترط في ضمن عقد النكاح كل شرط سائغ، و يجب على المشروط عليه الوفاء به كما في سائر العقود، لكن تخلفه أو تعذره لا يوجب الخيار في عقد النكاح بخلاف سائر العقود. نعم لو كان الشرط الالتزام بوجود صفة في أحد الزوجين- مثل كون الزوجة باكرة أو كون الزوج حرا أو مؤمنا غير مخالف- فتبين خلافه أوجب الخيار كما مرت الإشارة إليه في ضمن بعض المسائل السابقة.

[مسألة: 2 إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل ان لا يتزوج عليها]

مسألة: 2 إذا شرط في عقد النكاح ما يخالف المشروع مثل ان لا يتزوج عليها أو لا يتسرى أو لا يمنعها من الخروج من المنزل متى شاءت و الى أين شاءت أو لا يعطي حق ضرتها من المضاجعة أو المواقعة أو النفقة و نحو ذلك بطل الشرط (1) لكن صح العقد و المهر و ان قلنا بأن الشرط الفاسد يفسد العقد، فبهذا أيضا امتاز عقد النكاح عن سائر العقود.

[مسألة: 3 لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط، و لو أذنت بعد ذلك جاز]

مسألة: 3 لو شرط أن لا يفتضها لزم الشرط، و لو أذنت بعد ذلك جاز من غير فرق في ذلك بين النكاح الدائم و المنقطع.

[مسألة: 4 إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو ان يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص]

مسألة: 4 إذا شرط أن لا يخرجها من بلدها أو ان يسكنها في بلد معلوم أو منزل مخصوص يلزم العمل بالشرط.

[ (فصل) في القسم و النشوز و الشقاق]

اشارة

(فصل) في القسم و النشوز و الشقاق لكل واحد من الزوجين حق على صاحبه يجب عليه القيام به و ان كان حق الزوج أعظم، حتى انه قد ورد عن سيد البشر «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر و لو صلح


1- في بطلان شرط أن لا يتزوج أو لا يتسرى كلام، فلا يترك مراعاة الاحتياط.

ص: 213

لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها» الخبر.

و من حقه عليها ان تطيعه (1) و لا تعصيه و لا تخرج من بيتها إلا باذنه و لو الى أهلها و لو لعيادة والدها أو في عزائه، بل ليس لها أمر مع زوجها في عتق و لا صدقة و لا تدبير و لا هبة و لا نذر في مالها إلا بإذن زوجها إلا في حج أو زكاة أو بر والديها أو صلة قرابتها، بل أيما امرأة قالت لزوجها ما رأيت منك خيرا قط أو من وجهك خيرا فقد حبط عملها، و أيما امرأة باتت و زوجها ساخط عليها في حق لم تقبل منها صلاة حتى يرضى عنها، و ان خرجت من غير اذنه لعنتها ملائكة السماء و ملائكة الأرض و ملائكة الغضب و ملائكة الرحمة حتى ترجع الى بيتها.

و اما حقها عليه فهو أن يشبعها و يكسوها، و ان يغفر لها إذا جهلت و لا يقبح لها وجها، و في الخبر عن سيد البشر صلّى اللّٰه عليه و آله: أوصاني جبرئيل بالمرأة حتى ظننت انه لا ينبغي طلاقها الا من فاحشة مبينة، و عيال الرجل أسراؤه و أحب العباد الى اللّٰه تعالى أحسنهم صنعا إلى أسرائه.

[مسألة: 1 من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها و المضاجعة معها في كل ليلة]

مسألة: 1 من كانت له زوجة واحدة ليس لها على زوجها حق المبيت عندها و المضاجعة معها في كل ليلة، بل و لا في كل أربع ليال ليلة على الأقوى، بل القدر اللازم أن لا يهجرها و لا يذرها كالمعلقة لا هي ذات بعل و لا مطلقة. نعم لها عليه حق المواقعة في كل أربعة أشهر مرة كما مر. نعم ان كانت عنده أكثر من واحدة إذا بات عند إحداهن يجب عليه أن يبيت عند غيرها أيضا، فإذا كن أربع و بات عند إحداهن طاف عليهن في أربع ليالي لكل منهن ليلة و لا يفضل بعضهن على بعض، و إذا كانت عنده ثلاث فإذا بات عند إحداهن يجب عليه ان يبيت عند الأخريين في ليلتين (2)، و إذا كانت عنده زوجتان و بات عند إحداهما بات في ليلة أخرى عند الأخرى (3) و بعد ذلك


1- ان تطيعه في غير معصية اللّٰه، و الواجب منه ما يأتي في النشوز.
2- و له ان يفضل إحداهن بليلتين.
3- و له ان يجعل لإحداهما ثلاث ليال و لأخرى واحدة.

ص: 214

ان شاء ترك المبيت عند الجميع و ان شاء شرع فيه على النحو المتقدم. و المشهور انه إذا كانت عنده زوجة واحدة كانت لها في كل اربع ليال ليلة و له ثلاث ليال، و إذا كانت عنده زوجات متعددة يجب عليه القسم بينهن في كل أربع ليال، فإذا كانت عنده أربع كانت لكل منهن ليلة، فإذا تم الدور يجب عليه الابتداء بإحداهن و إتمام الدور و هكذا، فليس له ليلة بل يكون جميع لياليه لزوجاته. و إذا كانت له زوجتان فلهما ليلتان من كل أربع ليال و ليلتان له، و إذا كانت له ثلاث كانت لهن ثلاث و الفاضل له. و العمل بهذا القول أحوط، خصوصا في أكثر من واحدة، و لكن الأقوى ما قدمناه خصوصا في الواحدة.

[مسألة: 2 يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة]

مسألة: 2 يختص وجوب المبيت و المضاجعة فيما قلنا به بالدائمة، فليس للمتمتع بها هذا الحق، سواء كانت واحدة أو متعددة.

[مسألة: 3 في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها ان ترفع اليد عنه و تهبه للزوج ليصرف ليله فيما يشاء]

مسألة: 3 في كل ليلة كان للمرأة حق المبيت يجوز لها ان ترفع اليد عنه و تهبه للزوج (1) ليصرف ليله فيما يشاء و ان تهبه لضرتها فصار الحق لها.

[مسألة: 4 تختص البكر أول عرسها بسبع ليال و الثيب بثلاث تنفصلان بذلك على غيرهما]

مسألة: 4 تختص البكر أول عرسها بسبع ليال (2) و الثيب بثلاث تنفصلان بذلك على غيرهما، و لا يجب عليه أن يقضي تلك الليالي لنسائه القديمة.

[مسألة: 5 لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة و لا للناشزة]

مسألة: 5 لا قسمة للصغيرة و لا للمجنونة المطبقة (3) و لا للناشزة، و تسقط القسمة و حق المضاجعة بالسفر و ليس عليه القضاء.

[مسألة: 6 إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأي منهن شاء]

مسألة: 6 إذا شرع في القسمة بين نسائه كان له الابتداء بأي منهن شاء (4)،


1- بلا عوض أو مع العوض و كذا لضرتها.
2- له ذلك و له ان يخصها بثلاث مثل الثيب كما ورد في الرواية أيضا، و له ان لا يخصها بشي ء أصلا و ان كان الاختصاص أحسن.
3- الأحوط عدم ترك القسمة لها إذا كانت ملتفتة تنتفع بها، الا ان لا يكون مأمونا من البيتوتة عندها.
4- و كذا يعد تمام قسمة الاولى و ان كان الاحتياط فيه آكد.

ص: 215

و ان كان الاولى و الأحوط التعين بالقرعة.

[مسألة: 7 تستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق و الالتفات و إطلاق الوجه و المواقعة]

مسألة: 7 تستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق و الالتفات و إطلاق الوجه و المواقعة، و أن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها، و ان يأذن لها في حضور موت أبيها و أمها، و ان كان له منعها عن ذلك و عن عيادة أبيها و أمها فضلا عن غيرهما و عن الخروج من منزله إلا لحق واجب.

[القول في النشوز]

اشارة

القول في النشوز:

و هو في الزوجة خروجها عن طاعة الزوج الواجبة عليها، من عدم تمكين نفسها و عدم ازالة المنفرات المضادة للتمتع و الالتذاذ بها، بل و ترك التنظيف و التزيين مع اقتضاء الزوج لها، و كذا خروجها من بيته من دون اذنه و غير ذلك. و لا يتحقق النشوز بترك طاعته فيما ليست بواجبة عليها، فلو امتنعت من خدمات البيت و حوائجه التي لا تتعلق بالاستمتاع من الكنس أو الخياطة أو الطبخ أو غير ذلك حتى سقي الماء و تمهيد الفراش لم يتحقق النشوز.

[مسألة: 1 إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل]

مسألة: 1 إذا ظهرت منها أمارات النشوز و الطغيان بسبب تغيير عادتها معه في القول أو الفعل- بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كان بكلام لين أو ان تظهر عبوسا و تقطبا في وجهه و تثاقلا و دمدمة بعد أن كانت على خلاف ذلك و غير ذلك- جاز له هجرها في المضجع (1)، أما بأن يحول إليها ظهره في الفراش أو يعتزل فراشها بعد أن يعظها، فإذا لم يؤثر ذلك فيها حتى وقع منها النشوز جاز له ضربها، و يقتصر على ما يؤمل معه رجوعها، فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، و الا تدرج إلى الأقوى فالأقوى ما لم يكن مدميا و لا شديدا مؤثرا في اسوداد بدنها أو احمراره، و اللازم


1- الأقوى عدم جواز الهجر قبل وقوع النشوز، فإذا وقع يعظها فان لم يؤثر يهجرها، فان لم يؤثر جاز له ان يضربها. نعم لا بأس بالموعظة قبله إذا ظهرت أمارات النشوز خصوصا إذا كان بلسان لين و تلطف، و لكن ذلك لا يجزى عن الموعظة بعد النشوز.

ص: 216

ان يكون ذلك بقصد الإصلاح لا التشفي و الانتقام، و لو حصل بالضرب جناية وجب الغرم.

[مسألة: 2 و كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا بتعديه عليها]

مسألة: 2 و كما يكون النشوز من طرف الزوجة يكون من طرف الزوج أيضا بتعديه عليها و عدم القيام على حقوقها الواجبة، فإذا ظهر منه النشوز بمنع حقوقها من قسم و نفقة و نحوهما فلها المطالبة بها و وعظها إياه، فان لم يؤثر رفعت أمرها إلى الحاكم فيلزمه بها، و ليس لها هجره و لا ضربه، و إذا اطلع الحاكم على نشوزه و تعديه نهاه عن فعل ما يحرم عليه و امره بفعل ما يجب، فان نفع و الا عزره بما يراه، و له أيضا الإنفاق من ماله مع امتناعه من ذلك و لو ببيع عقاره إذا توقف عليه.

[مسألة: 3 إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة أو هم بطلاقها لكراهته لها لكبر سنها أو غيره]

مسألة: 3 إذا ترك الزوج بعض حقوقها غير الواجبة أو هم بطلاقها لكراهته لها لكبر سنها أو غيره أو هم بالتزويج عليها فبذلت له مالا أو بعض حقوقها الواجبة من قسم أو نفقة استمالة له صح و حل له ذلك، و أما لو ترك بعض حقوقها الواجبة أو آذاها بالضرب أو الشتم و غير ذلك فبذلت مالا أو تركت بعض حقوقها ليقوم بما ترك من حقها أو ليمسك عن أذيتها أو ليخلعها فتخلص من يده حرم عليه ما بذلت و ان لم يكن من قصده الجاؤها بالبذل على الأقوى.

[مسألة: 4 إذا وقع نشوز من الزوجين و منافرة و شقاق بين الطرفين و انجر أمرهما إلى الحاكم]

مسألة: 4 إذا وقع نشوز من الزوجين و منافرة و شقاق بين الطرفين و انجر أمرهما إلى الحاكم بعث حكمين (1) حكما من جانبه و حكما من جانبها للإصلاح و رفع الشقاق بما رأياه من الصلاح من الجمع أو الفراق (2)، و يجب عليهما البحث و الاجتهاد في حالهما و فيما هو السبب و العلة لحصول الشقاق بينهما ثم يسعيان في أمرهما فكلما استقر عليه رأيهما و حكما به نفذ على الزوجين و يلزم عليهما الرضا به بشرط كونه سائغا، كما لو شرطا على الزوج ان يسكن الزوجة في البلد الفلاني أو في مسكن مخصوص أو عند أبويها أو لا يسكن معها في الدار أمه أو أخته و لو في بيت منفرد أو لا تسكن معها ضرتها في دار واحدة و نحو ذلك، أو شرطا عليها ان تؤجله بالمهر


1- بل يبعث بمجرد تحقق النشوز و خوف استمراره.
2- بإذنهما كما يأتي منه.

ص: 217

الحال إلى أجل أو ترد عليه ما قبضته فرضا و نحو ذلك، بخلاف ما إذا كان غير سائغ كما إذا شرطا عليه ترك بعض حقوق الضرة من قسم أو نفقة أو رخصة المرأة في خروجها من بيته حيث شاءت و أين شاءت و نحو ذلك.

[مسألة: 5 إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا]

مسألة: 5 إذا اجتمع الحكمان على التفريق ليس لهما ذلك إلا إذا شرطا عليهما حين بعثهما بأنهما إن شاءا جمعا و ان شاءا فرقا، و حيث أن التفريق لا يكون الا بالطلاق فلا بد من وقوعه عند اجتماع شرائطه، بأن وقع في طهر لم يواقعها فيه و عند حضور العدلين و غير ذلك.

[مسألة: 6 الاولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين]

مسألة: 6 الاولى بل الأحوط أن يكون الحكمان من أهل الطرفين، بأن يكون حكم من أهله و حكم من أهلها، فان لم يكن لهما أهل أو لم يكن أهلهما أهلا لهذا الأمر تعين من غيرهم. و لا يعتبر ان يكون من جانب كل منهما حكم واحد، بل لو اقتضت المصلحة بعث أزيد تعين.

[مسألة: 7 ينبغي للحكمين إخلاص النية و قصد الإصلاح]

مسألة: 7 ينبغي للحكمين إخلاص النية و قصد الإصلاح، فمن حسنت نيته فيما تحراه أصلح اللّٰه مسعاه، كما يرشد الى ذلك قوله جل شأنه في هذا المقام «إِنْ يُرِيدٰا إِصْلٰاحاً يُوَفِّقِ اللّٰهُ بَيْنَهُمٰا».

[ (فصل) في أحكام الأولاد و الولادة]

اشارة

(فصل) في أحكام الأولاد و الولادة

[مسألة: 1 إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها بشروط ثلاثة]

مسألة: 1 إنما يلحق ما ولدته المرأة بزوجها (1) بشروط ثلاثة: الدخول (2)، و مضي ستة أشهر أو أكثر من حين الوطي إلى زمن الولادة، و ان لا يتجاوز عن أقصى


1- مع الشك.
2- و لو في الدبر و به يتحقق الفراش و يلحق الولد بالزوج مع احتمال كونه له و إمكانه من حيث المدة و من حيث السبب، فباحتمال جذب المني أو التزريق بالإبرة لا يلحق قبل الدخول و ان كان الولد ملحقا به مع القطع بذلك.

ص: 218

مدة الحمل و هو تسعة أشهر على الأقوى. فلو لم يدخل بها أصلا (1) لم يلحق به قطعا، بل يجب نفيه عنه (2)، و كذا لو دخل بها و جاءت بولد حي كامل لأقل من ستة أشهر من حين الدخول، أو جاءت به و قد مضى من حين وطيه إياها أزيد من تسعة أشهر (3)، كما إذا اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر (4) أو أكثر و ولدت بعدها.

[مسألة: 2 إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به]

مسألة: 2 إذا تحققت الشروط الثلاثة لحق الولد به، و لا يجوز له نفيه و ان وطئها واط فجورا فضلا عما لو اتهمها بالفجور، و لا ينتفي عنه لو نفاه ان كان العقد دائما إلا باللعان، بخلاف ما إذا كان العقد منقطعا و جاءت بولد أمكن إلحاقه به، فإنه و ان لم يجز له نفيه لكن لو نفاه ينتفي منه ظاهرا من غير لعان، لكن عليه اليمين مع دعواها أو دعوى الولد النسب.

[مسألة: 3 لا يجوز نفي الولد لمكان العزل، فلو نفاه لم ينتف الا باللعان]

مسألة: 3 لا يجوز نفي الولد لمكان العزل، فلو نفاه لم ينتف الا باللعان.

[مسألة: 4 الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن انها زوجته- يلحق ولدها بالواطئ]

مسألة: 4 الموطوءة بشبهة- كما إذا وطئ أجنبية بظن انها زوجته- يلحق ولدها بالواطئ، بشرط ان تكون ولادته (5) لستة أشهر من حين الوطي أو أكثر و ان لا يتجاوز عن أقصى الحمل.

[مسألة: 5 إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه فادعته المرأة ليلحق الولد به و أنكره]

مسألة: 5 إذا اختلفا في الدخول الموجب لإلحاق الولد و عدمه فادعته المرأة ليلحق الولد به و أنكره، أو اختلفا في ولادته فنفاها الزوج و ادعى انها أتت به من خارج، فالقول قوله بيمينه. و اما لو اتفقا في الدخول و الولادة و اختلفا في المدة فادعى


1- و لو في الدبر.
2- مع القطع بنفيه، و أما مع احتمال كونه له- كما إذا أنزل في فرجها من غير دخول أو حواليه أو أدخل الماء بوسيلة الإبرة و احتمل ان يكون الولد منه- فلا يجوز له نفيه و ان كان في إلحاقهما بالدخول في تحقق الفراش بهما اشكال.
3- بل أزيد من سنة حيث ان المختار كون أكثر مدة الحمل سنة.
4- بل غاب عنها أكثر من سنة أو جاءت بولد بعد موت الزوج في أكثر من سنة.
5- بشرط أن لا تكون موطوءة بغير شبهة أو لم تكن بحيث أمكن لحوقه بكل منهم و الا أقرع بين المحتملات.

ص: 219

ولادتها لدون ستة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل و ادعت هي خلافه فالقول قولها بيمينها، و يلحق الولد به و لا ينتفي عنه الا باللعان.

[مسألة: 6 لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثم أتت بولد]

مسألة: 6 لو طلق زوجته المدخول بها فاعتدت و تزوجت ثم أتت بولد، فان لم يمكن لحوقه بالثاني و أمكن لحقوقه بالأول- كما إذا ولدته لدون ستة أشهر من وطي الثاني و لتمامها من غير تجاوز عن أقصى الحمل من وطي الأول- فهو للأول و تبين بطلان نكاح الثاني لتبين وقوعه في العدة و حرمت عليه مؤبدا لوطيه إياها، و ان انعكس الأمر- بأن أمكن لحوقه بالثاني دون الأول- لحق بالثاني، بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطئ الأول و لأقل الحمل إلى الأقصى من وطي الثاني، و ان لم يمكن لحوقه بأحدهما- بأن ولدته لأزيد من أقصى الحمل من وطي الأول و لدون ستة أشهر من وطي الثاني- انتفى منهما، و ان أمكن إلحاقه بهما- بأن كان ولادته لستة أشهر من وطي الثاني و لدون أقصى الحمل من وطي الأول- فهو للثاني.

[مسألة: 7 لو طلقها ثم بعد ذلك وطئت بشبهة ثم أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدة]

مسألة: 7 لو طلقها ثم بعد ذلك وطئت بشبهة ثم أتت بولد فهو كالتزويج بعد العدة، فتجي ء فيه الصور الأربع المتقدمة حتى الصورة الأخيرة، و هي ما إذا أمكن اللحوق بكل منهما فإنه يلحق بالأخير هنا أيضا.

[مسألة: 8 إذا كانت تحت زوج و وطئها شخص آخر بشبهة ثم أتت بولد]

مسألة: 8 إذا كانت تحت زوج و وطئها شخص آخر بشبهة ثم أتت بولد فإن أمكن لحوقه بأحدهما دون الأخر يلحق به، و ان لم يمكن اللحوق بهما انتفى عنهما، و ان أمكن لحوقه بكل منهما أقرع بينهما.

[القول في أحكام الولادة و ما يلحق بها]

اشارة

القول في أحكام الولادة و ما يلحق بها:

للولادة و المولود سنن و آداب بعضها واجبة و بعضها مندوبة نذكر مهماتها في ضمن مسائل

ص: 220

[مسألة: 1 يجب استبداد النساء في شؤن المرأة حين ولادتها دون الرجال]

مسألة: 1 يجب استبداد النساء في شؤن المرأة حين ولادتها دون الرجال (1) الا مع عدم النساء. نعم لا بأس بالزوج و ان وجدت النساء.

[مسألة: 2 يستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر]

مسألة: 2 يستحب غسل المولود عند وضعه مع الأمن من الضرر، و الأذان في اذنه اليمنى و الإقامة فاليسرى فإنه عصمة من الشيطان الرجيم، و تحنيكه بماء الفرات و تربة الحسين عليه السلام، و تسميته بالأسماء المستحسنة، فإن ذلك من حق الولد على الوالد، و أفضلها ما يتضمن العبودية للّٰه جل شأنه كعبد اللّٰه و عبد الرحيم و عبد الرحمن و نحو ذلك، و يليها أسماء الأنبياء و الأئمة عليهم السلام، و أفضلها اسم محمد صلّى اللّٰه عليه و آله، بل يكره ترك التسمية به إذا ولد له أربعة أولاد، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله قال: من ولد له أربعة أولاد و لم يسم أحدهم باسمي فقد جفاني. و يكره ان يكنيه أبا القاسم إذا كان اسمه محمد، و يستحب ان يحلق رأس الولد يوم السابع و ان يتصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة، و يكره أن يحلق من رأسه موضع و يترك موضع.

[مسألة: 3 و تستحب الوليمة عند الولادة، و هي إحدى الخمس التي سن فيها الوليمة]

مسألة: 3 و تستحب الوليمة عند الولادة، و هي إحدى الخمس التي سن فيها الوليمة، كما أن إحداها عند الختان، و لا يعتبر في السنة الأولى إيقاعها في يوم الولادة، فلا بأس بتأخيرها عنه بأيام قلائل، و الظاهر انه ان ختن في اليوم السابع أو قبله فأولم في يوم الختان بقصدهما تتأدى السنتان.

[مسألة: 4 يجب ختان الذكور، بل ربما يعد من الضروريات]

مسألة: 4 يجب ختان الذكور، بل ربما يعد من الضروريات، و يستحب إيقاعه في اليوم السابع، و يجوز التأخير عنه، و ان تأخر الى ما بعد البلوغ يجب عليه أن يختن نفسه، حتى ان الكافر إذا أسلم غير مختون يجب عليه الختان و ان طعن في السن. و هل يجب على الولي أن يختن الصبي فلا يجوز له تأخيره الى ما بعد بلوغه الا لعذر، فإن أخره إليه بدون عذر عصى الولي و ان وجب حينئذ على الصبي أم لا؟


1- إذا استلزم امدادهم للنظر أو اللمس المحرم عليهم. هذا عند الاختيار اما مع الاضطرار فلا بأس بل قد يجب.

ص: 221

قولان المشهور على الثاني (1)، و قيل بالأول، و هو الأحوط.

[مسألة: 5 الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه في حج أو عمرة واجبين أو مندوبين]

مسألة: 5 الختان واجب لنفسه و شرط لصحة طوافه في حج أو عمرة واجبين أو مندوبين، و ليس شرطا في صحة الصلاة على الأقوى فضلا عن سائر العبادات.

[مسألة: 6 الظاهر أن الحد الواجب في الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسماة بالغلفة]

مسألة: 6 الظاهر أن الحد الواجب في الختان أن تقطع الجلدة الساترة للحشفة المسماة بالغلفة بحيث تظهر ثقبة الحشفة و مقدار من بشرتها و ان لم تستأصل تلك الجلدة و لم يظهر تمام الحشفة، و بعبارة أخرى قطعها بحيث لم يصدق عليه الأغلف الذي ورد أن الأرض تضج من بوله أربعين صباحا.

[مسألة: 7 لا بأس بكون الختان كافرا حربيا أو ذميا، فلا يعتبر فيه الإسلام]

مسألة: 7 لا بأس بكون الختان كافرا حربيا أو ذميا، فلا يعتبر فيه الإسلام.

[مسألة: 8 لو ولد الصبي مختونا سقط الختان و ان استحب إمرار الموس على المحل لإصابة السنة]

مسألة: 8 لو ولد الصبي مختونا سقط الختان و ان استحب إمرار الموس على المحل لإصابة السنة.

[مسألة: 9 و من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى]

مسألة: 9 و من المستحبات الأكيدة العقيقة للذكر و الأنثى، و يستحب ان يعق عن الذكر ذكرا و عن الأنثى أنثى، و ان يكون يوم السابع، و ان تأخر عنه لعذر أو لغير عذر لم يسقط، بل لو لم يعق عن الصبي حتى بلغ و كبر عق عن نفسه، بل لو لم يعق عن نفسه في حياته يستحب أن يعق عنه بعد موته. و لا بد ان تكون من أحد الأنعام الثلاثة: الغنم ضأنا كان أو معزا، و البقر، و الإبل. و لا يجزي عنها التصدق بثمنها. و يستحب ان تجتمع فيها شروط الأضحية (2) من كونها سليمة من العيوب لا يكون سنها أقل من خمس سنين كاملة في الإبل و أقل من سنتين في البقر و أقل من سنة كاملة في المعز و أقل من سبعة شهور في الضأن، و يستحب ان تخص القابلة منها بالرجل و الورك (3) و لو لم تكن قابلة أعطى الأم تتصدق به.


1- و هو الأقوى.
2- و في الموثق «يذبح عنه كبش»، و إذا لم يوجد كبش أجزأه ما يجزى في الأضحية، بل يجزى و ان لم يكن واجدا لشرائط الأضحية.
3- بل الاولى اختصاصها بالثلث و دونه الربع، و ان كان مشتملا على الرجل و الورك فهو أفضل.

ص: 222

[مسألة: 10 يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخا أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين]

مسألة: 10 يتخير في العقيقة بين أن يفرقها لحما أو مطبوخا أو تطبخ و يدعى عليها جماعة من المؤمنين، و لا أقل من عشرة، و ان زاد فهو أفضل يأكلون منها و يدعون للولد، و أفضل أحوال طبخها أن يكون بماء و ملح، و لا بأس بإضافة شي ء إليها من الحبوب كالحمص و غيره.

[مسألة: 11 لا يجب على الأم إرضاع ولدها لا مجانا و لا بالأجرة مع عدم الانحصار بها]

مسألة: 11 لا يجب على الأم إرضاع ولدها لا مجانا و لا بالأجرة مع عدم الانحصار بها (1)، كما أنه لا يجب عليها إرضاعه مجانا و ان انحصر بها، بل لها المطالبة بأجرة رضاعها من مال الولد إذا كان له مال و من أبيه إذا لم يكن له مال و كان الأب موسرا. نعم لو لم يكن للولد مال و لم يكن الأب موسرا (2) تعين على الأم إرضاعه مجانا اما بنفسها أو باستئجار مرضعة أخرى و تكون أجرتها عليها من حيث وجوب إنفاقه عليها.

[مسألة: 12 الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها إذا كانت متبرعة أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص]

مسألة: 12 الأم أحق بإرضاع ولدها من غيرها إذا كانت متبرعة أو تطلب ما تطلب غيرها أو أنقص، و اما لو طلبت زيادة أو تطلب الأجرة و وجدت متبرعة كان للأب نزعه منها و تسليمه الى غيرها، و هل يسقط حينئذ حق الحضانة الثابت للأم أيضا؟ أقواهما العدم لعدم التنافي بين سقوط حق الإرضاع و ثبوت الحق الأخر، لإمكان كون الولد في حضانة الأم مع كون رضاعه من امرأة اخرى، اما بحمل الام الولد إلى المرضعة عند الاحتياج الى اللبن أو بإحضار المرضعة عنده مثلا.

[مسألة: 13 لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم و لم يكن له بينة على وجودها فالقول قولها بيمينها]

مسألة: 13 لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم و لم يكن له بينة على وجودها فالقول قولها بيمينها.

[مسألة: 14 يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه]

مسألة: 14 يستحب أن يكون رضاع الصبي بلبن امه، فإنه ابرك من غيره الا إذا اقتضت بعض الجهات أولوية غيرها من حيث شرافتها و طيب لبنها و خباثة الأم.


1- يعني مع عدم انحصار حفظ الولد و تغذيته بمقدار الحاجة بلبن امه.
2- أو الجد و ان علا كما يأتي في النفقات.

ص: 223

[مسألة: 15 كمال الرضاع حولان كاملان أربع و عشرون شهرا]

مسألة: 15 كمال الرضاع حولان كاملان أربع و عشرون شهرا، و يجوز أن ينقص عن ذلك الى ثلاثة شهور، بأن يفطم على أحد و عشرين شهرا، و لا يجوز أن ينقص عن ذلك، و لو نقص عن ذلك مع الإمكان و من غير ضرورة كان جورا على الصبي كما في الخبر.

[مسألة: 16 الأم أحق بحضانة الولد و تربيته و ما يتعلق بها من مصلحة حفظه مدة الرضاع]

مسألة: 16 الأم أحق بحضانة الولد (1) و تربيته و ما يتعلق بها من مصلحة حفظه مدة الرضاع أعني حولين كاملين- ذكرا كان أو أنثى، سواء أرضعته هي بنفسها أو بغيرها، فلا يجوز للأب ان يأخذه في هذه المدة منها، فإذا فصل و انقضت مدة الرضاع فالأب أحق بالذكر (2) و الام أحق بالأنثى حتى تبلغ سبع سنين من عمرها، ثم يكون الأب أحق بها. و ان فارق الام بفسخ أو طلاق قبل أن تبلغ سبع سنين لم يسقط حق حضانتها ما لم تتزوج بالغير، فلو تزوجت سقط حقها (3) و كانت الحضانة للأب، و لو فارقها الثاني فهل تعود حضانتها أم لا؟ وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (4)، و الأحوط لهما التصالح و التسالم.

[مسألة: 17 لو مات الأب بعد انتقال الحضانة اليه أو قبله كانت الأم أحق بحضانة الولد]

مسألة: 17 لو مات الأب بعد انتقال الحضانة اليه أو قبله كانت الأم أحق بحضانة الولد- و ان كانت مزوجة ذكرا كان أو أنثى- من وصي أبيه و كذا من باقي أقاربه حتى أبي أبيه و امه فضلا عن غيرهما، كما أنه لو ماتت الأم في زمان حضانتها كان الأب أحق بها من وصيها و من أبيها و أمها فضلا عن باقي أقاربها، و إذا فقد الأبوان فالحضانة لأبي الأب، و إذا عدم و لم يكن وصي له و لا للأب كانت الحضانة لأقارب الولد على ترتيب مراتب الإرث الأقرب منهم يمنع الا بعد، و مع التعدد و التساوي في المرتبة و التشاح أقرع بينهم، و إذا وجد وصي لأحدهما ففي كون الأمر كذلك أو


1- بشرط ان تكون حرة مسلمة إذا كان الولد مسلما و ان تكون عاقلة.
2- بشرط ان يكون حرا عاقلا و ان يكون مسلما إذا كان الولد مسلما.
3- منهما حتى في مدة الرضاع.
4- بل ثانيهما.

ص: 224

كون الحضانة للوصي ثم إلى الأقارب وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان و الأحوط التصالح (1) و التسالم.

[مسألة: 18 تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ الرشد ليس لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين]

مسألة: 18 تنتهي الحضانة ببلوغ الولد رشيدا، فإذا بلغ الرشد ليس لأحد حق الحضانة عليه حتى الأبوين فضلا عن غيرهما، بل هو مالك لنفسه و كان اليه الخيار في الانضمام الى من شاء منهما، أو من غيرهما ذكرا كان أم أنثى.

[ (فصل) في النفقات]

اشارة

(فصل) في النفقات انما تجب النفقة بأحد أسباب ثلاثة: الزوجية، و القرابة، و الملك.

[مسألة: 1 انما تجب نفقة الزوجة على الزوج بشرط أن تكون دائمة]

مسألة: 1 انما تجب نفقة الزوجة على الزوج بشرط أن تكون دائمة، فلا نفقة للمنقطعة، و ان تكون مطيعة للزوج (2) فيما يجب اطاعتها له فلا نفقة للناشزة، و قد مر بيان ما يتحقق به النشوز سابقا، و لا فرق بين أن تكون مسلمة أو ذمية و ان تكون حرة أو امة.

[مسألة: 2 لو نشزت ثم عادت الى الطاعة لم تستحق النفقة حتى تظهرها و علم بها و انقضى زمان]

مسألة: 2 لو نشزت ثم عادت الى الطاعة لم تستحق النفقة حتى تظهرها و علم بها و انقضى زمان أمكن الوصول إليها.

[مسألة: 3 لو ارتدت سقطت النفقة و ان عادت عادت]

مسألة: 3 لو ارتدت سقطت النفقة و ان عادت عادت (3).

[مسألة: 4 الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها]

مسألة: 4 الظاهر أنه لا نفقة للزوجة الصغيرة غير القابلة للاستمتاع منها على زوجها، خصوصا إذا كان صغيرا غير قابل للتمتع و التلذذ، و كذا للزوجة الكبيرة إذا كان زوجها صغيرا غير قابل لان يستمتع منها. نعم لو كانت الزوجة مراهقة و كان الزوج مراهقا أو كبيرا أو كان الزوج مراهقا و كانت الزوجة كبيرة لم يبعد استحقاق الزوجة


1- لا يترك، و أحوط منه الاستيذان من الحاكم أيضا.
2- إذا طلب منها.
3- في العدة و الا تبين منه كما مر.

ص: 225

للنفقة (1) مع تمكينها له من نفسها على ما يمكنه من التلذذ و الاستمتاع منها.

[مسألة: 5 لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسها لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض]

مسألة: 5 لا تسقط نفقتها بعدم تمكينها له من نفسها لعذر شرعي أو عقلي من حيض أو إحرام أو اعتكاف واجب أو مرض أو غير ذلك، و كذا لا تسقط إذا سافرت بإذن الزوج، سواء كان في واجب أو مندوب أو مباح، و كذا لو سافرت في واجب مضيق كالحج الواجب بغير اذنه، بل و لو مع منعه و نهيه، بخلاف ما لو سافرت بغير اذنه في مندوب أو مباح فإنه تسقط نفقتها، بل الأمر كذلك لو خرجت من بيته بغير اذنه و لو لغير سفر فضلا عما كان له لتحقق النشوز المسقط للنفقة.

[مسألة: 6 تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة]

مسألة: 6 تثبت النفقة و السكنى لذات العدة الرجعية ما دامت في العدة كما تثبت للزوجة، من غير فرق بين كونها حائلا أو حاملا، و لو كانت ناشزة و طلقت في حال نشوزها لم تثبت لها النفقة (2) كالزوجة الناشزة. و اما ذات العدة البائنة فتسقط نفقتها و سكناها، سواء كانت عن طلاق أو فسخ، إلا إذا كانت عن طلاق و كانت حاملا فإنها تستحق النفقة و السكنى حتى تضع حملها. و لا تلحق بها المنقطعة الحامل الموهوبة أو المنقضية مدتها، و كذا الحامل المتوفّى عنها زوجها، فإنه لا نفقة لها مدة حملها لا من تركة زوجها و لا من نصيب ولدها على الأقوى.

[مسألة: 7 لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة الى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النسوان صدقت]

مسألة: 7 لو ادعت المطلقة بائنا انها حامل مستندة الى وجود الأمارات التي يستدل بها على الحمل عند النسوان صدقت و أنفق عليها يوما فيوما الى أن يتبين الحال، فان تبين الحمل و الا استعيد منها ما صرف إليها، و في جواز مطالبتها بكفيل قبل تبين الحال وجهان بل قولان، لا يخلو أولهما من رجحان (3).


1- المتيقن ممن تجب نفقتها هي الزوجة الكبيرة المتمكنة للزوج الكبير. نعم ما ذكره أحوط في خصوص ما إذا كان الزوج كبيرا.
2- ما دامت باقية على النشوز، فان رجعت و أظهرت التمكين فالظاهر وجوب نفقتها عليه.
3- بل ثانيهما بعد ما كانت مصدقة.

ص: 226

[مسألة: 8 لا تقدير للنفقة شرعا]

مسألة: 8 لا تقدير للنفقة شرعا، بل الضابط القيام بما تحتاج اليه المرأة من طعام و أدام و كسوة و فراش و غطاء و إسكان و إخدام و آلات تحتاج إليها لشربها و طبخها و تنظيفها و غير ذلك، فأما الطعام فكميته بمقدار ما يكفيها لشبعها، و في جنسه يرجع الى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و الموالم لمزاجها و ما تعودت به بحيث تتضرر بتركه. و اما الإدام فقدرا و جنسا كالطعام يراعى ما هو المتعارف لأمثالها في بلدها و ما يوالم مزاجها و ما هو معتاد لها، حتى انه لو كانت عادة أمثالها أو الموالم لمزاجها دوام اللحم مثلا لوجب، و كذا لو اعتادت بشي ء خاص من الإدام (1) بحيث تتضرر بتركه، بل الظاهر مراعاة ما تعارف اعتياده لأمثالها من غير الطعام و الإدام كالشاي و التنباك و القهوة و نحوها، و أولى بذلك المقدار اللازم من الفواكه الصيفية التي تناولها كاللازم في الأهوية الحارة، و كذلك الحاصل في الكسوة فيلاحظ في قدرها و جنسها عادة أمثالها و بلد سكناها و الفصول التي تحتاج إليها شتاء و صيفا ضرورة شدة الاختلاف في الكم و الكيف و الجنس بالنسبة الى ذلك، بل لو كانت من ذوات التجمل وجب لها زيادة على ثياب البدن ثياب له على حسب أمثالها، و هكذا الفراش و الغطاء فان لها ما تفرشها على الأرض و ما تحتاج إليها للنوم من لحاف و مخدة و ما تنام عليها، و يرجع في قدرها و جنسها و وصفها الى ما ذكر في غيرها. و تستحق في الإسكان أن يسكنها دارا يليق بها بحسب عادة أمثالها و كانت لها من المرافق ما تحتاج إليها، و لها ان تطالبه بالتفرد بالمسكن عن مشاركة غير الزوج ضرة أو غيرها من دار أو حجرة منفردة المرافق إما بعارية أو إجارة أو ملك، و لو كانت من أهل البادية كفاها كوخ أو بيت شعر منفرد يناسب حالها. و اما الإخدام فإنما يجب ان كانت ذات حشمة و شأن و من ذوي الاخدام و الا خدمت نفسها، و إذا وجبت الخدمة فالزوج بالخيار بين ان يبتاع خادمة لها أو يستأجرها أو يستعيرها لها أو يأمر مملوكته بأن تخدمها أو يخدمها بنفسه على اشكال في الأخير. و اما الآلات و الأدوات المحتاج إليها فهي أيضا تلاحظ ما هو


1- في لزوم بذل ما اعتادت شخصا بما هو غير متعارف اشكال بل منع.

ص: 227

المتعارف لأمثالها بحسب حاجات بلدها التي تسكن و تتعيش بها ضرورة اختلافها بحسبها اختلافا فاحشا (1).

[مسألة: 9 الظاهر أنه من الإنفاق الذي تستحقه الزوجة اجرة الحمام عند الحاجة]

مسألة: 9 الظاهر أنه من الإنفاق الذي تستحقه الزوجة اجرة الحمام عند الحاجة، سواء كان للاغتسال أو للتنظيف إذا كانت في بلدها لم يتعارف الغسل و الاغتسال في البيت أو يتعذر أو يتعسر ذلك لها لبرد أو غيره، و منه أيضا الفحم و الحطب في زمان الاحتياج إليهما، و كذا الأدوية المتعارفة التي يكثر الاحتياج إليها بسبب الأمراض و الآلام التي قلما يخلو الشخص منها في الشهور و الأعوام. نعم الظاهر أنه ليس من الدواء ما يصرف في المعالجات الصعبة التي يكون الاحتياج إليها من باب الاتفاق، خصوصا فيما إذا احتاج الى بذل مال خطير، و هل يكون منه اجرة القصد و الحجامة عند الاحتياج إليهما؟ فيه تأمل و إشكال (2).

[مسألة: 10 تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم من الطعام و الإدام و غيرهما]

مسألة: 10 تملك الزوجة على الزوج نفقة كل يوم من الطعام (3) و الإدام و غيرهما مما يصرف و لا يبقى عينه في صبيحته، فلها أن تطالبه بها عندها، فلو منعها و انقضى اليوم استقرت في ذمته و كانت دينا عليه و ليست لها مطالبة نفقة الأيام الآتية.

و لو مضت أيام و لم ينفق عليها فيها اشتغلت ذمته بنفقة تلك المدة، سواء طالبته بها أو سكتت عنها، و سواء قدرها الحاكم و حكم بها أم لا، و سواء كان موسرا أو معسرا، غاية الأمر انه مع الإعسار ينظر في المطالبة إلى اليسار.

[مسألة: 11 لو دفعت إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا و انقضت المدة و لم تصرفها على نفسها]

مسألة: 11 لو دفعت إليها نفقة أيام كأسبوع أو شهر مثلا و انقضت المدة و لم تصرفها على نفسها اما بأن أنفقت من غيرها أو أنفق عليها أحد كانت ملكا لها و ليس


1- و في اختلاف مصاديق المتعارف يلاحظ المتوسط بحسب حالهما شأنا و زمانا و مكانا.
2- لا اشكال فيه مع التعارف لكنه فعلا غير متعارف.
3- بل تملك عليه بشرط التمكين الإنفاق، أما بإباحة النفقة لها و اما بتمليكها إياها، فإن ملكها تملكها مراعى بحصول التمكين، فان نشزت تسترد البقية و نرد المثل و القيمة مع الصرف، و كذا لو أباح لها و أتلفت أو كانت باقية.

ص: 228

للزوج استردادها، و كذا لو استفضلت منها شيئا بالتقتير على نفسها كانت الزيادة ملكا لها فليس له استردادها. نعم لو خرجت عن الاستحقاق قبل انقضاء المدة بموت أحدهما أو نشوزها أو طلاقها بائنا يوزع المدفوع على الأيام الماضية و الآتية و يسترد منها بالنسبة الى ما بقي من المدة، بل الظاهر ذلك أيضا فيما إذا دفع لها نفقة يوم و عرضت أحد تلك العوارض في أثناء اليوم، فيسترد الباقي من نفقة ذلك اليوم.

[مسألة: 12 كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام: اما بمؤاكلتها مع الزوج في بيته على العادة كسائر عياله]

مسألة: 12 كيفية الإنفاق بالطعام و الإدام: اما بمؤاكلتها مع الزوج في بيته على العادة كسائر عياله، و اما بتسليم النفقة لها. و ليس له إلزامها بالنحو الأول، فلها أن تمتنع من المؤاكلة معه و تطالبه بكون نفقتها بيدها تفعل بها ما تشاء، الا انه إذا أكلت و شربت معه على العادة سقط ما على الزوج من النفقة، فليس لها ان تطالبه بها بعد ذلك.

[مسألة: 13 ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول]

مسألة: 13 ما يدفع لها للطعام و الإدام إما عين المأكول كالخبز و التمر و الطبيخ و اللحم المطبوخ مما لا يحتاج في إعداده للأكل إلى علاج و مزاولة و مئونة و كلفة، و اما عين يحتاج في ذلك الى ذلك كالحب و الأرز و الدقيق و نحو ذلك، و الظاهر أن الزوج بالخيار بين النحوين (1) و ليس للزوجة الامتناع و إلزامه بالنحو الأول. نعم لو اختار النحو الثاني و احتاج اعداد المدفوع للأكل إلى أجرة أو الى مئونة كالحطب و غيره كان عليه.

[مسألة: 14 إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته]

مسألة: 14 إذا تراضيا على بذل الثمن و قيمة الطعام و الإدام و تسلمت ملكته و سقط ما هو الواجب على الزوج و ليس لكل منهما إلزام الأخر به.

[مسألة: 15 إنما تستحق بالكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره]

مسألة: 15 إنما تستحق بالكسوة على الزوج أن يكسوها بما هو ملكه أو بما استأجره أو استعاره، و لا تستحق عليه ان يدفع إليها بعنوان التمليك، و لو دفع إليها كسوة لمدة جرت العادة ببقائها إليها فكستها فخلقت قبل تلك المدة أو سرقت وجب عليه دفع كسوة أخرى إليها، و لو انقضت المدة و الكسوة باقية ليس لها مطالبة كسوة


1- بشرط ان لا يخرج عن إمساك بمعروف أو كان باختيارها.

ص: 229

أخرى، و لو خرجت في أثناء المدة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق تسترد إذا كانت باقية، و كذلك الكلام في الفراش و الغطاء و اللحاف و الآلات التي دفعها إليها من جهة الإنفاق مما ينتفع بها مع بقاء عينها، فإنها كلها باقية (1) على ملك الزوج تنتفع بها الزوجة، فله استردادها (2) إذا زال استحقاقها الا مع التصريح بإنشاء التمليك لها.

[مسألة: 16 إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق]

مسألة: 16 إذا اختلف الزوجان في الإنفاق و عدمه مع اتفاقهما على الاستحقاق، فان كان الزوج غائبا أو كانت الزوجة منعزلة عنه فالقول قولها بيمينها إذا لم يكن له بينة، و ان كانت في بيته داخلة في عيالاته فالظاهر أن القول قول الزوج بيمينه إذا لم يكن لها بينة.

[مسألة: 17 إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق]

مسألة: 17 إذا كانت الزوجة حاملا و وضعت و قد طلقت رجعيا و اختلفا في وقوع زمان الطلاق، فادعى الزوج انه قبل الوضع و قد انقضت عدتها بالوضع فلا نفقة لها الان، و ادعت هي أنه بعده لتثبت لها النفقة و لم تكن بينة، فالقول قولها مع اليمين، فان حلفت ثبت لها استحقاق النفقة، لكن يحكم عليه بالبينونة و عدم جواز الرجوع من جهة اعترافه بأنها قد خرجت من العدة بالوضع.

[مسألة: 18 إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار]

مسألة: 18 إذا طالبته بالإنفاق و ادعى الإعسار و عدم الاقتدار و لم تصدقه بل ادعت عليه اليسار فالقول قوله بيمينه إذا لم يكن لها بينة، إلا إذا كان مسبوقا باليسار و ادعى تلف أمواله و صيرورته معسرا و أنكرته فإن القول قولها بيمين إذا لم يكن بينة.

[مسألة: 19 لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها]

مسألة: 19 لا يشترط في استحقاق الزوجة النفقة فقرها و احتياجها، فلها على زوجها الإنفاق و بذل مقدار النفقة و ان كانت من أغنى الناس.

[مسألة: 20 إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته]

مسألة: 20 إذا لم يكن له مال يفي بنفقة نفسه و زوجته و أقاربه الواجبي النفقة فهو مقدم على زوجته و هي على أقاربه، فما فضل من قوته صرفه إليها و لا يدفع الى الأقارب إلا ما يفضل من نفقتها.


1- و له تمليكها لها كما مر في النفقة.
2- كما ان لها المطالبة بالتبديل لو خرجت عن شأنها بطول الزمان مع بقاء استحقاقها.

ص: 230

[القول في نفقة الأقارب]

اشارة

القول في نفقة الأقارب:

[مسألة: 1 يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما و ان علوا]

مسألة: 1 يجب الإنفاق على الأبوين و آبائهما و أمهاتهما و ان علوا، و على الأولاد و أولادهم و ان نزلوا ذكورا و إناثا صغيرا كانوا أو كبيرا مسلما كانوا أو كافرا، و لا تجب على غير العمودين من الأقارب كالإخوة و الأخوات و الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و غيرهم، و ان استحب خصوصا الوارث منهم.

[مسألة: 2 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه]

مسألة: 2 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب فقره و احتياجه، بمعنى عدم وجدانه لما يتقوت به فعلا، فلا يجب إنفاق من قدر على نفقته فعلا و ان كان فقيرا لا يملك قوت سنة و جاز له أخذ الزكاة و نحوها. و اما غير الواجد لها فعلا القادر على تحصيلها، فان كان ذلك بغير الاكتساب كالاقتراض و الاستعطاء و السؤال لم يمنع ذلك عن وجوب الإنفاق عليه بلا إشكال، فإذا لم يكن للأب مثلا ما ينفق على نفسه لكن يمكن له الاقتراض أو السؤال و كان بحيث لو اقترض يقرضونه و لو سأل يعطونه و قد تركهما فالواجب على ولده الموسر نفقته (1) و ان كان ذلك بالاكتساب، فان كان ذلك بالاقتدار على تعلم صنعة بها إمرار معاشه كالبنت تقدر على تعلم الخياطة المكفية عن معيشتها و الابن يقدر على تعلم الكتابة أو الصياغة أو النجارة المكفية عن نفقته و قد تركا التعلم فبقيا بلا نفقة فلا إشكال في وجوب الإنفاق عليه (2)، و كذا الحال لو أمكن له التكسب بما يشق عليه تحمله كحمل الأثقال أو لا يناسب شأنه كبعض الأشغال لبعض الأشخاص و لم يتكسب لذلك فإنه يجب على قريبه الإنفاق عليه، و ان كان قادرا على التكسب بما يناسب حاله و شأنه كالقوي القادر على حمل الأثقال و الوضيع اللائق بشأنه بعض الأشغال و من كان كسوبا و له بعض الأشغال و الصنائع و قد ترك ذلك طلبا للراحة فالظاهر عدم وجوب الإنفاق عليه. نعم لو فات عنه زمان اكتسابه بحيث صار محتاجا


1- وجوب نفقة القادر على الاقتراض المتمكن من أدائه محل منع.
2- في حال عجزه.

ص: 231

فعلا بالنسبة إلى يوم و أيام غير قادر على تحصيل نفقتها وجب الإنفاق عليه و ان كان ذلك العجز قد حصل باختياره، كما انه قد ترك التشاغل بالاكتساب لا لطلب الراحة بل لاشتغاله بأمر دنيوي أو ديني مهم كطلب العلم الواجب لم يسقط بذلك التكليف بوجوب الإنفاق عليه.

[مسألة: 3 إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دائما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر]

مسألة: 3 إذا أمكن للمرأة التزويج بمن يليق بها و يقوم بنفقتها دائما أو منقطعا فهل تكون بحكم القادر فلا يجب على أبيها أو ابنها الإنفاق عليها أم لا؟ وجهان أوجههما الثاني.

[مسألة: 4 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه و نفقة زوجته]

مسألة: 4 يشترط في وجوب الإنفاق على القريب قدرة المنفق على نفقته بعد نفقة نفسه و نفقة زوجته لو كانت له زوجة دائمة، فلو حصل له قدر كفاية نفسه خاصة اقتصر على نفسه، و لو فرض انه فضل منه شي ء و كانت له زوجة فلزوجته، فلو فضل منه شي ء فللأبوين و الأولاد.

[مسألة: 5 المراد بنفقة نفسه المقدمة على نفقة زوجته مقدار قوت يومه]

مسألة: 5 المراد بنفقة نفسه المقدمة على نفقة زوجته مقدار قوت يومه و ليلته و كسوته اللائقة بحاله و كل ما اضطر اليه من الآلات للطعام و الشراب و الفراش و الغطاء و غيرها، فان زاد على ذلك شي ء صرفه الى زوجته ثم الى قرابته.

[مسألة: 6 لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة]

مسألة: 6 لو زاد عن نفقته شي ء و لم تكن عنده زوجة، فإن اضطر الى التزويج بحيث يكون في تركه عسر و حرج شديد أو مظنة فساد ديني فله أن يصرفه في التزويج و ان لم يبق لقريبه شي ء، و ان لم يكن كذلك ففي جواز صرفه في الزواج و ترك إنفاق القريب تأمل و إشكال (1).

[مسألة: 7 لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل الى تحصيله بأي وسيلة حتى بالاستعطاء و السؤال]

مسألة: 7 لو لم يكن عنده ما ينفقه على نفسه وجب عليه التوسل الى تحصيله بأي وسيلة حتى بالاستعطاء و السؤال فضلا عن الاكتساب اللائق بالحال، و اما لو لم يكن عنده ما ينفقه على زوجته أو قريبه فلا ينبغي الإشكال في أنه يجب عليه تحصيله


1- الظاهر التفصيل بين الحاجة و لو لم تكن بحد الاضطرار و عدمها، فعلى الأول يصرفه في التزويج لانه يحسب من مئونته و على الثاني بصرفه في القريب.

ص: 232

بالاكتساب اللائق بشأنه و حاله، و لا يجب عليه التوسل الى تحصيله بمثل الاستيهاب و السؤال. نعم لا يبعد وجوب الاقتراض إذا أمكن من دون مشقة و كان له محل الإيفاء فيما بعد، و كذا الشراء نسيئة بالشرطين المذكورين.

[مسألة: 8 لا تقدير في نفقة الأقارب]

مسألة: 8 لا تقدير في نفقة الأقارب، بل الواجب قدر الكفاية من الطعام و الإدام و الكسوة و المسكن مع ملاحظة الحال و الشأن و الزمان و المكان حسب ما مر في نفقة الزوجة.

[مسألة: 9 لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا بتزويج أو إعطاء مهر له أو تمليك امة أو تحليلها عليه]

مسألة: 9 لا يجب إعفاف من وجبت نفقته ولدا كان أو والدا بتزويج أو إعطاء مهر له أو تمليك امة أو تحليلها عليه، و ان كان أحوط مع حاجته الى النكاح و عدم قدرته على التزويج و بذل الصداق خصوصا في الأب.

[مسألة: 10 يجب على الولد نفقة والده دون أولاده لأنهم اخوته و دون زوجته]

مسألة: 10 يجب على الولد نفقة والده دون أولاده لأنهم اخوته و دون زوجته، و يجب على الوالد نفقة ولده دون زوجته. نعم يجب عليه نفقة أولاده أيضا لأنهم أولاده.

[مسألة: 11 لا تقضى نفقة الأقارب و لا يتداركه لو فات في وقته و زمانه و لو بتقصير من المنفق]

مسألة: 11 لا تقضى نفقة الأقارب و لا يتداركه لو فات في وقته و زمانه و لو بتقصير من المنفق، و لا يستقر في ذمته بخلاف الزوجة كما مر. نعم لو لم ينفق عليه لغيبته أو امتنع عن إنفاقه مع يساره و رفع المنفق عليه أمره الى الحاكم فأمره بالاستدانة عليه فاستدان عليه اشتغلت ذمته بما استدانه و وجب عليه قضاؤه، و ان تعذر الحاكم فالظاهر أنه يجتزي بنيته (1)، بمعنى أنه لو استدان بقصد كونه على المنفق وجب عليه قضاؤه.

[مسألة: 12 قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب]

مسألة: 12 قد ظهر مما مر أن وجوب الإنفاق ثابت بشروطه في عمودي النسب- أعني بين الأصول و الفروع دون الحواشي كالإخوة و الأعمام و الأخوال- فليعلم أن لوجوب الإنفاق ترتيب من جهتين: من جهة المنفق، و من جهة المنفق عليه.

اما من جهة الاولى فتجب نفقة الولد ذكرا كان أو أنثى على أبيه، و مع عدمه أو فقره فعلى جدة للأب، و مع عدمه أو إعساره فعلى جد الأب، و هكذا متعاليا الأقرب


1- و الأحوط أن يكون ذلك بعد رفع الأمر إلى العدول و تكون الاستدانة بأمرهم.

ص: 233

فالأقرب. و لو عدمت الإباء أو كانوا معسرين فعلى أم الولد، و مع عدمها أو إعسارها فعلى أبيها و أمها و أبي أبيها و أم أبيها و أبي أمها و أم أبيها و هكذا الأقرب فالأقرب، و مع التساوي في الدرجة يشتركون في الإنفاق بالسوية، و ان اختلفوا في الذكورة و الأنوثة. و في حكم آباء الام و أمهاتها أم الأب و كل من تقرب الى الأب بالأم كأبي أم الأب و أم أم الأب و أم أبي الأب و هكذا، فإنه تجب عليهم نفقة الولد مع فقد آبائه و أمه مع مراعاة الأقرب فالأقرب إلى الولد، فإذا كان له أب وجد موسران كانت نفقته على الأب، و إذا كان له أب مع أم كانت نفقته على الأب، و إذا كان له جد لأب مع أم كانت نفقته على الجد، و إذا كان له جد لام مع أم كانت نفقته على الام، و إذا كان له جد و جدة لأم تشاركا في الإنفاق عليه بالسوية، و إذا كانت له جدة لأب مع جد و جدة لأم تشاركوا فيه ثلاثا.

هذا كله في الأصول أعني الإباء و الأمهات، و اما الفروع أعني الأولاد فتجب نفقة الأب و الام عند الإعسار على الولد مع اليسار ذكرا كان أم أنثى، و مع فقده أو إعساره فعلى ولد الولد- أعني ابن ابن أو بنت و بنت ابن أو بنت- و هكذا الأقرب فالأقرب، و مع التعدد و التساوي في الدرجة يشتركون بالسوية، فلو كان له ابن أو بنت مع ابن ابن مثلا كانت نفقته على الابن أو البنت، و لو كان له ابنان أو بنتان أو ابن و بنت اشتركا في الإنفاق بالسوية، و إذا اجتمع الأصول مع الفروع يراعى الأقرب فالأقرب، و مع التساوي يتشاركون، فإذا كان له أب مع ابن أو بنت تشاركا بالسوية، و إذا كان له أب مع ابن ابن أو ابن بنت كانت نفقته على الأب، و إذا كان له ابن و جد لأب كانت على الابن، و إذا كان له ابن ابن مع جد لأب تشاركا بالسوية. و إذا كانت له أم مع ابن ابن أو ابن بنت مثلا كانت نفقته على الام. و يشكل الأمر فيما إذا اجتمعت الام مع الابن أو البنت، و الأحوط التراضي (1) و التصالح على الاشتراك بالتسوية.


1- بل الأحوط التراضي و التصالح في أكثر الفروع المذكورة مما لم يكن فيه وجه صحيح لتقدم بعض على بعض.

ص: 234

و أما من الجهة الثانية فإذا كان عنده زائدا على نفقته و نفقة زوجته ما يكفي لإنفاق جميع أقاربه المحتاجين وجب عليه نفقة الجميع، و إذا لم يكف الا لإنفاق بعضهم ينفق على الأقرب فالأقرب منهم، فإذا كان عنده ابن أو بنت مع ابن ابن و كان عنده ما يكفي أحدهما ينفق على الابن أو البنت دون ابن ابن، و إذا كان عنده أبواه مع ابن ابن و ابن بنت أو مع جد و جدة لأب أو لام أو بالاختلاف و كان عنده ما يكفي اثنين أنفق على الأبوين و هكذا. و اما إذا كان عنده قريبان أو أزيد في مرتبة واحدة و كان عنده ما لا يكفي الجميع فالأقرب انه يقسم بينهم بالسوية (1).

[مسألة: 13 لو كان له ولدان و لم يقدر الا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر]

مسألة: 13 لو كان له ولدان و لم يقدر الا على نفقة أحدهما و كان له أب موسر، فان اختلفا في قدر النفقة و كان ما عنده يكفي لأحدهما بعينه كالاقل نفقة اختص به و كان نفقة الأخر على أبيه جد الولدين، و ان اتفقا في مقدار النفقة فإن توافق مع الجد في ان يشتركا في إنفاقهما أو تراضيا على أن يكون أحدهما المعين في نفقة أحدهما و الأخر في نفقة آخر فهو، و الا رجعا إلى القرعة.

[مسألة: 14 لو دافع و امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم]

مسألة: 14 لو دافع و امتنع من وجبت عليه النفقة عن الإنفاق أجبره الحاكم، و مع عدمه فعدول المؤمنين، و ان لم يمكن إجباره فإن كان له مال أمكن للمنفق عليه أن يقتص منه (2) مقدار نفقته جاز له، و الا أمره الحاكم بالاستدانة عليه، و مع تعذر الحاكم (3) جاز له ذلك كما مر.

[مسألة: 15 تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره حتى النحل ودود القز على مالكه]

مسألة: 15 تجب نفقة المملوك رقيقا كان أو غيره حتى النحل ودود القز على مالكه، و مولى الرقيق بالخيار بين الإنفاق عليه من خالص ماله أو من كسبه، بأن يرخصه في ان يكتسب و يصرف ما حصله في نفقته و ما زاد لسيده، فلو قصر كسبه عن نفقته كان على المولى إتمامه، و لا تقدير لنفقته بل الواجب قدر الكفاية من طعام و إدام و كسوة، و يرجع في جنس ذلك الى عادة مماليك أمثال السيد مع أهل بلده، كما


1- ان أمكن و الا يرجع الى القرعة.
2- بإذن الحاكم على الأحوط.
3- و تعذر العدول.

ص: 235

انه لا تقدير لنفقة البهيمة، بل الواجب القيام بما تحتاج اليه من أكل و سقي و مكان رحل و نحو ذلك، و أما مالكها بالخيار بين علفها و إطعامها و بين تخليتها ترعى في خصب الأرض، فإن اجتزأت بالرعي و الا علفها بمقدار كفايتها.

[مسألة: 16 لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه أو غيره ما يزيل ملكه عنه]

مسألة: 16 لو امتنع المولى من الإنفاق على رقيقه أجبر على بيعه أو غيره ما يزيل ملكه عنه أو الإنفاق عليه، كما أنه لو امتنع المالك من الإنفاق على البهيمة و لو بتخليتها للرعي الكافي لها أجبر على بيعها أو الإنفاق عليها أو ذبحها ان كانت مما يقصد بذبحها اللحم.

ص: 236

[كتاب الطلاق]

اشارة

كتاب الطلاق و له شروط و لواحق و أحكام

[القول في شروطه]

اشارة

القول في شروطه:

[مسألة: 1 يشترط في الزوج المطلق البلوغ و العقل]

مسألة: 1 يشترط في الزوج المطلق البلوغ و العقل، فلا يصح طلاق الصبي لا بالمباشرة و لا بتوكيل الغير و ان كان مميزا و له عشر سنين، و ان كان الاحتياط في الطلاق الواقع ممن بلغ العشر لا ينبغي تركه (1) لمكان بعض الاخبار و فتوى جماعة من الفقهاء بصحته، و لا طلاق المجنون مطبقا أو أدوارا حال جنونه، و يلحق به السكران و نحوه ممن زال عقله.

[مسألة: 2 و كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل لا يصح طلاق وليه عنه كأبيه]

مسألة: 2 و كما لا يصح طلاق الصبي بالمباشرة و التوكيل لا يصح طلاق وليه عنه كأبيه و جده فضلا عن الوصي و الحاكم. نعم لو بلغ فاسد العقل أو طرأ عليه الجنون بعد البلوغ طلق عنه وليه مع مراعاة الغبطة و الصلاح، فان لم يكن له أب و جد فالأمر إلى الحاكم، و ان كان أحدهما معه فالأحوط ان يكون الطلاق منه مع الحاكم (2).

[مسألة: 3 و يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار]

مسألة: 3 و يشترط في الزوج المطلق القصد و الاختيار، بمعنى عدم الإكراه


1- بل لا يترك.
2- الأقوى فيمن بلغ فاسد العقل كون الولاية للأب و الجد، و فيمن طرأ عليه الجنون كون الولاية للحاكم، و ان كان الاحتياط في استيذانهما في الفرض الأول من الحاكم و استيذانه في الفرض الثاني منهما حسنا.

ص: 237

و الإجبار، فلا يصح طلاق غير القاصد كالنائم و الساهي و الغالط، بل الهازل الذي لا يريد وقوع الطلاق جدا بل يتكلم بلفظه هزلا. و كذا لا يصح طلاق المكره الذي قد الزم على إيقاعه مع التوعيد و التهديد على تركه.

[مسألة: 4 الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضر بحاله عليه]

مسألة: 4 الإكراه هو حمل الغير على إيجاد ما يكره إيجاده مع التوعيد على تركه بإيقاع ما يضر بحاله عليه (1) نفسا أو عرضا أو مالا، بشرط كون الحامل قادرا على إيقاع ما توعد به مع العلم أو الظن بإيقاعه (2) على تقدير عدم امتثاله. و يلحق به (3) موضوعا أو حكما ما إذا أمره بإيجاد ما يكرهه مع خوف المأمور به من عقوبته و الإضرار عليه لو خالفه و ان لم يقع منه توعيد أو تهديد. و لا يلحق به موضوعا و لا حكما ما لو أوقع الفعل مخافة إضرار الغير عليه بتركه من دون إلزام منه عليه، فلو تزوج على امرأة ثم رأى انه لو بقيت في حباله لوقعت عليه وقيعة من بعض متعلقيها كأبيها أو أخيها فالتجأ إلى طلاقها فطلقها فإنه يصح طلاقها.

[مسألة: 5 لو قدر المأمور على دفع ضرر الأمر ببعض التفصيات مما ليس فيه ضرر عليه]

مسألة: 5 لو قدر المأمور على دفع ضرر الأمر ببعض التفصيات مما ليس فيه ضرر عليه (4) كالفرار و الاستعانة بالغير لم يتحقق الإكراه، فلو أوقع الطلاق مثلا حينئذ وقع صحيحا. نعم لو قدر على التورية و أوقع الطلاق من دون تورية (5) فالظاهر وقوعه مكرها عليه و باطلا.

[مسألة: 6 لو أكرهه على طلاق احدى زوجتيه فطلق إحداهما المعينة وقع مكرها عليه]

مسألة: 6 لو أكرهه على طلاق احدى زوجتيه فطلق إحداهما المعينة وقع مكرها عليه، و لو طلقهما معا ففي وقوع طلاق إحداهما مكرها عليه فيعين بالقرعة أو صحة كليهما وجهان لا يخلو أولهما من رجحان، و أما لو أكرهه على طلاق كلتيهما فطلق إحداهما فالظاهر أنه وقع مكرها عليه.


1- أو بحال منسوبيه ممن يجرى مجرى نفسه كالولد و الوالد و الزوجة مثلا أو عبده و خادمه و كل من يتعلق به.
2- بل يكفى خوف إيقاعه فيما كان احتماله احتمالا عقلائيا.
3- فيه تأمل و اشكال فلا يترك فيه مراعاة الاحتياط.
4- و لم يكن شاقا عليه.
5- مع عدم الالتفات اليه لدهشة و نحوها.

ص: 238

[مسألة: 7 لو أكرهه على أن يطلق زوجته ثلاث طلقات بينهما رجعتان فطلقها واحدة أو اثنين]

مسألة: 7 لو أكرهه على أن يطلق زوجته ثلاث طلقات بينهما رجعتان فطلقها واحدة أو اثنين ففي وقوع ما أوقعه مكرها عليه إشكال، إلا إذا كان ذلك بقصد احتمال التخلص عن المكروه و انه لعل المكره اقتنع بما أوقعه (1) و أغمض عما لم يوقعه.

[مسألة: 8 لو أوقع الطلاق عن إكراه ثم تعقبه الرضا لم يفد ذلك في صحته]

مسألة: 8 لو أوقع الطلاق عن إكراه ثم تعقبه الرضا لم يفد ذلك في صحته، و ليس كالعقد المكره عليه الذي تعقبه الرضا.

[مسألة: 9 لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به]

مسألة: 9 لا يعتبر في الطلاق اطلاع الزوجة عليه فضلا عن رضاها به.

[مسألة: 10 يشترط في المطلقة أن تكون زوجة دائمة فلا يقع الطلاق على المتمتع بها]

مسألة: 10 يشترط في المطلقة أن تكون زوجة دائمة فلا يقع الطلاق على المتمتع بها، و ان تكون طاهرا من الحيض و النفاس فلا يصح طلاقي الحائض و النفساء و المراد بهما ذات الدمين فعلا أو حكما كالنقاء المتخلل في البين (2)، فلو نقتا من الدمين و لما تغتسلا من الحدث صح طلاقهما، و ان لا تكون في طهر واقعها فيه زوجها.

[مسألة: 11 انما يشترط خلو المطلقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها]

مسألة: 11 انما يشترط خلو المطلقة من الحيض في المدخول بها الحائل دون غير المدخول بها و دون الحامل بناء على مجامعة الحيض للحمل كما هو الأقوى، فإنه يصح طلاقهما في حال الحيض. و كذا يشترط ذلك فيما إذا كان الزوج حاضرا، بمعنى كونهما في بلد واحد حين الطلاق، و أما إذا كان غائبا فيصح طلاقها و ان وقع في حال الحيض، لكن إذا لم يعلم حالها من حيث الطهر و الحيض و تعذر أو تعسر عليه استعلامها، فإذا علم أنها في حال الحيض و لو من جهة علمه بعادتها الوقتية على الأظهر أو تمكن من استعلام حالها و طلقها فتبين وقوعه في حال الحيض بطل الطلاق.

[مسألة: 12 إذا غاب الزوج، فان خرج في حال حيضها لم يجز طلاقها الا بعد مضي مدة قطع بانقطاع ذلك الحيض]

مسألة: 12 إذا غاب الزوج، فان خرج في حال حيضها لم يجز طلاقها الا بعد مضي مدة قطع بانقطاع ذلك الحيض، فان طلقها بعد ذلك في زمان لم يعلم بكونها


1- أو كان ما أوعده على ترك الثالث أهون و كان تحمله عليه أسهل.
2- هذا على مختاره من إلحاق المتخلل بالدم، و اما على ما مر منا من لزوم الاحتياط في أيام النقاء فلا يترك الاحتياط بعدم الاكتفاء بالطلاق فيها للتسريح و عدم الإمساك بعده الا بعقد جديد.

ص: 239

حائضا في ذلك الزمان صح طلاقها و ان تبين وقوعه في حال الحيض، و ان خرج في حال الطهر الذي لم يواقعها فيه طلقها في أي زمان لم يعلم بكونها حائضا و صح طلاقها و ان صادف زمان الحيض، و أما ان خرج في الطهر الذي واقعها فيه ينتظر مضي زمان انتقلت بمقتضى العادة (1) من ذلك الطهر الى طهر آخر و يكفي تربص شهر (2)، و الأحوط أن لا ينقص عن ذلك (3)، و الاولى تربص ثلاثة أشهر (4)، فإذا أوقع الطلاق بعد التربص لم يضر مصادفة الحيض في الواقع، بل الظاهر أنه لا يضر مصادفته للطهر الذي واقعها فيه، بأن طلقها بعد شهر مثلا ثم تبين انها لم تخرج من الطهر الأول الى ذلك الزمان.

[مسألة: 13 الحاضر الذي يتعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب]

مسألة: 13 الحاضر الذي يتعذر أو يتعسر عليه معرفة حال المرأة من حيث الطهر و الحيض كالغائب، كما أن الغائب لو فرض إمكان علمه بحالها (5) كان كالحاضر.

[مسألة: 14 يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة و الصغيرة]

مسألة: 14 يجوز الطلاق في الطهر الذي واقعها فيه في اليائسة و الصغيرة و في الحامل و المسترابة و هي المرأة التي كانت في سن من تحيض و هي لا ترى الحيض لخلقة أو عارض، لكن يشترط في الأخيرة- يعني المسترابة- مضي ثلاثة أشهر من زمان المواقعة، فإذا أراد تطليق هذه المرأة اعتزلها ثلاثة أشهر ثم طلقها، فلو طلقها قبل مضي ثلاثة أشهر من حين المواقعة لم يقع الطلاق.

[مسألة: 15 لا يشترط في تربص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك]

مسألة: 15 لا يشترط في تربص ثلاثة أشهر في المسترابة أن يكون اعتزاله عنها لأجل ذلك و بقصد أن يطلقها بعد ذلك، فلو واقعها ثم لم يتفق له المواقعة بسبب من الأسباب الى أن مضى ثلاثة أشهر ثم بدا له ان يطلقها صح طلاقها في الحال و لم


1- إذا علم بمقتضاها، و الا فكون العادة طريقا للانتقال محل منع حيث انها طريق للحكم بكون الدم المشتبه حيضا، و اما كونها طريقا لرؤية الدم عند الشك فيها فلم يدل عليه دليل.
2- ان لم يعلم بعدم انتقاله بتربص الشهر.
3- لا يترك.
4- ان لم يعلم قبل ذلك بانتقالها.
5- بلا تعسر.

ص: 240

يحتج الى تجديد الاعتزال.

[مسألة: 16 لو واقعها في حال الحيض لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة]

مسألة: 16 لو واقعها في حال الحيض لم يصح طلاقها في الطهر الذي بعد تلك الحيضة، بل لا بد من إيقاعه في طهر آخر بعد حيض آخر، لان ما هو شرط في الحقيقة هو كونها مستبرأة بحيضة بعد المواقعة لا مجرد وقوع الطلاق في طهر غير طهر المواقعة.

[مسألة: 17 يشترط في صحة الطلاق تعين المطلقة]

مسألة: 17 يشترط في صحة الطلاق تعين المطلقة، بأن يقول «فلانة طالق» أو يشير إليها بما يرفع الإبهام و الإجمال، فلو كانت له زوجة واحدة فقال «زوجتي طالق» صح، بخلاف ما إذا كانت له زوجتان أو أكثر و قال «زوجتي طالق»، فإنه لا يصح الا إذا نوى في نفسه معينة، و يقبل تفسيره بمعينة من غير يمين.

[القول في الصيغة]

اشارة

القول في الصيغة:

[مسألة: 1 لا يقع الطلاق إلا بصيغة خاصة، و هي قوله «أنت طالق»]

مسألة: 1 لا يقع الطلاق إلا بصيغة خاصة، و هي قوله «أنت طالق» أو «فلانة أو هذه» أو ما شاكلها من الألفاظ الدالة على تعيين المطلقة، فلا يقع بقوله «أنت أو هي مطلقة» (1) أو «طلقت فلانة» فضلا عن بعض الكنايات كقوله «أنت خلية أو برية أو حبلك على غاربك أو الحقي بأهلك» و غير ذلك، فإنه لا يقع له الطلاق و ان نواه، حتى قوله «اعتدي» المنوي به الطلاق على الأقوى.

[مسألة: 2 يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة]

مسألة: 2 يجوز إيقاع طلاق أكثر من زوجة واحدة بصيغة واحدة، فلو كانت عنده زوجتان أو ثلاث فقال «زوجتاي طالقان أو زوجاتي طوالق» صح طلاق الجميع.

[مسألة: 3 لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من لغة غير عربية مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة]

مسألة: 3 لا يقع الطلاق بما يرادف الصيغة المزبورة من لغة غير عربية مع القدرة على إيقاعه بتلك الصيغة، و اما مع العجز عنها فيجزي إيقاعه بما يرادفها بأي لغة كان، و كذا لا يقع بالإشارة و لا بالكتابة مع القدرة على النطق، و أما مع العجز


1- و لا بقوله «من المطلقات» أو «أنت الطلاق» أو «طلاق».

ص: 241

عنه كما في الأخرس يصح منه إيقاعه بهما، و الأحوط تقديم الكتابة لمن يعرفها على الإشارة.

[مسألة: 4 يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته بنفسه بالمباشرة أو بتوكيل غيره]

مسألة: 4 يجوز للزوج أن يوكل غيره في تطليق زوجته بنفسه بالمباشرة أو بتوكيل غيره، سواء كان الزوج غائبا أو حاضرا، بل و كذا له أن يوكل نفس الزوجة في تطليق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها.

[مسألة: 5 يجوز أن يوكلها على انه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلا أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر]

مسألة: 5 يجوز أن يوكلها على انه لو طال سفره أزيد من ثلاثة شهور مثلا أو سامح في إنفاقها أزيد من شهر مثلا طلقت نفسها، لكن يشترط ان يكون الشرط قيدا للموكل فيه لا تعليقا في الوكالة فتبطل كما مر في كتاب الوكالة.

[مسألة: 6 يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علقه بشرط بطل]

مسألة: 6 يشترط في صيغة الطلاق التنجيز، فلو علقه بشرط بطل، سواء كان مما يحتمل وقوعه كما إذا قال «أنت طالق ان جاء زيد» أو مما يتيقن حصوله كما إذا قال «إذا طلعت الشمس». نعم لا يبعد جواز تعليقه بما يكون معلقا عليه في الواقع كما إذا قال «ان كانت فلانة زوجتي فهي طالق»، سواء كان عالما بأنها زوجته أو جاهلا به.

[مسألة: 7 لو كرر صيغتي الطلاق ثلاثا فقال «هي طالق، هي طالق، هي طالق» من دون تخلل رجعة في البين]

مسألة: 7 لو كرر صيغتي الطلاق ثلاثا فقال «هي طالق، هي طالق، هي طالق» من دون تخلل رجعة في البين قاصدا تعدد الطلاق تقع واحدة و لغت الأخريان، و لو قال «هي طالق ثلاثا» لم تقع الثلاث قطعا، و هل تقع واحدة كالصورة السابقة أو يبطل الطلاق و لغت الصيغة بالمرة قولان، أقواهما الثاني (1) و ان كان الأشهر هو الأول، و عند العامة وقوع الثلاث في الصورتين فتبين منه و حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره.

[مسألة: 8 لو كان الزوج من العامة ممن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا]

مسألة: 8 لو كان الزوج من العامة ممن يعتقد وقوع الثلاث بثلاث مرسلة أو مكررة و أوقع الطلاق ثلاثا بأحد النحوين الزم بذلك، سواء كانت المرأة شيعية أو مخالفة و نرتب نحن عليها آثار المطلقة ثلاثا، فلو رجع إليها نحكم ببطلانه (2) فنتزوج


1- ان أراد بهذه اللفظة إيقاع ثلاث طلقات.
2- يعد ما كانت باطلة عندهم.

ص: 242

بها بعد انقضاء العدة، و كذلك الزوجة إذا كانت شيعية جاز لها التزويج بالغير. و لا فرق في ذلك بين الطلاق ثلاثا و غيره مما هو صحيح عندهم فاسد عندنا كالطلاق المعلق و الحلف بالطلاق و الطلاق في طهر المواقعة و الحيض و بغير شاهدين، فان المذكورات و ان كانت فاسدة عندنا فإذا وقعت من رجل منا لا نرتب على زوجته آثار المطلقة، و لكن إذا وقعت من أحد المخالفين القائلين بصحتها نرتب على طلاقه بالنسبة إلى زوجته آثار الطلاق الصحيح فنتزوج بها بعد انقضاء العدة. و هذا الحكم جار في غير الطلاق أيضا، فنأخذ بالعول و التعصيب منهم الميراث مثلا مع أنهما باطلان عندنا، و التفصيل لا يسع هذا المختصر.

[مسألة: 9 يشترط في صحة الطلاق زائدا على ما مر الاشهاد]

مسألة: 9 يشترط في صحة الطلاق زائدا على ما مر الاشهاد، بمعنى إيقاعه بحضور عدلين ذكرين يسمعان الإنشاء، سواء قال لهما اشهدا أو لم يقل، و يعتبر اجتماعهما حين سماع الإنشاء، فلو شهد أحدهما و سمع في مجلس ثم كرر اللفظ و سمع الأخر في مجلس آخر بانفراده لم يقع الطلاق. نعم لو شهدا بإقراره بالطلاق لم يعتبر اجتماعهما لا في تحمل الشهادة و لا في أدائها. و لا اعتبار بشهادة النساء و سماعهن لا منفردات و لا منضمات بالرجال.

[مسألة: 10 لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين]

مسألة: 10 لو طلق الوكيل عن الزوج لا يكتفى به مع عدل آخر في الشاهدين، كما أنه لا يكتفى بالموكل مع عدل آخر.

[مسألة: 11 المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام ما رتب عليه بعض الاحكام]

مسألة: 11 المراد بالعدل في هذا المقام ما هو المراد به في غير المقام ما رتب عليه بعض الاحكام، و هو من كانت له حالة رادعة عن ارتكاب الكبائر و الإصرار على الصغائر، و هي التي تسمى بالملكة، و الكاشف عنها حسن الظاهر، بمعنى كونه عند الناس حسن الافعال، بحيث لو سألوا عن حاله قالوا في حقه هو رجل خير لم نر منه الا خيرا، و مثل هذا الشخص ليس عزيز المنال.

[مسألة: 12 لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلق]

مسألة: 12 لو كان الشاهدان عادلين في اعتقاد المطلق أصيلا كان أو وكيلا

ص: 243

فاسقين في الواقع يشكل ترتيب آثار الطلاق الصحيح لمن يطلع على فسقهما (1)، و كذلك إذا كانا عادلين في اعتقاد الوكيل دون الموكل فإنه يشكل جواز ترتيب آثار الطلاق على طلاقه، بل الأمر فيه أشكل من سابقه.

[القول في أقسام الطلاق]

اشارة

القول في أقسام الطلاق:

الطلاق نوعان: بدعي، و سني. فالأول هو غير الجامع للشرائط المتقدمة، و هو على أقسام: فاسدة عندنا صحيحة عند غيرنا، فالبحث عنها لا يهمنا. و الثاني ما جمع الشرائط في مذهبنا، و هو قسمان بائن و رجعي، فالبائن ما ليس للزوج الرجوع إليها بعده، سواء كانت لها عدة أم لا، و هو ستة:

الأول الطلاق قبل الدخول، الثاني طلاق الصغيرة أعني من لم تبلغ التسع و ان دخل بها، الثالث طلاق اليائسة و هذه الثلاث ليس لها عدة كما يأتي، الرابع و الخامس طلاق الخلع و المبارأة مع عدم رجوع الزوجة فيما بذلت و الا كانت له الرجعة، السادس الطلاق الثالث إذا وقع منه رجوعان في البين (2) بين الأول و الثاني و بين الثاني و الثالث و اما إذا وقع الثلاث متوالية بلا رجعة صحت و وقعت واحدة كما مر.

[مسألة: 1 إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد]

مسألة: 1 إذا طلقها ثلاثا مع تخلل رجعتين حرمت عليه و لو بعقد جديد، و لا تحل له الا بعد أن تنكح زوجا غيره، فإذا نكحها غيره ثم فارقها بموت أو طلاق و انقضت عدتها جاز للأول نكاحها.

[مسألة: 2 كل امرأة حرة و ان كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا مع تخلل رجعتين في البين حرمت على المطلق]

مسألة: 2 كل امرأة حرة و ان كانت تحت عبد إذا استكملت الطلاق ثلاثا مع تخلل رجعتين في البين حرمت على المطلق حتى تنكح زوجا غيره، سواء واقعها بعد كل رجعة و طلقها في طهر آخر غير طهر المواقعة و هذا يقال له «طلاق العدة» أو لم يواقعها، سواء وقع كل طلاق في طهر أو وقع الجميع في طهر واحد، فلو طلقها


1- بل لا يجوز بلا اشكال فيه و في الفرض الثاني.
2- أو عقدان أو عقد و رجوع كما يأتي منه تفصيله.

ص: 244

مع الشرائط ثم راجعها ثم طلقها ثم راجعها في مجلس واحد حرمت عليه، فضلا عما إذا طلقها ثم راجعها ثم تركها حتى حاضت و طهرت ثم طلقها و راجعها ثم تركها حتى حاضت و طهرت ثم طلقها. هذا في الحرة و أما الأمة فإذا طلقت طلاقين بينهما رجعة حرمت على زوجها حتى تنكح زوجا غيره و ان كانت تحت حر.

[مسألة: 3 العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق]

مسألة: 3 العقد الجديد بحكم الرجوع في الطلاق، فلو طلقها ثلاثا بينها عقدان مستأنفان حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، سواء لم تكن لها عدة، كما إذا طلقها قبل الدخول ثم عقد عليها ثم طلقها ثم عقد عليها ثم طلقها أو كانت ذات عدة و عقد عليها بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 4 المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول]

مسألة: 4 المطلقة ثلاثا إذا نكحت زوجا آخر و فارقها بموت أو طلاق حلت للزوج الأول و جاز له العقد عليها بعد انقضاء العدة من الزوج الثاني، فإذا طلقها ثلاثا حرمت عليه أيضا حتى تنكح زوجا آخر و ان كان ذاك الزوج الثاني في الثلاثة الأولى، فإذا فارقها حلت للأول، فإذا عقد عليها و طلقها ثلاثا حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره، و هكذا تحرم عليه بعد كل طلاق ثالث و تحل له بنكاح الغير بعده و ان طلقت مائة مرة. نعم لو طلقت تسعا طلاق العدة بالتفسير الذي أشرنا إليه حرمت عليه ابدا، و ذلك بأن طلقها ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر ثم راجعها ثم واقعها ثم طلقها في طهر آخر، و هذا هو طلاق العدة، فإذا حلت للمطلق بنكاح زوج آخر و عقد عليها ثم طلقها ثلاثا كالثلاثة الاولى ثم حلت له بمحلل آخر ثم عقد عليها ثم طلقها ثلاثا كالأوليين حرمت عليه ابدا.

و بالجملة انما توجب تسع طلقات الحرمة المؤبدة إذا وقع طلاق العدة ثلاث مرات، و يعتبر فيه أمران:

أحدهما- تخلل رجعتين، فلا يكفي وقوع عقدين مستأنفين و لا وقوع رجعة و عقد مستأنف في البين.

ص: 245

الثاني- وقوع المواقعة بعد كل رجعة، فطلاق العدة مركب من ثلاث طلقات اثنتان منها رجعية و واحدة منها بائنة، فإذا وقعت ثلاثة منه حتى كملت تسع طلقات حرمت عليه ابدا. هذا و الأحوط الاجتناب عن المطلقة تسعا مطلقا و ان لم يكن الجميع طلاق العدة.

[مسألة: 5 إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر]

مسألة: 5 إنما يوجب التحريم الطلقات الثلاث إذا لم تنكح في البين زوجا آخر، و اما ان تزوجت للغير انهدم حكم ما سبق و تكون كأنها غير مطلقة، و يتوقف التحريم على إيقاع ثلاث طلقات مستأنفة.

[مسألة: 6 قد مر أن المطلقة ثلاثا تحرم على المطلق حتى تنكح زوجا غيره]

مسألة: 6 قد مر أن المطلقة ثلاثا تحرم على المطلق حتى تنكح زوجا غيره و يعتبر في زوال التحريم به أمور ثلاثة:

الأول: ان يكون الزوج المحلل بالغا، فلا اعتبار بنكاح غير البالغ و ان كان مراهقا.

الثاني: ان يطأها قبلا وطيا موجبا للغسل بغيبوبة الحشفة أو مقدارها من مقطوعها، و هل يعتبر الانزال؟ فيه إشكال، الأحوط اعتباره.

الثالث: ان يكون العقد دائما لا متعة.

[مسألة: 7 لو طلقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت انها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة و احتمل صدقها]

مسألة: 7 لو طلقها ثلاثا و انقضت مدة فادعت انها تزوجت و فارقها الزوج الثاني و مضت العدة و احتمل صدقها صدقت و يقبل قولها بلا يمين، فللزوج الأول أن ينكحها بعقد جديد و ليس عليه الفحص و التفتيش، و الأحوط الاقتصار على ما إذا كانت ثقة أمينة (1).

[مسألة: 8 إذا دخل المحلل فادعت الدخول و لم يكذبها صدقت و حلت للزوج الأول]

مسألة: 8 إذا دخل المحلل فادعت الدخول و لم يكذبها صدقت و حلت للزوج الأول، و ان كذبها لا يبعد قبول قولها أيضا، لكن الأحوط (2) الاقتصار على صورة حصول الاطمئنان بصدقها. و لو ادعت الإصابة ثم رجعت عن قولها، فان كان


1- بل يكفى ان لا تكون متهمة.
2- بل يكفى ان لا تكون متهمة.

ص: 246

قبل أن يعقد الأول عليها لم تحل له، و ان كان بعد العقد عليها لم يقبل رجوعها.

[مسألة: 9 لا فرق في الوطي المعتبر في المحلل بين المحرم و المحل]

مسألة: 9 لا فرق في الوطي المعتبر في المحلل بين المحرم و المحل، فلو وطأها محرما كالوطي في الإحرام أو في الصوم الواجب أو في الحيض و نحو ذلك كفى في حصول التحليل للزوج الأول.

[مسألة: 10 لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح]

مسألة: 10 لو شك الزوج في إيقاع أصل الطلاق على زوجته لم يلزمه الطلاق بل يحكم ظاهرا ببقاء علقة النكاح، و لو علم بأصل الطلاق و شك في عدده بنى على الأقل، سواء كان الطرف الأكثر الثلاث أو التسع، فلا يحكم مع الشك بالحرمة الغير مؤبدة في الأول و بالحرمة الأبدية في الثاني. نعم لو شك بين الثلاث و التسع يشكل البناء على الأول بحيث تحل له بالمحلل.

[القول في العدد]

القول في العدد:

انما يجب الاعتداد بأمور ثلاثة: الفراق بين الزوج و الزوجة بطلاق أو فسخ أو انفساخ في العقد الدائم و انقضاء مدة أو بذلها في المتعة، و موت الزوج، و وطي الشبهة.

[ (فصل) في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره]

اشارة

(فصل) في عدة الفراق طلاقا كان أو غيره

[مسألة: 1 لا عدة على من لم يدخل بها و لا على الصغيرة]

مسألة: 1 لا عدة (1) على من لم يدخل بها (2) و لا على الصغيرة، و هي من لم تكمل التسع و ان دخل بها، و لا على اليائسة، سواء بانت في ذلك كله بطلاق أو فسخ أو هبة مدة أو انقضائها.


1- في غير المتوفّى عنها زوجها و يأتي حكمها مفصلا.
2- نعم إذا سبق ماؤه في فرجها من غير وطي بالمساحقة أو بالإنزال أو بوسيلة الإبرة فالظاهر وجوب العدة سواء حملت أم لا، فالموجب لها أحد الأمرين من الدخول و لو بغير إنزال و دخول مائه و لو بغير وطي.

ص: 247

[مسألة: 2 يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا أو دبرا و ان لم ينزل]

مسألة: 2 يتحقق الدخول بإيلاج تمام الحشفة قبلا أو دبرا و ان لم ينزل، بل و ان كان مقطوع الأنثيين.

[مسألة: 3 يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها]

مسألة: 3 يتحقق اليأس ببلوغ ستين في القرشية و خمسين في غيرها، و الأحوط مراعاة الستين مطلقا بالنسبة إلى التزويج بالغير و خمسين كذلك بالنسبة إلى الرجوع إليها.

[مسألة: 4 لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين]

مسألة: 4 لو طلقت ذات الأقراء قبل بلوغ سن اليأس و رأت الدم مرة أو مرتين ثم يئست أكملت العدة بشهر أو شهرين، و كذلك ذات الشهور إذا اعتدت شهرا أو شهرين ثم يئست أتمت ثلاثة.

[مسألة: 5 المطلقة و من ألحقت بها ان كانت حاملا فعدتها مدة حملها]

مسألة: 5 المطلقة و من ألحقت بها ان كانت حاملا فعدتها مدة حملها، و تنقضي بأن تضع حملها و لو بعد الطلاق بلا فصل، سواء كان تاما أو غير تام، و لو كان مضغة أو علقة ان تحقق انه حمل.

[مسألة: 6 انما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة]

مسألة: 6 انما تنقضي العدة بالوضع إذا كان الحمل ملحقا بمن له العدة، فلا عبرة بوضع من لم يلحق به في انقضاء عدته، فلو كانت حاملا من زنا قبل الطلاق أو بعده لم تخرج من العدة بالوضع، بل يكون انقضاؤها بالأقراء و الشهور كغير الحامل، فوضع هذا الحمل لا أثر له أصلا لا بالنسبة إلى الزاني لأنه لا عدة له و لا بالنسبة إلى المطلق لان الولد ليس له. نعم إذا حملت من وطي الشبهة قبل الطلاق أو بعده بحيث يلحق الولد بالواطي لا بالزوج فوضعه سبب لانقضاء العدة، لكن بالنسبة إلى الواطي لا بالنسبة إلى الزوج المطلق.

[مسألة: 7 لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول، فلا رجعة للزوج بعده]

مسألة: 7 لو كانت حاملا باثنين مثلا بانت بوضع الأول (1)، فلا رجعة للزوج بعده، و لا تنكح زوجا الا بعد وضع الأخير على الأحوط فيهما.

[مسألة: 8 لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطي لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلقها الزوج]

مسألة: 8 لو وطئت شبهة فحملت و ألحق الولد بالواطي لبعد الزوج عنها أو لغير ذلك ثم طلقها الزوج أو طلقها ثم وطئت شبهة على نحو ألحق الولد بالواطي كانت عليها عدتان عدة لوطي الشبهة تنقضي بالوضع و عدة للطلاق تستأنفها فيما بعده


1- بل الثاني على الأقوى، و الاحتياط حسن.

ص: 248

و كان مدتها بعد انقضاء نفاسها (1).

[مسألة: 9 إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج]

مسألة: 9 إذا ادعت المطلقة الحامل أنها وضعت فانقضت عدتها و أنكر الزوج، أو انعكس فادعى الوضع و أنكرت هي، أو ادعت الحمل و أنكر، أو ادعت الحمل و الوضع معا و أنكرهما، يقدم قولها في الجميع بينهما.

[مسألة: 10 لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر]

مسألة: 10 لو اتفق الزوجان على إيقاع الطلاق و وضع الحمل و اختلفا في المتقدم و المتأخر فقال الزوج مثلا وضعت بعد الطلاق فانقضت عدتك و قالت الزوجة وضعت قبل الطلاق و الطلاق وقع و أنا حامل فبعد أنا في العدة أو انعكس فقال الزوج وضعت قبل الطلاق فأنت في العدة و يريد الرجوع إليها و ادعت الزوجة خلافه، فالظاهر أنه يقدم قول من يدعي بقاء العدة، سواء كان هو الزوج أو الزوجة، من غير فرق بين ما لم يتفقا على زمان أحدهما كما إذا ادعى أحدهما ان الطلاق كان في شعبان و الوضع في رمضان و ادعى الأخر العكس أو اتفقا على زمان أحدهما كما إذا اتفقا على أن الطلاق وقع في رمضان و اختلفا في زمان الوضع فقال أحدهما انه كان في شوال و ادعى الأخر انه كان في شعبان أو اتفقا في ان الوضع كان في رمضان و اختلفا في ان الطلاق كان في شوال أو شعبان.

[مسألة: 11 إذا طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها، فان كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة]

مسألة: 11 إذا طلقت الحائل أو انفسخ نكاحها، فان كانت مستقيمة الحيض- بأن تحيض في كل شهر مرة كما هو المتعارف في الأغلب- كانت عدتها ثلاثة قروء، و كذا إذا تحيض في كل شهر أزيد من مرة أو ترى الدم في كل شهرين مرة. و بالجملة كان الطهر الفاصل بين حيضتين منها أقل من ثلاثة أشهر، و ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض اما لكونها صغيرة السن لم تبلغ الحد الذي ترى الحيض غالب النساء و اما لانقطاع حيضها لمرض أو حمل أو رضاع كانت عدتها ثلاثة أشهر. و تلحق بها من تحيض لكن الطهر الفاصل بين حيض و حيض منها ثلاثة أشهر أو أزيد. هذا


1- في النفاس المتصل بالولادة، و في المنفصل تحسب النقاء بعد الولادة طهرا للعدة الثانية.

ص: 249

في الحرة و ان كانت تحت عبد، و اما الأمة و ان كانت تحت حر فعدتها قرءان في الأول و خمسة و أربعون يوما في الثاني.

[مسألة: 12 المراد بالقروء و القرائن الأطهار و الطهرين]

مسألة: 12 المراد بالقروء و القرائن الأطهار و الطهرين، و يكفي في الطهر الأول مسماه و لو قليلا، فلو طلقها و قد بقيت من طهرها لحظة يحسب ذلك طهرا، فإذا رأت طهرين آخرين تامين بتخلل حيضة بينهما في الحرة و طهر آخر تام بين حيضتين في الأمة انقضت العدة، فانقضاؤها برؤية الدم الثالث أو الثاني. نعم لو اتصل آخر صيغة الطلاق بأول زمان الحيض صح الطلاق، لكن لا بد في انقضاء العدة من أطهار تامة، فتنقضي برؤية الدم الرابع في الحرة و رؤية الدم الثالث في الأمة.

[مسألة: 13 بناء على كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد]

مسألة: 13 بناء على كفاية مسمى الطهر في الطهر الأول و لو لحظة و إمكان أن تحيض المرأة في شهر واحد أزيد من مرة فأقل زمان يمكن أن تنقضي عدة الحرة ستة و عشرون يوما و لحظتان- بأن كان طهرها الأول لحظة ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض ثلاثة أيام ثم ترى أقل الطهر عشرة أيام ثم تحيض- فبمجرد رؤية الدم الأخير لحظة من أوله انقضت العدة، و هذه اللحظة الأخيرة خارجة عن العدة، و انما يتوقف عليها تمامية الطهر الثالث. هذا في الحرة و اما في الأمة فأقل ما يمكن انقضاء عدتها لحظتان و ثلاثة عشر يوما.

[مسألة: 14 عدة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان]

مسألة: 14 عدة المتعة في الحامل وضع حملها، و في الحائل إذا كانت تحيض قرءان، و المراد بهما هنا حيضتان على الأقوى، و ان كانت لا تحيض و هي في سن من تحيض فخمسة و أربعون يوما. و لا فرق بين كون المتمتع بها حرة أو امة، و المراد من الحيضتين الكاملتان، فلو وهبت مدتها أو انقضت في أثناء الحيض لم تحسب بقية تلك الحيضة من الحيضتين.

[مسألة: 15 المدار في الشهور على الهلالي، فإن وقع الطلاق في أول رؤية الهلال فلا اشكال]

مسألة: 15 المدار في الشهور على الهلالي، فإن وقع الطلاق في أول رؤية الهلال فلا اشكال، و أما ان وقع في أثناء الشهر ففيه خلاف و اشكال. و لعل الأقوى

ص: 250

في النظر جعل الشهرين الوسطين هلاليين و إكمال الأول من الرابع بمقدار ما فات منه.

[مسألة: 16 لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها]

مسألة: 16 لو اختلفا في انقضاء العدة و عدمه قدم قولها بيمينها، سواء ادعت الانقضاء أو عدمه، و سواء كانت عدتها بالأقراء أو الأشهر.

[القول في عدة الوفاة]

اشارة

القول في عدة الوفاة:

[مسألة: 1 عدة الحرة المتوفّى عنها زوجها و ان كانت تحت عبد أربعة أشهر و عشرة أيام]

مسألة: 1 عدة الحرة المتوفّى عنها زوجها و ان كانت تحت عبد أربعة أشهر و عشرة أيام إذا كانت حائلا صغيرة كانت أو كبيرة يائسة كانت أو غيرها، و سواء كانت مدخولا بها أو غيرها و دائمة كانت أو منقطعة و كانت من ذوات الأقراء أو غيرها. و اما ان كانت حاملا فعدتها أبعد الأجلين من وضع الحمل و المدة المزبورة، فلو وضعت قبل تلك المدة لم تنقض العدة، و كذا لو تمت المدة و لما وضعت بعد. هذا في الحرة، و اما الأمة و ان كانت تحت حر ففيها خلاف، و الأحوط مساواتها للحرة (1)، فتعتد بأربعة أشهر و عشرا ان كانت حائلا و بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل ان كانت حاملا كالحرة.

[مسألة: 2 المراد بالأشهر هي الهلالية]

مسألة: 2 المراد بالأشهر هي الهلالية، فان مات عند رؤية الهلال اعتدت بأربعة أشهر هلاليات و ضمت إليها من الشهر الخامس عشرة أيام. و ان مات في أثناء الشهر فالأظهر أنها تجعل ثلاثة أشهر هلاليات في الوسط و أكملت الأول بمقدار ما مضى منه من الشهر الخامس حتى صارت ثلاثة أشهر هلاليات و شهرا ملفقا و تضيف إليها من الشهر الخامس عشرة.

[مسألة: 3 لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة، فإن كان رجعيا بطلت عدة الطلاق]

مسألة: 3 لو طلقها ثم مات قبل انقضاء العدة، فإن كان رجعيا بطلت عدة الطلاق و اعتدت به من حين موته عدة الوفاة، فإن كانت حائلا اعتدت أربعة أشهر و عشرا، و ان كانت حاملا (2) اعتدت بأبعد الأجلين منها و من وضع الحمل كغير المطلقة،


1- في غير أم الولد و اما فيها فالأقوى مساواتها للحرة.
2- و ان كانت مسترابة فالأحوط أن تعتد بأبعد الأجلين من عدة المتوفّى عنها زوجها و المطلقة المسترابة.

ص: 251

و ان كانت بائنا اقتصرت على إتمام عدة الطلاق و لا عدة عليها بسبب الوفاة.

[مسألة: 4 يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة]

مسألة: 4 يجب على المرأة في وفاة زوجها الحداد ما دامت في العدة، و المراد به ترك الزينة في البدن بمثل التكحيل و التطيب و الخضاب و تحمير الوجه و الخطاط و نحوها، و في اللباس بلبس الأحمر و الأصفر و الحلي و نحوها. و بالجملة ترك كل ما يعد زينة يتزين به للزوج في الأوقات المناسبة له في العادة كالأعياد و الأعراس و نحوها، و يختلف ذلك بحسب الأشخاص و الأزمان و البلاد، فيلاحظ في كل بلد ما هو المعتاد و المتعارف فيه للتزين. نعم لا بأس بتنظيف البدن و اللباس و تسريح الشعر و تقليم الأظفار و دخول الحمام و الافتراش بالفراش الفاخر و السكنى في المساكن المزينة و تزيين أولادها و خدمها.

[مسألة: 5 الأقوى أن الحداد ليس شرطا في صحة العدة]

مسألة: 5 الأقوى أن الحداد ليس شرطا في صحة العدة، بل هو تكليف على حدة في زمانها، فلو تركته عصيانا أو جهلا أو نسيانا في تمام المدة أو بعضها لم يجب عليها استينافها أو تدارك مقدار ما اعتدت بدونه.

[مسألة: 6 لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية]

مسألة: 6 لا فرق في وجوب الحداد بين المسلمة و الذمية، كما انه لا فرق على الظاهر بين الدائمة و المنقطعة. نعم لا يبعد عدم وجوبه على من قصرت مدة تمتعها كيوم أو يومين أو ساعة أو ساعتين، و هل يجب على الصغيرة و المجنونة أم لا؟ قولان أشهرهما الوجوب، بمعنى وجوبه على وليهما، فيجنبهما عن التزيين ما دامتا في العدة، و فيه تأمل و ان كان أحوط.

[مسألة: 7 لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة]

مسألة: 7 لا حداد على الأمة لا من موت سيدها و لا من موت زوجها إذا كانت مزوجة.

[مسألة: 8 يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها و التردد في حوائجها]

مسألة: 8 يجوز للمعتدة بعدة الوفاة أن تخرج من بيتها في زمان عدتها و التردد في حوائجها، خصوصا إذا كانت ضرورية (1) أو كان خروجها لأمور راجحة كالحج


1- عرفا.

ص: 252

و الزيارة و عيادة المرضى و زيارة أرحامها و لا سيما والديها. نعم ينبغي بل الأحوط أن لا تبيت إلا في بيتها الذي كانت تسكنه في حياة زوجها (1)، بأن تخرج بعد الزوال و ترجع عند العشي أو تخرج بعد نصف الليل و ترجع صباحا.

[مسألة: 9 لا إشكال في ان مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج أو غائبا بلغ الزوجة الخبر أم لا]

مسألة: 9 لا إشكال في ان مبدأ عدة الطلاق من حين وقوعه حاضرا كان الزوج أو غائبا بلغ الزوجة الخبر أم لا، فلو طلقها غائبا و لم يبلغها الا بعد مدة و لو كانت سنة أو أكثر فقد انقضت عدتها و ليس عليها عدة بعد بلوغ الخبر إليها. و مثل عدة الطلاق عدة الفسخ و الانفساخ على الظاهر، و كذا عدة وطي الشبهة، و ان كان الأحوط الاعتداد من حين ارتفاع الشبهة، بل هذا الاحتياط لا يترك (2). و اما عدة الوفاة فإذا مات الزوج غائبا فعدتها من حين بلوغ الخبر إليها، و لا يبعد (3) عدم اختصاص الحكم بصورة غيبة الزوج، بل يعم صورة حضوره أيضا إذا خفي عليها موته لمرض أو حبس أو غير ذلك، فتعتد من حين اخبارها بموته.

[مسألة: 10 لا يعتبر في الاخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية]

مسألة: 10 لا يعتبر في الاخبار الموجب للاعتداد من حينه كونه حجة شرعية، فلا يعتبر أن يكون من عدلين بل و لا عدل واحد (4) نعم لا يجوز لها التزويج بالغير ما لم تقم حجة شرعية على موته، و لا تكتفي بمجرد بلوغ الخبر. و فائدته إذا لم يكن حجة انه بعد ما ثبت موته شرعا يكتفى بالاعتداد من حين البلوغ و لا يحتاج الى الاعتداد من حين الثبوت.

[مسألة: 11 لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدة من ذلك الوقت]

مسألة: 11 لو علمت بالطلاق و لم تعلم وقت وقوعه حتى تحسب العدة من ذلك الوقت اعتدت من الوقت الذي تعلم بعدم تأخره عنه، و الأحوط أن تعتد من حين


1- أو انتقلت اليه بعد موته للاعتداد فيها.
2- فيما إذا كان الوطي بعد العقد شبهة.
3- لا يخلو من اشكال. نعم هو أحوط.
4- بشرط كون الخبر بحيث يعتمد عليه العقلاء من حيث كونه مفيدا للظن أو الاطمئنان على الأحوط.

ص: 253

بلوغ الخبر إليها، بل هذا الاحتياط لا يترك (1).

[مسألة: 12 إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته]

مسألة: 12 إذا فقد الرجل و غاب غيبة منقطعة و لم يبلغ منه خبر و لا ظهر منه أثر و لم يعلم موته (2) و لا حياته، فإن بقي له مال تنفق به زوجته أو كان له ولي يتولى أموره و يتصدى لإنفاقها أو متبرع للإنفاق عليها وجب عليها الصبر و الانتظار، و لا يجوز لها ان تتزوج ابدا حتى تعلم بوفاة الزوج أو طلاقه، و ان لم يكن له مال و لا من ينفق عليها فان صبرت فلها ذلك و ان لم تصبر و أرادت الزواج رفعت أمرها إلى الحاكم الشرعي فيؤجلها أربع سنين من حين رفع الأمر إليه ثم يتفحص عنه في تلك المدة، فان لم يتبين لا موته و لا حياته فان كان للغائب ولي- أعني من كان يتولى أموره بتفويضه أو توكيله- يأمر الحاكم بطلاق المرأة، و ان لم يقدم على الطلاق و لم يمكن إجباره عليه طلقها الحاكم ثم تعتد أربعة أشهر و عشرا عدة الوفاة، فإذا تمت هذه الأمور جاز لها التزويج بلا اشكال، و ان كان اعتبار بعضها محل التأمل و النظر الا ان الجميع هو الأحوط.

[مسألة: 13 ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة]

مسألة: 13 ليست للفحص و الطلب كيفية خاصة، بل المدار على ما يعد طلبا و فحصا و تفتيشا، و يتحقق ذلك ببعث من يعرف المفقود رعاية باسمه و شخصه أو بحليته الى مظان وجوده للظفر به و بالكتابة و نحوها كالتلغراف المتداول في هذه الأعصار الى من يعرفه ليتفقد عنه في بلده، و بالالتماس من المسافرين كالزوار و الحجاج و التجار و غيرهم بأن يتفقدوا عنه في مسيرهم و منازلهم و مقامهم، و بالاستخبار منهم إذا رجعوا من أسفارهم.

[مسألة: 14 لا يشترط في المبعوث و المكتوب اليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة بل تكفي الوثاقة]

مسألة: 14 لا يشترط في المبعوث و المكتوب اليه و المستخبرين منهم من المسافرين العدالة بل تكفي الوثاقة.

[مسألة: 15 لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم]

مسألة: 15 لا يعتبر أن يكون الفحص بالبعث أو الكتابة و نحوها من الحاكم،


1- لا بأس بتركه في مقدار ثبت سبقه.
2- و ان علم حياته وجب على زوجته الصبر الى ان يعلم طلاقه أو موته و ان طالت المدة.

ص: 254

بل يكفي كونه من كل أحد حتى نفس الزوجة إذا كان بأمره بعد رفع الأمر اليه، فإذا رفعت أمرها إليه فقال تفحصوا عنه الى أن تمضي أربع سنين ثم تصدت الزوجة أو تصدى بعض أقاربها للفحص و الطلب حتى مضت المدة كفى.

[مسألة: 16 مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام، و لا يعتبر فيه الاتصال التام]

مسألة: 16 مقدار الفحص بحسب الزمان أربعة أعوام، و لا يعتبر فيه الاتصال التام، بل هو على الظاهر نظير تعريف اللقطة ستة كاملة يكفي فيه تصدي الطلب عنه بحيث يصدق عرفا انه قد تفحص عنه في تلك المدة.

[مسألة: 17 المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد]

مسألة: 17 المقدار اللازم من الفحص هو المتعارف لأمثال ذلك و ما هو المعتاد، فلا يعتبر استقصاء الممالك و البلاد، و لا يعتنى بمجرد إمكان وصوله الى مكان و لا بالاحتمالات البعيدة، بل انما يتفحص عنه في مظان وجوده فيه و وصوله اليه و ما احتمل فيه ذلك احتمالا قريبا.

[مسألة: 18 إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثم انقطع أثره يتفحص عنه أولا]

مسألة: 18 إذا علم أنه قد كان في بلد معين في زمان ثم انقطع أثره يتفحص عنه أولا في ذلك البلد على المعتاد، فيكتفى التفقد عنه في جوامعه و مجامعة و أسواقه و منتزهاته و مستشفياته و خاناته المعدة لنزول الغرباء و نحوها، و لا يلزم استقصاء تلك المحال بالتفتيش أو السؤال، بل يكتفي الاكتفاء بالبعض المعتد به من مشتهراتها، و ينبغي ملاحظة زي المفقود و صنعته و حرفته، فيتفقد عنه في المحال المناسبة له و يسأل عنه من أبناء صنفه و حرفته. مثلا إذا كان من طلبة العلم فالمحل المناسب له المدارس و مجامع العلم و ينبغي ان يسأل عنه من العلماء و الطلبة، بخلاف ما إذا كان من غيرهم، كما إذا كان جنديا مثلا. فإذا تم الفحص في ذلك البلد و لم يظهر منه أثر و لم يعلم موته و لا حياته، فان لم يحتمل انتقاله منه الى محل آخر بقرائن الأحوال سقط الفحص و السؤال و اكتفى بانقضاء مدة التربص أربع سنين، و ان احتمل الانتقال فان تساوت الجهات في احتمال انتقاله منه إليها تفحص عنه في تلك الجهات و لا يلزم الاستقصاء بالتفتيش في كل قرية قرية و لا في كل بلدة بلدة، بل يكفي الاكتفاء ببعض المحال المهمة و المشتهرة في كل جهة مراعيا للأقرب ثم الا بعد الى البلد الأول، و ان كان الاحتمال

ص: 255

في بعضها أقوى جاز جعل محل الفحص ذلك البعض و الاكتفاء به، خصوصا إذا بعد احتمال انتقاله الى غيره، و إذا علم انه قد كان في مملكة كالهند أو إيران أو العراق أو سافر إليها ثم انقطع أثره كفى ان يتفحص عنه مدة التربص في بلادها المشهورة التي تشد إليها الرحال، و ان سافر الى بلد معين من مملكة كالعراقي سافر الى خراسان يكفي الفحص عنه في البلاد و المنازل الواقعة في طريقه الى ذلك البلد و في نفس ذلك البلد و لا ينظر إلى الأماكن البعيدة عن الطريق فضلا عن البلاد الواقعة في أطراف المملكة، و إذا خرج من منزله مريدا للسفر أو هرب و لا يدرى إلى أين توجه و انقطع أثره تفحص عنه مدة التربص في الأطراف و الجوانب مما يحتمل قريبا وصوله اليه و لا ينظر الى ما بعد احتمال توجهه إليه.

[مسألة: 19 أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم]

مسألة: 19 قد عرفت أن الأحوط أن يكون الفحص و الطلاق بعد رفع أمرها إلى الحاكم، فإذا لم يمكن الوصول إليه فإن كان للحاكم وكيل و مأذون في التصدي للأمور الحسبية (1) فلا يبعد قيامه مقامه في هذا الأمر، و مع عدمه فالظاهر قيام عدول المؤمنين مقامه (2).

[مسألة: 20 إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه]

مسألة: 20 إذا علم أن الفحص لا ينفع و لا يترتب عليه أثر فالظاهر سقوط وجوبه، و كذا لو حصل اليأس من الاطلاع على حاله في أثناء المدة، فيكفي مضي المدة في جواز طلاقها و زواجها.

[مسألة: 21 يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلق]

مسألة: 21 يجوز لها اختيار البقاء على الزوجية بعد رفع الأمر إلى الحاكم قبل أن تطلق و لو بعد تحقق الفحص و انقضاء الأجل، فليست هي ملزومة باختيار الطلاق، و لها ان تعدل عن اختيار البقاء الى اختيار الطلاق، و حينئذ لا يلزم تجديد ضرب الأجل و الفحص بل يكتفى بالأول.

[مسألة: 22 الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق]

مسألة: 22 الظاهر أن العدة الواقعة بعد الطلاق عدة طلاق و ان كانت بقدر


1- الشاملة لمثل ذلك.
2- فيه اشكال.

ص: 256

عدة الوفاة أربعة أشهر و عشرا، و يكون الطلاق رجعيا فتستحق النفقة في أيامها (1)، و إذا ماتت يرثها لو كان في الواقع حيا، و إذا تبين موته فيها ترثه و ليس عليها حداد بعد الطلاق.

[مسألة: 23 إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدة الوفاة]

مسألة: 23 إذا تبين موته قبل انقضاء المدة أو بعده قبل الطلاق وجب عليها عدة الوفاة، و إذا تبين بعد انقضاء العدة اكتفى بها، سواء كان التبيين قبل التزويج أو بعده، و سواء كان موته المتبين وقع قبل العدة أو بعدها أو في أثنائها أو بعد التزويج، و أما لو تبين موته في أثناء العدة فهل يكتفي بإتمامها أو تستأنف عدة الوفاة من حين التبين؟ وجهان بل قولان، أحوطهما الثاني لو لم يكن الأقوى.

[مسألة: 24 إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل]

مسألة: 24 إذا جاء الزوج بعد الفحص و انقضاء الأجل، فإن كان قبل الطلاق فهي زوجته، و ان كان بعد ما تزوجت بالغير فلا سبيل له عليها، و ان كان في أثناء العدة فله الرجوع إليها، كما ان له إبقاءها على حالها حتى تنقضي عدتها و تبين عنه. و اما ان كان بعد انقضاء العدة و قبل التزويج ففي جواز رجوعها إليها و عدمه قولان أقواهما الثاني.

[مسألة: 25 إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته]

مسألة: 25 إذا حصل لزوجه الغائب بسبب القرائن و تراكم الأمارات العلم بموته جاز لها بينها و بين اللّٰه أن تتزوج بعد العدة من دون حاجة الى مراجعة الحاكم، و ليس لأحد عليها اعتراض ما لم يعلم كذبها في دعوى العلم. نعم في جواز الاكتفاء بقولها و اعتقادها لمن أراد تزويجها و كذا لمن يصير وكيلا عنها في إيقاع العقد عليها اشكال، و الأحوط أن تتزوج ممن لم يطلع بالحال و لم يدر أن زوجها قد فقد و لم يكن في البين الا دعواها بأنها عالمة بموته، بل يقدم على تزويجها مستندا الى دعواها (2) انها خلية و بلا مانع، و كذلك توكل من كان كذلك.


1- الأحوط في النفقة و التوارث المصالحة.
2- بشرط ان لا تكون متهمة.

ص: 257

[القول في عدة وطي الشبهة]

اشارة

القول في عدة وطي الشبهة:

و المراد به وطي الأجنبية بشبهة انها حليلته، اما لشبهة في الموضوع كما إذا وطئ امرأة باعتقاد انها زوجته فتبين أنها أجنبية، و اما لشبهة في الحكم كما إذا عقد على أخت الموطوء معتقدا صحته و دخل بها.

[مسألة: 1 لا عدة على المزني بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى]

مسألة: 1 لا عدة على المزني بها سواء حملت من الزنا أم لا على الأقوى، و اما الموطوءة شبهة فعليها العدة سواء كانت ذات بعل أو خلية و سواء كانت الشبهة من الطرفين أو من طرف الواطي خاصة، و اما ان كانت من طرف الموطوءة خاصة ففيه قولان، أحوطهما لزوم العدة بل لا يخلو من قوة (1).

[مسألة: 2 عدة وطي الشبهة كعدة الطلاق بالاقراء و الشهور و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطي]

مسألة: 2 عدة وطي الشبهة كعدة الطلاق بالاقراء و الشهور و بوضع الحمل لو حملت من هذا الوطي على التفصيل المتقدم، و من لم يكن عليها عدة الطلاق كالصغيرة و اليائسة ليس عليها هذه العدة أيضا.

[مسألة: 3 إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطيها في مدة عدتها]

مسألة: 3 إذا كانت الموطوءة شبهة ذات بعل لا يجوز لزوجها وطيها في مدة عدتها، و هل يجوز له سائر الاستمتاعات منها أم لا؟ قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول، و الظاهر أنه لا تسقط نفقتها في أيام العدة و ان قلنا بحرمة جميع الاستمتاعات عليه.

[مسألة: 4 إذا كانت خلية يجوز لواطيها أن يتزوج بها في زمن عدتها]

مسألة: 4 إذا كانت خلية يجوز لواطيها أن يتزوج بها في زمن عدتها، بخلاف غيره فإنه لا يجوز له ذلك على الأقوى.

[مسألة: 5 لا فرق في حكم وطي الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد]

مسألة: 5 لا فرق في حكم وطي الشبهة من حيث العدة و غيرها بين أن يكون مجردا أو يكون بعد العقد، بأن وطئ المعقود عليها بشبهة صحة العقد مع فساده واقعا.

[مسألة: 6 إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثم طلقها]

مسألة: 6 إذا كانت معتدة بعدة الطلاق أو الوفاة فوطئت شبهة أو وطئت ثم طلقها أو مات عنها زوجها فعليها عدتان عند المشهور، و هو الأحوط لو لم يكن الأقوى، فإن كانت حاملا من أحدهما تقدم عدة الحمل، فبعد وضعه تستأنف العدة


1- بل لا قوّة فيه و لكنه أحوط.

ص: 258

الأخرى أو تستكمل الاولى، و ان كانت حائلا يقدم الأسبق منهما، و بعد تمامها استقبلت عدة أخرى من الأخر.

[مسألة: 7 إذا طلق زوجته بائنا ثم وطأها شبهة اعتدت عدة أخرى]

مسألة: 7 إذا طلق زوجته بائنا ثم وطأها شبهة اعتدت عدة أخرى على التفصيل المتقدم في المسألة السابقة.

[مسألة: 8 الموجب للعدة أمور: الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب]

مسألة: 8 الموجب للعدة أمور: الوفاة، و الطلاق بأقسامه، و الفسخ بالعيوب، و الانفساخ بمثل الارتداد أو الإسلام أو الرضاع، و الوطي بالشبهة مجردا عن العقد أو معه و انقضاء المدة أو هبتها. و يشترط في الجميع كونها مدخولا بها، عدا الأول و الوطي بالشبهة (1).

[مسألة: 9 قد مر سابقا انه لا عدة على من لم يدخل بها]

مسألة: 9 قد مر سابقا انه لا عدة على من لم يدخل بها، فليعلم انه إذا طلقها رجعيا بعد الدخول ثم رجع ثم طلقها قبل الدخول لا يجري عليه حكم الطلاق قبل الدخول حتى لا يحتاج إلى العدة، من غير فرق بين كون الطلاق الثاني رجعيا أو بائنا. و اما إذا طلقها بائنا ثم جدد نكاحها في أثناء العدة ثم طلقها قبل الدخول ففي جريان حكم الطلاق قبل الدخول عليه و عدمه وجهان بل قولان، أحوطهما الثاني (2).

و بحكمه ما إذا عقد عليها بالعقد المنقطع ثم وهب مدتها بعد الدخول ثم تزوجها ثم طلقها قبل الدخول، فيشكل ما ربما يحتال في نكاح جماعة في يوم واحد بل في مجلس واحد امرأة شابة ذات عدة مع دخول الجميع بها، و ذلك بأن يتمتع بها أحدهم ثم يهب مدتها بعد الدخول ثم يعقد عليها ثم يطلقها قبل الدخول ثم يفعل بها الثاني ما فعل بها الأول و هكذا، بزعمهم أنه لا عدة عليها اما من العقد الأول فبسبب وقوع العقد الثاني و أما من العقد الثاني فلأنه طلقها قبل الدخول.


1- المقصود ان الجميع غير الأول و الوطي بالشبهة بنفسها ليست سببا للعدة بل محتاجة إلى سبق دخول الزوج، بخلافهما فان المعتدة بالوفاة لا يشترط فيها الدخول و المعتدة بالشبهة هي المرأة مزوجة كانت أم غير مزوجة مدخولة كانت بغير الواطي بالشبهة أم غير مدخولة.
2- بل أقواهما.

ص: 259

[مسألة: 10 المطلقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة]

مسألة: 10 المطلقة بالطلاق الرجعي زوجة أو بحكم الزوجة ما دامت في العدة، فيترتب عليها آثار الزوجية من استحقاق النفقة و السكنى و الكسوة إذا لم تكن (1) و لم تصر ناشزة، و من التوارث بينهما لو مات أحدهما في العدة، و عدم جواز نكاح أختها و الخامسة، و كون كفنها و فطرتها عليه (2). و اما البائنة كالمختلعة (3) و المبارأة و المطلقة ثلاثا، فلا يترتب عليها آثار الزوجية أصلا لا في زمن العدة و لا بعده لانقطاع العصمة بينهما بالمرة. نعم إذا كانت حاملا من زوجها استحقت النفقة و الكسوة و السكنى عليه حتى تضع حملها كما مر في باب النفقات من كتاب النكاح.

[مسألة: 11 قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا و في الرجعي بعد انقضاء العدة]

مسألة: 11 قد عرفت أنه لا توارث بين الزوجين في الطلاق البائن مطلقا و في الرجعي بعد انقضاء العدة، لكنه إذا طلقها مريضا ترثه الزوجة ما بين الطلاق و بين سنة، بمعنى أنه ان مات الزوج بعد ما طلقها في حال المرض (4) فان كان موته بعد سنة من حين الطلاق و لو يوما أو أقل لا ترثه، و ان كان بمقدار سنة و ما دونها ترثه، سواء كان الطلاق رجعيا أو بائنا، و ذلك بشروط ثلاثة:

الأول: ان لا تتزوج المرأة، فلو طلقها في حال المرض و تزوجت بعد انقضاء العدة ثم مات الزوج قبل انقضاء سنة لم ترثه.

الثاني: ان لا يبرأ الزوج من المرض الذي طلقها فيه، فلو بري ء من ذلك المرض ثم تمرض ثم مات في أثناء السنة لم ترثه، إلا إذا كان موته في أثناء العدة الرجعية.

الثالث: أن لا يكون الطلاق بالتماس منها، فلا ترث المختلعة و المبارأة، لأن الطلاق انما هو بالتماس منهما.

[مسألة: 12 لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج المطلقة من بيته حتى تنقضي]

مسألة: 12 لا يجوز لمن طلق رجعيا أن يخرج المطلقة من بيته حتى تنقضي


1- أو رجعت من النشوز بعد ما كانت.
2- مع العيلولة.
3- قبل ان ترجع الى ما بذلت.
4- الذي طلق فيه.

ص: 260

عدتها، الا ان تأتي بفاحشة أعلاها ما أوجب الحد و أدناها أن تؤذي أهل البيت بالشتم و بذاءة اللسان (1)، و كذا لا يجوز لها الخروج بدون اذن الزوج (2) إلا لضرورة أو لأداء واجب مضيق.

[القول في الرجعة]

اشارة

القول في الرجعة:

و هي رد المطلقة في زمان عدتها الى نكاحها السابق، فلا رجعة في البائنة و لا في الرجعية بعد انقضاء العدة.

[مسألة: 1 الرجعة إما بالقول و هو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله راجعتك أو رجعتك]

مسألة: 1 الرجعة إما بالقول و هو كل لفظ دل على إنشاء الرجوع كقوله راجعتك أو رجعتك أو ارتجعتك الى نكاحي، أو دل على الإمساك بزوجيتها كقوله رددتك إلى نكاحي أو أمسكتك في نكاحي، و يجوز في الجميع إسقاط قوله إلى نكاحي و في نكاحي. و لا يعتبر فيه العربية، بل يقع بكل لغة إذا كان بلفظ أفاد المعنى المقصود في تلك اللغة، و اما بالفعل، بأن يفعل بها ما يحل فعله للزوج بحليلته كالوطي و التقبيل و اللمس بشهوة أو بدونها.

[مسألة: 2 لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا]

مسألة: 2 لا يتوقف حلية الوطي و ما دونه من التقبيل و اللمس على سبق الرجوع لفظا و لا على قصد الرجوع به، لما عرفت سابقا من أن المطلقة الرجعية زوجة أو بحكم الزوجة، فيستباح منها للزوج ما يستباح منها. و هل يعتبر في كونه رجوعا أن يقصد به الرجوع؟ قولان أقواهما العدم، بل يحتمل قويا كونه رجوعا و ان قصد العدم. نعم لا عبرة بفعل الغافل و الساهي و النائم و نحوها مما لا قصد فيه للفعل، كما لا عبرة بالفعل المقصود به غير المطلقة، كما لو واقعها باعتقاد انها غيرها.

[مسألة: 3 لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدة كان ذلك رجوعا و ان علم كذبه]

مسألة: 3 لو أنكر أصل الطلاق و هي في العدة كان ذلك رجوعا و ان علم كذبه.

[مسألة: 4 لا يعتبر الاشهاد في الرجعة و ان استحب دفعا لوقوع التخاصم]

مسألة: 4 لا يعتبر الاشهاد في الرجعة و ان استحب دفعا لوقوع التخاصم


1- بحيث ينجر الى النشوز.
2- بل و معه على الأحوط.

ص: 261

و النزاع، و كذا لا يعتبر فيها اطلاع الزوجة عليها، فان راجعها عند نفسه من دون اطلاع أحد صحت الرجعة و عادت الى النكاح السابق واقعا، لكن لو ادعاها بعد انقضاء المدة و لم تصدقه الزوجة لم تسمع دعواه، غاية الأمر له عليها يمين، ففي العلم لو ادعى عليها العلم بذلك- كما أنه لو ادعى الرجوع الفعلي كالوطي و أنكرته- كان القول قولها بيمينها لكنه على البت لا على نفي العلم.

[مسألة: 5 إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة و اختلفا في المتقدم منهما]

مسألة: 5 إذا اتفقا على الرجوع و انقضاء العدة و اختلفا في المتقدم منهما فادعى الزوج ان المتقدم هو الرجوع و ادعت هي أن المتقدم انقضاء العدة، فإن تعين زمان الانقضاء و ادعى الزوج أن رجوعه كان قبله فوقع في محله و ادعت هي وقوعه بعده فوقع في غير محله، فالأقرب أن القول قوله بيمينه (1)، و ان كان بالعكس- بأن تعين زمان الرجوع و انه يوم الجمعة مثلا و ادعى ان انقضاء العدة كان في يوم السبت و ادعت هي انه كان في يوم الخميس- فالقول قولها بيمينها (2).

[مسألة: 6 لو طلق و راجع فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها عدة]

مسألة: 6 لو طلق و راجع فأنكرت هي الدخول بها قبل الطلاق لئلا تكون عليها عدة و لا تكون له الرجعة و ادعى هو الدخول كان القول قولها مع يمينها.

[مسألة: 7 الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط]

مسألة: 7 الظاهر أن جواز الرجوع في الطلاق الرجعي حكم شرعي غير قابل للإسقاط و ليس حقا قابلا للإسقاط كالخيار في البيع الخياري، فلو قال الزوج أسقطت ما كان لي من حق الرجوع لم يسقط و كان له الرجوع بعد ذلك، و كذلك إذا صالح عنه بعوض أو غير عوض.


1- و ذلك لان قوله مطابق لأصالة الصحة في الرجوع المتفق عليه وقوعه.
2- و ذلك لان الاختلاف في انقضاء يوم الجمعة و عدمه و أمر العدة بيدها و قولها فيها مسموع.

ص: 262

[كتاب الخلع و المبارأة]

اشارة

كتاب الخلع و المبارأة

[مسألة: 1 الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها]

مسألة: 1 الخلع هو الطلاق بفدية من الزوجة الكارهة لزوجها، فهو قسم من الطلاق. و يعتبر فيه جميع شروط الطلاق المتقدمة، و يزيد عليها بأنه يعتبر فيه كراهة الزوجة لزوجها خاصة، فإن كانت الكراهة من الطرفين كان مباراة و ان كان من طرف الزوج خاصة لم يكن خلعا و لا مباراة.

[مسألة: 2 الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الأخر أو منضما]

مسألة: 2 الظاهر وقوع الخلع بكل من لفظي الخلع و الطلاق مجردا كل منهما عن الأخر أو منضما (1)، فبعد ما أنشأت الزوجة بذل الفدية ليخلعها مثلا يجوز أن يقول خلعتك على كذا أو أنت مختلعة على كذا، و يكتفى به أو يتبعه بقوله فأنت طالق على كذا أو يقول أنت طالق على كذا، و يكتفى به أو يتبعه بقوله فأنت مختلعة على كذا.

[مسألة: 3 الخلع و ان كان قسما من الطلاق و هو من الإيقاعات الا انه يشبه العقود في الاحتياج الى طرفين و انشائين]

مسألة: 3 الخلع و ان كان قسما من الطلاق و هو من الإيقاعات الا انه يشبه العقود في الاحتياج الى طرفين و انشائين بدل شي ء من طرف الزوجة ليطلقها الزوج و إنشاء الطلاق من طرف الزوج بما بذلت، و يقع ذلك على نحوين: الأول ان يقدم البذل من طرفها على ان يطلقها، فيطلقها على ما بذلت. الثاني أن يبتدئ الزوج بالطلاق مصرحا بذكر العوض فتقبل الزوجة بعده، و الأحوط ان يكون الترتيب على النحو الأول، بل هذا الاحتياط لا يترك.


1- و صحته منضما مورد وفاق.

ص: 263

[مسألة: 4 يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما لا يخل بالفورية العرفية]

مسألة: 4 يعتبر في صحة الخلع عدم الفصل بين إنشاء البذل و الطلاق بما لا يخل بالفورية العرفية، فلو أخل بها بطل الخلع و لم يستحق الزوج العوض، و لكن لم يبطل الطلاق (1) و وقع رجعيا مع فرض اجتماع شرائطه و الا كان بائنا.

[مسألة: 5 يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف]

مسألة: 5 يجوز أن يكون البذل و الطلاق بمباشرة الزوجين أو بتوكيلهما الغير أو بالاختلاف، و يجوز أن يوكلا شخصا واحدا ليبذل عنها و يطلق عنه، بل الظاهر أنه يجوز لكل منهما أن يوكل الأخر فيما هو من طرفه، فيكون أصيلا فيما يرجع اليه و وكيلا فيما يرجع الى الأخر.

[مسألة: 6 يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه]

مسألة: 6 يصح التوكيل في الخلع في جميع ما يتعلق به من شرط العوض و تعيينه و قبضه و إيقاع الطلاق، و من المرأة في جميع ما يتعلق بها من استدعاء الطلاق و تقدير العوض و تسليمه.

[مسألة: 7 إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة و تقول بذلت لك أو أعطيتك ما عليك من المهر]

مسألة: 7 إذا وقع الخلع بمباشرة الزوجين فاما ان تبدأ الزوجة و تقول بذلت لك أو أعطيتك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني لتطلقني، فيقول فورا أنت طالق أو مختلعة- بكسر اللام- على ما بذلت أو على ما أعطيت، و اما ان يبتدئ الزوج بعد ما تواطئا على الطلاق بعوض فيقول أنت طالق أو مختلعة بكذا أو على كذا، فتقول فورا قبلت أو رضيت. و ان وقع من وكيلين يقول وكيل الزوجة مخاطبا لوكيل الزوج عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلك ما عليه من المهر أو المبلغ الفلاني ليخلعها و ليطلقها، فيقول وكيل الزوج فورا زوجة موكلي طالق على ما بذلت، أو يقول عن قبل موكلي خلعت موكلتك على ما بذلت. و ان وقع من وكيل أحدهما مع الأخر كوكيل الزوجة مع الزوج يقول وكيلها مخاطبا للزوج عن قبل موكلتي فلانة أو زوجتك بذلت لك ما عليك من المهر أو الشي ء الفلاني على أن تطلقها فيقول الزوج فورا هي أو زوجتي طالق على ما بذلت، أو يبتدئ الزوج مخاطبا لوكيلها موكلتك أو زوجتي فلانة طالق على كذا، فيقول عن قبل موكلتي قبلت ذلك. و ان وقع ممن كان وكيلا عن


1- إذا كان إيقاعه بلفظ الطلاق مجردا أو منضما بالخلع.

ص: 264

الطرفين يقول عن قبل موكلتي فلانة بذلت لموكلي فلان الشي ء الفلاني ليطلقها، ثم يقول فورا زوجة موكلي طالق على ما بذلت، أو يبتدئ من طرف الزوج و يقول زوجة موكلي طالق على الشي ء الفلاني، ثم يقول من طرف الزوجة عن قبل موكلتي قبلت. و لو فرض أن الزوجة وكلت الزوج في البذل يقول عن قبل موكلتي زوجتي بذلت لنفسي كذا لأطلقها، ثم يقول فورا هي طالق على ما بذلت.

[مسألة: 8 يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائها الطلاق من الزوج بعوض معلوم]

مسألة: 8 يجوز أن يكون البذل من طرف الزوجة باستدعائها الطلاق من الزوج بعوض معلوم، بأن تقول له طلقني أو اخلعني بكذا، فيقول فورا أنت طالق أو مختلعة بكذا فيتم الخلع، و الأحوط اتباعه بالقبول منها (1) بأن تقول بعد ذلك قبلت.

[مسألة: 9 يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق]

مسألة: 9 يشترط في تحقق الخلع بذل الفداء عوضا عن الطلاق، و يجوز الفداء بكل متمول من عين أو دين أو منفعة قل أو كثر و ان زاد عن المهر المسمى، فان كان عينا حاضرا يكفي فيه المشاهدة، و ان كان كليا في الذمة أو غائبا ذكر جنسه و وصفه و قدره، فلو جعل الفداء ألف و لم يذكر المراد فسد الخلع. و يصح جعل الفداء إرضاع ولده لكن مشروطا بتعيين المدة، و إذا جعل كليا في ذمتها يجوز جعله حالا و مؤجلا مع تعيين الأجل بما لا إجمال فيه.

[مسألة: 10 يصح بذل الفداء منها و من وكيلها]

مسألة: 10 يصح بذل الفداء منها و من وكيلها، بأن يبذل وكالة عنها من مالها الموجود أو بمال في ذمتها، و هل يصح ممن يضمنه في ذمته بإذنها فيرجع إليها بعد البذل، بأن تقول لشخص أطلب من زوجي أن يطلقني بألف درهم مثلا عليك و بعد ما دفعتها إليه ارجع الي، ففعل ذلك و طلقها الزوج على ذلك، وجهان بل قولان لا يخلو أولهما من رجحان (2). نعم الظاهر انه لا يصح من المتبرع الذي يبذل من ماله من دون رجوع إليها، فلو قالت الزوجة لزوجها طلقني على دار زيد أو ألف في ذمته فطلقها على ذلك و قد أذن زيد في ذلك أو أجاز بعد ذلك لم يصح الخلع، و كذا لو


1- لا يترك، و كذا في جميع الفروع الآتية التي يحكم بصحة الطلاق و بطلان الخلع.
2- بل ثانيهما.

ص: 265

وكلت زيدا على أن يطلب من زوجها أن يطلقها على ذلك فطلقها على ذلك.

[مسألة: 11 إذا قال أبوها طلقها و أنت بري ء من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلقها صح الطلاق]

مسألة: 11 إذا قال أبوها طلقها و أنت بري ء من صداقها و كانت بالغة رشيدة فطلقها صح الطلاق و كان رجعيا و لم تبرأ ذمته بذلك ما لم تبرئ، و لم يلزم عليها الإبراء و لا يضمنه الأب.

[مسألة: 12 لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل]

مسألة: 12 لو جعلت الفداء مال الغير أو ما لا يملكه المسلم كالخمر مع العلم بذلك بطل البذل فبطل الخلع و كان الطلاق رجعيا، و أما لو جعلته مال الغير مع الجهل بأنه مال الغير فالمشهور صحة الخلع و ضمانها للمثل أو القيمة، و فيه تأمل.

[مسألة: 13 يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج من دون عكس]

مسألة: 13 يشترط في الخلع أن تكون الزوجة كارهة للزوج من دون عكس كما مر، و الأحوط أن تكون الكراهة شديدة بحيث يخاف من قولها أو فعلها أو غيرهما الخروج عن الطاعة و الوقوع في المعصية.

[مسألة: 14 الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج]

مسألة: 14 الظاهر أنه لا فرق بين أن تكون الكراهة المشترطة في الخلع ذاتية ناشئة من خصوصيات الزوج كقبح منظره و سوء خلقه و فقره و غير ذلك، و بين أن تكون ناشئة من بعض العوارض مثل وجود الضرة و عدم إيفاء الزوج بعض الحقوق المستحبة أو الواجبة كالقسم و النفقة. نعم ان كانت الكراهة و طلب المفارقة من جهة إيذاء الزوج لها بالسب و الشتم و الضرب و نحوها فتريد تخليص نفسها منه فبذلت شيئا ليطلقها فطلقها لم يتحقق الخلع و حرم عليه ما يأخذه منها، و لكن الطلاق صح رجعيا.

[مسألة: 15 لو طلقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع]

مسألة: 15 لو طلقها بعوض مع عدم الكراهة و كون الأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع و لم يملك العوض و لكن صح الطلاق، فان كان مورد الطلاق الرجعي كان رجعيا و الا كان بائنا.

[مسألة: 16 طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت]

مسألة: 16 طلاق الخلع بائن لا يقع فيه الرجوع ما لم ترجع المرأة فيما بذلت، و لها الرجوع فيه ما دامت في العدة، فإذا رجعت كان له الرجوع إليها.

[مسألة: 17 الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد رجوعها]

مسألة: 17 الظاهر اشتراط جواز رجوعها في المبذول بإمكان رجوعه بعد

ص: 266

رجوعها، فلو لم يجز له الرجوع كالمطلقة ثلاثا و كما إذا كانت المختلعة ممن ليست لها عدة كاليائسة و غير المدخول بها لم يكن لها الرجوع في البذل، بل لا يبعد عدم صحة رجوعها فيما بذلت مع فرض عدم علمه بذلك الى انقضاء محل رجوعه، فلو رجعت عند نفسها و لم يطلع عليه الزوج حتى انقضت العدة لا أثر لرجوعها.

[مسألة: 18 المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة]

مسألة: 18 المبارأة قسم من الطلاق، فيعتبر فيه جميع شروطه المتقدمة، و يعتبر فيه ما يشترط في الخلع من الفدية و الكراهة، فهي كالخلع طلاق بعوض ما تبذله المرأة، و تقع بلفظ الطلاق مجردا، بأن يقول الزوج بعد ما بذلت المرأة له شيئا ليطلقها «أنت طالق على ما بذلت» و بلفظ «بارأتك» متبعا بلفظ الطلاق، بأن يقول الزوج «بارأتك على كذا فأنت طالق»، و لا يقع بلفظ بارأتك مجردا.

[مسألة: 19 المبارأة و ان كانت كالخلع لكنها تفارقه بأمور ثلاثة]

مسألة: 19 المبارأة و ان كانت كالخلع لكنها تفارقه بأمور ثلاثة:

أحدها: انها تترتب على كراهة كل من الزوجين لصاحبه، بخلاف الخلع فإنه يترتب على كراهة الزوجة خاصة كما مر.

ثانيها: انه يشترط فيها ان لا تكون الفداء أكثر من مهرها، بل الأحوط أن بكون أقل منه، بخلاف الخلع فإنه فيه على ما تراضيا به ساوى المهر أو زاد عليه أو نقص عنه.

ثالثها: انه إذا أوقعت بلفظ «بارأت» يجب فيه اتباعه بالطلاق بقوله «فأنت أو هي طالق»، بخلاف الخلع، إذ يجوز أن يوقعه بلفظ «الخلع» مجردا كما مر، و ان قيل فيه أيضا بوجوب اتباعه بالطلاق لكن الأقوى خلافه كما مر.

[مسألة: 20 طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع الا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة]

مسألة: 20 طلاق المبارأة بائن كالخلع ليس للزوج فيه رجوع الا أن ترجع الزوجة في الفدية قبل انقضاء العدة، فله الرجوع حينئذ إليها كما تقدم في الخلع.

ص: 267

[كتاب الظهار و الإيلاء و اللعان]

اشارة

كتاب الظهار و الإيلاء و اللعان

[القول في الظهار]

اشارة

القول في الظهار:

الذي كان طلاقا في الجاهلية و موجبا للحرمة الأبدية، و قد غير شرع الإسلام حكمه و جعله موجبا لتحريم الزوجة المظاهرة و لزوم الكفارة بالعود (1) كما ستعرف تفصيله.

[مسألة: 1 صيغة الظهار أن يقول الزوج مخاطبا للزوجة «أنت علي كظهر أمي»]

مسألة: 1 صيغة الظهار أن يقول الزوج (2) مخاطبا للزوجة «أنت علي كظهر أمي» أو يقول بدل أنت «هذه» مشيرا إليها أو زوجتي فلانة، و يجوز تبديل علي بقوله مني أو عندي أو لدي، بل الظاهر عدم اعتبار ذكر لفظة علي و أشباهها أصلا، بأن يقول «أنت كظهر أمي»، و لو شبهها بجزء آخر من أجزاء الأم غير الظهر كرأسها أو يدها أو بطنها ففي وقوع الظهار قولان: أحوطهما ذلك بل لا يخلو من قوة، و لو قال «أنت كأمي أو أمي» قاصدا به التحريم لا علو المنزلة و التعظيم أو كبر السن و غير ذلك لم يقع، و ان كان الأحوط خلافه، بل لا يترك الاحتياط.

[مسألة: 2 لو شبهها بإحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت و الأخت]

مسألة: 2 لو شبهها بإحدى المحارم النسبية غير الام كالبنت و الأخت فمع


1- و حرمه بقوله تعالى «وَ إِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَ زُوراً» مع ما ورد في الرواية في شأن نزول الآية من التصريح بكونه معصية.
2- و يصح أن يقول «أنت كظهر أمي إن فعلت كذا»، فإذا فعلت ذلك وجبت الكفارة و يحرم عليه الوطي بعده، و اما قبل ذلك الفعل تجب الكفارة و لو كان الوطي هو الشرط.

ص: 268

ذكر الظهر بأن قال مثلا «أنت علي كظهر أختي» يقع الظهار على الأقوى، و بدونه كما إذا قال «كأختي» أو «كرأس أختي» لم يقع على اشكال (1).

[مسألة: 3 الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل]

مسألة: 3 الظهار الموجب للتحريم ما كان من طرف الرجل، فلو قالت المرأة لزوجها «أنت علي كظهر أبي أو أخي» لم يؤثر شيئا.

[مسألة: 4 يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق]

مسألة: 4 يشترط في الظهار وقوعه بحضور عدلين يسمعان قول المظاهر كالطلاق، و في المظاهر البلوغ و العقل و الاختيار (2)، فلا يقع من الصبي و المجنون و لا المكره و الساهي، بل و لا مع الغضب السالب للقصد، و في المظاهرة خلوها عن الحيض و النفاس و كونها في طهر لم يواقعها فيه على التفصيل المذكور في الطلاق، و في اشتراط كونها مدخولا بها قولان أصحهما ذلك.

[مسألة: 5 الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية في المظاهرة]

مسألة: 5 الأقوى عدم اعتبار دوام الزوجية في المظاهرة، بل يقع على المتمتع بها بل و على المملوكة.

[مسألة: 6 إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطي المظاهرة]

مسألة: 6 إذا تحقق الظهار بشرائطه حرم على المظاهر وطي المظاهرة، و لا يحل له حتى يكفر فإذا كفر حل له وطيها، و لا تلزم كفارة أخرى بعد وطيها، و لو وطئها قبل أن يكفر كانت عليه كفارتان (3)، و هل يحرم عليه قبل التكفير غير الوطي من سائر الاستمتاعات كالقبلة و الملامسة؟ فيه إشكال.

[مسألة: 7 إذا طلقها رجعيا ثم راجعها لم يحل له وطيها حتى يكفر]

مسألة: 7 إذا طلقها رجعيا ثم راجعها لم يحل له وطيها حتى يكفر، بخلاف ما إذا تزوجها جديدا بعد انقضاء العدة أو في العدة إذا كان الطلاق بائنا، فإنه يسقط حكم الظهار و يجوز له وطيها بلا تكفير.

[مسألة: 8 كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة مرتبة]

مسألة: 8 كفارة الظهار كما مر في كتاب الكفارات أحد أمور ثلاثة مرتبة:

عتق رقبة، و إذا عجز عنه فصيام شهرين متتابعين، و إذا عجز عنه فإطعام ستين مسكينا.


1- فلا يترك الاحتياط.
2- و القصد فلا يقع من الهازل و السكران و النائم.
3- و إذا تكرر الوطي تكررت الكفارة.

ص: 269

[مسألة: 9 إذا صبرت المظاهرة على ترك وطيها فلا اعتراض]

مسألة: 9 إذا صبرت المظاهرة على ترك وطيها فلا اعتراض، و ان لم تصبر رفعت أمرها إلى الحاكم، فيحضره و يخيره بين الرجعة بعد التكفير و بين طلاقها، فان اختار أحدهما و الا أنظره ثلاثة أشهر من حين المرافعة، فإن انقضت المدة و لم يختر أحد الأمرين حبسه و ضيق عليه في المطعم و المشرب حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على خصوص أحدهما و لا يطلق عنه.

[القول في الإيلاء]

اشارة

القول في الإيلاء:

و هو الحلف على ترك وطي الزوجة الدائمة المدخول بها أبدا أو مدة تزيد عن أربعة أشهر للإضرار بها، فلا يتحقق الإيلاء بالحلف على ترك وطي المملوكة و لا المتمتع بها و لا لغير المدخول بها و لا بالحلف على ترك وطئها مدة لا تزيد عن أربعة أشهر و لا فيما إذا كان لملاحظة مصلحة كإصلاح لبنها أو كونها مريضة أو غير ذلك، و ان انعقد اليمين في جميع ذلك و يترتب عليه آثاره إذا اجتمع شروطه.

[مسألة: 1 لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين الا باسم اللّٰه تعالى المختص به أو الغالب إطلاقه عليه]

مسألة: 1 لا ينعقد الإيلاء كمطلق اليمين الا باسم اللّٰه تعالى المختص به أو الغالب إطلاقه عليه، و لا يعتبر فيه العربية و لا اللفظ الصريح في كون المحلوف عليه ترك الجماع في القبل كإدخال الفرج في الفرج، بل المعتبر صدق كونه حالفا على ترك ذلك العمل بلفظ له ظهور في ذلك، فيكفي قوله «لا أطؤك أو لا أجامعك أو لا أمسك»، بل و قوله «لا جمع رأسي و رأسك وسادة أو مخدة» إذا قصد بذلك ترك الجماع.

[مسألة: 2 إذا تم الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام]

مسألة: 2 إذا تم الإيلاء بشرائطه فإن صبرت المرأة مع امتناعه عن المواقعة فلا كلام، و الا فلها المرافعة إلى الحاكم، فيحضره و ينظره أربعة أشهر، فإن رجع و واقعها في هذه المدة فهو و الا أجبره على أحد الأمرين اما الرجوع أو الطلاق، فان فعل أحدهما و الا ضيق عليه و حبسه حتى يختار أحدهما، و لا يجبره على أحدهما معينا.

ص: 270

[مسألة: 3 المشهور ان الأربعة التي ينظر فيها ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الترافع]

مسألة: 3 المشهور (1) ان الأربعة التي ينظر فيها ثم يجبر على أحد الأمرين بعدها هي من حين الترافع، و قيل من حين الإيلاء، فعلى هذا لو لم ترافع حتى انقضت المدة ألزمه بأحد الأمرين من دون إمهال و انتظار مدة، و فيه تأمل.

[مسألة: 4 يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن]

مسألة: 4 يزول حكم الإيلاء بالطلاق البائن، فلو عقد عليها جديدا في العدة أو بعدها كانت كأن لم يول عليها، بخلاف ما إذا طلقها رجعيا فإنه و ان خرج بذلك من حقها فليست لها المطالبة و الترافع الى الحاكم لكن لا يزول حكم الإيلاء إلا بانقضاء العدة، فلو راجعها في العدة عاد الى الحكم الأول، فلها المطالبة بحقها و المرافعة.

[مسألة: 5 متى وطئها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة]

مسألة: 5 متى وطئها الزوج بعد الإيلاء لزمته الكفارة، سواء كان في مدة التربص أو بعدها أو قبلها لو جعلناها من حين المرافعة لأنه قد حنث اليمين على كل حال و ان جاز له هذا الحنث بل وجب بعد انقضاء المدة و مطالبتها و أمر الحاكم به تخييرا (2)، و بهذا يمتاز هذا اليمين عن سائر الايمان، كما أنه يمتاز عن غيره بأنه لا يعتبر فيه ما يعتبر في غيره من كون متعلقه مباحا تساوى طرفاه أو كان راجحا دينا أو دنيا.

[القول في اللعان]

اشارة

القول في اللعان:

و هي مباهلة خاصة بين الزوجين، أثرها دفع حد أو نفي ولد كما تعرف تفصيله.

[مسألة: 1 إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا]

مسألة: 1 إنما يشرع اللعان في مقامين: أحدهما فيما إذا رمى الزوج زوجته بالزنا، الثاني فيما إذا نفى ولدية من ولد في فراشه مع إمكان لحوقه به.

[مسألة: 2 لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة و لا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة]

مسألة: 2 لا يجوز للرجل قذف زوجته بالزنا مع الريبة و لا مع غلبة الظن ببعض الأسباب المريبة، بل و لا بالشياع و لا باخبار شخص ثقة. نعم يجوز مع اليقين لكن لا يصدق إذا لم تعترف به الزوجة و لم يكن بينة، بل يحد حد القذف مع مطالبتها، إلا إذا أوقع اللعان الجامع للشروط الآتية فيدرأ عنه الحد.


1- و هو الأقوى.
2- بينه و بين الطلاق.

ص: 271

[مسألة: 3 يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعى المشاهدة]

مسألة: 3 يشترط في ثبوت اللعان بالقذف أن يدعى المشاهدة، فلا لعان فيمن لم يدعها و من لم يتمكن منها كالأعمى فيحدان مع عدم البينة، و ان لا يكون له بينة فان كانت له بينة تتعين إقامتها لنفي الحد و لا لعان.

[مسألة: 4 يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة]

مسألة: 4 يشترط في ثبوت اللعان أن تكون المقذوفة زوجة دائمة (1)، فلا لعان في قذف الأجنبية بل يحد القاذف مع عدم البينة، و كذا في المنقطعة على الأقوى، و ان تكون مدخولا بها فلا لعان فيمن لم يدخل بها، و ان تكون غير مشهورة بالزنا و الا فلا لعان، بل و لا حد حتى يدفع باللعان، بل عليه التعزير (2) لو لم يدفعه عن نفسه بالبينة.

[مسألة: 5 لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولد في فراشه مع إمكان لحوقه به]

مسألة: 5 لا يجوز للرجل أن ينكر ولدية من تولد في فراشه مع إمكان لحوقه به، بأن دخل بأمه (3) و قد مضى منه الى زمان وضعه ستة أشهر فصاعدا و لم يتجاوز عن أقصى مدة الحمل حتى فيما إذا فجر أحد بها فضلا عما إذا اتهمها، بل يجب عليه الإقرار بولديته، فعن النبي صلّى اللّٰه عليه و آله «أيما رجل جحد ولده و هو ينظر اليه احتجب اللّٰه منه و فضحه على رءوس الخلائق». نعم يجب عليه (4) ان ينفيه و لو باللعان مع علمه بعدم تكونه منه من جهة علمه باختلال شروط الالتحاق به إذا كان بحسب ظاهر الشرع لحوقه به لو لا نفيه، لئلا يلحق بنسبه من ليس منه فيترتب عليه حكم الولد في الميراث و النكاح و نظر محارمه و غير ذلك.

[مسألة: 6 إذا نفى ولدية من ولد في فراشه فان علم انه دخل بأمه دخولا يمكن معه لحوق الولد به]

مسألة: 6 إذا نفى ولدية من ولد في فراشه فان علم انه دخل بأمه دخولا يمكن معه لحوق الولد به أو أقر هو بذلك و مع ذلك نفاه لا يسمع منه هذا النفي و لا ينتفي منه لا باللعان و لا بغيره، و أما لو لم يعلم ذلك و لم يقر به و قد نفاه- اما مجردا عن ذكر السبب بأن قال هذا ليس ولدي أو مع ذكر السبب بأن قال لأني لم ادخل


1- بالغة عاقلة سالمة عن الصمم و الخرس.
2- وجوبه في المشهورة المتجاهرة بالزنا غير معلوم.
3- إذا دخل ماؤه في فرجها بأي وسيلة.
4- على الأحوط.

ص: 272

بأمه أصلا (1)- أو أنكر دخولا يمكن تكونه منه فحينئذ و ان لم ينتف عنه بمجرد نفيه لكن باللعان ينتفي عنه.

[مسألة: 7 إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم]

مسألة: 7 إنما يشرع اللعان لنفي الولد إذا كانت المرأة منكوحة بالعقد الدائم، و اما ولد المتمتع بها فينتفي بنفيه من دون لعان، و ان لم يجز له نفيه و لم يعلم بالانتفاء. نعم لو علم أنه قد دخل بها دخولا يمكن تكون الولد منه أو أقر بذلك و مع ذلك قد نفاه لم ينتف عنه بنفيه و لم يسمع منه ذلك، كما هو كذلك في الدائمة، فالفرق بين الدائمة و المتمتع بها انما هو فيما إذا كانت المرأة تحتها و ولدت ولدا و لم يعلم دخول الرجل بها دخولا يمكن تكون الولد منه و لم يقر الزوج بذلك و قد نفاه الزوج و احتمل صدقه و كذبه، ففي ولد الدائمة لم ينتف عنه الا باللعان و يشرع اللعان لنفيه، و في ولد المتمتع بها ينتفي عنه بمجرد نفيه بحسب ظاهر الشرع و لا يشرع فيه اللعان.

[مسألة: 8 لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا]

مسألة: 8 لا فرق في مشروعية اللعان لنفي الولد بين كونه حملا أو منفصلا.

[مسألة: 9 من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا]

مسألة: 9 من المعلوم ان انتفاء الولد عن الزوج لا يلازم كونه ولد زنا لاحتمال تكونه عن وطي شبهة أو غيره، فلو علم الرجل بعدم التحاق الولد به و ان جاز له بل وجب عليه نفيه (2) عن نفسه لكن لا يجوز له أن يرميها بالزنا (3) و ينسب ولدها بكونه ولد زنا.

[مسألة: 10 لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك]

مسألة: 10 لو أقر بالولد لم يسمع إنكاره له بعد ذلك، سواء كان إقراره بالصريح أو بالكناية مثل أن يبشر به و يقال له بارك اللّٰه لك في مولودك فيقول آمين أو إن شاء اللّٰه تعالى، بل قيل انه إذا كان الزوج حاضرا وقت الولادة و لم ينكر الولد مع ارتفاع


1- على قول من لم يشترط في اللعان الدخول، و اما بناء على اعتباره كما اختاره فلا لعان ما لم يثبت الدخول.
2- على الأحوط كما مر.
3- إلا إذا علم بكونه من زنا.

ص: 273

العذر لم يكن له إنكاره بعد ذلك، بل نسب ذلك الى المشهور (1).

[مسألة: 11 لا يقع اللعان الا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك]

مسألة: 11 لا يقع اللعان الا عند الحاكم الشرعي أو من نصبه لذلك، و صورته أن يبدأ الرجل و يقول بعد ما قذفها أو نفى ولدها «أشهد باللّه اني لمن الصادقين فيما قلت من قذفها أو من نفي ولدها» يقول ذلك اربع مرات، ثم يقول مرة واحدة «لعنة اللّٰه علي ان كنت من الكاذبين»، ثم تقول المرأة بعد ذلك أربع مرات «أشهد باللّه انه لمن الكاذبين في مقالته من الرمي بالزنا أو نفى الولد»، ثم تقول مرة واحدة «ان غضب اللّٰه علي ان كان من الصادقين».

[مسألة: 12 يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور]

مسألة: 12 يجب أن تكون الشهادة و اللعن على الوجه المذكور، فلو قال أو قالت أحلف أو أقسم أو شهدت أو انا شاهد أو بدلا لفظ الجلالة بالرحمن أو بخالق البشر أو بصانع الموجودات أو قال الرجل انى صادق أو لصادق أو من الصادقين من غير ذكر اللام أو قالت المرأة انه لكاذب أو كاذب أو من الكاذبين لم يقع، و كذا لو أبدل الرجل اللعنة بالغضب و المرأة بالعكس.

[مسألة: 13 يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه]

مسألة: 13 يجب أن يكون إتيان كل منهما باللعان بعد إلقاء الحاكم إياه عليه، فلو بادر به قبل أن يأمر الحاكم به لم يقع.

[مسألة: 14 يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة]

مسألة: 14 يجب أن يكون النطق بالعربية مع القدرة، و يجوز بغيرها مع التعذر.

[مسألة: 15 يجب أن يكونا قائمين عند التلفظ بألفاظهما الخمسة]

مسألة: 15 يجب أن يكونا قائمين (2) عند التلفظ بألفاظهما الخمسة، و هل يعتبر ان يكون قائمين معا عند تلفظ كل منهما أو يكفي قيام كل منهما عند تلفظه بما يخصه؟ أحوطهما الأول.

[مسألة: 16 إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة]

مسألة: 16 إذا وقع اللعان الجامع للشرائط منهما يترتب عليه أحكام أربعة:

الأول انفساخ عقد النكاح و الفرقة بينهما. الثاني الحرمة الأبدية، فلا تحل له ابدا و لو


1- لكنه مشكل إلا إذا ظهر منه أمارات التصديق بكونه ولده.
2- على الأحوط.

ص: 274

بعقد جديد، و هذان الحكمان ثابتان في مطلق اللعان سواء كان للقذف أو لنفي الولد.

الثالث سقوط حد القذف عن الزوج بلعانه و سقوط حد الزنا عن الزوجة بلعانها، فلو قذفها ثم لاعن و نكلت هي اللعان تخلص الرجل عن حد القذف و تحد المرأة حد الزانية، لان لعان الرجل بمنزلة البينة في إثبات زنا الزوجة. الرابع انتفاء الولد عن الرجل دون المرأة ان تلاعنا لنفيه، بمعنى أنه لو نفاه و ادعت الزوجة كون الولد له فتلاعنا لم يكن توارث بين الرجل و الولد فلا يرث كل منهما عن الأخر، و كذا بين الولد و كل من انتسب إليه بالأبوة كالجد و الجدة و الأخ و الأخت للأب، و كذا الأعمام و العمات، بخلاف الام و من انتسب اليه بها، حتى ان الاخوة للأب و الام بحكم الاخوة للأم.

[مسألة: 17 إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له]

مسألة: 17 إذا كذب نفسه بعد ما لاعن لنفي الولد لحق به الولد فيما عليه لا فيما له، فيرثه الولد (1) و لا يرثه الأب و لا من يتقرب به. و سيجي ء تفصيله في كتاب الميراث إن شاء اللّٰه تعالى.


1- لكن لا يرث أقارب أبيه بإقراره إلا إذا أقروا به أيضا، كما انهم لا يرثونه إلا بإقراره.

ص: 275

[كتاب الميراث]

اشارة

كتاب الميراث و هو مشتمل على مقدمة و مقاصد و لواحق

[أما المقدمة]

اشارة

أما المقدمة فتشتمل على أمور:

[الأمر الأول: في موجبات الإرث و أسبابه على الإجمال]

اشارة

الأمر الأول: في موجبات الإرث و أسبابه على الإجمال، و هي ثلاثة:

[الأول النسب]

الأول النسب (1)، و هو ثلاث طبقات مرتبة لا يرث واحد من المرتبة اللاحقة مع وجود وارث من المرتبة السابقة:

الطبقة الاولى: و هي صنفان الأبوان من غير ارتفاع و الأولاد ذكرا أو أنثى بلا واسطة أو معها.

الطبقة الثانية: و هي أيضا صنفان الأجداد و الجدات لأب أو أم و ان علو أو الاخوة و الأخوات و أولادهم و ان نزلوا لأب كانوا أو لام أو لهما.

الطبقة الثالثة: الأعمام و العمات و الأخوال و الخالات و ان علوا و أولادهم و ان نزلوا، و يعد من في هذه الطبقة كلهم صنفا واحدا.

[الثاني الزوجية]

الثاني الزوجية، و بها يرث الزوجان كل من الأخر.

[الثالث الولاء]

الثالث الولاء، و هو ثلاثة مرتبة: ولاء العتق، ثم ولاء ضامن الجريرة، ثم ولاء الإمامة.


1- بالسبب الشرعي أو ما بحكمه كالشبهة و نكاح الملل الفاسدة دون مثل الزنا بشرط صدق الرحم و القرابة عرفا.

ص: 276

[الأمر الثاني الوارث]

اشارة

الأمر الثاني الوارث: اما يرث بالفرض، و اما يرث بالقرابة. و المراد بالفرض هو السهم المقدر و الكسر المعين الذي سماه اللّٰه تعالى في كتابه الكريم، و الفروض ستة و أربابها ثلاثة عشر: النصف لبنت واحدة (1) إذا لم يكن معها ابن، و أخت واحدة لأبوين أو لأب إذا لم يكن معها أخ كذلك، و الزوج إذا لم يكن للزوجة ولد (2).

و الربع للزوج إذا كان للزوجة ولد، و للزوجة إذا لم يكن للزوج ولد. و الثمن للزوجة إذا كان للزوج ولد. و الثلث للأم مع عدم الولد للميت (3) و لا الإخوة بالشرائط الآتية، و للأخ (4) و الأخت من الام مع التعدد. و الثلثان للبنتين فصاعدا مع عدم وجود الابن، و للأختين فصاعدا لأبوين أو لأب مع وجود الأخ (5). و السدس للأب مع وجود الولد (6)، و للأم مع الولد أو وجود الاخوة للميت بالشروط الآتية، و للأخ أو الأخت للأم مع عدم التعدد.

[مسألة: 1 قد ظهر مما مر أن أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم]

مسألة: 1 قد ظهر مما مر أن أهل الطبقة الثالثة من ذوي الأنساب لا فرض لهم و انما يكون إرثهم بالقرابة و ان الزوجين وراثتهما بالفرض مطلقا، و أما الطبقة الاولى و الثانية فبعضهم لا فرض له أصلا كالابن و الأخ للأبوين أو لأب، و بعضهم ذو فرض مطلقا كالأم، و بعضهم ذو فرض على حال دون حال كالأب، فإنه ذو فرض مع وجود الولد للميت و ليس له فرض مع عدم الولد، و كالبنت و البنتين، و كذا الأخت و الأختان لأب أو أبوين، فإن لهن الفرض إذا لم يكن معهن ذكر و ليس لهن


1- بأن لم يكن معها أخ أو أخت غير ممنوع الإرث، و ممنوع الإرث في جميع الفروض كالمعدوم.
2- و ان نزل، و كذا في الفروض الثلاثة التالية.
3- و ان نزل.
4- يعنى للاثنين من ولد الام فصاعدا.
5- للأبوين في الأول و للأب في الثاني.
6- و ان نزل و كذا مع الام.

ص: 277

فرض إذا كان معهن ذكر.

[مسألة: 2 ظهر مما ذكر أن من كان له فرض على قسمين]

مسألة: 2 ظهر مما ذكر أن من كان له فرض على قسمين:

أحدهما: من ليس له الا فرض واحد و لا ينقص و لا يزيد فرضه بتبدل الأحوال، كالأب فإنه يكون ذا فرض في صورة وجود الولد و فرضه ليس الا السدس مطلقا، و كذلك البنت الواحدة و البنتان فصاعدا مع عدم الابن، و كذا الأخت و الأختان لأب أو أبوين مع عدم الأخ، فان فرضهن النصف أو الثلثان مطلقا، و هؤلاء و ان كانوا ذوي فرض على حال دون حال الا أن فرضهم لا يزيد و لا ينقص بتبدل الأحوال.

و قد يكون من كان له فرض على كل حال لا يتغير فرضه بتبدل الأحوال، و ذلك كالأخ أو الأخت للأم، فمع الوحدة كان فرضه السدس و مع التعدد الثلث، و لا يزيد على ذلك و لا ينقص في جميع الأحوال.

الثاني: من كان فرضه يتغير بتبدل الأحوال، كالأم فإن لها الثلث تارة و السدس أخرى، و كذا الزوجان فان للزوج نصف مع عدم الولد و الربع مع وجوده و للزوجة الثمن مع وجود الولد و الربع مع عدمه.

[الأمر الثالث في موانع الإرث]

اشارة

الأمر الثالث في موانع الإرث، و هي ثلاثة (1):

[الأول الكفر باصنافه]
اشارة

الأول الكفر باصنافه أصليا كان أو عن ارتداد، فلا يرث الكافر من المسلم أصلا و ان كان قريبا و انما يختص إرثه بالمسلم و ان كان بعيدا، فلو كان له ابن كافر و للابن ابن مسلم يرثه ابن الابن لا الابن، و كذا لو كان له ابن كافر و أخ أو عم أو ابن عم مسلم يرثه المسلم دونه، بل و كذا لو لم يكن له وارث من ذوي الأنساب و كان له معتق أو ضامن جريرة مسلم يختص إرثه بهما دونه، و إذا لم يكن له وارث مسلم في جميع الطبقات من ذوي الأنساب و غيرهم كان ممن لا وارث له و اختص إرثه بالإمام عليه السلام و لم يرث ابنه الكافر منه شيئا.


1- و هي المشهورة منها و الا فقد يعد عشرة و قد يعد موانع بعض الإرث منها فيكون قريبا من عشرين بل في الدروس أنهاها إلى عشرين.

ص: 278

[مسألة: 3 إذا مات الكافر أصليا أو مرتدا عن فطرة أو ملة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم]

مسألة: 3 إذا مات الكافر أصليا أو مرتدا عن فطرة أو ملة و له وارث مسلم و كافر ورثه المسلم و ان كان بعيدا كالمعتق و ضامن الجريرة دون الكافر و ان كان قريبا كالأب و الابن، و ان لم يكن له وارث مسلم بل كان جميع ورثته كفارا يرثونه على قواعد الإرث، إلا إذا كان مرتدا فطريا أو مليا فان ميراثه للإمام دون ورثته الكفار.

[مسألة: 4 لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الامام و أسلم بعد موته وارثه الكافر]

مسألة: 4 لو مات مسلم أو كافر و كان له وارث كافر و وارث مسلم غير الامام و أسلم بعد موته وارثه الكافر، فان كان وارثه المسلم واحدا (1) اختص بالإرث و لم ينفع لمن أسلم إسلامه، و كذا ان كان متعددا و كان إسلام من أسلم بعد قسمة الميراث بينهم، و أما لو أسلم قبل القسمة شاركهم في الإرث ان ساواهم في المرتبة و اختص بالإرث و حجبهم عنه ان تقدم عليهم، كما إذا كان ابنا للميت و هم اخوته.

[مسألة: 5 لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه]

مسألة: 5 لو أسلم الوارث بعد قسمة بعض التركة دون بعض كان لكل منهما حكمه، فلم يرث فيما قسم و اختص بالإرث أو شارك فيما لم يقسم.

[مسألة: 6 لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته]

مسألة: 6 لو مات مسلم عن ورثة كفار ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته اختص هو بالإرث و لم يرثه الباقون و لم ينته الأمر الى الامام، و كذا الحال لو كان الميت مرتدا و خلف ورثة كفارا و أسلم بعضهم بعد موته فإن الإرث يختص به.

[مسألة: 7 لو مات كافر أصلي و لم يخلف إلا ورثة كفارا ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته]

مسألة: 7 لو مات كافر أصلي و لم يخلف إلا ورثة كفارا ليس بينهم مسلم فأسلم بعضهم بعد موته فالظاهر أنه لا أثر لإسلامه و كان الحكم كما قبل إسلامه، فإن تقدمت طبقته على طبقة الباقين كما إذا كان ابنا للميت و هم اخوته اختص الإرث به، و ان ساواهم في الطبقة شاركهم، و ان تأخرت طبقته كما إذا كان عما للميت و هم اخوته اختص الإرث بهم. و يحتمل (2) ان تكون مشاركته مع الباقين في صورة مساواته معهم في


1- الا إذا كانت هي الزوجة، فإنه ان أسلم الوارث الكافر قبل تقسيم الإرث بينها و بين الإمام يأخذ نصيبه، فلو كان ولدا فللزوجة نصيبها الأدنى و الا فالأعلى، و أما ان كان الوارث منحصرا بالإمام عليه السلام فإن أسلم الكافر من الورثة فهو أولى منه عليه السلام.
2- لكن لا دليل عليه.

ص: 279

الطبقة انما هو فيما إذا كان إسلامه بعد قسمة التركة بينه و بينهم، و أما إذا كان قبلها اختص الإرث به، و كذا اختصاص الطبقة السابقة بالإرث في صورة تأخر طبقة من أسلم انما هو فيما إذا كان من الطبقة السابقة واحدا أو متعددا و كان إسلام من أسلم بعد قسمة التركة بينهم، و أما إذا كان إسلامه قبل القسمة اختص الإرث به.

[مسألة: 8 المراد بالمسلم و الكافر وارثا و موروثا و حاجبا و محجوبا أعم منهما حقيقة و مستقلا]

مسألة: 8 المراد بالمسلم و الكافر وارثا و موروثا و حاجبا و محجوبا أعم منهما حقيقة و مستقلا أو حكما و تبعا، فكل طفل كان أحد أبويه مسلما حال انعقاد نطفته مسلم حكما و تبعا فيلحقه حكمه، و ان ارتد بعد ذلك المتبوع فلا يتبعه الطفل في الارتداد الطارئ. نعم يتبعه في الإسلام إذا أسلم أحد أبويه قبل بلوغه بعد ما كانا كافرين حين انعقاد نطفته بحكم الكافر حتى يسلم أحدهما قبل بلوغه أو أظهر الإسلام هو بعد بلوغه، فعلى ما ذكرنا لو مات كافر و له أولاد كفار و له أطفال أخ مسلم أو أخت مسلمة يرثه أولئك الأطفال دون الأولاد، و لو كان له ابن كافر و طفل ابن مسلم يرثه طفل ابنه دون ابنه، و لو مات مسلم و له طفل ثم مات ذلك الطفل و ليس له وارث مسلم في جميع الطبقات كان وارثه الامام كما هو الحال في الميت المسلم، و لو مات طفل بين كافرين و له مال و كان ورثته كلهم كفارا ليس بينهم مسلم ورثه الكفار على ما فرض اللّٰه دون الامام. هذا إذا كان أبواه كافرين أصليين، و اما إذا كانا مرتدين فهل لهذا الطفل حكم الكفر الارتدادي حتى يكون وارثه الإمام أو حكم الكافر الأصلي حتى يرثه ورثته الكفار؟ وجهان لا يخلو ثانيهما من قوة.

[مسألة: 9 المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد]

مسألة: 9 المسلمون يتوارثون و ان اختلفوا في المذاهب و الأصول و العقائد، فيرث المحق منهم عن مبطلهم و بالعكس و مبطلهم عن مبطلهم. نعم الغلاة و الخوارج و النواصب و من أنكر ضروريا من ضروريات الدين كوجوب الصلاة و صوم شهر رمضان كفار أو بحكمهم، فيرث منهم المسلمون و هم لا يرثون منهم.

[مسألة: 10 الكفار يتوارثون و ان اختلفوا في الملل و النحل]

مسألة: 10 الكفار يتوارثون و ان اختلفوا في الملل و النحل، فيرث النصراني

ص: 280

من اليهودي و بالعكس، بل و يرث الذمي من الحربي و بالعكس، لكن يشترط في إرث الكافر من الكافر فقد الوارث المسلم، فان وجد و ان كان بعيدا يحجب الكافر و ان كان قريبا كما تقدم تفصيله.

[مسألة: 11 المرتد- و هو من خرج عن الإسلام و اختار الكفر بعد ما كان مسلما- على قسمين فطري و ملي]

مسألة: 11 المرتد- و هو من خرج عن الإسلام و اختار الكفر بعد ما كان مسلما- على قسمين فطري و ملي: و الأول من كان أحد أبويه مسلما حال انعقاد نطفته ثم أظهر الإسلام بعد بلوغه ثم خرج عنه، و الثاني من كان أبواه كافرين حال انعقاد نطفته ثم أظهر الكفر بعد البلوغ فصار كافرا أصليا ثم أسلم ثم عاد الى الكفر كنصراني أسلم ثم عاد الى نصرانيته.

فالفطري ان كان رجلا تبين منه زوجته و ينفسخ نكاحها بغير طلاق و تعتد عدة الوفاة ثم تتزوج بالغير ان أرادت و يقسم أمواله التي كانت له حين ارتداده بين ورثته بعد أداء ديونه كالميت، و لا ينتظر موته و لا تفيد توبته و رجوعه إلى الإسلام في رجوع زوجته و ماله اليه. نعم تقبل توبته باطنا على الأقوى، بل ظاهرا أيضا بالنسبة الى بعض الاحكام، فيطهر بدنه و تصح عباداته و يملك الأموال الجديدة بأسبابه الاختيارية كالتجارة و الحيازة و القهرية كالإرث، و يجوز له التزويج بالمسلمة، بل له تجديد العقد على الزوجة السابقة. و ان كان امرأة بقيت أموالها على ملكها و لا تنتقل الى ورثتها الا بموتها و تبين من زوجها المسلم في الحال بلا اعتداد ان كانت غير مدخول بها و مع الدخول بها ينفسخ نكاحها (1) لكن عليها العدة عدة الطلاق، فان تابت و هي في العدة عادت الزوجية و ان لم تتب حتى انتفت العدة بانت من زوجها.

و أما الملي سواء كان رجلا أو امرأة فلا تنتقل أمواله إلى ورثته الا بالموت، و ينفسخ النكاح بين المرتد و زوجته المسلمة و كذا بين المرتدة و زوجها المسلم بمجرد الارتداد بدون اعتداد مع عدم الدخول و مع الاعتداد عدة الطلاق مع الدخول، فان


1- قد مر منه قدس سره أن الفسخ فيها و في المرتد الملي مطلقا رجلا كان أو امرأة موقوف على انقضاء العدة، فراجع و هو الأوفق بالقواعد.

ص: 281

تاب أو تابت قبل انقضاء العدة عادت الزوجية و الا فلا كما عرفت في المرأة المرتدة عن فطرة.

[ (الثاني من موانع الإرث القتل]
اشارة

(الثاني من موانع الإرث القتل.

[مسألة: 12 لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما]

مسألة: 12 لا يرث القاتل من المقتول إذا كان القتل عمدا ظلما، و يرث منه إذا قتله بحق، كما إذا كان قصاصا أو حدا أو دفاعا عن نفسه أو عرضه أو ماله و كذا إذا كان خطأ محضا كما إذا رمى الى طائر فأخطأ و أصاب قريبه فإنه يرثه. نعم لا يرث من ديته التي تتحملها العاقلة على الأقوى. و اما شبه العمد- و هو ما إذا كان قاصدا لإيقاع الفعل على المقتول غير قاصد للقتل و كان الفعل مما لا يترتب عليه القتل في العادة كما إذا ضربه ضربا خفيفا للتأديب فأدى الى قتله- ففي كونه كالعمد المحض مانعا عن الإرث أو كالخطإ المحض؟ قولان أقواهما أولهما (1)، خصوصا إذا كان إيقاع الفعل بغير حق، كما إذا ضربه ضربا خفيفا لا للتأديب أو كان الضارب من ليس له ولاية التأديب فأدى الى قتله.

[مسألة: 13 لا فرق في القتل العمدي الظلمي في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة]

مسألة: 13 لا فرق في القتل العمدي الظلمي في مانعيته من الإرث بين ما كان بالمباشرة كما إذا ذبحه أو رماه بالرصاص، و بين ما كان بالتسبيب كما إذا رماه في مسبعة فافترسه السبع، أو حبسه في مكان زمانا طويلا بلا قوت فمات جوعا، أو أحضر عنده طعاما مسموما بدون علم منه فأكله الى غير ذلك من التسبيبات التي ينسب و يسند معها القتل الى المسبب. نعم بعض التسبيبات التي قد يترتب عليها التلف مما لم ينسب و لم يسند التلف الى المسبب كحفر البئر و إلقاء المزالق و المعاثر في الطرق و المعابر و غير ذلك و ان أوجب الضمان و الدية على مسببها إذا تلف أحد بسببها كما هو مذكور في كتابي الغصب و الديات الا انها غير مانعة من الإرث، فيرث حافر البئر في الطريق عن قريبه الذي وقع و مات فيه.

[مسألة: 14 كما أن القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجبا عمن هو دونه في الدرجة]

مسألة: 14 كما أن القاتل ممنوع عن الإرث من المقتول كذلك لا يكون حاجبا عمن هو دونه في الدرجة و متأخر عنه في الطبقة، فوجوده كالعدم، فلو قتل شخص أباه و كان له


1- بل ثانيهما.

ص: 282

ابن و لم يكن لأبيه أولاد غير القاتل ورث ابن القاتل من جده، و كذا إذا انحصر أولاد المقتول في ابنه القاتل و له اخوة كان ميراثه لإخوته دون ابنه، بل لو لم يكن غير القاتل قريب و كان له معتق أو ضامن جريرة كان ميراثه لهما، و ان لم يكونا له أيضا ورثه الإمام.

[مسألة: 15 الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه و يخرج منها وصاياه]

مسألة: 15 الدية في حكم مال المقتول يقضى منها ديونه و يخرج منها وصاياه أو لا قبل الإرث ثم يورث الباقي كسائر الأموال، سواء كان القتل عمدا و صالحوا عن القصاص بالدية أو كان شبه عمد أو خطأ محضا، و يرثها كل مناسب و مسابب حتى الزوجين في القتل العمدي و ان لم يكن لهما حق القصاص، لكن إذا وقع الصلح و التراضي بالدية ورثا نصيبهما منها. نعم لا يرث المتقرب (1) بالأم وحدها كالأخ و الأخت للأم من الدية شيئا.

[الثالث من الموانع الرق]
اشارة

الثالث من الموانع الرق.

[مسألة: 16 الرقية مانعة عن الإرث في الوارث و الموروث]

مسألة: 16 الرقية مانعة عن الإرث في الوارث و الموروث، فلا يرث الرق من الحر و كذا العكس و ان قلنا بقابلية الرق للملك، فان ملكه بعد موته لمولاه.

فمن مات و له وارث حر و وارث مملوك فالميراث للحر و ان كان بعيدا كضامن الجريرة دون المملوك و ان كان قريبا كالوالد و الولد، و ليس يحجب الرق من كان تقربه بالميت بسببه، فلو كان الوارث رقا و له ولد حر لم يمنع الولد عن الإرث برق أبيه بل يكون هو الوارث دونه.

[مسألة: 17 لو مات شخص و له وارث مملوك و وارث حر فأعتق المملوك بعد موته]

مسألة: 17 لو مات شخص و له وارث مملوك و وارث حر فأعتق المملوك بعد موته، فان تعدد الحر و كان عتق المملوك قبل قسمة التركة بين الأحرار شاركهم ان ساواهم في المرتبة و اختص بالإرث ان كان أولى، و ان كان الحر واحدا (2)، أو كان


1- بل خصوص الاخوة و الأخوات للأم كما مر في الرواية، و أما غيرهما من المتقرب لها فالظاهر أنه يرثها.
2- إذا كان الواحد هي الزوجة فلا يبعد ان يشترى الرق من نصيبه و يفك و يعطى عليه بقية نصيبه ان كان، و ان لم يف نصيبه بثمنه فأعتق قبل قسمة الإرث بين الزوجة و الامام عليه السلام يعطى نصيبه، و ان أعتق بعد القسمة فلا نصيب له.

ص: 283

عتق المملوك بعد القسمة لم يكن له نصيب.

[مسألة: 18 لو لم يكن له وارث في جميع الطبقات سوى المملوك يشترى من مال الميت و يعتق]

مسألة: 18 لو لم يكن له وارث في جميع الطبقات سوى المملوك يشترى من مال الميت و يعتق، و إذا بقي شي ء يعطى له بعنوان الإرث، و ليس لمالكه الامتناع عن بيعه، بل يقهر عليه لو امتنع، بل ليس له الإجحاف و الاقتراح في الثمن، فيعطى له القيمة العادلة و يؤخذ منه المملوك و يعتق، و المباشر لذلك هو الحاكم، و مع عدمه عدول المؤمنين، بل غيرهم أيضا مع عدمهم على نحو الوجوب الكفائي.

[مسألة: 19 إذا كان المملوك أبا أو اما للميت لا اشكال و لا خلاف في انه يشترى و يعتق]

مسألة: 19 إذا كان المملوك أبا أو اما للميت لا اشكال و لا خلاف في انه يشترى و يعتق، و الظاهر جريان هذا الحكم في كل قريب له و لا سيما الأولاد.

[مسألة: 20 إذا لم يف التركة بتمام ثمن المملوك فالظاهر أنه يشترى بها شقص منه]

مسألة: 20 إذا لم يف التركة بتمام ثمن المملوك فالظاهر أنه يشترى بها (1) شقص منه و يعتق و يسعى هو في الباقي.

و هنا فروع آخر لا جدوى في التعرض بها لقلة الابتلاء بها. و يلحق بموانع الإرث أمور ينبغي ان يذكر في ضمن مسائل:

[مسألة: 21 اللعان الجامع للشرائط إذا وقع بين الزوجين يقطع التوارث بينهما]

مسألة: 21 اللعان الجامع للشرائط إذا وقع بين الزوجين يقطع التوارث بينهما، و إذا وقع في مقام نفي الولد يقطع التوارث بين الأب و الولد، و كذا التوارث بين الولد و كل من تقرب إليه بواسطة الأب كالجد و الجدة للأب و الأعمام و العمات و أولادهم، فينحصر التوارث بين الولد و الام و بينه و بين من تقرب إليه بالأم كالأخ و الأخت للأم و الأخوال و الخالات و أولادهم، حتى أنه لو كان له أخ للأب و الام و أخ للأم كان كمن له اخوان للأم فيرثان بالسوية، و ان اعترف الأب بعد اللعان بولديته يرثه الولد دون العكس (2).

[مسألة: 22 الحمل يرث و يورث إذا انفصل حيا و ان مات من ساعته]

مسألة: 22 الحمل يرث و يورث إذا انفصل حيا و ان مات من ساعته، و يعرف حياته بعد انفصاله قبل موته من ساعته بأن يتحرك أو يصيح بعد سقوطه. و لا يشترط


1- بل الأظهر ان المال للإمام عليه السلام و لا يشترى به البعض.
2- إلا إذا أقر الولد به أيضا.

ص: 284

ولوج الروح فيه حين موت المورث، بل يكفي انعقاد نطفته حينه، فإذا مات أحد و تبين الحمل في زوجته بعد موته و كان بحيث يلحق به شرعا يرثه إذا انفصل حيا.

و لا يعتبر في وارثيته و مورثيته الصياح بعد السقوط بعد ما علم سقوطه حيا بالحركة البينة و غيرها.

[مسألة: 23 الحمل ما دام حملا لا يرث و لكن يحجب من كان متأخرا عنه في المرتبة أو في الطبقة]

مسألة: 23 الحمل ما دام حملا لا يرث و لكن يحجب من كان متأخرا عنه في المرتبة أو في الطبقة، فلو كان للميت حمل و له أحفاد و أخوة يحجبون عن الإرث و لم يعطوا شيئا حتى يتبين الحال، فان سقط حيا اختص بالإرث، و ان سقط ميتا يرثوا. و لو كان للميت وارث آخر في مرتبة الحمل و طبقته- كما إذا كان له أولاد أو أبوان- يعزل للحمل نصيب ذكرين و يعطى الباقي للباقين، ثم بعد تبين الحال ان سقط ميتا يعطى ما عزله للوارث الأخر، و لو تعدد وزع بينهم على ما فرض اللّٰه، فلو كان للميت ابن واحد يعطى الثلث و يعزل للحمل الثلثان، و لو كانت له بنت واحدة أعطيت الخمس و عزل للحمل أربعة أخماس، و لو كان له ابن و بنت تقسم التركة سبع حصص تعطى البنت حصة و يعطى الابن حصتين و تعزل للحمل أربع حصص.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.